الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا كان مطل الغني ظلما: وجب إلزامه بأداء الحق إذا شكاه غريمه، فإن أدى وإلا عزر حتى يؤدي، أو يسمح غريمه. ومتى تسبب في تغريم غريمه بسبب شكايته: فعليه الغرم لما أخذ من ماله، لأنه هو السبب، وذلك بغير حق. وكذلك كل من تسبب لتغريم غيره ظلما فعليه الضمان.
وهذا الحديث أصل في باب الحوالة، وأن من حول بحقه على مليء، فعليه أن يتحول، وليس له أن يمتنع.
ومفهومه: أنه إذا أحيل على غير مليء فليس عليه التحول، لما فيه من الضرر عليه.
والحق الذي يتحول به: هي الديون الثابتة بالذمم، من قرض أو ثمن مبيع، أو غيرهما.
وإذا حوله على المليء فاتبعه: برئت ذمة المحيل، وتحول حق الغريم إلى من حول عليه. والله أعلم.
[حديث على اليد ما أخذت حتى تؤديه]
الحديث الحادي والأربعون عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ، حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» . رواه أهل السنن إلا النسائي.
وهذا شامل لما أخذته من أموال الناس بغير حق، كالغصب ونحوه، وما أخذته بحق، كرهن وإجارة.
أما القسم الأول: فهو الغصب، وهو أخذ مال الغير بغير حق بغير رضاه، وهو من أعظم الظلم والمحرمات ; فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«من غصب قيد شبر من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين» .
وعلى الغاصب أن يرد ما أخذه، ولو غرم على رده أضعاف قيمته ولو صار عليه ضرر في رده، لأنه هو الذي أدخل الضرر على نفسه. فإن نقص رده مع أرش نقصه. وعليه أجرته مدة بقائه بيده، وإن تلف ضمنه.
وأما إذا كانت اليد أخذت مال الغير برضى صاحبه، بإجارة، أو رهن أو مضاربة، أو مساقاة، أو مزارعة، أو غيرها: فصاحب اليد أمين، لأن صاحب العين قد ائتمنه، فإن تلفت وهي بيده بغير تعد ولا تفريط: فلا ضمان عليه، وإن تلفت بتفريط في حفظها أو تعد عليها: ضمنها ومتى انقضى الغرض منها ردها إلى صاحبها.
ودخل في هذا الحديث «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» .
وكذلك العارية على المستعير أن يردها إلى صاحبها بانقضاء الغرض منها، أو طلب ربها، لأن العارية عقد جائز لا لازم.
فإن تلفت العارية بغير تعد ولا تفريط، فمن العلماء من ضمنه، كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، ومنهم من لم يضمنه كسائر الأمناء.
ومنهم من فصل: فإن شرط ضمانها ضمنها، وإلا فلا، وهو أحسن الأقوال الثلاثة.
ولكن لو وجد المال بيد مجنون، أو سفيه، أو صغير، فأخذه ليحفظه، فتلف بيده بغير تعد ولا تفريط: فإنه محسن، وما على المحسنين من سبيل.
ولو أخذ اللقطة التي يجوز التقاطها، فعليه تعريفها عاما كاملا. فإن لم تعرف: فهي لواجدها، فإن وجد صاحبها بعد ذلك ووصفها: سلمها إليه إن كانت موجودة، وضمنها إن كان قد أتلفها باستعمال أو غيره. وإن