الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر قال: "لو سمعته ما قتلته"، ولو قتلته بالوحي لم يقل ذلك، والمصنف ذكر أنها ابنته، وكذا ذكر ابن عبد البر، وظاهر كلام المصنف أنه سمعه منها، وليس كذلك، وإنما قاله عليه السلام حين بلغته الأبيات.
الجواب: يجوز أن يكون خير في كل واحد من الأمور الثلاثة معينا، بأن يقال له: لك أن تأمر بالسواك وألا تأمر به، ولك أن تفرض الحج في غير هذه السنة، ولك أن تقتله وألا تقتله، لا على معنى احكم بما شئت، ويجوز أن يكون بوحي، أي اقتل النضر وألا تقتله.
قال:
(مسألة: المختار أنه عليه السلام لا يقر على خطأ في اجتهاده
.
وقيل: بنفي الخطأ.
لنا: لو امتنع لكان المنع، والأصل عدمه.
وأيضا: {لم أذنت} ، {ما كان لنبي} ، حتى قال:"لو أنزل من السماء عذاب ما نجا من غير عمر"؛ لأنه أشار بقتلهم.
وأيضا: "إنكم تختصمون إلي، ولعل أحدكم ألحن بحجته، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار"، وقال:"أنا أحكم بالظاهر".
وأجيب: بأن الكلام في الأحكام لا في فصل الخصومات.
رد: بأنه مستلزم الحكم/ الشرعي المحتمل.
قالوا: لو جاز لجاز أمرنا بالخطأ.
وأجيب: بثبوته للعوام.
قالوا: الإجماع معصوم، فالرسول أولى.
قلنا: اختصاصه بالمرتبة واتباع الإجماع له يرفع الأولوية فيتبع الدليل.
قالوا: الشك في حكمه يخل بمقصود البعثة.
أجيب: بأن احتمال في الاجتهاد لا يخل بخلاف الرسالة والوحي).
أقول: القائلون بأن النبي عليه السلام يجوز له الاجتهاد، اختلفوا في جواز الخطأ عليه، فقيل: لا يجوز عليه.
وقيل: يجوز لكن لا يقر عليه، بل ينبه عليه.
احتج: بأنه لو امتنع عليه الخطأ لكان لمانع؛ لأنه ممكن لذاته، والأصل عدم المانع.
وفيه نظر؛ والمانع علو رتبته، وكمال عقله، وتأييده.
واحتج أيضا: بقوله تعالى: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} ، فدل على أن الإذن كان خطأ.
والحق: أنه من ترك الأولى، وترك الأولى لا يكون خطأ.
احتج أيضا: بمفاداة أسرى بدر في قوله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} ، حتى قال عليه السلام: "لو نزل من السماء عذاب ما نجا
منه غير عمر"؛ لأنه أشار بقتلهم، وأشار غيره إلى الفداء، فدل على أن المفاداة خطأ.
وهذا –أيضا- من ترك الأولى، وقوله: "لو نزل من السماء عذاب
…
إلى آخره"، لم يصح.
احتج أيضا: بما في الصحيح من قوله عليه السلام: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار".
فدل على أنه يقضي بما لا يكون حقا، وأنه قد يختفي عليه الحق.
ويدل عليه أيضا: "أنا أحكم بالظاهر".
واعترض على هذا الاحتجاج: بأنه إنما يدل على خطئه في فصل الخصومات، والنزاع إنما هو في الخطأ في الأحكام.
ورد: بأن فصل الخصومات مستلزم للحكم الشرعي بأن كذا حرام على فلان حلال لفلان، وأنه يحتمل الصواب والخطأ، فيكون الخطأ في الحكم الشرعي جائزا عليه. والحق: أن الخطأ في الحكم الشرعي لمعين قد اندرج في عموم قد أصيب في حكمه لا يكون خطأ في الاجتهاد.
احتج الآخرون: بأنه لو جاز عليه لجاز أمرنا بالخطأ لأنا مأمورن باتباعه.
الجواب: منع بطلان اللازم، لثبوته في العوام حيث أمروا باتباع المجتهد وإن كان خطأ في الواقع.
قالوا: الإجماع معصوم عن الخطأ، فالرسول أولى أن يحصل له هذا الشرف.
الجواب: أن اختصاصه بالرتبة العليا وهي رتبة النبوة التي هي أعلى مراتب المخلوقين، وكون أهل الإجماع متبعين له، يدفع أولويته فلا يلزم من ذلك كونهم أعلى رتبة منه، كرتبة القضاء لا تكون للإمام، ورتبة الإمارة لا