المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الصحة والبطلان - تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول - جـ ٢

[يحيى بن موسى الرهوني]

الفصل: ‌ الصحة والبطلان

وجعل بعض الشراح القدرة على التسليم شرط حكمة الحكم، فإن عدمه ينافي حكمة صحة البيع التي هي إباحة الانتفاع، وجعل شرط السبب الطهارة للصلاة، فإن عدمها ينافي تعظيم الباري وهو السبب لوجوب الصلاة، فأعطى الأول للأول، ويكون على هذا ضمير فيهما راجع إلى حكمة الحكم وحكمة السبب، والأول لولا ما فيه من جعل الثواب حكمًا أولى؛ لأن الصحة ليست حكمًا شرعيًا على ما سيذكر.

قال: [(وأما‌

‌ الصحة والبطلان

، أو الحكم بهما بأمر عقلي؛ لأنهما إما كون الفعل مسقطًا للقضاء، أو موافقة أمر الشارع.

والبطلان والفساد نقيضها.

الحنفية: الفاسد المشروع بأصله، الممنوع بوصفه.

وأما الرخصة: فالمشروع لعذر مع قيام المحرم لولا العذر، كأكل الميتة للمضطر، والقصر والفطر في السفر، واجبًا، ومندوبًا، ومباحًا).

أقول: أما الصحة والبطلان، فقال صاحب الإحكام: (إنهما من أحكام الوضع والإخبار»؛ لأن الحكم بصحة العبادة وبطلانها لا يفهم منه اقتضاء ولا تخيير.

وقال قوم: الصحة معناها الإباحة، والبطلان معناه الحرمة.

ص: 95

وذهب المصنف إلى أن الصحة والبطلان، أو الحكم بالصحة والبطلان] أمر عقلي لا يحتاج إلى توقيف من الشرع؛ لأن الصحة في العبادات موافقة الأمر عند المتكلمين، وإن وجب القضاء كالصلاة بظن الطهارة، وعند الفقهاء كون الفعل مسقطًا للقضاء.

لا يقال: القضاء لم يجب، فكيف يسقط؟ .

لأنّا نقول: المعنى رفع وجوبه، وهو مناقشة لفظية.

وأما في المعاملات: فترتب الأثر المطلوب منها عليها شرعا.

ولو قيل: العبادة صحيحة بهذا التفسير، لكان حسنًا.

لا يقال: فإذن يلزم ترتب الثواب على الصلاة الصحيحة، وهو غير لازم؛ لجواز إحباط العمل.

لأنّا نقول: المراد جواز ترتب الثمرة لا وجوبه.

واستبعد المصنف كون الصحة أو الحكم بها أمر شرعي، صرح به في المنتهى؛ لأن العبادة إذا اشتملت على أركانها وشرائطها، حكم العقل بصحتها بكل واحد من التفسيرين، سواء حكم الشارع بالصحة أم لا.

قيل: إن أراد بكونه أمرًا عقليًا، أنه لا مدخل للشرع فيه فممنوع؛

ص: 96

لتوقف الحكم على الشيء بكونه موافقًا لأمر الشارع على تصور أمره، وإن لم يرد ذلك، بل أراد وهو الأقرب أن الفعل له مدخل في الحكم لا أنه يستقل بكونه صحيحا، فلا نسلم بعده، والحق ما ذهب إليه المصنف؛ لأنهما صفتان للفعل الحادث، وحدوث الصفة توجب حدوث الموصوف، فلا يكونان حكمين شرعيين وإن توقفا على الشرع.

وأما الصحة في المعاملات، فقيل: لم يتعرض لها المصنف، والأظهر أيضًا: أنها أمر عقلي؛ لأنه إذا كان الشيء مشتملا على الأسباب والشرائط وارتفاع الموانع، حكم العقل بترتب أثره عليه شرعًا، سواء حكم الشرع بالصحة أم لا.

قلت: صرح بأنها في المعاملات حكم شرعي، حيث قال في الإيماء: فإن ذكر الوصف صريحًا والحكم مستنبط، مثل:{وأحل الله البيع} ، ثم قال: والحل يستلزم الصحة، والبطلان والفساد نقيضا الصحة بكل من الاعتبارين، فهما مترادفان.

وقال الحنفية: الباطل الذي لم يشرع بأصله، كبيع الملاقيح.

ص: 97