الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلذاتها ولا شهواتها إلا مدة قليلة، فكانت لذاته قليلة، وأحزانه طويلة.
وكل نوع من لذاتها فيه هذه الفتنة والاختبار، ولكن أبلغ ما يكون وأشد فتنة النساء، فإن فتنتهن عظيمة، والوقوع فيها خطير وضررها كبير، فإنهن مصائد الشيطان وحبائله، كم صاد بهن من معافى فأصبح أسير شهوته، رهين ذنبه، قد عز عليه الخلاص، والذنب ذنبه، فإنه الذي لم يحترز من هذه البلية، وإلا فلو تحرز منها، ولم يدخل مداخل التهم، ولا تعرض للبلاء، واستعان باعتصامه بالمولى، لنجا من هذه الفتنة، وخلص من هذه المحنة.
ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث منها على الخصوص. وأخبر بما جرت على من قبلنا من الأمم؛ فإن في ذلك عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتقين. . والله أعلم.
[حديث الإيمان بضع وسبعون شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
. . .]
الحديث التاسع والسبعون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، أَعْلَاهَا: قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمان» . متفق عليه.
هذا الحديث من جملة النصوص الدالة على أن الإيمان اسم يشمل عقائد القلب وأعماله، وأعمال الجوارح، وأقوال اللسان، فكل ما يقرب إلى الله، وما يحبه ويرضاه، من واجب ومستحب، فإنه داخل في الإيمان، وذكر هنا أعلاه وأدناه، وما بين ذلك وهو الحياء. «والحياء شعبة من الإيمان» ولعل ذكر الحياء ; لأنه السبب الأقوى للقيام بجميع شعب الإيمان. فإن من استحيا من الله لتواتر نعمه، وسوابغ كرمه، وتجليه عليه بأسمائه الحسنى، والعبد - مع هذا كثير التقصير
مع هذا الرب الجليل الكبير يظلم نفسه ويجني عليها - أوجب له هذا الحياء التوقي من الجرائم، والقيام بالواجبات والمستحبات.
فأعلى هذه الشعب شعب الإيمان وأصلها وأساسها، قول:" لا إله إلا الله " صادقا من قلبه، بحيث يعلم ويوقن أنه لا يستحق هذا الوصف العظيم، وهو الألوهية إلا الله وحده ; فإنه هو ربه الذي يربيه ويربي جميع العالمين بفضله وإحسانه، والكل فقير وهو الغني، والكل عاجز وهو القوي، ثم يقوم في كل أحواله بعبوديته لربه، مخلصا له الدين، فإن جميع شعب الإيمان فروع وثمرات لهذا الأصل.
ودل على أن شعب الإيمان بعضها يرجع إلى الإخلاص للمعبود الحق، وبعضها يرجع إلى الإحسان إلى الخلق.
ونبه بإماطة الأذى على جميع أنواع الإحسان القولي والفعلي. الإحسان الذي فيه وصول المنافع، والإحسان الذي فيه دفع المضار عن الخلق.
وإذا علمنا أن شعب الإيمان كلها ترجع إلى هذه الأمور، علمنا أن كل خصلة من خصال الخير فهي من الشعب، وقد تكلم العلماء على تعيينها.
فمنهم: من وصل إلى هذا المبلغ المقدر في الحديث.
ومنهم: من قارب ذلك، ولكن إذا فهم المعنى تمكن الإنسان أن يعتد بكل خصلة وردت عن الشارع - قولية أو فعلية، ظاهرة أو باطنة - من الشعب، ونصيب العبد من الإيمان بقدر نصيبه من هذه الخصال، قلة وكثرة، وقوة وضعفا، وتكميلا وضده، وهي ترجع إلى تصديق خبر الله وخبر رسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما.