الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «وجعل رزقي تحت ظل رمحي» أما من قبلنا من الأمم، فإن جهادهم قليل بالنسبة لهذه الأمة، وهم دون هذه الأمة بقوة الإيمان والإخلاص، فمن رحمته بهم أنه منعهم من الغنائم ; لئلا يخل بإخلاصهم، والله أعلم.
الرابعة: قوله: «وأعطيت الشفاعة» وهي الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبار الرسل، وينتدب لها خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفعه الله في الخلق، ويحصل له المقام المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون، وأهل السماوات والأرض، وتنال أمته من هذه الشفاعة الحظ الأوفر، والنصيب الأكمل، ويشفع لهم شفاعة خاصة، فيشفعه الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«لكل نبي دعوة قد تعجلها، وقد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي فهي نائلة - إن شاء الله - من مات لا يشرك بالله شيئا» ، وقال:«أسعد الناس بشفاعتي: من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه» .
الخامسة: قوله: «وكان النبي» أي: جنس الأنبياء «يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عامة» وذلك لكمال شريعته وعمومها وسعتها، واشتمالها على الصلاح المطلق، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، ولا يتم الصلاح إلا بها، وقد أسست للبشر أصولا عظيمة، متى اعتبروها صلحت لهم دنياهم كما صلح لهم دينهم.
[حديث أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ صيام ثلاثة أيام من كل شهر
. . .]
الحديث السابع والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» مُتَّفَقٌ عليه.
وصيته صلى الله عليه وسلم وخطابه لواحد من أمته خطاب للأمة كلها، ما لم يدل دليل على الخصوصية.
فهذه الوصايا الثلاث، من آكد نوافل الصلاة والصيام.
أما صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإنه يعدل صيام السنة ; لأن الحسنة بعشر أمثالها، وصيام الثلاث من كل شهر يعدل صيام الشهر كله. والشريعة مبناها على اليسر والسهولة، وجانب الفضل فيها غالب، وهذا العمل يسير على من يسره الله عليه، لا يشق على الإنسان ولا يمنعه القيام بشيء من مهماته، ومع ذلك ففيه هذا الفضل العظيم ; لأن العمل كلما كان أطوع للرب وأنفع للعبد، كان أفضل مما ليس كذلك، وقد ثبت الحث على تخصيص ستة من شوال، وصيام يوم عرفة، والتاسع والعاشر من المحرم، والاثنين والخميس.
وأما صلاة الضحى: فإنه قد تكاثرت الأحاديث الصحيحة في فضلها، واختلف العلماء في استحباب مداومتها، أو أن يغب بها الإنسان، والصحيح: أنه تستحب المداومة عليها لهذا الحديث وغيره إلا لمن له عادة من صلاة الليل، فإذا تركها أحيانا فلا بأس، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنه يصبح على كل آدمي كل يوم ثلاثمائة وستون صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» قال العلماء: أقل صلاة الضحى ركعتان، وأكثرها ثمان، ووقتها (صلاة الضحى) من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال.
وأما الوتر (حكمه وعدد ركعاته) : فإنه سنة مؤكدة، حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وداوم عليه حضرا وسفرا.
وأقله ركعة واحدة، وإن شاء بثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع،