المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مستند غير الصحابي - تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول - جـ ٢

[يحيى بن موسى الرهوني]

الفصل: ‌مستند غير الصحابي

ورجحه بعض الشارحين، بأن الكلام في كيفية الرواية عن الرسول، لا في الإخبار عن الإجماع.

وفيه نظر؛ لأنه في بيان مسند الصحابي.

قال: (و‌

‌مستند غير الصحابي

قراءة الشيخ، أو قراءته عليه، أو قراءة غيره عليه، أو إجازته، أو مناولته، أو كتابته بما يرويه.

فالأول أعلاها على الصحيح، إلا أنه إذا لم يقصد إسماعه قال: قال، وحدّث، وأخبر، وسمعته، وقرأته عليه، من غير نكير، ولا ما يوجب سكوتًا من إكراه، أو غفلة، أو غيرهما، معمول به، خلافًا لبعض الظاهرية؛ لأن العرف تقريره.

ولأن فيه إبهام الصحة، فيقول: حدثنا، أو أخبرنا مقيدًا أو مطلقًا على الأصح، ونقله الحاكم عن الأئمة الأربعة.

وقراءة غيره عليه كقراءته).

أقول: أما مستند غير الصحابي، وهو المصحح لجواز روايته عن شيخه ولقبولها منه بأحد أمور ستة:

الأول: قراءة الشيخ.

الثاني: قراءته على الشيخ.

ص: 398

الثالث: قراءة غيره على الشيخ وهو يسمع.

الرابع: إجازة الشيخ له أن يروي عنه.

الخامس: أن يناوله كتابًا يروي عنه ما فيه.

السادس: أن يكتب إليه بما يرويه عنه.

ثم هذه الأمور على مراتب:

فقراءة الشيخ أعلى المراتب على الأصح، وهو مختار المتأخرين من المحدثين والأصوليين.

وقيل: هو مذهب عامة أهل المشرق.

وذكر ابن رشد أن مذهب مالك أن قراءته على الشيخ أعلى من قراءة الشيخ، وذكره ابن الصلاح عن أبي حنيفة، وابن أبي ذئب، وعن

ص: 399

مالك أيضًا أنهما سواء.

قال ابن الصلاح: «وهو مذهب أصحابه وأشياخه والبخاري أيضًا» .

ثم لهذه المرتبة ألفاظ، فللراوي أن يقول إذا قصد الشيخ إسماعه منفردًا أو مع غيره: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وقال لنا، وسمعته.

قال القاضي عياض: «ولا خلاف في ذلك» .

قال الخطيب / البغدادي: «وأرفعها سمعت، ثم حدثني وحدثنا، ثم أخبرنا، ثم أنبأنا» .

وهذا قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بما قرئ عل الشيخ.

وقال ابن الصلاح: «أخبرنا أرفع من سمعت، من حيث أن سمعت لا يدل على أن الشيخ رواه وخاطبه به» .

فإن لم يقصد الشيخ إسماعه فلا يضفه إلى نفسه، بل يقول: حدث، أو

ص: 400

أخبر، وسمعته، هذا هو المعروف عند لمحدثين والأصوليين.

وذكر ابن العربي في سراج المريدين: أن مالكًا ومحمد بن إسحاق تهاجرا، فقال ابن إسحاق: مالك مولى وينتسب إلى أصبح، لا يكلم حتى يرجع.

وقال مالك: ابن إسحاق يقول: حدثتني فاطمة بنت المنذر وما رآها ولم يتسور على الحرم، وهذا زوجها هشام بن عروة يقسم ما كان ذلك.

ص: 401

قال ابن العربي: وكلاهما سالم، أما مالك فأصبحي نسبًا، وتيمي حلفًا، فأيهما انتسب إليه جاز.

وأما ابن إسحاق، فليس بممتنع أن تحدّث [أحدًا] وهو يسمع، فيقول: حدثتني فاطمة بما سمعها تحدث لغيره، وذلك جائز في الحديث إجماعًا؛ بأن يحدث رجل آخر، أو يقول لجماعة: أحدثكم، ويسمعه غيرهم ممن لم يعلم به المحدث، فيجوز للآخر أن يقول: حدثني فلان، وأخبرني، وسمعته.

المرتبة الثانية: قراءته على الشيخ، ويسمى عرضًا.

والجمهور على صحة هذه الرواية، خلافًا للشذوذ.

وهذا إذا كان الشيخ يحفظ ما قرئ عليه، أو كان الكتاب بيده.

فإذا قرأ ولم ينكر الشيخ، ولا وجد أمرًا يوجب السكوت عنه من إكراه أو غفلة أو غيرها من المقدرات المانعة من الإنكار، فهم منه عرفًا تقريره.

ص: 402

وأيضًا: في سكوته إيهام الصحة، وذلك بعيد من العدل عند عدم الصحة، فيكفي هذا من الشيخ إذا قرأ القارئ قائلًا: أخبرك فلان، أو قلت أخبرنا فلان، والشيخ ساكت مصغ فاهم غير منكر.

واشترط بعض الظاهرية، وبعض الشافعية إقرار الشيخ نطقًا، بأن يقول: نعم، أو هو كما قرأت.

[وأما ألفاظها، فأجودها: قرأت على فلان فأقر به، وقوله: حدثنا فلان قراءة عليه] ، أو أخبرنا فلان قراءة عليه.

وأما إطلاق حدثنا وأخبرنا فأجازه مالك والبخاري، وهو مذهب معظم الحجازيين والكوفيين، ومنعه أحمد والنسائي، وأجاز الشافعي أخبرنا ومنع حدثنا، ونقل المصنف عن الحاكم جوازه عن الأئمة الأربعة في

ص: 403

اللفظين معًا، ولم أقف عليه.

والذي اختاره الحاكم هو مختار ابن وهب، أن يقول فيما قرأ الشيخ على الراوي وحده: حدثني، وحدثنا إن كان معه غيره، وما قرأ على الشيخ: أخبرني، وما قرأ عليه وهو حاضر: أخبرنا.

ومنع سيف الدين الإطلاق، قال: لأن ذلك مشعر بنطق الشيخ وذلك مع سكوته كذب، وظاهره أنه لو قال: نعم، أو هو كذلك، جاز الإطلاق وفاقًا، وليس كذلك، بل هو أيضًا مختلفًا فيه.

والحق أنه أمر اصطلاحي / قال ابن الصلاح: «وتكلف الاحتجاج له من اللغة عناد» .

وأما قراءة غيره على الشيخ وهو يسمع؛ بأن يكون حفظ الحديث، أو يكون الكتاب بيده، فهي عند المصنف والأكثرين مساوية لقراءة غيره في المتفق والمختلف، والمختار والمزيف، وشرط عدم النكير، وترتيب

ص: 404