الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليبيعهم، أو يشتري منهم.
ويدخل فيه: الكذب في مقدار الثمن والمثمن، وفي وصف المعقود عليه، وغير ذلك.
وضابط ذلك: أن كل شيء تكره أن يعاملك فيه أخوك المسلم أو غيره ولا يخبرك به، فإنه من باب الكذب والإخفاء والغش.
ويدخل في هذا: البيع بأنواعه، والإجارات، والمشاركات وجميع المعاوضات، وآجالها ووثائقها. فكلها يتعين على العبد فيها الصدق والبيان، ولا يحل له الكذب والكتمان.
وفي هذا الحديث: إثبات خيار المجلس في البيع، وأن لكل واحد من المتبايعين الخيار بين الإمضاء أو الفسخ، ما داما في محل التبايع، فإذا تفرقا ثبت البيع ووجب، وليس لواحد منهما بعد ذلك الخيار إلا بسبب يوجب الفسخ، كخيار شرط، أو عيب يجده قد أخفي عليه، أو تدليس أو تعذر معرفة ثمن، أو مثمن.
والحكم في إثبات خيار المجلس: أن البيع يقع كثيرا جدا، وكثيرا ما يندم الإنسان على بيعه أو شرائه، فجعل له الشارع الخيار ; كي يتروى وينظر حاله: هل يمضي، أو يفسخ؟ والله أعلم.
[حديث نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر]
الحديث الثامن والثلاثون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» رَوَاهُ مسلم.
وهذا كلام جامع لكل غرر، والمراد بالغرر: المخاطرة والجهالة. وذلك
داخل في الميسر، فإن الميسر كما يدخل في المغالبات والرهان - إلا رهان سباق الخيل والإبل والسهام - فكذلك يدخل في أمور المعاملات.
فكل بيع فيه خطر: هل يحصل المبيع، أو لا يحصل؟ - كبيع الآبق والشارد والمغصوب من غير غاصبه، أو غير القادر على أخذه، وكبيع ما في ذمم الناس - وخصوصا المماطلين والمعسرين - فإنه داخل في الغرر.
وكذلك كل بيع فيه جهالة ظاهرة يتفاوت فيها المقصود ; فإنها داخلة في بيع الغرر، كبيعه ما في بيته من المتاع، أو ما في دكانه، أو ما في هذا الموضع، وهو لا يدري به ولا يعلمه، أو بيع الحصاة التي هي مثال من أمثلة الغرر، كأن يقول: ارم هذه الحصاة، فعلى أيّ متاع وقعت، فهو عليك بكذا، أو ارمها في الأرض فما بلغته من المدى، فهو لك بكذا، أو بيع المنابذة أو الملامسة، أو بيع ما في بطون الأنعام، وما أشبه ذلك: فكل ذلك غرر واضح.
ومن حكمة الشارع: تحريم هذا النوع، لما فيه من المخاطرات، وإحداث العداوات التي قد يغبن فيها أحدهما الآخر غبنا فاحشا مضرا.
ولهذا اشترط العلماء للبيع: العلم بالمبيع، والعلم بالثمن.
واشترطوا أيضا: أن يكون العاقد جائز التصرف، بأن يكون بالغا عاقلا رشيدا؛ لأن العقد مع الصغير أو غير الرشيد لا بد أن يحصل به غبن مضر، وذلك من الغرر.
وكذلك اشترطوا: العلم بالأجل، إذا كان الثمن أو بعضه، أو المبيع في السلم مؤجلا ; لأن جهالة الأجل تصير العقد غررا.
وكما يدخل في النهي عن بيع الغرر الغرر الذي يتفقان عليه، فمن باب