الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب الصفات
(20)
صفاتها جهر ورخو مستفل
…
منفتح مصمتة والضّد قل
ــ
والغنة لغة: الترنم وقيل: صوت رخيم يخرج من الخيشوم.
واصطلاحا: صوت لذيذ مركب في جسم النون والميم والغنة خاصة بالنون والميم المشددتين، ومقدارها حركتان ويسمى حرف الغنة بالحرف الأغن، وللغنة مراتب أهمها ما ذهب إليه علماء هذا الفن، ومنهم الشاطبي رحمه الله إلى أنها ثلاثة أقواها المشدد، ثم المدغم، ثم المخفي، والخيشوم أقصى الأنف، وبرهان الغنة في سد الأنف، ولهذا لو أمسكت الأنف لم يكن خروجها، والغنة من الصفات لأنها صوت أغن لا عمل للسان فيه، وهي كما تقدم صفة النون ولو تنوينا والميم المدغمتان والمخفتان وأحرف الغنة على العموم هي: النون والميم المشددتان النون الساكنة والتنوين حال إدغامهما بأحرف (ينمو)، وحال إقلابهما ميما لدى الباء وحال إخفائهما لدى حروف الإخفاء والميم الساكن لدى إدغامها بالميم ولدى إخفائها عند الباء.)
(20)
الصفات جمع والمفرد صفة، والصفة لغة: ما قامت بالغير، واصطلاحا: الحالة التي تعرض للحرف عند النطق به.
وهناك اختلاف في عدد الصفات فهي عند الجمهور ومنهم ابن الجزري إلى أنها ثمان عشرة، وهو ما ذكر في الجزرية هنا وقد انقص بعضهم الصفات إلى خمس عشرة
صفة لأنهم عدوا هذه الصفات عدا الإصمات والإذلاق واللين، وزادها بعضهم إلى ما يزيد عن الأربعين، لأنهم أضافوا صفات أخرى إلى تلك الصفات، وهي قسمان: ذاتية وهي الملازمة للحرف لا تفارقه كالجهر والرخو بالنسبة إلى حروف كل منها، وعرضية وهي تلحق الحرف أحيانا، وتفارقه أحيانا.
وتنقسم الصفات الذاتية الواردة في الجزرية إلى قسمين:
قسم له ضد وهو: الجهر وضده الهمس، والرخو وضده الشدة والتوسط والاستفال وضده الاستعلاء، والانفتاح وضده الإطباق، والإصمات وضده الإذلاق.
وقسم لا ضد له وهو: الصفير، والقلقلة، واللين، والانحراف، والتكرير
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والتفشي، والاستطالة، وسوف نجد في هذه الأبيات أن الناظم رحمه الله سوف يبدأ بالكلام عن الصفات التي لها ضد، وهو يذكر جملة من هذه الصفات ثم يذكر ضدها، وإنني سوف أشرحها - بإذن الله - حسب ورودها في الأبيات ثم أجملها لك - يرحمك الله - وألخصها لك في ترتيب جيد بحيث يسهل عليك درسه بطريقة الصفة وضدها. وقد بدأ الناظم بصفة الجهر: وهو لغة الإعلان، واصطلاحا: حبس النفس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج، وهو ضد الهمس، وحروفه ما سوى حروف الهمس، وحروف الجهر تسعة عشرة، وهي الباقية من أحرف الهجاء بعد حروف الهمس العشرة، وسميت هذه الحروف جهرية للجهر بها وقوتها وانحباس النفس معها عند النطق بها، ومن هنا يظهر الفرق بين الجهر والهمس فهو قائم على جريان النفس في الهمس، وانحباسه في الجهر.
ثم بعد ذلك ذكر صفة الرخو: وهي لغة: اللين.
واصطلاحا: لين الحرف لضعفه وجريان الصوت عند النطق به لضعف الاعتماد عليه في مخرجه، وحروفه ستة وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الشدة والتوسط، وسميت رخوية لضعفها وجريان الصوت معها حتى لانت عند النطق بها، فالفرق بين هذه الصفات الثلاث وهي الشدة والتوسط والرخو قائم على جريان الصوت وعدمه، فما جرى معه الصوت رخوى، وما انحبس معه الصوت شديد، وما لم يكمل الانحباس والجريان معه متوسط وحروف الهجاء مقسمة بين هذه الصفات الثلاث، فما كان من حروف (أجد قط بكت) سمي شديدا، وما كان من حروف (لن عمر) سمي متوسطا، أو بينيا وما لم يكن من هذه ولا من تلك سمي رخويا.
ثم بعد ذلك ذكر (مستفل) أي صفة الاستفال، وهي الصفة الثالثة بترتيب الجزرية، فالاستفال لغة: الانخفاض واصطلاحا: انخفاض اللسان بالحرف وعدم ارتفاعه إلى أعلى الحنك عند النطق به، وحروفه اثنان وعشرون وهي الباقية من أحرف الهجاء بعد حروفه الاستعلاء، وسميت مستفلة لانخفاض اللسان في الفم وعدم ارتفاعه إلى أعلاه عند النطق بها، فالفرق بين الاستعلاء والاستفال قائم على-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ارتفاع اللسان بالحرف عند النطق به أو انخفاضه، فما ارتفع اللسان معه مستعليا، وما انخفض معه مستفل، وتنقسم الحروف الهجائية بين هاتين الصفتين، فما كان من حروف (خص ضغط قظ) السبعة سمي مستعليا، وما لم يكن منها سمي مستفلا.
ثم بعد ذلك قال. (منفتح) وهذه إشارة إلى صفة الانفتاح والانفتاح لغة:
الافتراق. واصطلاحا: انفتاح اللسان عن الحنك الأعلى عند النطق بالحرف، وحروفه خمسة وعشرون وهي الباقية من أحرف الهجاء بعد أحرف الإطباق، وسميت منفتحة، لانفتاح اللسان عن الحنك الأعلى عند النطق بها.
فالفرق بين الإطباق والانفتاح قائم على انطباق اللسان عند النطق بالحرف إلى الحنك الأعلى وانفتاحه عنه، فما انطبق معه اللسان على الحنك الأعلى مطبق، وما انفتح معه اللسان عن الحنك الأعلى متفتح. وتنقسم الحروف الهجائية بين هاتين الصفتين، فما كان من حروف لإطباق الأربعة سمي مطبقا، وما لم يكن منها سمي منفتحا.
وبعد ذلك قال الناظم (مصمتة)، والإصمات لغة: المنع وذلك لامتناع انفرادها أصولا في ذوات الأربع والخمس من الكلمات العربية بل لا بدّ من وجود حرف من حروف الذلاقة معها ولذلك قيل في «عسجد» اسم للذهب: إنه أعجمى، واصطلاحا: ثقل الحرف عند النطق به لخروجه بعيدا عن طرف اللسان والشفتين، ويلاحظ أن هذا التعريف لا ينطبق على الواو التي تخرج من الشفتين، ومع ذلك فإنها توصف بالإصمات إلا أن تحمل هذه الواو على مثيلتها الجوفية، أو يعلل إصماتها بخروجها من الشفتين مع انفتاح أو انضمام دون غيرها من الحروف الشفوية، وفي ذلك بعض الثقل الذي من أجله وصفت بالإصمات، وحروف الإصمات ثلاثة وعشرون وهي الباقية من أحرف الهجاء بعد حروف الإذلاق، وتسمى مصمتة لثقل النطق بها بسبب خروجها من غير طرف اللسان والشفتين. فالفرق بين الإذلاق والإصمات قائم على خفة نطق الحرف لخروجه من طرف اللسان أو الشفتين، وثقل النطق به لخروجه بعيدا عن ذلك، فما خف نطقه مذلق، وما ثقل مصمت، وتنقسم الحروف الهجائية بين الإذلاق والإصمات أيضا، فما كان من حروف (فرمن)
(21)
مهموسها (فحثّه شخص سكت)
…
شديدها (لفظ أجد قط بكت)
(22)
وبين رخو والشّديد (لن عمر)
…
وسبع علو (خصّ ضغط قط) حصر
ــ
لب) الستة سمي مذلقا وما لم يكن منها سمي مصمتا. وهذه هي خمس صفات لها ضد.
ثم قال الناظم: (والضد قل) أي بعد ذكر هذه الخمس صفات التي لها ضد جملة بدأ في ذكر ضد هذه الصفات، وهي الهمس وهي ضد الجهر، وكذلك الشدة وضدها الرخاوة، والاستعلاء وضدها الاستفال، والانطباق أو الإطباق وضدها أي ضد صفة الإطباق صفة الانفتاح، والانذلاق وهذه الصفة ضدها الإصمات، وهي تسمى الإذلاق أيضا، وقد وضح الناظم رحمه الله في الأبيات القادمة هذه الصفات.
(21)
(مهموسها)، وهذه الصفة ضد الجهر، والهمس لغة: الخفاء، واصطلاحا: خفاء الحرف لضعفه وجريان النفس معه عند النطق به لضعف الاعتماد عليه في مخرجه، وحروفه عشرة مجموعة في قوله:(فحثه شخص سكت)، وسميت هذه الحروف مهموسة لضعفها وجريان النفس معها عند النطق بها لضعف الاعتماد عليها في مخارجها.
ثم قال: (شديدها) وهذه الصفة ضد صفة الرخاوة، والشدة لغة: القوة واصطلاحا قوة الحرف لانحباس الصوت من الجريان معه عند النطق به لقلة الاعتماد عليه في مخرجه، وحروفها ثمانية مجموعة في قوله:(أجد قط بكت)، وسميت هذه الحروف شديدة لقوتها وانحباس الصوت من الجريان معها عند النطق بها لقوة الاعتماد عليها في مخارجها.
(22)
(وبين رخو والشديد) أي ما بين صفتي الرخاوة والشدة صفة تسمى صفة التوسط، ويعني ذلك أن التوسط البينية بين الشدة والرخاوة وتعريفه لغة:
الاعتدال. واصطلاحا: اعتدال الصوت عند النطق بالحرف لعدم كمال انحباسه معه كانحباسه مع حروف الشدة وعدم كمال جريانه معه كجريانه مع حروف الرخو، وحروفه خمسة مجموعة في قوله (لن عمر) وسميت هذه الحروف متوسطة أو بينية
(23)
وصاد ضاد طاء ظاء مطبقة
…
و (فرّ من لبّ) الحروف المذلقة
ــ
لتوسط الصوت عند النطق بها وعدم كمال انحباسه كما في حروف الشدة، وعدم كمال جريانه كما في حروف الرخو.
ولم يعد أكثر الشارحين للجزرية هذه الصفة من الصفات، وهو ما خالفهم فيه الشيخ محمود علي بسة في كتابه «فتح المجيد - شرح كتاب العميد في علم التجويد» حيث قال:«لأنها صفة ذات تعريف وحروف كغيرها من الصفات» . ومن ثم كان عدد الصفات عنده ثمان عشرة لا سبع عشرة كما يرون، (وسبع علو) بضم العين وكسرها أي والمستعلية سبعة أحرف يجمعها لفظ (خص ضغط قظ) والاستعلاء لغة:
الارتفاع. واصطلاحا: ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى بالحرف عند النطق به، وتسمى هذه الحروف مستعلية لاستعلاء اللسان وارتفاعه إلى الحنك الأعلى عند النطق بها، وصفة الاستعلاء ضد الاستفال، وقوله (قظ) أمر من قاظ بالمكان إذا قام به في الصيف (والخص) بضم الخاء المعجمة هو البيت من القصب، (والضغط) الضيق والمعنى أقم في وقت حرارة الصيف في خص ذي ضغط أي اقنع من الدنيا بمثل ذلك وما قاربه، واسلك طريق السلف الصالح وما وافقه، فقد جاء عن أبي وائل شقيق ابن سلمة وهو من أكابر التابعين من أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نحو من ذلك، قال عبد الملك ابن عمير كان لأبي وائل خص من قصب يكون فيه هو ودابته فإذا غزا نقضه وإذا رجع بناه كذا ذكره أبو شامة رحمه الله، وقوله (حصر) أي جمعها بعضهم أي حروف الاستعلاء في هذه العبارة (خص ضغط قظ).
(23)
بفتح الباء من (مطبقة) ويجوز كسرها، ويتزن البيت بتنوين الثاني هكذا (ضاد) والرابع هكذا (ظاء)، والعلة في عدم تركيب هذه الحروف الأربعة المطبقة على قياس سائرها لعدم حصول معنى في تركيبها، لأن كل حروف ركبت لتكون حكما أصبح لها معنى في تركيبها، ولأن هذه الحروف إذا ركبت ثقل على اللسان النطق بها بخلاف غيرها، والحاصل أن حروف الإطباق أربعة: الصاد والضاد والطاء والظاء، وهي من جملة الحروف المستعلية.
والإطباق لغة: الإلصاق. واصطلاحا: إلصاق اللسان بالحنك الأعلى عند النطق بالحرف، وحروفه أربعة وهي: الصاد والضاد، والطاء، والظاء، على
(24)
صفيرها صاد وزاي سين
…
قلقلة (قطب جد) واللّين
ــ
التوالي، وسميت مطبقة، لانطباق اللسان والتصاقه بالحنك الأعلى عند النطق به.
والإطباق صفة ضد الانفتاح، ثم قال:(وفر من لب الحروف المذلقة) انتقال إلى صفة الإذلاق، وحروف الإذلاق يجمعها هذا التركيب، واللب العقل بحذف تنوينه ومعنى (فر من لب) أي هرب الجاهل من العاقل.
والإذلاق من الذلق، وهو لغة: الطرف، واصطلاحا: خفة الحرف عند النطق به لخروجه من طرف اللسان، أو من إحدى الشفتين، أو منهما معا، وحروفه ستة كما سبق، وتسمى مذلقة، أي متطرفة لخروج بعضها من طرف اللسان، وبعضها من بطن الشفة السفلى، وبعضها من الشفتين معا، والإذلاق صفة ضد الإصمات.
(24)
وبعد انتهاء الناظم رحمه الله من ذكر الصفات التي لها ضد، بدأ بعد ذلك في ذكر الصفات التي لا ضد لها وهي سبع صفات، وقد رتبها الناظم حسب ورودها في الأبيات هكذا: الصفير، والقلقلة، واللين، والانحراف، والتكرير، والتفشي ثم الاستطالة.
(وصفيرها) أي الصفير وهو لغة: صوت يشبه صفير الطائر. واصطلاحا:
خروج صوت يشبه صوت الطائر مع الحرف عند النطق به، وحروفه ثلاثة وهي:
الصاد، والزاي، والسين، وتسمى صفيرية لخروج صوت زائد يشبه صفير الطائر معها عند النطق بها، فالزاي تشبه صوت الأوز، والسين صوت النحل، والصاد تشبه صوت العصفور. وقد قيل: إن حروف الصفير موصوفه بهذه الصفة لأن صوتها عند النطق بها عبارة عن صوت زائد يخرج من بين النفس يصحب هذه الحروف، وهو صوت يصوت للبهائم وقيل: إن السين حرف مهموس من حروف الصفير، ويمتاز عن الصاد بالإطباق، وعن الزاي بالهمس كما في القاموس.
وبعد ذكر حروف الصفير بدأ يتكلم عن القلقلة فقال: (قلقلة قطب جد واللين) يقال: القلقلة أو اللقلقة خمسة حروف لها يجمعها (قطب جد) وهي القاف والطاء المهملة والباء الموحدة والجيم والدال المهملة، والقلقلة لغة: الاضطراب
(25)
واو وياء سكّنا وانفتحا
…
قبلهما والانحراف صحّحا
ــ
واصطلاحا: اضطراب اللسان عند النطق بالحرف حتى يسمع له نبرة قوية خصوصا إذا كان ساكنا وحروفها خمسة مجموعة في العبارة السابقة، والنبرة القوية التي تسمع حالة اضطراب اللسان في الفم عند النطق بهذه الحروف تحدث عند هذه الحروف فقط دون غيرها من الحروف.
وللقلقلة مراتب ثلاث، أقواها الساكن الموقوف عليه، ثم الساكن الموصوف، ثم المحرك، وقد اختلف العلماء في كيفية القلقلة بالنسبة إلى ما سكن من حروفها، فقيل: إن الحرف المقلقل يتحرك بحركة مناسبة للحرف الذي قبله عند قلقلته، فإن كان ما قبله مفتوحا نحو (أقرب) كان الحرف المقلقل قريبا من الفتح، وإن كان ما قبله مضموما نحو (ادع) كانت القلقلة أقرب إلى الضم، وإن كان ما قبله مكسورا نحو (اقرأ) كانت القلقلة أقرب إلى الكسر، أي أن القلقلة تابعة لحركة الحرف الذي قبلها حتى تتناسب الحركات، وقيل: إن الحرف المقلقل يتحرك بحركة مناسبة للحرف الذي بعده عند قلقلته مفتوحا كان أو مكسورا أو مضموما، أي أن القلقلة تابعة لحركة الحرف الذي بعدها حتى تتناسب الحركات. وقيل: إن القلقلة تكون أقرب إلى الفتح دائما دون التفات إلى كون ما قبل الحرف المقلقل أو ما بعده مفتوحا أو مكسورا أو مضموما وهو يكون العمل به أكثر.
وقوله: (واللين) أي حروف اللين بلا مد، واللين لغة: السهولة.
واصطلاحا: إخراج الحرف من مخرجه في سهولة وعدم كلفة، وحرفاه اثنان وهما:
الياء الساكنة المفتوح ما قبلها نحو (عين) والواو الساكنة المفتوح ما قبلها نحو (قوم) ويسميان لينين لسهولة النطق بهما وعدم الكلفة في إخراجهما من مخرجهما.
(25)
(واو وياء سكنا وانفتحا) هذا إشارة إلى حرفي اللين كما ذكرنا، وقد قيل: إن اللين سمي بذلك لقلة المد فيه بالنسبة إلى حروف المد التي حركة ما قبلها من جنسها، وذلك لأن في حرف المد مدا أصليا، وفي حرف اللين مدا يضبط بالمشافهة كل منهما كما ذكره الجعبري، ولذا أجرى حرفا اللين مجرى حروف المد حتى إذا وقع بعدهما ساكن بوقف أو إدغام جاز المد والتوسط والقصر إلا أن هذا الترتيب أولى في المد وعكسه في اللين وقد رجح قصر ورش في نحو (شيء) و (سوء) على التوسط
(26)
في اللّام والرّاء بتكرير جعل
…
وللتّفشّي الشّين ضادا استطل
ــ
والتوسط على الطول بهذا المعنى.
ثم ذكر الناظم الانحراف وقد ثبت هذا في اللام والراء، والانحراف لغة:
الميل واصطلاحا: الميل بالحرف عن مخرجه عند النطق به حتى يصل بمخرج آخر، وله حرفان وهما: اللام والراء - كما ذكر - ويسميان منحرفين لميلهما عن مخرجيهما عند النطق بهما إلى غيرهما من الخارج، وقد قيل في اللام والراء الانحراف، لأن اللام فيه انحراف وميل إلى طرف اللسان، والراء فيه انحراف إلى طرف اللسان وميل قليل إلى جهة اللام ولذلك يجعلها الألثغ لا ما.
(26)
(بتكرير جعل) يلاحظ أن الضمير في جعل راجع إلى الراء والمعنى أن الراء يوصف بالتكرار أيضا كما وصف بالانحراف، والتكرار اعادة الشيء، وقيل:
تعريفه لغويا: الاعادة، واصطلاحا: ارتعاد رأس طرف اللسان بالحرف عند النطق به، وهو ما يؤدي إلى تكريره خصوصا إذا كان ساكنا أو مشددا ولا يكون إلا في الراء فقط، وتسمى مكررة لارتعاد رأس طرف اللسان، أي اهتزازها عند النطق بها، فيؤدي ذلك إلى تكريرها خصوصا إذا سكنت أو شددت، ووصف الراء بالتكرير لا يعني إلا قبولها له نطقا وهو ما يجب تجنبه، فهو عكس صفات الحروف التي تعني العمل بها لا تجنبها، وقد قيل: إنه من الواجب على القارئ أن يخفي تكريره، ومتى أظهر فقد جعل من الحرف المشدد حروفا ومن المخفف حرفين.
ثم قال: (وللتفشي الشين ضادا استطل) أي والتفشي ثابت للشين المعجمة، والتفشي لغة: الانتشار، واصطلاحا: انتشار الريح في الفم بالشين عند النطق بها حتى تتصل بمخرج الظاء المعجمة، ولا يكون هذا إلا في الشين فقط، وسميت متفشية لانتشار الريح في الفم عند النطق بها حتى تتصل بمخرج الظاء.
ثم قال: (ضادا استطل) أي اجعلها حرفا مستطيلا، والاستطالة لغة:
الامتداد، واصطلاحا: امتداد مخرج الضاد عند النطق بها حتى تتصل بمخرج اللام ولا يكون ذلك إلا في الضاد فقط وتسمى مستطيلة: لاستطالة مخرجها وسريان النطق بها فيه كله حتى تتصل بمخرج اللام. والفرق بين المستطيل والممدود أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المستطيل جري في مخرجه والممدود في نفسه.
والخلاصة أن الصفات تنقسم إلى: متضادة، وغير متضادة، والمتضادة عشر هي:
1 -
الهمس: وحروفه (فحثه شخص سكت).
2 -
الجهر: وحروفه ما سوى حروف الهمس.
3 -
الشدة: وحروفها (أجد قط بكت).
4 -
التوسط: وحروفه (لن عمر) والرخاوة بقية الحروف.
5 -
الاستعلاء: وحروفه (خص ضغط قظ).
6 -
الاستفال: وحروفه ما سوى حروف الاستعلاء.
7 -
الإطباق: وحروفه (ص - ض - ط - ظ).
8 -
الانفتاح: وحروفه ما سوى حروف الإطباق.
9 -
الإذلاق: وحروفه (فر من لب).
10 -
الإصمات: وحروفه ما سوى حروف الإذلاق.
والصفات غير المتضادة سبع صفات هي:
1 -
الصفير: وحروفه (ص - س - ز).
2 -
القلقلة: وحروفها (قطب جد).
3 -
اللين: وحرفاه الياء والواو والساكنتان المفتوح ما قبلهما.
4 -
الانحراف: وحرفاه (ل - ر).
5 -
التكرير: وحروفه (الراء) فيجب أن لا يكرر.
6 -
التفشي: وحروفه (الشين).
7 -
الاستطالة: وحرفها (الضاد).
ومجمل القول: إن الصفات للحروف تنقسم إلى قسمين ملخصها وخلاصتها في الجدول الآتي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبين الشدة والرخاوة صفة تسمى «بالتوسط» .
وبصفة التوسط يتضح أن في الجزرية تتكون صفات الحروف من ثماني عشرة صفة (18).
ولم يبق من الصفات بعد ذلك فائدة هادفة كالآتي:
فائدة:
1 -
اعلم - يرحمك الله - أن الصفات السابقة منها ما هو قوي كالقلقلة والاستعلاء، ومنها ما هو ضعيف كاللين والرخو، وعليه فالحروف الهجائية منها ما هو قوي ومنها ما هو ضعيف كذلك، وتقدر قوة الحرف وضعفه بمقدار ما يتصف به من الصفات القوية أو الضعيفة، ولذلك نرى أن أقوى الحروف الهجائية: الطاء لكون جميع صفاتها قوية، وأضعفها: الهاء لكون جميع صفاتها ضعيفة ولا يخفى عليك تقدير ما عدا هذين الحرفين من الحروف من حيث القوة والضعف.
2 -
والطريقة إلى معرفة صفات الحروف هي البحث عنه أولا بين صفتي الهمس والجهر، فإن وجد من حروف الهمس فهو مهموس وإلا فهو جهري ثم يبحث
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه بعد ذلك بين الشدة والتوسط والرخو، فإن وجد من حروف الشدة فهو شديد، وإن وجد من حروف التوسط فهو متوسط وإلا فرخوي، ثم يبحث عنه بعد ذلك بين صفتي الاستعلاء والاستفال، فإن وجد من حروف الاستعلاء فهو مستعل وإلا فهو مستفل، ثم يبحث عنه بعد ذلك بين صفتي الإطباق والانفتاح، ثم بين صفتي الإذلاق والإصمات على هذا النحو تماما. وإلى هنا يكون الحرف قد استكمل خمس صفات حتما وهو القدر الذي لا يقل عنه أي حرف هجائي، ثم يبحث بعد ذلك في الحروف في الصفات التي لا ضد لها واحدة واحدة، فإذا وجد له صفة منها كانت سادسة له بالإضافة إلى الصفات الخمس السابقة، ولا يكون ذلك إلا في الحروف الآتية، وهي: الصاد - الزاي - السين - القاف - الظاء - الباء - الجيم - الذال - الياء الساكنة المفتوح ما قبلها - الواو الساكنة المفتوح ما قبلها - اللام - الشين - الضاد، فهذه الأحرف لكل منها ست صفات، وقد يوجد للحرف صفتان من الصفات التي لا ضد لها فيكون عدد صفاته سبعا: ولا يكون ذلك إلا في الراء.
وإذا تأملت ذلك علمت أن الحرف الهجائي لا تزيد صفاته عن سبع، ولا تقل عن خمس، وتوضيحا لذلك إليك هذا الجدول في الصفحة القادمة.