الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكثير من المتأخرين، وجعلها قوم أقوى من الإجازة.
ويكفي معرفة المكتوب إليه خط الكاتب وإن لم تشهد به بينة، ومنهم من لا يعتمد مع الغيبة على الخط، وأجاز الليث أن يقول فيها: حدثنا، وأخبرنا، والمختار أن يقول: كتب إليّ فلان، قال: حدثنا فلان.
قال: (مسألة: الأكثر على جواز
نقل الحديث بالمعنى
للعارف.
وقيل: بلفظ مرادف، وعن ابن سيرين منعه.
وعن مالك أنه كان يشدد في الباء والتاء، وحمل على المبالغة في الأولى.
لنا: أنهم نقلوا عنه أحاديث كثيرة في وقائع متحدة بألفاظ مختلفة شائعة ذائعة، ولم ينكره أحد.
وأيضًا: ما روي عن ابن مسعود وغيره أنه قال صلى الله عليه وسلم كذا أو نحوه.
وأيضًا: أجمع على تفسيره بالعجمية، فالعربية أولى.
وأيضًا: المقصود المعنى قطعًا وهو حاصل.
قالوا: قال: «نضر الله امرأً» .
قلنا: دعا له لأنه الأولى، ولم يمنعه.
قالوا: يؤدي إلى الإخلال لاختلاف العلماء في المعنى وتفاوتهم، فإذا قدر ذلك مرة أو مرتين، اختل ذلك بالكلية.
قلنا: الكلام فيمن نقل بالمعنى سواء).
أقول: اختلفوا في جواز نقل الحديث بالمعنى للعارف بمواقع الألفاظ، وأما غيره فلا يجوز له اتفاقًا، ثم الأكثر على الجواز، ومنع بعض المحدثين، وبعض الأصوليين، وبعض الفقهاء من الشافعية والحنفية.
ثم هذا الخلاف لا يجري فيما تضمنته الأمهات، فليس لأحد أن يغير شيئًا من كتاب مصنف ويثبت بدله لفظًا آخر بمعناه، ثم هؤلاء لم يختلفوا أن الأولى نقله بلفظه، واستحب بعضهم أن يتبعه بأن يقول: أو كما قال، وممن كان يقول ذلك ابن مسعود، وأبو الدرداء، وأنس.
وقيل: إنما يجوز بلفظ مرادف فقط، وهذا يغاير القول بالجواز مطلقًا لأن الترادف من خواص المفرد، وليس إلا جعل لفظة مكان أخرى.
وروي عن مالك أنه كان يشدد في نحو الباء والتاء من بالله وتالله، فلا يجعل أحدهما مكان الآخر، وحمل تشديده على أن المبالغة في أن الأولى نقله بلفظه، لا أنه يجب؛ لأنه ممن نقل عنه الجواز.
احتج: بأنا نقطع أنهم نقلوا عنه عليه السلام أحاديث في وقائع متحدة بألفاظ / مختلفة، والذي صدر منه عليه السلام لفظ واحد والباقي بالمعنى، وتكرر وشاع ولم ينكر أحد، فكان إجماعًا على جوازه.
واحتمال أن يكون كرر الحديث في ذلك الموطن بألفاظ مختلفة، فروى كل واحد ما سمع بعيد.
لا يقال: كل منهم يعتقد أن الصادر من النبي عليه السلام هو اللفظ الذي رواه فلم ينقل بالمعنى، لأنا نقول: موضوع الحجة قبول الآخرين من
غير نكير، مع علمهم أن بعضها بالمعنى.
وأيضًا: روي عن ابن مسعود أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم كذا أو نحوه، وذلك صريح بعدم الجزم باللفظ، وأن المروي هو المعنى، ولم ينكر.
وقد يقال: لا يلزم من جوازه عند شك الراوي وتبينه ذلك أن يجوز مطلقًا.
وأيضًا: أجمع على تفسيره بالعجمية، ولا يجوز تبديل شيء منه بمعناه ولا بمرادفه، وفرق بين ما نقل على أنه كلام النبي عليه السلام، وما نقل على أنه تفسير له.
وأيضًا: المقصود في التخاطب إنما هو المعنى ولا عبرة باللفظ، ولذلك أخبر الله تعالى عن الأمم السابقة بمقالات وأنهم قالوها وليست بهذا اللسان قطعًا، وللمخالف أن يمنع للتبرك بلفظه عليه السلام وغير ذلك.
قالوا: قال عليه السلام: «نضر الله امرأً» الحديث، ولا يكون مؤديًا له كما سمعه إلا إذا نقله بلفظه.
والجواب: المنع، ولو سلّم فلا يفيدكم؛ لأنه دعا لمن نقله بلفظه لأنه فعل الأولى، ولم يمنع منه.
قالوا ثانيًا: تجويز ذلك يؤدي إلى الاختلاف، فإنا نقطع باختلاف العلماء في معاني الألفاظ وتفاوتهم، فإذا قدّر اللفظ بالمعنى مرتين وثلاثًا ووقع
في كل مرة أدنى تغيير، حصل بالتكرار تغيير كثير واختل المقصود.
الجواب: أن الكلام فيمن نقل المعنى سواء، من غير تغيير أصلا.
قال: (مسألة: إذا كذب الأصل الفرع سقط، لكذب واحد غير معين، ولا يقدح في عدالتهما، فإن قال: لا أدري، فالأكثر يعمل به خلافًا لبعض الحنفية، ولأحمد قولان.
لنا: عدل غير مكذب، كالموت والجنون، واستدل: بأن سهيل بن أبي صالح روى عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، ثم قال لربيعة: لا أدري، فكان يقول: حدثني ربيعة عني.
قلنا: صحيح، فأين وجوب العمل.
قالوا: لو جاز لجاز في الشهادة.
قلنا: الشهادة أضيق.
قالوا: لو عمل به لعمل الحاكم بحكمه إذا شهد شاهدان ونسي.
قلنا: يجب ذلك عند مالك وأحمد وأبي يوسف وإنما يلزم الشافعي).
أقول: إذا روى عدل عن عدل ثم كذّب الأصل الفرع / في روايته عنه، فالاتفاق على أنه لا يعمل به؛ لأن أحدهما كاذب قطعًا فلا نعرفه، ولا يقدح في عدالتهما؛ لأن عدالة كل واحد منهما مظنونة، وشك في أنه هو الكاذب أو الآخر، والشك لا يرفع الظن، وتظهر ثمرة ذلك فيما لو انفرد
كل واحد منهما برواية خبر فإنه يقبل، نعم لو شهدا معًا بشيء واحد كان محل نظر.
أما لو قال الأصل: لا أدري أرويته أم لا؟ .
فالأكثر على أنع يعمل به، وروي عن مالك والشافعي وأحمد في أحد قوليه، وخالف بعض الحنفية.
لنا: أنه عدل لم يكذبه الأصل فوجب العمل بروايته كما لو مات الأصل أو جن، بجامع عدم التكذيب، وما يجوز في الميت من أنه لو كان حيًا لصدقه معارض، لجواز أن يكذبه فيتساقطا ويبقى عدم التصديق وعدم التكذيب المساوي للمصرح به، واستدل: بأن سهيل بن أبي صالح روى عن أبيه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، ثم قال لربيعة: لا أدري، فكان [ربيعة] إذا روى يقول: حدثني ربيعة عني ولا ينكره
أحد، أخرجه أبو داود.
الجواب: أنه لا يدل على وجوب العمل به، نعم يدل على جواز رواية ما هذا شأنه.
فإن قيل: قد عمل به مالك والشافعي وأحمد.
قلنا: لرواية جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.
قال الترمذي: «وهو أصح» ، أو لغير ذلك من الطرق.
قالوا: لو جاز لجاز في الشهادة، لكن شهادة الفرع لا تقبل مع نسيان الأصل.
الجواب: منع الملازمة؛ لأن باب الشهادة أضيق.
قالوا: لو عمل بروايته مع نسيان الأصل، لعمل الحاكم بحكمه إذا شهد شاهدان بحكم في قضية والحاكم قد نسي حكمه.
الجواب: منع بطلان التالي؛ ذا يجب عليه أن ينفذ ذلك الحكم عند مالك، وأحمد، وأبي يوسف.
وإنما يلزم الشافعية، ولهم أن يعرفوا بما مرّ؛ لأن الشهادة يوهنها ما لا يوهن الرواية، فشهادتهم أوهنا نسيان القاضي.
قال: (مسألة: إذا انفرد العدل بزيادة والمجلس واحد، فإن كان غيره لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة لم تقبل، وإلا فالجمهور تقبل، وعن أحمد روايتان.
لنا: عدل جازم فوجب قبوله.
قالوا: ظاهر الوهم فوجب ردّه.
قلنا: سهو الإنسان بأنه سمع ولم يسمع بعيد، بخلاف سهوه عما سمع فإنه كثير.
فإن تعدد المجلس قبل باتفاق.
فإن جهل فأولى بالقبول.
ولو رواها مرة وتركها مرة فكروايتين.
وإذا أسند وأرسلوه، أو رفعه ووقفوه، أو وصله وقطعوه فكالزيادة).
أقول: إذا انفرد العدل بزيادة لا تخالف المزيد عليه، كما لو روى
الجماعة أنه دخل البيت، وانفرد واحد بأنه دخل وصلّى بأن اتحد المجلس، فإن كان من لم يرو الزيادة انتهوا إلى عدد لا يتصور ذهولهم عادة عن تلك الزيادة لم تقبل؛ لأنه أولى بالذهول والغلط منهم، وإن لم يبلغوا هذا العدد، فقال جمع من الفقهاء والمتكلمين: يجب قبولها، خلافًا لأحد قولي أحمد وبعض المحدّثين؛ لأن الراوي عدل ثقة وقد جزم بالرواية فيجب القبول، وعدم رواية الغير لا يقدح، لجواز أن يكون دخل في أثناء المجلس، أو خرج في أثنائه، أو طرأ له ما أشغله من عطاس أو نعاس أو ألم أو غفلة، أو نسي بعدما سمع.
قال الآخرون: هو أولى بإضافة الوهم إليه لوحدته وتعددهم، فقد يكون توهم أنه سمع ولم يسمع.
الجواب: أن سهو الإنسان فيما لم يسمع حتى يجزم بأنه سمع بعيد، بخلاف سهوه عما سمع؛ فإن ذهول الإنسان عما يجري بحضوره كثير الوقوع.
أما لو تعدد المجلس، بأن يكون المنفرد روايته عن مجلس آخر غير مجلس
الباقين، فلا خلاف في قبول روايته، فإن جهل كون المجلس واحد أو متعدد فأولى بالقبول مما إذا اتحد لاحتمال التعدد، هكذا في الإحكام، وقريب منه في المحصول، والمصنف لم يقيد كون الزيادة لا تخالف المزيد عليه، هذا تفصيل الأصوليين.
وأما تفصيل المحدثين فمن وجه آخر.
واختار ابن الصلاح، أن الزيادة إن كانت منافية لما رواه سائرهم طرحت، وإن لم تناف ولم تخالف فهي كالحديث [الذي] تفرد برواية جملته ثقة، وادعى الخطيب الاتفاق على قبولها، وما كان بين هاتين المرتبتين مثل زيادة نقطة لم يذكرها سائر الرواة، مثل ما انفرد به مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي عليه السلام:«فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حرّ أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين» .
قال الترمذي: «انفرد مالك بزيادة من المسلمين» .
وروى عبيد الله بن عمر، وأيوب وغيرهما، عن نافع، عن ابن عمر بدونها.
وأخذ بالزيادة الشافعي وأحمد وغير واحد واحتجوا بها.