الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منتف عن المندوب، لأنه مساو للمباح في التخيير بين الفعل والترك من غير حرج، مع زيادة الثواب على الفعل.
فإن قال: تكليف باعتبار وجوب اعتقاد كونه مندوبًا فمُسَلّم، لكنه حكم آخر، والمباح تكليف أيضًا بهذا الاعتبار، وهو مراده والله أعلم؛ لأنه قال: الإباحة تتكليف، فلا نزاع إذن، فإن قال: فعله لما كان سببًا للثواب، كان الإتيان به رغبة في ذلك كلفة ومشقة، فأشبه الواجب.
قلنا: يلزم أن يكون حكم الشارع على الفعل بكونه سببًا للثواب تكليفًا؛ لأنه إن أتى بالفعل رغبة في الثواب الذي هو مسببه فهو شاق، وإن تركه شق عليه ما فاته من الثواب، وهو خلاف الإجماع؛ لأنه من أحكام الوضع، والنزاع لفظي؛ لأن مراد الأكثرين أنه ليس بلازم الإتيان به، ومراد الأستاذ وجوب اعتقاد ندبيته، فلم يتوارد النفي والإثبات على شيء واحد، لا كما قيل: مراد الأستاذ طلب ما فيه مشقة ما؛ لأنه يقول: الإباحة تكليف، فلا يصح له تفسير التكليف بالطلب.
قال: (مسألة:
المكروه منهي عنه
غير مكلف به كالمندوب، ويطلق أيضًا على الحرام، وعلى ترك الأولى).
أقول: المكروه لغة: ضد المحبوب، مأخوذ من الكريهة وهي الشدة في الحرب، وفي الشرع: يطلق بالإشتراك ويراد به الحرام، ويطلق ويراد
به ترك ما مصلحته راجحة وإن لم يكن منهيا عنه، كترك المندوبات، وقد يراد به ما نهي عنه نهي تنزيه لا تحريم، كالصلاة في الأوقات المكروهة، وقد يراد به ما في القلب من حزازة وإن كان غالب الظن الحل كأكل لحم الضبع. فمن نظر إلى الاعتبار الأول، حدّه بحد الحرام.
ومن نظر إلى الثاني، حدّه بحدّ ترك الأولى.
ومن نظر إلى الثالث، حدّه بالمنهي الذي لا ذمَّ على فاعله.
ومن نظر إلى الرابع، حدّه بالذي فيه شبهة.
ولما كان نظر المصنف إلى الاعتبار الثالث، حكم بأنه منهي عنه غير مكلف بتركه.
ومن أراد الاعتبار الأول، حكم بأنه منهي عنه مكلف بتركه.
ومن أراد الاعتبار الثاني، حكم بأنه غير منهي عنه ولا مكلف بتركه
فالنزاع لفظي، والخلاف في أنه بالاعتبار الثاني والثالث من أحكام التكليف على نحو ما سبق في المندوب اختيارًا وتزييفًا.
قال: (مسألة: يطلق الجائز على المباح، وعلى ما لا يمتنع من عقلي أو شرعي، وعلى ما استوى الأمران فيه، وعلى المشكوك فيه فيهما بالاعتبارين).
أقول: لما فرغ من المكروه، شرع في أحكام المباح، وذكره في أربعة مسائل:
الأولى في مفهومه: المباح لغة: المعلن والمأذون فيه.
وفي الشرع: متعلق الإباحة / ومن أسمائه الجائز، ويطلق الجائز على ما لا يمتنع شرعًا، فيتناول الواجب، والمندوب، والمكروه، والمباح.
ويطلق أيضًا على ما لا يمتنع عقلا، وهو المسمى في عرف المنطقيين بالممكن العام، ويدخل فيه الواجب والممكن الخاص.
ويطلق أيضًا على ما استوى الأمران فيه، سواء استويا شرعًا كالمباح