المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثانيقول الرافضة: إن عائشة سقت النبي صلى الله عليه وسلم السم - إجلاء الحقيقة في سيرة عائشة الصديقة

[ياسين الخليفة الطيب المحجوب]

فهرس الكتاب

- ‌الْمُقَدِّمَةُ

- ‌خطة البحث

- ‌منهج البحث

- ‌كلمة شكر

- ‌الفصل الأولحياة أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها:

- ‌المبحث الأولاسمها ونسبها

- ‌المبحث الثانيمولدها ونشأتها

- ‌المبحث الثالثزواجها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابعمنزلتها عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامسمنزلتها عند المؤمنين

- ‌المبحث السادسوفاتها رضي الله عنها

- ‌الفصل الثانيفضائل ومناقب أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها:

- ‌المبحث الأولصفاتها الخِلْقِيَّة والخُلُقِيَّة

- ‌المطلب الأولصفاتها الخِلْقِيَّة

- ‌المطلب الثانيصفاتها الخُلُقِيَّة

- ‌المبحث الثانيمكانتها العِلمِيَّة

- ‌المطلب الأولأقوال العلماء في مكانتها العِلمِيَّة

- ‌المطلب الثانيعلمها بالقرآن وعلومه

- ‌المطلب الثالثعلمها بالسُّنَّة النَّبوِيَّة

- ‌المطلب الرابععلمها بالفِقه والفتْوى

- ‌المطلب الخامسعلمها باللُّغة والشِّعر

- ‌المطلب السادسعلمها بالطِّب والتَّدَاوِي

- ‌المبحث الثالثالفضائل العامة التي شاركتْ فيها أمهات المؤمنين

- ‌المبحث الرابعالفضائل التي انفردتْ بِها رضي الله عنها

- ‌الفصل الثالثالعلاقة الحسنة بين أُمِّ المؤمنين عَائِشَة وآل البيت

- ‌المبحث الأولالعلاقة الحسنة بين عَائِشَة وعليّ رضي الله عنهما

- ‌المبحث الثانيالعلاقة الحَسَنَة بين عَائِشَة وفاطمة رضي الله عنهما

- ‌المبحث الثالثالعلاقة الحسنة بين عَائِشَة وذُرِّيَّة عليِّ وبقية آل البيت

- ‌الفصل الرابعأباطيل وشبهات حول أُمِّ المؤمنين عَائِشَة والرد عليها

- ‌المبحث الأولالافتراءات والأباطيل المكذوبة على عَائِشَة رضي الله عنها

- ‌المطلب الأولأقوال أهل العلم في كَذِب الرَّافِضَة

- ‌المطلب الثانيقول الرَّافِضَة: إنَّ عَائِشَة سقتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم السُّمَّ

- ‌المطلب الثالثقولهم: إِنَّ عَائِشَة اتَّهمتْ مارية القبطية بالزِّنا فنزلتْ فيها آية الإفك

- ‌المطلب الخامسقولهم: إنَّ عَائِشَة مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن عليّ عند جَدِّه

- ‌المطلب السادسقولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تَكْذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب السابعقولهم: إِنَّ عَائِشَة أغْضَبَتْ فاطمة حتى أَبْكَتْها

- ‌المبحث الثانيالشُّبُهَات المثارة حول عَائِشَة رضي الله عنها

- ‌المطلب الأولالتَّحْذِير من الْوُقُوعِ في شِبَاك الشُّبُهَات

- ‌المطلب الثانيقول الرَّافِضَة: إنّ عَائِشَة خرجتْ لقتالِ عليّ رضي الله عنهما

- ‌المطلب الثالثقولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُبْغِضُ عليًا رضي الله عنهما

- ‌المطلب الرابعقولهم: إِنَّ الفِتْنَة خرجتْ من بيت عَائِشَة

- ‌المطلب الخامسقولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ لا تَحْتَجِب من الرِّجال

- ‌المطلب السادسقولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تُزيِّن الجواري وتطوف بهنّ

- ‌الطلب السابعقولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُسِيء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامسالفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك القديمة والحديثة

- ‌المبحث الأولالفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك القديمة

- ‌المبحث الثانيالفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك الحديثة

- ‌الفصل السادسحكم مَنْ سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها

- ‌المبحث الأولحكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بما برَّأَها الله منه

- ‌المبحث الثانيحكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بغير ما برَّأَها الله منه

- ‌الخاتمة

- ‌أولاً: النتائج:

- ‌ثانيًا: التوصيات:

- ‌الفهارس

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌أولاً: المصادر والمراجع السُّنِّيَّةُ:

- ‌ثانياً: المصادر والمراجع الشِّيعِيَّة:

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌المطلب الثانيقول الرافضة: إن عائشة سقت النبي صلى الله عليه وسلم السم

‌المطلب الثاني

قول الرَّافِضَة: إنَّ عَائِشَة سقتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم السُّمَّ

يقول الرَّافِضَة: إنَّ عَائِشَة وحَفْصة تآمَرَتا مع أبويهما؛ لاغتيال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقد وضَعَتا السُّمَّ في فَمِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنَّه ماتَ نتيجة ذلك، وسلك الرَّافِضَة في هذه الفرية مسلكين:

المسلك الأول: وضع الروايات المكذوبة:

فجاء في 'البرهان في تفسير القرآن' (1) لهاشم البحراني (2)، و'بحار الأنوار' (3) للمجلسي (4)، في تفسير قوله الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} (5): "قال علي بن إبراهيم القمي (6): كان سبب نزولها أن رسول الله

(1) 14/ 67،68.

(2)

هو: هاشم بن سليمان بن إسماعيل الحسيني البحراني الكتكاني التوبلي، من أعلام الروافض، ومن كبار مفسريهم، له:(البرهان في تفسير القرآن)، مات سنة (1107هـ).

ينظر في ترجمته: الأعلام 8/ 66، ومعجم المؤلفين 13/ 132.

(3)

22/ 101.

(4)

هو: محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود علي الأصفهاني، أحد أعلام الرَّافِضَة، له:(بحار الأنوار)، مات سنة (1111هـ).

ينظر في ترجمته: الأعلام 6/ 48.

(5)

سورة التحريم، الآيات:1 - 3.

(6)

هو: علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، الرافضي، قال الذهبي في ميزان الاعتدال 3/ 111: "رافضي =

ص: 115

صلى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه، وكانت مارية القبطية معه تخدمه، وكان ذات يوم في بيت حفصة، فذهبت حفصة في حاجة لها، فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله مارية، فعلمت حفصة بذلك، فغضبت وأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله، وقالت: يا رسول الله، هذا في يومي، وفي داري، وعلى فراشي! فاستحيا رسول الله صلى الله عليه وآله منها، فقال:«كفي فقد حرَّمتُ مارية على نفسي، ولا أطأها بعد هذا أبداً، وأنا أفضي إليك سرًا، فإن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» . فقالت: نعم، ما هو؟ فقال:«إن أبا بكر يلي الخلافة من بعدي، ثم من بعده عمر أبوك» . فقالت: من أخبرك بهذا؟ قال: «الله أخبرني» .

فأخبرت حفصة عَائِشَة من يومها بذلك، وأخبرت عَائِشَة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر، فقال له: إن عَائِشَة أخبرتني عن حفصة كذا، ولا أثق بقولها، فسل أنت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة، فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عَائِشَة؟ فأنكرت ذلك، وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئاً، فقال لها عمر: إن كان هذا حقّاً فأخبرينا حتى نتقدم، فاجتمع أربعة على أن يسموا رسول الله - صلى الله عليه وآله -، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله - صلى الله عليه وآله - بهذه السورة:{يا أَيُّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ} يعني: قد أباح الله لك أن تكفر عن يمينك {واللَّهُ

= جلد، له تفسير فيه مصائب"، كان حيًا قبل (329هـ).

ينظر في ترجمته: معجم الأدباء 4/ 1641، والوافي بالوفيات 20/ 6، وميزان الاعتدال 3/ 111، ولسان الميزان 4/ 191.

ص: 116

مَوْلاكُمْ وهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ - وإِذْ أَسَرَّ النَّبِيّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} أي أخبرت به {وأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} يعني أظهر الله نبيه على ما أخبرت به وما هموا به من قتله {عَرَّفَ بَعْضَهُ} أي أخبرها وقال: «لم أخبرت بما أخبرتك به؟» ".

وجاء في نفس الكتابين السابقين في موضع آخر: "عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: تدرون مات النَّبِيّ صلى الله عليه وآله أو قتل؟، إن الله يقول: {أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} فسم قبل الموت، إنهما سقتاه، فقلنا: إنهما وأبويهما شر من خلق الله"(1).

ويقول ياسر الحبيب (2) في احتفاله بوفاة عَائِشَة رضي الله عنها: "ماذا أقول، وماذا أعدد أو أذكر؟ أأذكر سمَّها لرسول الله صلى الله عليه وآله وقتلها إياه؟ "(3)، فهو

(1) البرهان في تفسير القرآن 3/ 31، وبحار الأنوار 22/ 213.

(2)

هو: ياسر يحيى عبد الله الحبيب من مواليد سنة 1979م بالكويت، وهو أحد رافضة الكويت، وهو خرِّيج علوم سياسية من جامعة الكويت، عرف بأسلوبه الحاد في بيان آرائه، بدأ بطرح الأقوال الشيعية التي لم يجرؤ أحد على طرحها في الزمن المعاصر في مجالسه الخاصة في الكويت، مما أدى إلى إلقاء السلطات الكويتية القبض عليه بتهمة "سب الصحابة"، وتطورت القضية إلى أمن الدولة فحُكم فيها في مايو 2004 بالسجن لعشر سنوات أدانته الكثير من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان ومنها منظمة العفو الدولية ووزارة الخارجية الأمريكية، لكنه قضى في السجن ثلاثة أشهر فقط؛ وأطلق سراحه بعفو أميري وصف رسمياً فيما بعد بأنه "خطأ إداري" وتمكّن من الهجرة غير الشرعية إلى العراق وثم إلى إيران ثم سافر إلى بريطانيا دون أن تتمكن السلطات الكويتية من اعتقاله مجددا ونال حق اللجوء في بريطانيا.

ينظر في ترجمته: منتديات بغداد الرشيد: www.baghdadalrashid.com، وإجابات قوقل: www.ejabat.google.com

(3)

موقع اليوتيوب www.youtube.com : " شريط احتفال ياسر الحبيب بدخول عائشة النار" =

ص: 117

ينقل هذه الفرية عن أسلافه، {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} (1).

المسلك الثاني: صرف معنى الأحاديث الصحيحة إلى ما يوافق هواهم:

استغل الرَّافِضَة قصة سقي عَائِشَة وحفصة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الدواء في مرضه، فقالوا: سقتاه السُّمَّ، وهذا هو نص الرواية الصحيح:

عن عَائِشَة رضي الله عنها، قالت:«لَدَدْنَا (2) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: "لَا تَلُدُّونِي"، قَالَ: فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي" قَالَ: قُلْنَا: كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاّ لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلاّ العَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ"» (3).

وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها، قالت: «أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدِّهِ فَلَدُّوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ:"مَا هَذَا؟ " فَقُلْنَا: هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَاهُنَا - وَأَشَارَ [الراوي] إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ - وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ، قَالُوا: كُنَّا نَتَّهِمُ فِيكَ ذَاتَ

= دقيقة (2)، ثانية (7).

(1)

سورة الذاريات، الآية:53.

(2)

أي: أسقيناه اللدود: وهو دواء يُصبُّ في أحَدِ جانبي فمِ المريض، بين اللسان والشدق.

ينظر: تهذيب اللغة 14/ 49، والفائق في غريب الحديث 3/ 85، ولسان العرب 3/ 390.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب مرض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ووفاته 6/ 14، رقم (4458)، وكتاب الطيب، باب اللدود 7/ 127، رقم (5712)، وكتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل

9/ 8، رقم (6897)، ومسلم في صحيحه، كتاب الآداب، باب كراهة التداوي باللدود 4/ 1733، رقم (2213).

ص: 118

الْجَنْبِ (1) يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللهُ عز وجل لَيَقْرَفُنِي بِهِ (2) لَا يَبْقَيَنَّ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلاّ الْتَدَّ إِلاّ عَمُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي الْعَبَّاسَ، قَالَ: فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزْمَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (3).

الرد على هذه الفرية من وجوه (4):

الوجه الأول: أن القصة في مسلكهم الأول من الأباطيل المكذوبة، ومن الدَّعاوى الغريبة التي سوّد الرَّافِضَة بها كتبهم، فالرَّافِضَة إذا أرادوا أن يؤيدوا باطلهم عمدوا إلى بعض الآيات القرآنية، فاخترعوا في تفسيرها قصصًا مختلقة تُؤيِّد إفكهم، حتى يُوهموا أبناء طائفتهم، ومن يُسقطونه في حبائلهم أنّ هذا الإفك الذي زعموه قد نزلت في بيانه وتأكيده آيات القرآن الكريم، وهذا ما فعلوه في هذه الافتراءات

(1) ذَات الْجَنْبِ: هي قرحة تصيب الإنسان داخل جنبه.

ينظر: الصحاح 1/ 103، والنهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 303، ولسان العرب 1/ 281.

(2)

أي: ليرميني به، والمراد ليبتليني به، فإن المبتلى ببلية يُرمى بها، فكأن الذي ابتلاه رماه به. قاله السندي. ينظر: تحقيق مسند أحمد 45/ 462 (طبعة الرسالة).

(3)

أخرجه أحمد في مسنده 45/ 460، رقم (27469)، وعبد الرزاق في مصنفه 5/ 428، رقم (9754)، وابن راهويه في مسنده 5/ 42، رقم (2145)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار 5/ 195، رقم (1935)، وابن حبان في صحيحه، 14/ 552، رقم (6587)، والطبراني في المعجم الكبير 24/ 140، رقم (372)، والحاكم في المستدرك 4/ 225، رقم (7446)، وقال:"حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حجر في فتح الباري 8/ 148، والألباني في السلسلة الصحيحة 7/ 1015، رقم (3339).

(4)

ينظر في الرد على هذه الفرية: الصاعقة في نسف أباطيل وافتراءات الشيعة ص (5170)، ومقال للشيخ عبد الرحمن الطوخي بعنوان:"رد الشبه والافتراءات عن السيدة عَائِشَة"، تاريخ: 25/ 10/1431هـ، على شبكة الألوكة: www.alukah.net.

ص: 119

التي أرادوا إلصاقها بخير عباد الله بعد الأنبياء والمرسلين؛ بأبي بكر وعمر، وبابنتيهما رضي الله عنهم أجمعين (1).

وهذه الأكذوبة التي ذكروها في سبب نزول آيات سورة التحريم، لم أجدها في غير كتب الرَّافِضَة، والصحيح أن سبب نزول هذه الآيات كان في تحريم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للعسل كما في الصحيح، فعن عَائِشَة رضي الله عنها قال:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَلَى أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، قَالَ: "لَا، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا"» (2).

وبهذا يتبين كذب وافتراء الرَّافِضَة، واختلاقهم الروايات التي توافق قصدهم السيئ، وتخدم مذهبهم الفاسد.

الوجه الثاني: بالنِّسبة لقصة اللدود في المسلك الثاني، التي روتها عَائِشَة وأسماء رضي الله عنهما، وفهمها الرافضة فهماً يوافق إفكهم، أقف عندها وقفات:

أولاً: أن اللَّدُود: هو الدواء الذي يُصبُّ في أحَدِ جانبي فمِ المريض (3)، فكيف عَرَف الرَّافِضَة مكوِّنات الدواء الذي وضعَتْه عَائِشَة للنبي صلى الله عليه وسلم؟!

(1) ينظر: الصاعقة في نسف أباطيل وافتراءات الشيعة ص (51) بتصرف.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب تفسير القرآن، باب:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآية 6/ 156 رقم (4912)، ومسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته، ولم ينو الطلاق 2/ 1100 رقم (1474).

(3)

ينظر: تهذيب اللغة 14/ 49، والفائق في غريب الحديث 3/ 85، ولسان العرب 3/ 390.

ص: 120

ثانياً: أنَّ مَن نقَلَ هذه الحادثة هو عَائِشَة رضي الله عنها فكيف تنقل قتْلَها لنبيِّها، وزوجها، وحبيبها صلى الله عليه وسلم؟!

ثالثاً: السُّم الذي وضعتْه اليهوديَّة في الطعام الذي قُدِّم للنبي صلى الله عليه وسلم كُشِفَ أمرُه من الله تعالى وأخبرتِ الشاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنّها مسمومة، فلماذا لم يحصل معه صلى الله عليه وسلم الأمر نفسه في السُّمِّ الذي وضعته عَائِشَة في فمه؟!

رابعًا: لم يُعطَ الدواءُ للنبي صلى الله عليه وسلم من غير عِلّة، بل أُعطِيَه مِن مَرضٍ ألَم به.

خامسًا: لم يُعطَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الدواء إلَاّ بعد أن تشاورَ نساؤه رضي الله عنهن في ذلك الإعطاء.

سادسًا: لا ننكر أن يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مات بأثَر السُّم! لكن أيُّ سُمٍّ هذا؟ إنَّه السُّم الذي وضعتْه اليهوديَّة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في طعام دَعَتْه لأكْله عندها، وقد لفَظَ صلى الله عليه وسلم اللُّقمة؛ لإخبار الله تعالى بوجود السُّم في الطعام، فأخبرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في آخر أيامه أنّه يجد أثرَ تلك اللُّقمة على بَدَنه، ومِن هنا قال مَن قال من سلف هذه الأُمة: إنَّ الله تعالى جمع له بين النبوَّة والشهادة.

سابعًا: من الواضح في الرواية أنَّ نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يفْهَمنَ مِن نَهْي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعدم لَدِّه أنَّه نهْي شرعي، بل فهِموا أنَّه من كراهية المريض للدواء، وفَهْمُهم هذا ليس بمستنكرٍ في الظاهر، وقد صرَّحوا بأنهم وإن لم يكنْ لهم عذرٌ عند النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الأصْلَ هو الاستجابة لأمرِه، صلى الله عليه وسلم قد أخطؤوا في تشخيص دَائه صلى الله عليه وسلم لذا فقد ناوَلوه دواءً لا يُناسب عِلَّته.

قال ابن حجر رحمه الله: "وإنَّما أنْكَرَ التداوي؛ لأنه كان غير ملائم لدائه؛ لأنهم ظنّوا أنَّ به "ذات الْجَنْب"، فداووه بما يلائمها، ولم يكنْ به ذلك؛ كما هو ظاهر في

ص: 121

سياق الخبر كما ترى" (1).

وأخيراً أقول: إن سلوك الرَّافِضَة في افتراءاتهم وشبهاتهم أكثر من مسلك، دليلٌ واضحٌ على كذبهم وتدليسهم.

(1) فتح الباري 8/ 147.

ص: 122