الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البشرى أن هذا العمل من الأعمال المقبولة، التي جعل الله فيها خيرا وبركة.
ومن البشرى في الحياة الدنيا، محبة المؤمنين للعبد لقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] أي محبة منه لهم، وتحبيبا لهم في قلوب العباد.
ومن ذلك الثناء الحسن، فإن كثرة ثناء المؤمنين على العبد شهادة منهم له. والمؤمنون شهداء الله في أرضه.
ومن ذلك الرؤيا الصالحة يراها المؤمن، أو ترى له، فإن الرؤيا الصالحة من المبشرات.
ومن البشرى أن يقدر الله على العبد تقديرا يحبه أو يكرهه. ويجعل ذلك التقدير وسيلة إلى إصلاح دينه، وسلامته من الشر.
وأنواع ألطاف الباري سبحانه لا تعد ولا تحصى، ولا تخطر بالبال، ولا تدور في الخيال. والله أعلم.
[حديث رِضَى اللَّهِ فِي رِضَى الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطُ اللَّهِ في سخط الوالدين]
الحديث السادس والتسعون عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رِضَى اللَّهِ فِي رِضَى الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وصححه ابن حبان والحاكم.
هذا الحديث دليل على فضل بر الوالدين ووجوبه، وأنه سبب لرضى الله تعالى. وعلى التحذير عن عقوق الوالدين وتحريمه، وأنه سبب لسخط الله.
ولا شك أن هذا من رحمة الله بالوالدين والأولاد ; إذ بين الوالدين وأولادهم من الاتصال ما لا يشبهه شيء من الصلات والارتباط الوثيق والإحسان من
الوالدين الذي لا يساويه إحسان أحد من الخلق. والتربية المتنوعة وحاجة الأولاد الدينية والدنيوية إلى القيام بهذا الحق المتأكد، وفاء بالحق، واكتسابا للثواب، وتعليما لذريتهم أن يعاملوهم بما عاملوا به والديهم.
هذه الأسباب وما يتفرع عنها موجب لجعل رضاهما مقرونا برضى الله. وضده بضده.
وإذا قيل: فما هو البر الذي أمر الله به ورسوله؟
قيل: قد حده الله ورسوله بحد معروف، وتفسير يفهمه كل أحد. فالله تعالى أطلق الأمر بالإحسان إليهما. وذكر بعض الأمثلة التي هي أنموذج من الإحسان. فكل إحسان قولي أو فعلي أو بدني، بحسب أحوال الوالدين والأولاد والوقت والمكان، فإن هذا هو البر.
وفي هذا الحديث: ذكر غاية البر ونهايته التي هي رضى الوالدين: فالإحسان موجب وسبب، والرضى أثر ومسبب. فكل ما أرضى الوالدين من جميع أنواع المعاملات العرفية، وسلوك كل طريق ووسيلة ترضيهما، فإنه داخل في البر، كما أن العقوق: كل ما يسخطهما من قول أو فعل. ولكن ذلك مقيد بالطاعة لا بالمعصية. فمتى تعذر على الولد إرضاء والديه إلا بإسخاط الله، وجب تقديم محبة الله على محبة الوالدين، وكان اللوم والجناية من الوالدين، فلا يلومان إلا أنفسهما.
وفي هذا الحديث: إثبات صفة الرضى والسخط لله، وأن ذلك متعلق بمحابه ومراضيه. فالله تعالى يحب أوليائه وأصفياءه ويحب من قام بطاعته وطاعة رسوله، وهذا من كماله وحكمته وحمده، ورحمته. ورضاه وسخطه،