الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب شروط الصلاة
هي طهارة بدنه من حدث وخبث وثوبه ومكانه ....
ــ
باب شروط الصلاة
لما كان شأن الشرط تقدمه على المشروط استغنى عن أن يقول التي تتقدمها وما قيل من أن من المشروط ما لا يتقدم كالقعدة الأخيرة وترتيب ما لم يشرع مكررا رد بأن القعدة إنما على شرط الخروج والترتيب للبقاء على الصحة وهي جمع شرط محركا بمعنى العلامة وعرفا ما يتوقف عليه وجود الشيء وليس داخلا فيه ولم يقل شرائط لأنها جمع شريطة.
(هي) أي الشروط (طهارة بدنه) أي تطهيره (من حدث) بنوعيه وحدث بفتحتين وهو النجاسة هذا هو الأظهر أيضا. (و) طهارة (ثوبه) لقوله تعالى: {وثيابك فطهر} أي ظهر ثيابك الملبوسة من النجاسة هذا هو الأظهر وقيل غيره وبه علم اشتراط طهارة البدن بالأولى وفيه إيماء إلى أن حمل النجاسة مانع وقد قالوا: لو كان طرف عمامته ونحوها نجسا فألقاه على الأرض وصلى أو كان معه حبل مربوط فيه كلب أو سفينة متنجسة إن تحرك طرفه بحركته منع وإلا لا، ولو حمل صبيا أو طائرا عليه نجاسة إن لم يستمسك بنفسه منع وإلا لا كالجنب والمحدث والكلب إن سد فيه لا إن كان مفتوحا هو الأصح ولو وصلت رأسه إلى سقف نجس منع لأنه يعد حاملا.
(و) طهارة (مكانه) من خبث ولم يذكره لأن طهارة الثوب والمكان من حدث (وخبث) إذ لو أخره لاقتضى أن يكون قيدا في الكل قال في البحر: وأراد بالمكان موضع القدم والسجود فقط لاتفاق الروايات على اشتراط موضع القدم وأما موضع السجود ففيه روايتان والأصح الاشتراط أما موضع اليدين والركبتين وإحدى القدمين فظاهر الرواية عدمه لأن السجود عليها غير واجب والوضع على النجاسة عد عدما وهو غير مخل وأقول: ليس في كلامه ما يدل على اختصاص المكان بما ذكر بل الظاهر الإطلاق فقد اختار الفقيه خلاف ظاهر الرواية وصححه في العيون وهو المناسب لإطلاق عامة المتون وفي الخانية: وكذا لو كانت النجاسة في موضع السجور والركبتين أو اليدين يعني تجمع ولا يجعل كأنه لم يضع العضو على النجاسة وهذا كما لو صلى رافعا إحدى قدميه جازت صلاته ولو وضع القدم على النجاسة لا تجوز ولا يجعل كأنه لم يضع انتهى وهو يفيد أن عدم اشتراط طهارة مكان اليدين والركبتين إذا لم يضعهما أما إن وضعهما اشترط فليحفظ هذا كذا في
وستر عورته وهي ما تحت سرته إلى تحت ركبته وبدن الحرة عورة ..
ــ
فتح القدير وأقول: لو خرج ما في الخانية على رأي الفقيه لكان أظهر فتدبره وقالوا: لو صلى على بساط في طرف منه نجاسة جازت على الأصح كبيرا كان أو صغيرا إلا أنها كانت في موضع اليدين أو الركبتين لا يمنع فهنا أولى ولو بسط على النجاسة ثوبا رقيقا فإن يابسة وصلح الساتر للعورة ساترا جاز وإن رطبة فإن أمكن أن يجعل من عرضه آخر جاز وقال الحلواني: لا يجوز حتى يلقي الطرف الآخر ليصير بمنزلة ثوبين وهذا يقتضي أنه لو صلى على ما له بطانة متنجسة أن يجوز هو المروي عن محمد وعن الثاني لا قيل: الأول في غير المضرب والثاني في المضرب والأصح أن الخلاف فيه أيضا ولو بسط نعله على النجاسة جاز لا إن لم يبسطه (وستر عورته) عن غيره ولو حكما فلا يجب عن نفسه عند العامة وهو الصحيح لحل نظره إلى عورته كذا في الشرح لكنه خلاف الأدب ولا تصح لو عريانا في مكان مظلم ولا فرق في الستر بين ما يحل لبسه أو لا ولا بسرط أن لا يوصف ما تحته ومن ثم قيل: لو استتر بماء وإن صافيا لا تصح وإن كدرا صحت قال في البحر: وهي مصورة في الجنازة وإلا فلا يصح التصوير وأقول إنما لم يصح في غيرها لأن الصافي وغيره وحينئذ فلا يجوز له الإيماء للفرض. واعلم أن الستر بحضرة الناس خارجها واجب إجماعا إلا في مواضع وفي الخلوة خلاف والأصح وجوبه إن لم يكن الكشف لغرض صحيح كذا في شرح المنية.
(وهي ما تحت سرته إلى ركبته) أي: ما بينهما فالسرة ليست عورة بخلاف الركبة لكنها تبع للفخذ على الأصح إذ هي ملتقى عظم الفخذ والساق والفخذ عورة فغلب المحرم عند تعذر التمييز قال في شرح المنية: وقد يقال: إن هذا يقتضي أن تكون السرة عورة كما هو رواية عن الإمام لغلبة المحرم والجواب أنه لم يكن محرما لدليل اقتضاه وهو ما أخرجه أحمد لقي أبو هريرة الحسن "فقال اكشف لي عن بطنك جعلت فداك حتى أقبل مكانا رأيته عليه الصلاة والسلام يقبل فكشف عن بطنه وقبل سرته"(وبدن) المرأة (الحرة) كله (عورة) حتى الشعر المسترسل كما ذكره بناء على أنه من البدن في حق العورة وليس منه في حق إيصال الماء إليه في الغسل وفي رواية ليس بعورة والأصح أصح وفي السراج الصغير جدا لا عورة له ولا بأس بالنظر إليها ومسها لأنه صلى الله عليه وسلم "كان يقبل ذكر الحسن والحسين في صغرهما وكان
إلا وجهها وكفيها وقدميها وكشف ربع ساقها يمنع وكذا الشعر
…
ــ
يأخذ من أحدهما ذك ويجره والصبي يضحك" ثم قال: أما عورة الصبي والصبية ما داما لم يشتهيا فالقبل والدبر ثم يتغلظ بعد ذلك إلى عشر سنين ثم يكون كعورة البالغين لأن ذلك زمان يمكن بلوغ المرأة فيه انتهى وكان يبنغي اعتبار السبع لأنهما يؤمران بالصلاة إذا بلغا هذا السن (إلا وجهها وكفيها وقدميها) أما الوجه فلا خلاف فيه ومنع الشابة من كشفه لخوف الفتنة ولا تلازم بين سلب العورة عنه حل النظر إليه ألا ترى أنه يحرم النظر إلى وجه الأمرد إذا شك ولا عورة، وعبر بالكف دون اليد إيماء إلى أن ظاهره عورة وهو ظاهر الرواية وفي مختلفات قاضي خان ليس عورة واختاره ابن أمير حاج وأفهم كلامه أن الذراع عورة بالأولى وهو الذي رجحه السرخسي ورجح بعضهم أنه عورة في الصلاة لا خارجها والأول أولى وأما القدمان ففيهما اختلاف وقد رجح غير واحد ما هنا لكن رجح الأقطع وقاضي خان أنهما عورة واختاره الإسبيجابي والمرغيناني وانتصر له العلامة الحلبي ورجح في الاختيار أنه عورة خارج الصلاة فقط بقي لغتها ففي النوازل إنها عورة وبقي عليه أن تعلمها القرآن من المرأة أحب إلي من تعلمها من الأعمى كذا في فتح القدير وأقول: فيه تدافع إلا أن يكون معنى التعلم أن تسمع منه فقط لكن حينئذ لا يظهر البناء عليه وعلى ما في النوازل جرى صاحب المحيط في باب الأذان والكافي في الحج فقال في قولهم لا تلبي جهرا لأن صوتها عورة قال في الفتح: وعلى هذا القبيل إذا جهرت بالقراءة في الصلاة فسدت كان متجها لكن قال ابن أمير حاج: الأشبه أنه ليس بعورة وإنما يؤدي إلى الفتنة وهو الذي ينبغي اعتماده. مهمة قال في السراج: كل ما هو عورة من المرأة إذا انفصل عنها في جواز النظر إليه روايتان والأصح المنع وكذا الذكر المقطوع وشعره وعانته إذا حلق على هذا والأصح أنه لا يجوز انتهى. وينبغي أن تكون الحقيقية كذلك وفي القنية: النظر إلى عظام المرأة بعد موتها لا يجوز انتهى. أي: الأجنبية أما محارمه فينبغي أن يجوز نظره كما يجوز له النظر من الحية (وكشف ربع ساقها يمنع) جواز الصلاة لأن للربع حكم الكل والأصح أن الكعب ليس بعضو مستقل بل من الساق فعلى هذا إنما يمنع ربع الساق مع ربع الكعب أو مقدار ربعهما ولا بد أن يقدر مقدار أداء ركن ولم يقل: تفسد ليعم ما لو أحرم مكشوفها (وكذا) انكشاف ربع (الشعر) ولو مسترسلا على ما مر.
والبطن والفخذ والعورة الغليظة
…
ــ
(و) كذا (البطن والفخذ والعورة الغليظة) وهي القبل والدبر وما حولهما والخفيفة ما عدا ذلك وفي التسوية بينهما إيماء إلى رد ما قاله الكرخي من أنه يعتبر في الغليظة ما زاد على قدر الدرهم قياسا على المغلظة حتى ادعى غير واحد أنه غلط لأن تغليظه يؤدي إلى تخفيفه أو إسقاط حكمه إذ من العورة الغليظة ما لا يكون أكثر من قدر الدرهم فيؤدي إلى كشف الكل منها أو الأكثر لا يمنع من أن ربع الخفيفة يمنع وهو شنيع.
قال في المعراج: وقد أجيب بأن هذا لا يلزم على اعتبار أن الدبر مع الإليتين عضو واحد وهو قول بعض أصحابنا فلا يمنع انكشاف الدبر وحده نعم الأصح أن كلا من القبل والخصيتين والدبر والإليتين عضو على حدة والأذن عضو على حدة وكذا الثدي المتكسر وما بين السرة إلى العانة عضو والمراد منه ما حول جميع البدن كما في المحيط وقد مر أن الانكشاف يجمع وعليه فرع محمد في الزيادات فقال: لو صلت وقد انكشف شيء من شعرها وفرجها وظهرها وفخذها ولو جمع بلغ أدنى ربع منها منع جواز الصلاة قال الشارح: وكان ينبغي الاعتبار بالأجزاء لأن الاعتبار بالأدنى يؤدي إلى أن القليل يمنع وإن لم يبلغ ربع المكشوف كما إذا انكشف نصف ثمن الأذن والفخذ مثلا وبلغ ربع الأذن لا ربع جميع المنكشف وبطلان الصلاة خلاف القاعدة القاعدة وأقره في فتح القدير وغيره.
قال في عقد الفرائد: فظاهره أنه فهم أن القاعدة أن المفسد إنما هو ربع المنكشف وهذا خلف لأن المفسد إنما يكون ذلك إذا كان الانكشاف في عضو واحد وثمة من يعتبر بالأجزاء كما إذا انكشف من فخذه مواضع متعددة وأما في صورتنا فالانكشاف حصل في أعضاء متعددة كل منها عورة والاحتياط في اعتبار أدناها لأن به يوجد المانع فينظر إلى مقدار المنكشف من جميعها فإن بلغ ربع أصغرها فسد احتياطا وإلا لزم صحة الصلاة مع انكشاف قدر ربع هو عورة من المنكشف وهو خلاف القاعدة التي نقلها عن محمد وهذا لازم على الاعتبار بالأجزاء ولا قائل به انتهى. وإذا تحققت هذا ظهر لك أن ما قاله ابن الملك من أن انكشاف ما دون الربع معفو إذا كان في عضو واحد ولو في عضوين أو أكثر وجمع وبلغ أدنى ربع عضو منها منع موافق لما في الزيادات وقوله في البحر: إنه تفصيل لا دليل عليه ممنوع وقد قال بديع الدين: إن ما في الزيادات نص على أمرين الناس عنهما
والأمة كالرجل وظهرها وبطنها عورة ولو وجد ثوبا ربعه طاهر وصلى عاريا لم يجز وخير إن طهر أقل من ربعه ..
ــ
غافلون أحدهما أنه لا يفيد الجمع بالأجزاء كالأسداس والأسباع بل بالقدر والثاني أن المكشوف من الكل لو كان قدر ربع أصغر الأعضاء منع (والأمة) ولو مدبرة أو مكاتبة أو مستسعاة (كالرجل) في العورة دفعا للحرج (وظهرها وبطنها عورة) لأن النظر إلى هذين سبب للفتنة ولم يذكر الجنب لما في القنية أنه تبع للبطن والأوجه أن ما يلي البطن تبع لها والخنثى المشكل الرقيق كالأمة والحر كالحرة فيؤمر بأن يستر جميع بدنه لجواز كونه أنثى فلو ستر ما هو عورة من الرجل فقط وصلى قيل: يعيد وقيل: لا كذا في السراج ولا خفاء أن الإعادة أحوط فلو أعتقت في صلاتها ولو حكما وأدت ركنا بعد العلم به بطلت إلا إن تقنعت من ساعتها كذا في الشرح وغيره والمذكور في المجتبى أنها لو صلت شهرا بغير قناع ثم علمت بالعتق منذ شهر أعادت ونحوه في العدة وصرح في الخانية بأنه لو أدى ركنا مع الانكشاف فسدت علم بذلك أو لم يعلم قال في البحر: وهذان المنطوقان أوجه من ذلك المفهوم وإنما لم يبطل صلاتها إذا تقنعت من ساعتها وبطلت فيما إذا وجد العاري فيها ثوبا لأن سبب الستر في الثاني سابق على الشروع فلما وجب استند إلى سببه والعتق الذي هو سبب وجوبه لم يوجد إلا في الصلاة وقد سترت كما قدرت كذا في المحيط وغيره وهو ظاهر في أنها لو لم تفعله لعجز أصابها لم تبطل صلاتها كالحرة وبه صرح في البدائع فرع في شرح المهذب للإمام النووي الشافعي لو قال لأمته: إن صليت صلاة صحيحة فأنت حرة قبلها فصلت مكشوفة الرأس في حال عجزها عن الستر صحت وعتقت ولو قادرة عليه صحت ولا تعتق لأنها لو عتقت صارت حرة قبل الصلاة وحينئذ فلا تصح صلاتها مكشوفة الرأس وإذا لم تصح لم تعتق انتهى. لكن سيأتي في الطلاق الدوري أعني قوله: إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا أن القبلية تلغو وإذا طلقها وقع الثلاث ومقتضاه إلغاؤها هنا أيضا ووقوع العتق (ولو وجد) المصلي (ثوبا) يستر عورته ولو الغليظة فقط (ربعه طاهر) والحال أنه قد (صلى عريانا) لم يجز لأن الربع يحكي الكل كما في الإحرام (وخير) بين الصلاة فيه وهو الأفضل وبين أن يصلي عريانا مومئا قاعدا أو قاعدا أو قائما يركع ويسجد أو يومئ وهذا دونها وظاهر الرواية منعه.
(إن طهر أقل من ربعه) كما لو كان كله نجسا وهذا عندهما وحتم الثالث لبسه واستحسنه في الأسرار والخلاف في النجاسة العارضية أما الأصلية كجلد الميتة الذي لم يدبغ فلا يستتر به اتفاقا وفي المحيط لو كان الدم في ناحية من الثوب
ولو عدم ثوبا صلى قاعدا موميا بركوع وسجود وهو أفضل من القيام بركوع وسجود ..
ــ
والطاهر منه بقدر ما يمكنه أن يتزر به لم يجز له أن يصلي إلا فيه لأنه أمكنه الستر بثوب طاهر ولم يفصل فيما إذا تحرك طرفه يتحرك الطرف الآخر أو لا قال في البحر: فعلم أن التفصيل حالة الاختيار وأقول لأنه لا أثر لتحرك الطرف الآخر هنا يذكر إذ الظاهر منه أن يبلغ ربعا تحتم لبسه سواء تحرك أو لا أو أقل منه خير إلا عند محمد على ما علمت نعم المناسب حمل الإطلاق على قوله وعلم من كلامه تحتم لبس أقل الثوبين نجاسة حتى لو كانت قدر الربع في ثوب وفي آخر أقل تعين ولو استويا خير والضابط أن من ابتلي بليتين فإن تساويا خير أو اختلفا اختار الأخف.
(ولو عدم) المصلي (ثوبا) يستر عورته ولو حريرا أو نباتا أو طينا يلطخها به قال في الفتح: ولو وجد ما يستر بعضها وجب استعماله ويستر القبل والدبر انتهى. فإن لم يجد إلا ما يستر أحدهما قيل: يستر القبل للقبلة. وقيل: الدبر لفحشه في الركوع والسجود كذا في السراج والظاهر أن الخلاف في الأولوية ومقتضى تعليل الثاني أنه لو (صلى قاعدا) بالإيماء تعين ستر القبل والمراد بالعدم عدم القدرة حتى لو أبيح له عد قادرا على الأصح ولو وعد انتظره ما لم يخف فوت الوقت عند الإمام والثاني كذا في القنية.
وما في السراج من أنه ينتظره وإن خاف خروج الوقت كذا عند محمد محمول على أنه قوله وحده ولو قدر بشرائه بثمن مثله لم يذكروه وينبغي أن يلزمه قياسا على شراء الماء صلى حال كونه قاعدا مومئا بركوع أو سجود ليلا كان أو نهارا وهو الأصح وخصه بعضهم بالنهار أما في الليل فيصلي قائما ورده في الذخيرة بأن الستر بالظلمة لا عبرة به ألا ترى أن القادر لو صلى فيها عريانا لم يجز ولو كان لها أثر لجاز وفرق الحلبي بين حالة الاختيار والاضطرار وأيده بما أخرجه عبد الرزاق سئل علي عن صلاة العريان قال: إن كانت بحيث يراه الناس صلى جالسا وإن كان بحيث لا يراه الناس صلى قائما. وهو وإن ضعف سنده إلا أنه لا يقصر على الاستئناس وأما واقعة الصحابة التي قالها المشايخ من أنهم انكسرت بهم السفينة صلوا قعودا في الماء فقد تطرق إليها احتمال أنهم اختاروا الأولى أو كانوا مترائيين ولم يكن ليلا (وهو) أي المذكور (أفضل من القيام بركوع أو سجود) لأن ستر العورة أهم من أداء الأركان لأنه فرض مطلقا والأركان للصلاة خاصة وقد أتي ببدلها وإنما جاز القيام مع ترك فرض الستر لأنه به حاجة إلى تكميل الأركان كذا في البدائع
والنية بلا فاصل والشرط أن يعلم بقلبه أي صلاة يصلي ..
ــ
ومقتضاه عدم جواز الإيماء قائما كما مر عن الهداية ولم يذكر للقعود كيفية إيماء إلا أنه يجوز على أي حال كان لكن اختلف فيما هو الأولى فقيل: كما في الصلاة وقيل: يمد رجليه إلى القبلة ويضع يده على عورته الغليظة والأول أولى واعلم أن ظاهر كلامهم يفيد أنه لو وجد ثوبا بعد فلا إعادة عليه قال النووي بالإجماع لكن ينبغي على وزن ما مر في التيمم أن يقيد بما إذا لم يكن المنع من قبل العباد أما منهم كما إذا غصب ثوبه فيعيد كما في البحر.
(والنية) كذلك أي من الشرائط بالإجماع وهي الإرادة التي هي صفة من شأنها ترجيح أحد المتساويين كائنة (بلا فصل) بينها وبين التحريمة وهو ما يبطل الصلاة كالأكل ونحوه بخلاف المشي إليها والوضوء لأنه مغتفر داخلها في سبق الحدث فالخارج أولى وفيه إيماء إلى جواز تقديمها على الشروع ولو قبل الوقت لكن روى ابن صبرة عن الإمام اشتراط دخوله قاله الحلبي ومقضتى كلامهم الإطلاق ففي الظهيرية وعند محمد يجوز تقديم النية في العبادات وهو الصحيح وخصه أبو يوسف بالصوم وفي البدائع ذكر القدوري عن الثاني أنه لو خرج من منزله يريد الصلاة مع القوم فلما انتهى لم تحضره النية جاز لا أعلم أحدا من أصحابنا خالف أبا يوسف فيه وهو مفيد لجواز تقديم الاقتداء أيضا ولم أر فيه غير ما علمت ولا خلاف في أفضيلة القرآن أما الإتيان بها بعد الشروع فغير صحيح خلافا للكرخي وهل ينتهي ذلك عنده إلى الثناء أو التعوذ أو الركوع أو الرفع منه أقوال.
(والشرط) فيها (أن يعلم) أي: علمه (بقلبه أي صلاة يصلي) فرضا هي أو غيره نبه بذلك على أن المعتبر فيها عمل القلب اللازم للإرادة وهو أن يعلم عندها بداهة أي صلاة يصلي فسقط ما قيل: الأصح أن العلم ليس نية حتى لو علم أي صلاة يصلي لا يكفيه خلافا لابن سلمة ألا ترى أن من علم الكفر لا يكفر إذ أن الذكر المراد باللسان لا عبرة به إنما الاعتبار لعقد القلب إلا إذا عجز عن إحضاره لتوالي هموم إصابته فيكفيه اللسان كما في المجتبى وما في الفتح: أراد أن الشرط في
ويكفيه مطلق النية للنفل والسنة والتراويح
…
ــ
اعتبارها علمه أي صلاة هي أي: التمييز فحاصل كلامه النية الإرادة للفعل وشرطها التعيين في الفرائض لا يلائم كلام المصنف للزوم التكرار في قوله بعد وللفرض شرط تعيينه ثم لا يخفى أن هذا شرط لصحة النية سواء قدمت أو أخرت قال الشارح: فأدناه أن يصير لو سئل عنها أمكنه أن يجيب من غير فكر وخرجه في البحر على قول ابن سلمة والمذهب جواز تقديمها سواء قدر بعد على الجواب أم لا لكن في البزازية قيل: قول ابن سلمة هو الأصح واختلف كلامهم في التلفظ فرجح في منية المصلي تبعا للمجتبى وغيره استحبابه وجعله في اختياره تبعا للبدائع والمحيط سنة كذا عن محمد وفي الشرح والكافي أنه أحسن وفي القنية أنه بدعة إلا أن لا يمكنه إقامتها بالقلب وفي الفتح عن بعض الحفاظ لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام من طريق صحيح ولا ضعيف أنه كان يقول عند الافتتاح أصلي كذا ولا عن أحد من الصحابة والتابعين زاد الحلبي ولا عن الأئمة الأربعة بل المنقول أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا قام إلى الصلاة كبر وهذه بدعة انتهى أي: حسنة لمن تجتمع عزيمته وجعلها بعضهم سيئة فجزم بالكراهية كما في شرح المنية وكيفيتها أن يقول: اللهم إني أريد صلاة كذا فيسرها لي وتقبلها مني كذا في المحيط وغيره نفلا كانت أو سنة ولو صلاة جنازة كذا في القنية لكن ذكر غير واحد أن هذا خاص بالحج لامتداده وكثرة مشاقه بخلاف الصلاة لأن أداءها في زمن يسير.
(ويكفيه مطلق النية) أي نية الصلاة (للنفل) اتفاقا لأنه أدنى أنواعها فانصرف المطلق إليه (والسنة) لو للفجر حتى لو تهجد بركعتين ثم تبين أنها بعد الفجر نابتا عن السنة وكذا لو صلى أربعا والأخريان بعد الفجر وبه يفتى كذا في الخانية فإن قلت مقتضى قولهم: لو قام في الظهر إلى الخامسة ساهيا بعد ما قعد على الرابعة وضم سادسة أنهما لا ينوبان عن سنة الظهر عدم كون هذين عن سنة الفجر قلت: لما كان النفل بأكثر من سنة الفجر مكروها بعده نابتا بخلاف الظهر.
(والتراويح) في ظاهر الرواية وصحح في تراويح الخانية أنه لا بد من التعيين فيها لكن لا يحتاج إلى تعيين كل شفع على حدة في الأصح والمحققون على الأول لأن معنى السنة كون النافلة مواظبا عليها منه عليه الصلاة والسلام في محل مخصوص فإذا أوقع المصلي النافلة في ذلك المحل صدق عليه أنه فعل الفعل
وللفرض شرط تعيينه كالعصر مثلا
…
ــ
المسمى من سنة أي طريقة له عليه الصلاة والسلام وهو لم يكن ينوي السنة بل الصلاة لله تعالى وخرج على الخلاف في فتح القدير الأربع التي ينوي فيها آخر ظهر أدركت وقته ولم أصله عند الشك في صحة الجمعة فإذا تبين صحتها ولم يكن عليه ظهر سابق نابت عن السنة على الأول لا الثاني انتهى أي: عن سنة الظهر (للفرض) ولو قضاء قال في البحر: أراد به العملي ليدخل صلاة العيدين وركعتي الطواف وما أفسده من النفل وسجود التلاوة والوتر والمنذور والجنازة وأقول: فيه نظر لما مر من أن العملي هو ما يفوت الجواز بفوته ولا شك في عدم صدقه على العيدين وما أفسده من النفل والتلاوة فالأولى أن يقال: أراد به اللازم وفي منية المفتي متنفل اقتدى بمفترض ثم أفسده ناويا نفلا آخر قيل هو قضاء.
وقيل: نفل (شرط تعيينه) عند (النية) وما في البحر من أنه عند الشروع ففيه ما لا يخفى وإنما شرط التعيين لتزاحم الفرائض والوقت صالح للكل وفي التلاوة للتزاحم مع السهو والشكر نعم لو تكرر سجود التلاوة لا يجب عليه التعيين في السجدات كما في القنية وفيما مر للتزاحم مع النفل ولم أر في كلامهم نية التعيين في السهو والشكر وينبغي وجوبه في السهر لا في الشكر (كالعصر) إذا عين العصر (مثلا) دون قرانه باليوم أو الوقت وهذا هو الأصح ومنعه بعضهم لاحتمال عصر آخر عليه وبه جزم في الخلاصة ورجحه الهندي في شرح المغني وفي الظهيرية بعد نقل القولين وأن الجواز أصح قال: هذا إذا كان مؤديا فإن كان قاضيا وهو لا يعلم بخروج الوقت لا يجوز أيضا وهو ظاهر في أنه يجوز على الأرجح أما إذا قرن عصر يومه باليوم فيجوز وإن خرج الوقت لأن غايته أن قضاء بنية الأداء والمراد يوم العصر وينبغي تقييده بما إذا لم يكن عليه فوائت فإن كان لزمه التعيين وكذا إذا قرن بالوقت كفرض الوقت لكن بشرط بقائه فلو خرج ونسيه لم يجز في الأصح قال في البحر: وجعل الشارح هذا التقييد قيدا في فرض الوقت معللا بأن فرض الوقت في هذه الحالة غير الظهر فيتقضي أن نية عصر الوقت صحيحة وإن خرج الوقت ويكون الوقت كاليوم وأقول: هذا وهم فإن لفظ الشارح: ويكفيه أن ينوي ظهر الوقت مثلا أو فرض الوقت والوقت باق لوجود التعيين ولو كان الوقت قد خرج وهو لا يعلم به لا يجوز لأن فرض الوقت في هذه الحالة غير الظهر أي: وكذلك ظهر الوقت
والمقتدي ينوي المتابعة أيضا
…
ــ
فقد جعله قيدا فيهما كما ترى والفرق بين ظهر الوقت وظهر اليوم غني عن البيان ثم لا يخفى أن الجمعة غير صحيحة بفرض الوقت إلا أن يعتقد ذلك وعلم مما ذكرنا أن من فاته الظهر فنوى الظهر والعصر في وقت العصر لا يصير شارعا في واحد منهما وفي المنتقى إن كان في الوقت سعة كان شارعا في الظهر وفي الخلاصة لو نوى فائتين كانت للأولى منهما وعلله في المحيط بأن جواز الفائتة يتوقف على قضاء الأولى وهو ظاهر في اشتراط كونه صاحب ترتيب ولو جمع بين فرض ونفل كان شارعا في الفرض عند الثاني وأبطلها محمد قال في الفتح: وهذا يقتضي اشتراط قطع النية بصحة المنوي بأدنى تأمل ولو نوى الظهر والجمعة فهي للجمعة عند بعضهم ومما يتفرع على نية التعيين ما لو صلى غير عالم بأن الله تعالى فرض خمسا على عباده كان عليه قضاءها فإن علم إلا أنه لم يميز بين الفرائض وغيرها ونوى الفرض في الكل جاز وكذا لو أم غيره في صلاة لا سنة قبلها لا في صلاة قبلها سنة والله الموفق.
(والمقتدي) قيد به لأن الإمام لا يشترط في صحة الاقتداء به نية الإمامة إلا في إمامة النساء كما سيأتي وقيده بعضهم بغير الجمعة والعيدين ورجحه في الخلاصة وأجمعوا على عدم اشتراطها في حقهن في الجنازة (ينوي المتابعة أيضا) أي: زائد على نية التعيين نبه بذلك على أن نية الاقتداء فقط غير كافية لكنه قول البعض والأصح أنها كافية وتنصرف إلى صلاة الإمام وقيده في المعراج بما إذا كان مصليا بصلاته وهو حسن بخلاف ما إذا نوى صلاة الإمام حيث لا يصح لأنه لم يقتد به واستثنى في الذخيرة من ذلك الجمعة حيث لا تصح لاختصاصها في الجماعة.
أقول: ومقتضى التعليل إلحاق العيدين بها واقتضى كلامه أن تعيين الإمام غير شرط ولو اقتدى به ظانا أنه زيد فإذا هو عمر صح إلا إذا عينه بنيته فبان أنه غيره فإنه لا يصح إلا إذا أشار إليه وسماه كما إذا قال: اقتديت بهذا الإمام الذي هو زيد بحيث يصح لإلغاء التسمية مع الإشارة وعلى هذا فما في عمدة الفتاوى لو قال اقتديت بهذا الشيخ فإذا هو شاب صح لأنه يدعى شيخا للتعظيم ولو قال: بهذا الشاب فإذا هو شيخ لا يصح مشكل بل وزان ما سبق أن يصح فيهما قال الشارح: والأفضل أن ينوي الاقتداء بعد تكبير الإمام وتعقب بأنه إنما يأتي على قولهما وأما على قوله فسيأتي أفضلية المقارنة ولو نواه حين وقف موقف الإمامة جاز عند العامة وقيل: لا لأنه نوى الاقتداء بغير المصلي ومقتضاه ما قدمنا من جواز تقديم نية
وللجنازة ينوي الصلاة لله والدعاء للميت واستقبال القبلة فللمكي فرضه إصابة عينها ولغيره إصابة جهتها
…
ــ
الاقتداء أن التقييد بموقف الإمامة اتفاقي وأما على الثاني فلا يصح بالأولى والله الموفق.
(و) في صلاة (الجنازة ينوي) المصلي (الصلاة لله تعالى وينوي) أيضا (الدعاء للميت) لأنه الواجب عليه والأولى أن لا يعين الميت عند الاشتباه (واستقبال القبلة) من الشرائط أيضا استفعال من قبلت الماشية الوادي بمعنى قابلته وليست السين للطلب لأن الواجب أولا وبالذات إنما هو المقابلة والطلب إنما يجب من حيث توقف الوجود عليه وهو بعد الوجود لا يتصور فاستفعل بمعنى فعل كاستمر واستقر والقبلة في الأصح الحالة الذي يقابل الشيء عليها غيره ثم صارت كالعلم للجهة التي تستقبل للصلاة سميت بذلك لأن الناس يقابلونها وتسمى محرابا أيضا لمحاربته النفس والشيطان عندها وكانت شرطا للأمر في قوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} البقرة: 5 إذ المراد به الكعبة على الأصح وعليه انعقد الإجماع أما نية الاستقبال فلم تذكر في الظاهر وقال الفضيل: شرط والمحامدي: لا لكنه حسنا وهو الصحيح وقيل شرط في الصحراء لا في غيرها.
(فللمكي) وكذا المدني لثبوت القبلة في حقه بالنص (فرضه) أي الاستقبال (إصابة عينها) أي عين القبلة التي هي الكعبة سواء كان معاينا لها أو لا كما دل عليه الإطلاق لكن الأصح أن حكم من كان بينه وبينها بناء حكم الغائب ولو أصليا كجبل اجتهد والأولى أن يصعده كذا في المعراج قال في الفتح: وعندي في جواز التحري مع إمكان صعوده إشكال لأن المصير إلى الدليل الظني وترك القاطع مع إمكانه لا يجوز (ولغيره) أي لغير المكي (فرض إصابة جهتها) بأن يبقى شيء من سطح الوجه مسامتا للكعبة أو لهوائها وتعرف الجهة بالدليل وهو في القرى والأمصار المحاريب التي وضعها الصحابة والتابعون فعلينا اتباعهم فإن لم توجد فمن الأهل وفي البحار والمفاوز من النجوم كذا في الخانية وهذا قول العامة وقال الجرجاني وغيره: الفرض إصابة عينها أيضا وأثر الخلاف يظهر في اشتراط نية عين الكعبة في حق الغائب أو نية الجهة كافية على قول مشترطها كذا في الشرح وهو ظاهر ما في الخانية لكن ظاهر ما في الذخيرة والكافي يومئ إلى أنه لا خلاف فبقي عدم اشتراط نية الاستقبال لا عينا ولا جهة في حق الغائب عند القائلين بأن الفرض في حق
والخائف يصلي إلى أي جهة قدر ومن اشتبهت عليه القبلة تحرى
…
ــ
الجهة كما أنه لا خلاف في عدم اشتراط نية الاستقبال عينا عند التوجه إلى عينها كما يفيد ظاهر كلامهم فإنه قال في الذخيرة: وثمرة الخلاف تظهر في اشتراط نية عين الكعبة فمن اشترط إصابة العين اشترط نية العين لعدم إمكان إصابة العين حينئذ إلا من حيث النية فانتقل ذلك إليها ومن لم يشترط إصابة العين لم يشترط نية العين لعدم الحاجة إلى ذلك فإن إصابة الجهة تحصل من غير إصابة نية العين وبهذا ظهر أن قولهم لو نوى بناء الكعبة والمقام لا يجوز إلا أن يريد الجهة وكذا لو نوى محراب مسجد مبني على رأي الجرجاني كذا في شرح المنية.
(والخائف) من عدو آدمي أو غيرها من الغرق (يصلي إلى أي جهة يقدر) لتحقق العجز وكذا المريض الذي لا يقدر على التوجه ولو وجد موجها عند الإمام خلافا لهما وكذا إذا لم يجد مكانا يابسا يصلي فيه أو كانت دابته جموحا بحيث لو نزل لا يركب إلا بمعين أو شيخا كبيرا كذلك (ومن اشتبهت عليه القبلة) لفقد الدلائل المتقدمة ولو بمكة والمدينة أو مسجد مظلم ولا يلزمه مس الجدران خوف الهوام ولا أن يقرع الأبواب (تحرى) أي وجب عليه التحري ولو بسجود تلاوة وقيده القدوري بأن لا يكون في حضرته من يسأله فإن كان وهو من أهل ذلك المكان مقبول الشهادة قدم على التحري وحد الحضرة أن يكون بحيث لو صاح به سمعه وقيد غيره بأن المساء متغيمة فلو كانت مصحية لا يجوز ولو جاهلا لأنه ليس بعذر وكان المصنف استغنى عن القيد الأول بذكر الاشتباه وذلك أن تحققه إنما يكون عند فقد الدليل وأهمل الثاني لعدم اعتباره عند آخرين وعليه إطلاق عامة المتون قيد بالاشتباه لأنه لو لم يتحر أعاد إلا إن علم الإصابة بعد فراغه لأن ما شرط لغيره يراعي حصوله لا تحصيله ولو خالف جهد تحريه لا تجزئه لأنها قبلته واختلف في كفره وعن الإمام أنه يخشى عليه الكفر واستشكله في فتح القدير بأن هذا التعليل يقتضي الفساد فيما إذا لم يشك وذاك التعليل يقتضي الصحة وأجاب بأنه لما حكم بفساد صلاته بناء على دليل شرعي وهو تحريه فلا ينقلب جائزا لأنه اعتقد الفساد قبل ظهور الصواب فيؤاخذ باعتقاده بخلاف ما إذا لم يتحر وعلى هذا لو صلى في ثوب عنده أنه نجس فإذا هو طاهر أو على أنه محدث أو أن الوقت لم يدخل فظهر أنه متوضئ وأن الوقت دخل فإنه لا يجزئه هذا كله إذا وقع تحريه على شيء فإن لم يقع قيل: يؤخر وقيل: يصلي إلى الجهات الأربع قال في الظهيرية: ولو صلى مع ذلك إلى جهة جاز أصاب أو لا واختلف المتأخرون فيما إذا صلى إلى الجهات الأربع
وإذا أخطأ لم يعد وإن علم به في صلاته استدار ولو تحرى قوم جهات وجهلوا حال أمامهم يجزئهم ....
ــ
فتحول رأيه إلى الجهة الأولى قيل: يتم وقيل: يستقبل ولو تذكر أنه ترك سجدة من الأولى فسدت كما في البغية (وإن أخطأ لم يعد) لأنه أتى بما أمر به بخلاف ما إذا صلى في ثوب أو توضأ بماء على ظن طهارته فإذا هو نجس حيث يعيد لترك المأمور به أعني الصلاة على طهارة وفي الطاهر.
(وإن علم به) أي بالخطأ (في صلاته استدار) لأنه تبدل الاجتهاد كالنسخ وقد روي أن أهل قباء لما علموا بنسخ القبلة في صلاتهم استداروا وكلامه شامل لما إذا علم به بعد ما قعد قدر التشهد أو في سجود السهو. اعلم أن مسائل التحري تنقسم باعتبار القسمة العقلية إلى عشرين قسما لأنه إما أن لا يشك ولا يتحرى أو شك وتحرى أو لم يتحر أو تحرى بلا شك وكل وجه على خمسة لأنه إما أن يظهر صوابه أو خطؤه في الصلاة أو خارجها أو لا يظهر أما الأول فإن ظهر خطؤه استقبل مطلقا أو صوابه قبل الفراغ قيل: هو كذلك لأنه قوى حاله والأصح لا ولو بعده أو لم يظهر كان أكبر رأيه الإصابة فكذلك لا يستقبل وحكم الثاني في الصحة في الوجوه كلها كما في الكتاب وحكم الثالث الفساد في الوجوه كلها أو لو أكبر رأيه أنه أصاب على الأصح إلا إذا علم يقينا بالإصابة بعد الفراغ والرابع لا وجود له خارجا.
فرع: تحول رأي المسبوق واللاحق بعد فراغ الإمام فسدت صلاة اللاحق واستدار المسبوق (ولو تحرى قوم) مع إمام (جهات) في ليلة مظلمة وصلى الإمام إلى جهة وكل واحد إلى أخرى والحال أنهم قد (جهلوا حال إمامهم تجزئهم) الصلاة إذا كانوا خلفه لتوجه كل منهم إلى قبلته أعني جهة تحريه قيدنا بكونهم خلفه لأن من تقدم على إمامه تفسد صلاته قال في المعراج: وكذلك لو لم يتم تعيين الإمام بل رأى رجلين يصليان فنوى الاقتداء بواحد لا بعينه وكذا إذا لم يتعين فعل الإمام والله الموفق للصواب.