الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلاث مرات. وأن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الذي هو سبب هذا الحلم والدافع له، وليطمئن قلبه عند ذلك أنه لا يضره، مصداقا لقول رسوله، وثقة بنجاح الأسباب الدافعة له.
وأما الرؤيا الصالحة، فينبغي أن يحمد الله عليها، ويسأله تحقيقها، ويحدث بها من يحب ويعلم منه المودة، ليسر لسروره، ويدعو له في ذلك. ولا يحدث بها من لا يحب، لئلا يشوش عليه بتأويل يوافق هواه، أو يسعى - حسدا منه - في إزالة النعمة عنه.
ولهذا لما رأى يوسف الشمس والقمر والكواكب الأحد عشر ساجدين له، وحدث بها أباه قال له:{يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5]
ولهذا كان كتم النعم عن الأعداء - مع الإمكان - أولى، إلا إذا كان في ذلك مصلحة راجحة.
واعلم أن الرؤيا الصادقة تارة يراها العبد على صورتها الخارجية، كما في رؤيا الأذان وغيرها، وتارة يضرب له فيها أمثال محسوسة، ليعتبر بها الأمور المعقولة، أو المحسوسة التي تشبهها، كرؤيا ملك مصر ونحوها، وهي تختلف باختلاف الرائي والوقت والعادة، وتنوع الأحوال.
[حديث مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يعنيه]
الحديث السادس والستون عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رحمه الله قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» . رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
ورَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَنْ أبي هريرة.
الإسلام - عند الإطلاق - يدخل فيه الإيمان، والإحسان. وهو شرائع الدين الظاهرة والباطنة. والمسلمون منقسمون في الإسلام إلى قسمين، كما دل عليه فحوى هذا الحديث.
فمنهم: المحسن في إسلامه، ومنهم: المسيء.
فمن قام بالإسلام ظاهرا وباطنا فهو المحسن: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]
فيشتغل هذا المحسن بما يعنيه، مما يجب عليه تركه من المعاصي والسيئات، ومما ينبغي له تركه كالمكروهات وفضول المباحات التي لا مصلحة له فيها، بل تفوت عليه الخير.
فقوله صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المرء تركه ما لا يعنيه» يعم ما ذكرنا.
ومفهوم الحديث: أن من لم يترك ما لا يعنيه، فإنه مسيء في إسلامه وذلك شامل للأقوال والأفعال المنهي عنها نهي تحريم أو نهي كراهة.
فهذا الحديث يعد من الكلمات العامة الجامعة، لأنها قسمت هذا التقسيم الحاصر، وبينت الأسباب التي يتم بها حسن الإسلام، وهو الاشتغال بما يعني، وترك ما لا يعني من قول وفعل، والأسباب التي يكون بها العبد مسيئا، وهي ضد هذه الحال. . والله أعلم.