الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ
. . .]
الحديث الحادي والعشرون عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ، يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ» قَالَ الرَّاوِي: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إلا أن تكون المضمضة. رواه مسلم.
" الفطرة " هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها، وجعلهم مفطورين عليها: على محبة الخير وإيثاره، وكراهة الشر ودفعه، وفطرهم حنفاء مستعدين، لقبول الخير والإخلاص لله، والتقرب إليه، وجعل تعالى شرائع الفطرة نوعين.
أحدهما: يطهر القلب والروح، وهو الإيمان بالله وتوابعه: من خوفه ورجائه، ومحبته والإنابة إليه. قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ - مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 30 - 31] فهذه تزكي النفس، وتطهر القلب وتنميه، وتذهب عنه الآفات الرذيلة، وتحليه بالأخلاق الجميلة، وهي كلها ترجع إلى أصول الإيمان وأعمال القلوب.
والنوع الثاني: ما يعود إلى تطهير الظاهر ونظافته، ودفع الأوساخ والأقذار عنه، وهي هذه العشرة، وهي من محاسن الدين الإسلامي ; إذ هي كلها تنظيف للأعضاء، وتكميل لها، لتتم صحتها وتكون مستعدة لكل ما يراد (1) منها.
(1) في الأصل " يراه " والصحيح ما أثبتناه.
فأما المضمضة والاستنشاق: فإنها مشروعان في طهارة الحدث الأصغر والأكبر بالاتفاق، وهما فرضان فيهما من تطهير الفم والأنف وتنظيفهما، لأن الفم والأنف يتوارد عليهما كثير من الأوساخ والأبخرة ونحوها، وهو مضطر إلى ذلك وإزالته، وكذلك السواك يطهر الفم. فهو " مطهرة للفم مرضاة للرب " ولهذا يشرع كل وقت ويتأكد عند الوضوء والصلاة والانتباه من النوم، وتغير الفم، وصفرة الأسنان، ونحوها.
وأما قص الشارب أو حفه حتى تبدو الشفة، فلما في ذلك من النظافة، والتحرز مما يخرج من الأنف، فإن شعر الشارب إذا تدلى على الشفة باشر به ما يتناوله من مأكول ومشروب، مع تشويه الخلقة بوفرته، وإن استحسنه من لا يعبأ به. وهذا بخلاف اللحية، فإن الله جعلها وقارا للرجل وجمالا له. ولهذا يبقى جماله في حال كبره بوجود شعر اللحية. واعتبر ذلك بمن يعصي الرسول صلى الله عليه وسلم فيحلقها، كيف يبقى وجهه مشوها قد ذهبت محاسنه وخصوصا وقت الكبر، فيكون كالمرأة العجوز إذا وصلت إلى هذه السن ذهبت محاسنها، ولو كانت في صباها من أجمل النساء وهذا محسوس، ولكن العوائد والتقليد الأعمى يوجب استحسان القبيح واستقباح الحسن.
وأما قص الأظفار ونتف الإبط، وغسل البراجم، وهي مطاوي البدن التي تجتمع فيها الأوساخ - فلها من التنظيف وإزالة المؤذيات ما لا يمكن جحده، وكذلك حلق العانة.
وأما الاستنجاء - وهو إزالة الخارج من السبيلين بماء أو حجر - فهو لازم وشرط من شروط الطهارة.