الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع
علمها بالفِقه والفتْوى
تُعَدُّ عَائِشَة رضي الله عنها بحق أفقه نساء الأمة وأعلمهن، بل أفقه وأعلم من كثير من الصحابة، قال عطاء (1) رحمه الله:«كَانَتْ عَائِشَة، أَفْقَهَ النَّاسِ وَأَعْلَمَ النَّاسِ وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْيًا فِي الْعَامَّةِ» (2).
وقد ذكرها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي (3) في طبقاته في جملة فقهاء الصحابة (4)، ولما ذكر ابن حزم أسماء الصحابة الذين رويت عنهم الفتاوى في الأحكام في مزية كثرة ما نقل عنهم قدم عَائِشَة على سائر الصحابة (5).
(1) هو: عطاء بن أبي رباح - بفتح الراء والباء - واسم أبي رباح: أسلم، القرشي، المكي، كان ثقة فقيهًا فاضلاً، مفتيًا، حافظًا، مات سنة (114هـ) وقيل بعدها.
ينظر في ترجمته: طبقات الفقهاء ص (69)، ووفيات الأعيان 3/ 261، وسير أعلام النبلاء 5/ 78.
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 15، رقم (6748)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/ 1521، رقم (2762)، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
(3)
هو: إبراهيم بن علي بن يوسف، أبو إسحاق، جمال الدين الشيرازي، ولد بفيروز آباد (بليدة بفارس) نشأ ببغداد وتوفي بها، وهو أحد أعلام المذهب الشافعي، كان مناظرًا فصيحًا ورعًا متواضعًا، انتهت إليه رئاسة المذهب، بنيت له النظامية ودرَّس بها إلى حين وفاته. من تصانيفه:(المذهب) في الفقه، و (النكت) في الخلاف، و (التبصرة) في أصول الفقه. مات سنة (467هـ).
ينظر في ترجمته: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 16/ 228، ووفيات الأعيان 1/ 29، وسير أعلام النبلاء 18/ 452.
(4)
طبقات الفقهاء ص (47)، وينظر: الإجابة ص (38).
(5)
جوامع السيرة ص (319)، وينظر: الإجابة ص (38).
وقال الذهبي (1) رحمه الله: "لا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل ولا في النساء مطلقاً، امرأة أعلم منها"(2).
وقد استدركت عَائِشَة رضي الله عنها على كبار الصحابة في مسائل كثيرة، حتى صنف بعض العلماء في استدراكاتها عليهم، وممن صنف في ذلك: أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي البغدادي (411 - 489هـ)، وبلغت مستدركاته خمسة وعشرين حديثًا؛ وبدر الدين الزركشي (745 - 974هـ)، في مصنفه "الإجابة لما ما استدركته عَائِشَة على الصحابة"، واستدراكاته فيه أربعة وسبعون حديثًا، نشر منها السيوطي جزءاً موجزًا بعنوان:"عين الإصابة فيما استدركته عَائِشَة على الصحابة (3) "(4).
وأيضًا كانت عَائِشَة رضي الله عنها عالمة بالفتوى، وكان أكابر الصحابة إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها فيجدون علمه عندها، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه:«مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَة إِلا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا» (5).
وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، قال: «كَانَتْ عَائِشَة قَدِ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَتْوَى
(1) هو: محمد بن أحمد بن عثمان أبو عبد الله، شمس الدين التركماني الذهبي، كان عالمًا بالحديث، والقراءات، ومعرفة الرجال، والتاريخ، سمع بالشام ومصر والحجاز، وله مصنفات كثيرة منها:(سير أعلام النبلاء)، و (ميزان الاعتدال) و (العلو للعلي العظيم)، مات سنة (748هـ).
ينظر في ترجمته: طبقات الحفاظ ص (521)، والشهادة الزكية ص (38)، والبدر الطالع 2/ 110.
(2)
سير أعلام النبلاء 2/ 140.
(3)
ينظر: عين الإصابة في استدراك عائشة على الصحابة، لجلال الدين السيوطي، تحقيق: عبد الله محمد الدرويش، نشر: مكتبة العلم - القاهرة، 1409هـ-1988م.
(4)
ينظر: عَائِشَة معلمة الرجال والأجيال ص (83).
(5)
سبق تخريجه.
فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى أَنْ مَاتَتْ يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَكُنْتُ مُلازِمًا لَهَا مَعَ بِرِّهَا بِي» (1).
وسبق قول محمود بن لبيد: «كَانَتْ عَائِشَة تُفْتِي فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ إِلَى أَنْ مَاتَتْ، يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَكَانَ الأكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ يُرْسِلانِ إِلَيْهَا فَيَسْأَلانِهَا عَنِ السُّنَنِ» (2).
وقد قال مسروق رحمه الله: «لَقَدْ رَأَيْتُ الأكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهَا عَنِ الْفَرَائِضِ» (3).
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
سبق تخريجه.