الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لخيانته وفسقه مفقود العدالة، فلا تقبل شهادته.
ومن الناس من هو موصوف بالعدالة، لكن فيه وصف يخشى أن يميل معه، فيشهد بخلاف الحق، وذلك كالأصول والفروع، والمولى والقانع لأهل البيت، فهؤلاء لا تقبل شهادتهم للمذكورين؛ لأنه محل التهمة. وتقبل عليهم.
ومثل ذلك الزوجان، والسيد مع مكاتبه أو عتيقه.
ومن الناس من هو بعكس هؤلاء، كالعدو الذي في قلبه غمر - أي: غل - على أخيه. فهذا إن شهد له، قبلت شهادته. وإن شهد على عدوه: لم تقبل؛ لأن العداوة تحمل غالبا على الإضرار بالعدو. . والله أعلم.
[حديث مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فكل]
الحديث الستون عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قال: «قلت: يا رسول الله. إنا لاقو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى. أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ. وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْهُ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ. وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ. وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِهَذِهِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَافْعَلُوا به هكذا» . متفق عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم» . . . إلى آخره، كلام جامع يدخل فيه جميع ما ينهر الدم - أي: يسفكه - من حديد، أو نحاس، أو صفر، أو قصب، أو خشب، أو حطب، أو حصى؟ محدد أو غيرها، وما له نفوذ كالرصاص في البارود؛ لأنه ينهر بنفوذه، لا بثقله.
ودخل في ذلك: ما صيد بالسهام، والكلاب المعلمة، والطيور إذا ذكر اسم الله على جميع ذلك.
وأما محل الذبح، فإنه الحلقوم والمريء، إذا قطعهما كفى. فإن حصل معهما قطع الودجين - وهما العرقان المكتنفان الحلقوم - كان أولى.
وأما الصيد، فيكفي جرحه في أي موضع كان من بدنه ; للحاجة إلى ذلك.
ومثل ذلك إذا ند البعير أو البقرة أو الشاة، وعجز عن إدراكه، فإنه يكون بمنزلة الصيد، كما في الحديث. ففي أي محل من بدنه جرح كفى، كما أن الصيد إذا قدر عليه - وهو حي - فلا بد من ذكاته.
فالحكم يدور مع علته، المعجوز عنه بمنزلة الصيد، ولو من الحيوانات الإنسية. والمقدور عليه لا بد من ذبحه، ولو من الحيوانات الوحشية.
واستثنى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك السن، وعلله بأنه عظم. فدل على أن جميع العظام - وإن أنهرت الدم - لا يحل الذبح بها.
وقيل: إن العلة مجموع الأمرين: كونه سنا، وكونه عظما، فيختص بالسن. والصحيح الأول. وكذلك الظفر لا يحل الذبح به، لا طير ولا غيره.
فالحاصل: أن شروط الذبح: إنهار الدم في محل الذبح، مع كون الذابح مسلما، أو كتابيا، وأن يذكر اسم الله عليها.
وأما الصيد، فهو أوسع من الذبح. كما تقدم أنه في أي موضع يكون من بدن الصيد، وأنه يباح صيد الجوارح من الطيور والكلاب إذا كانت معلمة، وذكر اسم الله عليها عند إرسالها على الصيد. . والله أعلم.