الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثالثا: أنا نختار الرابع، وهو أنه لا يعمل بهما كما لو لم يقم دليل، ولا تناقض في عدم العمل بهما ولا كذبه، إنما التناقض في اعتقاد نفي الأمرين لا في ترك العمل بهما.
قال:
(مسألة: لا يستقيم لمجتهد قولان متناقضان
في وقت واحد، بخلاف وقتين أو شخصين على قول التخيير.
فإن ترتبا، فالظاهر رجوع، وكذلك المتناظرتان ولم يظهر فرق.
وقول في سبع عشرة مسألة: فيها قولان، إما للعلماء، وإما فيهما ما يقتضي للعلماء قولين، لتعادل الدليلين عنده، وإما لي قولان على التخيير عند التعادل، وإما تقدم لي فيها قولان).
أقول: لا يجوز أن يكون لمجتهد قولان متناقضان في وقت واحد بالنسبة إلى شخص واحد، لأن دليلهما إن تعادلا توقف/، وإن رجح أحدهما فهو قوله، ويتعين إما في وقتين كما لو أفتى اليوم بشيء وغدا بنقيضه فجائز، لجواز تغير اجتهاده، وكذا في وقت لكن لشخصين كما لو أفتى لزيد بالحل ولعمرو بالحرمة، على القول بالتخيير عند تعادل الأمارات، لا على القول بالوقف.
فلو صدر منه القولان في وقتين، فالظاهر أن الآخر رجوع عن الأول أوجبه تغيير اجتهاده، وإن أطلق على الأول أنه قوله، فهو بمعنى أنه كان قوله، فإن جهل الأول لم يجز للمقلد العمل بواحد منهما.
فلو كان القولان في مسألتين متناظرتين ولم يظهر فرق، كانت فتواه الأخيرة رجوعا عما أفتى به في نظيرتهما.
فلو صدر القولان معا عنه، فإن نص على الراجح أو فرع أحدهما، فذلك قوله دون الآخر.
وإن لم يجد ما يدل على شيء من ذلك، كقول الشافعي في سبع عشرة مسألة:"فيها قولان"، فلا يحمل على اعتقاده للقولين لتناقضهما، بل يحمل إما على أن فيها قولين للعلماء، وعلى هذا لا تكون من أقواله، وإما على أن فيها ما يقتضي للعلماء قولين لتعادل الدليلين عنده، وإما أن فيها قولين على التخيير عند التعادل، وكأنه قال: تعادلت الأدلة فلي تخيير في القولين، أقول بهذا مرة وبذاك أخرى، وإما تقدم لي فيها قولان، فيحكي قوليه المتقدمين.
قال: (مسألة: لا ينقض الحكم في الاجتهادات منه ولا من غيره باتفاق للتسلسل، فتفوت مصلحة نصب الحاكم.
وينقض إذا خالف قاطعا، فلو حكم على خلاف اجتهاده كان باطلا.
وإن قلد غيره اتفاقا، فلو تزوج امرأة بغير ولي، ثم تغير اجتهاده، فالمختار التحريم.
وقيل: إن لم يتصل به حكم.
وكذلك المقلد، يتغير اجتهاد مقلده، فلو حكم مقلد بخلاف إمامه جرى على جواز تقليد غيره).
أقول: لا يجوز للمجتهد نقض الحكم في المسائل الاجتهادية، لا حكم نفسه إذا تغير اجتهاده، ولا حكم غيره إذا خالف اجتهاده، وعلل بأنه يؤدي
إلى نقض النقض من مجتهد آخر يخالفه ويتسلسل، فتفوت مصلحة نصب الحاكم، وهي فصل الخصومات، ولأنهما اجتهادان فليس صواب هذا بأولى من الآخر حتى ينقض به.
وحكى المصنف الاتفاق، وعندنا خلاف مشهور، والعجب منه حكى الخلاف في كتابه في الفقه وذهل عنه هنا.
أما ما لو خالف الحاكم قاطعا، نقض حكمه اتفاقا، فلو حكم مجتهد بخلاف اجتهاده كان حكمه باطلا، وإن قلد فيه مجتهدا آخر، لأنه يجب عليه العمل بظنه ويحرم عليه التقليد مع اجتهاده اتفاقا، إنما النزاع قبل اجتهاده.
فلو تزوج امرأة بغير ولي عند اعتقاد صحته، ثم تغير/ اجتهاده فرآه حراما، فالمختار تحريمها.
وقيل: إنما تحرم إذا لم يتصل به حكم حاكم، وإلا لزم نقض الحكم الاجتهادي للاجتهاد.
فإن تعاطاه مقلد ثم علم تغير اجتهاد مقلده، فالمختار أنه كذلك، وذلك كما لو تغير اجتهاد المجتهد في أثناء صلاته بالنسبة إليه وإلى مقلده، فإن حكم مقلده بخلاف مذهب إمامه، فمبني على جواز تقليد غير إمامه، وسيأتي.