الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد وهو عالم بذلك فهو كافر. قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن، أو المصحف، أو بشيء منه أو سبهما أو جحد حرفا منه، أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر، أو أثبت ما نفاه، أو نفى ما أثبته، وهو عالم بذلك، أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين.
وكذلك إذا جحد التوراة والإنجيل، أو كتب الله المنزلة، أو كفر بها، أو سبها، أو استخف بها فهو كافر، قال: وقد أجمع المسلمون على أن القرآن المتلو في الأقطار المكتوب في الصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول الحمد لله رب العالمين، إلى آخر قل أعوذ برب الناس كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن جميع ما فيه حق، وأن ما نقص منه حرفا قاصدا لذلك، أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع فيه الإجماع وأجمع على أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر، قال أبو عثمان بن الحذاء: جميع أهل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر، وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتوبة سجلا أشهدوا فيه على نفسه في مجلس الوزير أبي بن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وأفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل، قال: وأما من لعن المصحف فإنه يقتل، هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله.
انظر في هذا المبحث «التبيان في آداب حملة القرآن» . لأبي زكريا يحيى بن شرف الدين النووي الشافعي.
5 - من علوم القرآن:
أ - تعريف القرآن وأسماءه وصفاته:
تعريف القرآن: هو كلام الله المعجزة، المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين بواسطة الأمين جبريل عليه السلام، المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته.
وقد ورت تسميته بالقرآن في آيات كثيرة منها قوله تعالى: ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وقوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.
واختلف العلماء في لفظة «قرآن» من جهة الاشتقاق أو عدمه، ومن جهة كونه مصدرا أو وصفا على عدة آراء:
1 -
الرأي الأول: أنه مصدر للفعل قرأ بمعنى تلا، فيكون على وزن الرجحان والغفران
…
إلخ، ثم نقل من المصدر ليكون اسما دالا على الكلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ويدعم هذا الرأي ورود لفظة «قرآن» بمعنى القراءة في ثنايا آيات القرآن منها قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القيامة: 17، 18]. ويرجح ارتباطه بالقراءة، والتلاوة يأمر بها الله في كتابه الكريم يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا وقوله تعالى: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ [طه: 114] أي لا تعجل بقراءة القرآن قبل أن ينتهي جبريل من قراءته وكذلك قوله تعالى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الإسراء: 78]. أي أن قراءة القرآن في هذا الوقت تشهدها الملائكة وتشهد بها لصاحبها عند ربه، ثم هي من استعمالات الشعر العربي كقول الشاعر:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به
…
يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
2 -
الرأي الثاني: قال به قوم على رأسهم الزجاج النحوي، وهو: إنه وصف على فعلان، من الفعل قرأ بمعنى: جمع، يقال في اللغة: قرأت الماء في الحوض، أي جمعته، ثم سمي به كتاب الله لما جمع من سور وآيات، فيكون قرآن بمعنى مجموع أو مضموم.
3 -
الرأي الثالث: قال به قوم منهم الأشعري، هو مشتق من قرأ، وقد ورد هذا الاستعمال في الشعر القديم:
تريك إذا دخلت على خلاء
…
وقد أمنت عيون الكاشحينا
ذراعي حرج أدماء بكر
…
وهجان اللّوم لم تقرأ جنينا
قرنت الشيء بالشيء، إذا ضممت أحدهما إلى الآخر، وسمي به القرآن
لقران السور والآيات والحروف فيه، وعلى هذا تكون النون أصلية والهمزة الممدودة زائدة، ولذلك يمكن أن نقول (قرآن) بدون همز، وهو ضعيف، وبناء عليه ذكر الفراء النحوي الكوفي أن اشتقاقه من القرائن، لأن الآيات منه يصدق بعضها بعضا، ويشابه بعضها بعضا، وهي قرائن أي أشياء ونظائر.
4 -
الرأي الرابع: ينسب للإمام الشافعي، ويري أنه اسم سمي الله تعالى به كتابه المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم كما سمى الكتابين المنزلين على موسى وعيسى: التوراة والإنجيل، ويهمنا من المعنى الاصطلاحي، فالله هو أنزله وهو الذي أطلق عليه هذه التسمية، ويناقش الأصوليون والفقهاء تعريفه الاصطلاحي مناقشة منطقية (كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجز بلفظه، المتعبد بتلاوته، المنقول بالتواتر المكتوب في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس).
فقولهم المنزل على نبيه: يخرج سائر كلامه المنزل على غير محمد من الأنبياء، وقولهم (المعجز بلفظه، المتعبد بتلاوته) يخرج الأحاديث القدسية، فالأخيرة لم يقع بها التحدي كذلك فإن أرجح الآراء أنها في المعنى من عند الله، أما الألفاظ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فالرسول راو لكلام الله بلفظ من عنده، ولذا تجوز روايته بالمعنى عند جمهور المحدثين، وحتى على رأي من يقول بأن لفظها من عند الله، فإنها ليست معجزة ولا متعبدا بتلاوتها، فالقرآن هو الذي تتعين به القراءة في الصلاة يقول تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ المزمل، فهو النص المتعبد بتلاوته ومما يرويه الترمذي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم «من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» . وقولهم: «المنقول بالتواتر
…
إلخ» يخرج جميع ما سوى القرآن المتواتر، من منسوخ التلاوة.
والقراءات غير المتواترة سواء نقلت بطريق الشهرة كقراءة ابن مسعود، في قوله تعالى عن كفارة الأيمان:(فصيام ثلاثة أيام متتابعات) بزيادة «متتابعات» أو بطريق الآحاد مثل قراءة (متكئين على رفاف خضر وعبقري حسان)[الرحمن: 76] بالجمع في لفظ «رفرف، وعبقري» فإنها ليست قرآنا ولا تأخذ حكمه. فالأركان الأولى هي المميزة لحد القرآن (الإنزال على محمد صلى الله عليه وسلم، الإعجاز، النقل بالتواتر
والكتابة في المصاحف) وشرط الكتابة يعني أن يطابق المكتوب المنقول بالرواية حفظا خاصة وقد وصف الله قرآنه بهذا الوصف في مثل قوله تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: 38] وقوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة: 2] وقوله جل وعلا: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ [آل عمران: 203]، أو أن يوافق المحفوظ الرسم المجمع عليه المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ثم التعبد بتلاوته، وما جاء بعد هذه الصفات فزيادة في التوضيح والتمييز.
ولكتاب الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم اسم واحد، علم عليه هو القرآن، وما عداه مما ظنه بعض المصنفين أسماء للقرآن لا يخرج عن دائرة الصفات مثل:
1 -
الفرقان: قال تعالى عن القرآن: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: 1] فهذا الوصف ورد لغيره من الكتب السماوية كقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ [الكهف: 49].
كما وصفه بالفرقان يوم بدر قال تعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فالفرقان وصف يعتمد على المعنى للجذر اللغوي (فرق) لا تسمية خاصة بالقرآن ويتصل بهذا أيضا أن يوصف بأنه.
2 -
الذكر: لقوله تعالى: ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ [آل عمران: 58].
3 -
الصحف: يقول في كتابه عن القرآن: فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ [عبس: 12، 13] وقد قال على كتب سماوية سابقة إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى، صُحُفِ إِبْراهِيمَ
وَمُوسى
[الأعلى: 18، 19].
4 -
هدى، وشفاء، ورحمة، وموعظة: بناء على قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ، وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس: 57].
5 -
التنزيل: لقوله تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ [الشعراء: 192].
6 -
المثاني: لقوله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ