الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(مسألة: لا تقليد في العقليات
كوجود الباري.
وقال العنبري بجوازه.
وقيل: النظر فيه حرام.
لنا: الإجماع على وجوب المعرفة، والتقليد لا يحصل لجواز الكذب، ولأنه كان يحصل بحدوث العالم، ولأنه لو حصل لكان نظرا ولا دليل.
/قالوا: لو كان واجبا، لكانت الصحابة أولى، ولو كان لنقل كالفروع.
أجيب: بأنه كذلك، وإلا لزم نسبتهم إلى الجهل بالله، وهو باطل.
وإنما لم ينقل لوضوحه، وعدم المحوج إلى الإكثار.
قالوا: لو كان لألزم الصحابة العوام بذلك.
قلنا: نعم، وليس المراد تحرير الأولية والجواب عن الشبه، والدليل يحصل بأدنى نظر.
قالوا: وجوب النظر دور عقلي، وقد تقدم.
قالوا: مظنة الوقوع في الشبه والضلالة.
قلنا: فيحرم على المقلد ويتسلسل).
أقول: لا يصح التقليد في العقليات.
قال الإمام في الشامل: "لم يقل أحد بالتقليد في الأصول إلا الحنابلة".
وقال الأستاذ: "من اعتقد ما يجب عليه من دينه بغير دليل، لا يستحق اسم الإيمان". وقال قوم: الواجب على المكلف التقليد وأما النظر فحرام، وحكاه ابن العربي في الأحوذي عن الأئمة الأربعة، ولا يصح عنهم، إلا أن يريدوا التعمق فيه واستيفاء مذهب المخالفين وحججهم.
على أن الطرطوشي قال: "يجوز تعلم مذهب المخالفين ليرد عليهم"، واحتج بقوله تعالى:{نبؤني بعلم إن كنتم صادقين} .
لنا: أن الأمة أجمعت على وجوب معرفة الله، ولا تحصل المعرفة بالتقليد لوجوه ثلاثة:
الأول: أنه يجوز أن يكون كذب في إخباره، فلا يحصل العلم بخبره.
وأيضا: لو أفاده تقليده العلم، لحصل لمقلد الفيلسوف العلم بقدم العالم ولمقلد المسلم العلم بحدوثه، فكانا عالمين بهما، فيلزم حقيقتهما، فيكون حادثا قديما.
وثالثا: أن التقليد لو حصل العلم فالعلم بأنه صادق فيما أخبر به إما أن يكون ضروريا أو نظريا، لا سبيل إلى الأول بالضرورة فتعين الثاني، وحينئذ لابد له من دليل –والفرض ألا دليل- إذ لو علم صدقه بالدليل لم يبق تقليدا.
القائلون بجواز التقليد قالوا: لو وجب النظر لكان الصحابة أولى بالمحافظة على ذلك، ولو كان لنقل نظرهم في ذلك كما نقل نظرهم في الاجتهادات، فلما لم ينقل علم أنه لم يقع.
الجواب: منع بطلان التالي، وإلا لزم نسبتهم إلى الجهل بالله وأنه باطل وإنما لم ينقل لوضوحه عندهم، وعدم من يحوجهم إلى إكثار النظر من كثرة الشبه التي حدثت، بخلاف الاجتهاديات فإنها خفية تتعارض فيها الأمارات فاحتاجت إلى إكثار النظر.
قالوا: لو كان النظر واجبا لألزم الصحابة العوام بذلك، لكنا نعلم أن أكثر الأعراب ما كانوا يعلمون/ الأدلة الكلامية، بل كانوا يحكمون بإسلام من نطق بالشهادتين وإن لم يعلم شيئا.
الجواب: أنهم ألزموهم ذلك، وليس المراد تحرير الدليل بالعبارات المصطلحية ودفع الشكوك الواردة، والمطلوب منهم الدليل الجملي بحيث يوجب طمأنينة القلب، وكانوا يعلمون منهم ذلك، كقول الأعرابي:"البعرة تدل على البعير، والأقدام على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدل عل اللطيف الخبير؟ ".
قالوا أيضا: لو وجب النظر، لزم الدور.
أما الملازمة؛ فلتوقف إيجاب الله المعرفة على النظر المتوقف على إيجابه.