المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كان راجحًا فهو إنما دلّ على الحكم بواسطة العلة، وخبر - تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول - جـ ٢

[يحيى بن موسى الرهوني]

الفصل: كان راجحًا فهو إنما دلّ على الحكم بواسطة العلة، وخبر

كان راجحًا فهو إنما دلّ على الحكم بواسطة العلة، وخبر الواحد لا بواسطة فاعتدلا.

ثم قال: (الوقف لتعارض الترجيحين) أي حيث قلنا بالوقف فلترجيح القياس بما ذكر، وترجيح الخبر بقلة المقدمات، وفيه ما تقدم.

أما إن كان الخبر لا يخالف القياس من كل وجه بأن يكون أحدهما أعم، فإن الأعم يخص بالأخص جمعًا بينهما، وسيأتي في التخصيص تخصيص العموم بالقياس، وأما تخصيص القياس بالخبر فسيأتي أيضًا في النقض في العلة، وإليه أشار بقوله:(والمختار) ، وإن كانت مستنبطة لم يجز إلا لمانع، ثم قال: وإن كانت منصوصة فبظاهر عام، ويجب تخصيصه وتقدير المانع.

قال: (مسألة:‌

‌ المرسل

قول غير الصحابي قال صلى الله عليه وسلم.

ثالثها: قال الشافعي: إن أسنده غيره أو أرسله وشيوخهما مختلفة، أو عضده قول الصحابي أو أكثر العلماء، أو عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل، قبل.

ورابعها: إن كان من أئمة النقل قبل، وإلا فلا، وهو المختار.

لنا: أن إرسال الأئمة من التابعين كان مقبولًا مشهورًا ولم ينكر، كسعيد بن المسيب، والنخعي، والشعبي، وغيرهم.

فإن قيل: يلزم أن يكون المخالف خارقًا للإجماع.

ص: 442

قلنا: خرق الإجماع الاستدلالي، والظني لا يقدح.

وأيضًا: لو لم يكن عدلًا عنده، لكان مدلسًا في الحديث.

قالوا: لو قبل مع الشك لأنه لو سئل لجاز ألا يعدّل.

قلنا: في غير الأئمة.

قالوا: لو قبل لقبل في عصرنا.

قلنا: لغلبة الخلاف فيه، أما إن كان من أئمة النقل ولا ريبة تمنع، قبل.

قالوا: لا يكون للإسناد معنى.

قلنا: فائدته في أئمة النقل تفاوتهم، ورفع الخلاف.

القابل مطلقًا تمسكوا بمراسيل التابعين، ولا يفيد تعميمًا.

قالوا: إرسال العدل يدل على تعديله.

قلنا: نقطع بأن الجاهل يرسل ولا يدري من رواه، وقد أخذ على الشافعي.

فقيل: إن أسند فالعمل بالمسند، وإن لم يسند فقد انضم غير مقبول إلى مثله ولا يرد؛ لأن الظن قد يحصل أو يقوى بالانضمام.

والمنقطع: أن يكون قول الصحابي أو من دونه).

أقول: اختلف في تعريف المرسل، وفي العمل به.

ص: 443

المشهور عند المحدثين أن قول التابعي: قال صلى الله عليه وسلم كذا، وقيل: قول التابعي الكبير كابن المسيب، وأنه إذا قال تابعي صغير كالزهري: قال صلى الله عليه وسلم فهم منقطع؛ لأنهم لم يلقو من الصحابة إلا قليلًا، وأكثر روايتهم عن التابعين.

وعرّفه المصنف: بقول غير الصحابي قال صلى الله عليه وسلم، وهذا يتناول قول تابعي التابعين ومن دونه، والمشهور عند المحدثين تسمية هذا بالمعضل، فسماه الخطيب البغدادي منهم مرسلًا، وهذا هو المشهور في الفقه وفي أصوله. ثم هو مقبول عند مالك، وأبي حنيفة، وأحمد في أشهر قوليه، وجمهور المعتزلة، واختاره الآمدي.

ص: 444

وقيل: لا يقبل، وهو مذهب جمهور المحدثين، وقال الشافعي: لا يقبل إلا بأحد أمور خمسة:

- أن يسنده غيره.

- أو يرسله آخر، وعلم أن أحد شيوخ [أحد] المرسلين غير شيوخ المرسل الآخر.

- أو يعضده قول صحابي.

- أو قول أكثر أهل العلم.

- أو علم من حال المرسل أنه لا يرسل إلا ما رواه عن عدل.

- واختار المصنف مذهب ابن أبان، وهو أن الراوي إن كان من أئمة أهل الحديث قبل، وإلا فلا.

ص: 445

لنا: أن إرسال الأئمة والتابعين كان مشهورًا مقبولًا ولم ينكره أحد وكان إجماعًا، كإرسال ابن المسيب، والنخعي، والشعبي، والحسن وغيرهم.

فإن قيل: لو كان كذلك لكان إجماعًا، وكان المخالف خارقًا [للإجماع] فكان فاسقًا.

الجواب: أن ذلك في الإجماع القطعي، أما الثابت بالاستدلال وهو السكوتي، للاستدلال من قول البعض أو عمله وسكوت الباقين عن الموافقة أو الظن كالمنقول بالآحاد، ولا يكون مخالفه خارقًا، وإنما جعل الاستدلالي قسيم / الظني، لأنه قد يكون قطعيًا إذا علمت موافقتهم، وقد تقدم.

ولنا أيضًا: لو لم يكن المروي عنه عدلًا عنده، لكان الجزم بالإسناد

ص: 446

برواية الموهم أنه سمع من عدل تدليسًا في الحديث، فيكون قدحًا.

واعلم أن ما احتج به أولًا أخص من الدعوى، فقد يقال: إنما قبل مرسلًا؛ لأنهم لا يرسلون عن الصحابة وهم عدول إلا لأجل أنهم من أئمة النقل فقط.

وعلى الثاني: أنه يقتضي قبول المرسل من كل عدل.

وأيضًا: لا يلزم من كونه عدلًا عنده أن يكون عدلًا في الواقع، فيجب إظهاره، وأيضًا: لم تعلم عدالة الأصل، وقد قام أن رواية العدل عن الشخص ليس تعديلًا له، فإن ادعى أن أئمة النقل عادتهم أنهم لا يروون إلا عن عدل حتى يكون تعديلًا، منعناه، ثم هو راجع إلى قول الشافعي؛ لأنه إذا لم يرو إلا عن عدل، فما أرسل إلا عن عدل، ولو سلّم فقصاراه أن يكون قدحًا [في] الحديث لا فيه على ما قدم.

احتج القائل بعدم القبول: بأنه لو قبل المرسل لقبل مع الشك، والتالي باطل، أما الملازمة؛ فلأنه لو سئل عن عدالة الراوي جاز ألا يعدله، ومع هذا الاحتمال يبقى الشك في عدالته.

أجاب: بأن هذا الاحتمال إنما يقوى في غير أئمة النقل.

ص: 447

وأما أئمة النقل فالظاهر أنهم لا يجزمون إلا عمن لو سئلوا عنه لعدلوه، والاحتمال الضعيف لا ينافي الظهور.

قالوا ثانيًا: لو قبل لقبل في عصرنا؛ إذ لا تأثير للزمان، والتالي باطل.

الجواب: نمنع الملازمة؛ للفرق بأن غلبة الخلاف وكثرة المذاهب في عصرنا منع من قبول المرسل.

وأيضًا: لغلبة الإرسال عمن لو سئل عنه لم يعرفه، فضلًا عمن يعدله.

سلمنا، ونمنع بطلان التالي في أئمة النقل، إذ لم تكن ريبة من تكذيب الحفاظ وغيرها، وكأنه منع الملازمة في غير محل النزاع، وبطلان التالي في محل النزاع.

قالوا ثالثًا: لو جاز العمل بالمرسل، لما كان لذكر الإسناد فائدة، فكان اتفاقهم على الإسناد عبثًا.

الجواب: منع الملازمة، وأن فائدته في غير أئمة النقل ظاهرة، لينظر فيه المجتهد، وفي أئمة النقل معرفة تفاوت رتبهم للترجيح عند التعارض، وفي

ص: 448

القبيلين رفع الخلاف؛ إذ لم يختلفوا في العمل بالمسند بخلاف / المرسل.

احتج القائل مطلقًا: بأنهم قبلوا مراسيل التابعين، وتقريره ما مرّ.

الجواب: أن ذلك لا يفيدهم تعميمًا، فإن من ذكرتم من أئمة النقل.

قالوا ثانيًا: العدل إذا أرسل غلب على الظن أن المنقول عنه عدل، وإلا لما جزم بالمنقول.

الجواب: منع ذلك في غير الأئمة، لأنا نقطع أن الجاهل يرسل ولا يعرف من رواه فضلًا عن عدالته، وكذلك لم يقبل في عصرنا.

وقد أخذ بعض الحنفية على الشافعي حيث قال: إذا أسنده غيره

إلى آخره، فقال: إذا أسنده غيره فالعمل إذن بالمسند.

قال المصنف: وهو وراد.

وأجاب ابن الصلاح: بأنه بالمسند يتبين صحة الإسناد الذي فيه الإرسال، حتى يحكم له مع إرساله بأنه إسناد صحيح تقوم به الحجة.

وقال بعضهم: موافقته للمسند لا توجب إسقاطه، كما لو وافق مسند مسندًا؛ [إذ] العمل بالمرسل من حيث تقوى بالمسند، لا من

ص: 449