المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يلزم من ذلك تناقض ولا انتقال. وإن كانت من أجناس، كالمنع، - تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول - جـ ٤

[يحيى بن موسى الرهوني]

فهرس الكتاب

- ‌(القياس:

- ‌(مسألة: المختار: انخرام المناسبة بمفسدة تلزم

- ‌(مسألة القائلون بالجواز قائلون بالوقوع

- ‌(مسألة: النص على العلة لا يكفي في التعدي دون التعبد بالقياس

- ‌(مسألة: القياس يجري في الحدود والكفارات

- ‌(مسألة: لا يصح القياس في الأسباب

- ‌(مسألة: لا يجري القياس في جميع الأحكام

- ‌(الاستدلال:

- ‌(الاستصحاب:

- ‌(شرع من قبلنا

- ‌(مذهب الصحابي

- ‌(الاستحسان:

- ‌(المصالح المرسلة:

- ‌(الاجتهاد:

- ‌(مسألة: اختلفوا في تجزئ الاجتهاد

- ‌(مسألة: المختار: وقوع الاجتهاد ممن عاصره ظنا

- ‌(مسألة: الإجماع على أن المصيب في العقليات واحد

- ‌(مسألة: القطع: لا إثم على المجتهد في حكم شرعي اجتهادي

- ‌(مسألة: تقابل الدليلين العقليين محال

- ‌(مسألة: لا يستقيم لمجتهد قولان متناقضان

- ‌(مسالة: المجتهد قبل أن يجتهد ممنوع من التقليد

- ‌(مسألة: المختار أنه عليه السلام لا يقر على خطأ في اجتهاده

- ‌(مسألة: المختار: أن النافي مطالب بالدليل

- ‌(التقليد، والمفتي، والمستفتي

- ‌(مسألة: لا تقليد في العقليات

- ‌(مسألة: غير المجتهد يلزمه التقليد

- ‌(مسألة: الاتفاق على استفتاء من عرف بالعلم والعدالة

- ‌(مسألة: يجوز خلو الزمان عن مجتهد

- ‌(مسألة: إفتاء من ليس بمجتهد بمذهب مجتهد

- ‌(مسألة: للمقلد أن يقلد المفضول

- ‌(مسألة: ولا يرجع عنه بعد تقليده اتفاقا

- ‌(الترجيح:

الفصل: يلزم من ذلك تناقض ولا انتقال. وإن كانت من أجناس، كالمنع،

يلزم من ذلك تناقض ولا انتقال.

وإن كانت من أجناس، كالمنع، والمطالبة، والنقض، والمعارضة، فقد منع منها أهل سمرقند، وأوجبوا الاقتصار على سؤال واحد حذرا من الخبط.

وإذا جوزنا الجميع -وكانت مترتبة طبعا- مثل منع حكم الأصل ومنع العلية، إذ تعليل الحكم بعد ثبوته قطعا، فأكثرهم لا يسمعه؛ لأن الأخير في تسليم للأول، فيتعين الأخير سؤالا، فيجاب عنه دون الأول فيضيع الأول لأنه إذا قال: لا نسلم حكم الأصل ولا نسلم أنه معلل بكذا، فالبحث عن تعليله بماذا هو يتضمن الاعتراف بثبوته/ فإن ما لم يثبت لا تطلب علة ثبوته.

والمختار: جوازه؛ لأن التسليم تقديري، إذ معناه: ولو سلم الأول فالثاني وارد، وذلك لا يستلزم التسليم في نفس الأمر.

وإذا جوزنا الجمع في المترتبة طبعا، فالواجب رعاية الترتيب في الإيراد وإلا كان منعا بعد التسليم.

فإنه إذا قال: لا نسلم أن الحكم معلل بكذا، فقد سلم ثبوت الحكم، فإذا قال: ولو سلم فلا نسلم ثبوت الحكم، كان مانعا لما سلم فلا يسمع، فحينئذ يقدم ما يتعلق بالأصل ثم بالعلة لاستنباطها منه، ثم بالفرع لابتنائه عليها، ويقدم النقض على المعارضة في الأصل؛ لأن النقض يذكر لإبطال العلة، والمعارضة لإبطال استقلال وصف المستدل.

فالواجب أن يقول: ليس بعلة، ولو سلم فليس بمستقل.

قال: ‌

‌(الاستدلال:

يطلق على ذكر الدليل، وعلى نوع خاص وهو المقصود.

ص: 215

فقيل: ما ليس بنص، ولا إجماع، ولا قياس.

وقيل: ولا قياس علة، فيدخل نفي الفارق والتلازم، وأما نحو: وجد السبب أو المانع، أو فقد الشرط.

فقال: دعوى دليل.

وقيل: دليل.

وعلى أن دليل، قيل: استدلال.

وقيل: إن ثبت بغير الثلاثة.

والمختار: أنه ثلاثة: تلازم بين حكمين من غير تعيين علة، واستصحاب، وشرع من قبلنا).

أقول: الاستدلال في اللغة: طلب الدليل.

وفي الاصطلاح: يطلق على إقامة الدليل مطلقا من نص، أو إجماع، أو غيرهما، وعلى نوع خاص من الأدلة وهو المقصود هنا.

فقيل: ما ليس بنص، أي دليل ليس بنص، ولا إجماع، ولا قياس.

قيل: هو تعريف بالمساوي؛ لأنه تعريف لبعض الأنواع ببعض.

ورد: بأن بعض الأنواع إذا كان أعرف يكون تعريفا بالأعرف.

وقيل مكان قولنا "ولا قياس": ولا قياس علة، فيدخل القياس في معنى الأصل، ويدخل قياس الدلالة.

ص: 216

فالأول أخص، ويريد بلا قياس -أي شرعي- حتى [يدخل] المنطقي.

واعلم أن الفقهاء كثيرا ما يقولون: وجد السبب فيوجد الحكم، أو وجد المانع أو فقد الشطر فيعدم الحكم.

فقيل: ليس بدليل، بل هو دعوى دليل؛ إذ الدليل هو وجود السبب الخاص، أو وجود المانع، أو عدم الشرط الخاص.

وقيل: دليل، إذ الدليل ما يلزم من ثبوته ثبوت الحكم قطعا أو ظاهرا، وما ذكرنا كذلك، لاستلزامه وجود الحكم.

وقولنا: وجد كذا، كالمقدمة لإثباته.

وعلى أنه دليل، فقيل: هو استدلال لأنه ليس بنص، ولا إجماع، ولا قياس مطلقا.

وقيل: استدلال إن ثبت وجود السبب أو المانع، أو فقد الشرط بغير النص والإجماع والقياس، وإلا فهو من قبيل ما ثبت به من نص أو إجماع أو قياس، وهو فاسد؛ لأن أحد الثلاثة دل على أحد مقدمتي الاستدلال/ المثبت للحكم، لا أنه نفس الاستدلال.

وقد اختلف في أنواع الاستدلال.

والمختار عليه السلام عند المصنف أن ثلاثة: تلازم بين حكمين من غير تعيين علة وإلا كان قياسا، واستصحاب الحال وشرع من قبلنا.

وعند الآمدي: الأولان فقط، وعند الحنفية: الاستحسان.

ص: 217

وعند بعض المالكية وبعض الشافعية: مذهب الصحابي.

والمصالح المرسلة عند بعض المالكية.

قال: (الأول: تلازم بين ثبوتين أو نفيين، أو ثبوت ونفي، أو نفي وثبوت، والمتلازمان إن كان طردا أو عكسا كالجسم والتأليف، جرى فيهما الأولان طردا وعكسا، وإن كان طردا كالجسم والحدوث جرى فيهما الأول طردا، والثاني عكسا.

والمتنافيان إن كان طردا أو عكسا كالحدوث ووجوب البقاء، جرى فيهما الأخيران طردا وعكسا.

وإن تنافيا إثباتا كالتأليف والقدم، جرى فيهما الثالث طردا وعكسا.

فإن تنافيا كالأساس والخلل، جرى فيهما الرابع طردا وعكسا).

أقول: أما التلازم فأربعة أقسام؛ لأن التلازم إما أن يكون بين ثبوتين، أو بين نفيين، أو بين ثبوت ونفي، أو بين نفي وثبوت، وحاصله راجع إلى المتلازمين في الأولين، وإلى المتنافيين في الآخرين.

والتلازم إما أن يكون طردا أو عكسا –أي من الطرفين-، أو طردا لا عكسا- أي من طرف واحد-.

والتنافي لابد وأن يكون من الطرفين، لكنه إما أن يكون طردا أو عكسا –أي إثباتا ونفيا- وإما طردا فقط- أي إثباتا، وإما عكسا فقط- أي نفيا-.

فهذه خمسة أقسام:

ص: 218

الأول: المتلازمان طردا وعكسا كالجسم والتأليف، إذ كل جسم مؤلف وكل مؤلف جسم، وهذا يجري فيه الأولان- أي التلازم بين الثبوتين وبين النفيين- كلاهما طردا وعكسا، فيصدق: كلما كان جسما كان مؤلفا، وكلما كان مؤلفا كان جسما، وكلما لم يكن جسما لم يكن مؤلفا، وكلما لم يكن مؤلفا لم يكن جسما.

الثاني: المتلازمان طردا فقط كالجسم والحدوث، إذ كل جسم حادث ولا ينعكس في الجوهر الفرد والعرض، فهذان يجري فيهما الأول – أي التلازم بين ثبوتين طردا- فيصدق: كلما كان جسما كان حادثا، ولا عكسا فلا يصدق: كلما كان حادثا كان جسما، ويجري فيهما الثاني –أي التلازم بين نفيين عكسا- فيصدق: كلما لم يكن حادثا لم يكن جسما، لا طردا فلا يصدق: كلما لم يكن جسما لم يكن حادثا.

الثالث: المتنافيان طردا وعكسا، وهما اللذان بينهما انفصال حقيقي كالحدوث ووجوب البقاء، فإنهما لا يجتمعان في ذات حتى يكون حادثا واجب البقاء، ولا يرفعان عنها حتى يكون قديما واجب البقاء.

وهذان يجري فيهما الأخيران –أعني تلازم الثبوت والنفي، والنفي والثبوت- طردا وعكسا- أي من الطرفين- فيصدق: لو كان حادثا لم يجب بقاؤه، ولو وجب بقاؤه لم يكن حادثا، ولو لم يكن حادثا وجب بقاؤه، ولو لم يكن واجب البقاء لكان حادثا.

الرابع: المتنافيان إثباتا لا نفيا، وهما الأمران اللذان بينهما انفصال مانع من الجمع، كالتأليف والقدم إذ لا يجتمعان، / فلا شيء مؤلف قديم،

ص: 219

لكنهما يرتفعان كالجزء الذي لا يتجزأ، وهذان يجري فيهما الثالث –أعني تلازم الثبوت والنفي- طردا وعكسا- أي من الجانبين- فيصدق: كلما كان جسما لم يكن قديما، وكلما كان قديما لم يكن جسما، ولا يجري فيهما تلازم النفي والثبوت من شيء من الجانبين، فلا يصدق: كلما لم يكن جسما كان قديما، أو كلما لم يكن قديما كان جسما.

الخامس: المتنافيان نفيا، وهما الأمران اللذان بينهما انفصال مانع من الخلو كالأساس والخلل، فإنهما لا يرتفعان، فلا يوجد ما ليس له أساس ولا يختل، ولا مشاحة في المثال، وقد يجتمعان في: كل ذي أساس يختل بوجه آخر، وهذان يجري فيهما الرابع –أي تلازم النفي والثبوت طردا وعكسا- فيصدق: كلما لم يكن له أساس فهو مختل، وكلما لم يكن مختلا فله أساس، ولا يجري فيهما الثالث فلا يصدق: كلما كان له أساس فليس بمختل، ولا كلما كان مخلا فليس له أساس.

قال: (الأول في الأحكام: من صح طلاقه صح ظهاره، ويثبت بالطرد، ويقوى بالعكس، ويقرر أحد الأثرين فيلزم الآخر للزوم المؤثر، وبثبوت المؤثر، ولا يعين المؤثر فيكون انتقالا إلى قياس العلة.

الثاني: لو صح الوضوء بغير نية لصح التيمم، ويثبت بالطرد كما تقدم، ويقرر بانتقاء أحد الأثرين، فينتفي الآخر للزوم انتفاء المؤثر، وبانتفاء المؤثر.

الثالث: ما كان مباحا لا يكون حراما.

الرابع: ما لا يكون جائزا يكون حراما، ويقرران بثبوت التنافي

ص: 220

بينهما، أو بين لوازمهما).

أقول: لما بين أقسام التلازم بحسب موادها، ذكر أمثلتها من الأحكام:

الأول: تلازم بين ثبوتين، كما يقال: ن صح طلاقه صح ظهاره، وهذا يثبت بالطرد بالاستقراء، ويقوى بالعكس بالاستقراء، أي كل من لا يصح طلاقه لا يصح ظهاره، وحاصله التمسك بالدوران لكن على أن العدم ليس جزءا كما تقدم، ومنه تعلم أن المراد بالعكس هنا الانتفاء عند الانتفاء.

ويقرر بوجه آخر، وهو أن يقال: ثبت أحد الأثرين فيلزم ثبوت الآخر للزوم وجود المؤثر، وإلا لم يوجد الأثر الآخر، فيلزم وجود الأثر الآخر.

أو يقال: ثبت المؤثر فيكون الأثر الآخر ثابتا، ولا يعين المؤثر في الطرفين، وإلا كان انتقالا إلى قياس العلة، ولنفرض لزوم التحرير المرتفع بالكفارة بقوله:"أنت علي كظهر أمي"، ولزوم الطلاق الذي لا أثر فيه للكفارة بقوله:"أنت طالق" أثرين للأهلية.

الثاني: استلزام النفي النفي: لو صح الوضوء بغير نية، لصح التيمم؛ لأنه في قوة: لما لم يصح التيمم بغير نية لم يصح الوضوء، فإن "لو" / لانتفاء الشيء لانتفاء غيره، أو في قوة: لو لم يشترط النية في الوضوء لم تشترط في التيمم، وهذا يثبت بالطرد ويقوى بالعكس كما تقدم.

ويقرر بوجه آخر، وهو أن يقال: انتفاء أحد الأثرين فيلزم انتفاء الآخر للزوم انتفاء المؤثر عند انتفاء أحد الأثرين، وإذا انتفى ينتفي الأخر.

ويقرر أيضا: بانتفاء المؤثر فينتفي الأثر، ولنفرض الثواب واشتراط النية أثران للعبادة.

ص: 221

الثالث: تلازم الثبوت والنفي، ما يكون مباحا لا يكون حراما.

الرابع: تلازم النفي والثبوت، ما لا يكون جائزا يكون حراما.

وهذان يقرران بثبوت التنافي بينهما أو بين تلازمهما؛ لأن تنافي اللوازم دليل تنافي الملزومات.

قال: (ويرد على الجميع منعهما، ومنع إحداهما.

ويرد من الأسئلة ما عدا أسئلة نفس الوصف الجامع، ويختص بسؤال مثل قولهم في قصاص الأيدي باليد: أحد موجبي الأصل وهو النفس، فيجب بدليل الموجب الثاني وهو الدية.

وقرر: بأن الدية أحد الموجبين فيستلزم الآخر؛ لأن العلة إن كانت واحدة فواضح، وإن كانت متعددة فتلازم الحكمين دليل تلازم العلتين.

فيعترض: بجواز أن يكون في الفرع بأخرى، فلا يقتضي الآخر ويرجحه بامتناع المدارك، فلا يلزم الآخر.

وجوابه: بأن الأصل عدم أخرى، ويرجحه بأولوية الاتحاد، لما فيه من العكس.

فإن قال: بأن الأصل عدم علة الأصل في الفرع.

قال: فالمتعدية أولى).

أقول: جميع أقسام التلازم يرد عليه منع المتصلة ومنع الاستثنائية معا، ومنع إحداهما.

ص: 222

ويرد من الأسئلة الواردة على القياس ما عدا الأسئلة المتعلقة بنفس الوصف الجامع، إذ لم يذكر فيه وصف جامع، ويختص بسؤال لا يرد على القياس، ويوضح بمثال، كما يقال في قصاص الأيدي باليد الواحدة قياسا على النفوس بالنفس الواحدة: القصاص أحد موجبي الأصل وهو النفس، فيجب بدليل الموجب الآخر وهو الدية، ويقرر: بأن الدية أحد موجبي الأصل، وقد ثبت فيثبت الآخر وهو القصاص؛ لأن العلة فيهما إما واحدة وإما متعددة، فإن كانت واحدة فواضح، وإن كانت متعددة فتلازم الحكمين دليل تلازم العلتين، وكلما ثبت علة أحد الحكمين، ثبت على الآخر.

فيقول المعترض: لم لا يجوز أن يثبت أحد الموجبين فيما جعلتم فرعا بعلة أخرى تختص به وتقتضي ذلك الموجب ولا تقتضي الموجب الآخر، فلا يلزم وجود الموجب الآخر فيه، والمعلوم إنما هو تلازمهما في غير محل النزاع؟ .

ويرجح/ المعترض ما ذكر من ثبوته في الفرع بعلة أخرى: باتساع مدارك الأحكام، فيكون أكثر فائدة.

وجوابه: أن الأصل عدم علة أخرى.

ويرجح المستدل ما ذكره: بأن اتحاد العلة في الحكم الواحد أولى من التعدد، لاستلزام ذلك انعكاسها، والمنعكسة، والمنعكسة متفق عليها بخلاف غيرها، والمتفق عليه أرجح.

فإن قال المعترض: إذا قلتم بأن الأصل عدم علة أخرى، فالأصل –أيضا- عدم علة الأصل في الفرع.

ص: 223