الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرض كفاية، ثم أقول: وينبغي أن تكون مباحث الأدلة من المنطق فرض كفاية، لأنه من مبادئ أصول الفقه، ولذا جعلت جزءا من بعض كتبه كـ"مختصر المنتهي" وأما علم المناظرة فلا شك في استحبابه، وإنما الشك في كونه فرض كفاية، والظن الغالب كونه فرض كفاية، إذ كثرت الحاجة إليه في العلوم الآلية.
وينبغي أن يكون من فروض الكفاية علم مرسوم المصاحف، يقول السيوطي في "الإتقان": قال الإمام أحمد: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان رضي الله عنه، وقال في المقنع: سئل مالك هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى، ولا مخالف له من علماء الأمة، انتهى.
الفصل "الرابع عشر": (مراتب العلوم)
إن قلت لكل علم مدون ثلاث مراتب: اقتصار- بالراء- واقتصاد- بالدال- واستقصاء، كما سيأتي بيانها.
ويقال للمرتبة الأخيرة التبحر، فأية هذه المراتب من العلوم المذكورة في الفصل السابق فرض كفاية؟
قلت لعل تلك مرتبة الاقتصاد- بالدال- لأن مرتبة الاقتصار- بالراء- لا تفي باندفاع الحاجة العامة.
قال الاستروشني: في الكراهية والاستحسان، بلوغ المرء درجة الفتوى، وبيان الحلال والحرام بين الناس فرض كفاية، انتهى.
وبلوغ درجة الفتوى لا تحصل بمرتبة الاقتصار- بالراء- في الفقه.
وقال الغزالي في الإحياء: الاقتصار- يعني - بالراء- في علم الكلام معرفة عقائد أهل السنة بلا اشتغال بالدليل، وأما الاقتصاد فمعرفتها بأدلة نقلية أو عقلية بحيث يتمكن من مناظرة المبتدع، مع عدم الاشتغال بأقوال المبتدعة ورد أدلتهم إلا نادراً، انتهى.
ولا يخفى أن من لم يشتغل بأدلة العقائد لا يقدر على دفع شبهات الناس في العقائد فلا تندفع الحاجة العامة بمرتبة الاقتصار- بالراء- من الكلام.
أقول: وقس على الفقه والكلام باقي العلوم.
وأما الاستقصاء: ففي كونه فرض كفاية حرج عظيم. قال الغزالي في "الإحياء" بعد بيان فرضية علم الحساب على الكفاية: وأما التعمق في دقائق علم الحساب فهي فضيلة لا فريضة.
وقال ابن نجيم في "الأشباه": إن التبحر في الفقه وعلم القلب مندوب إليه. أقول: فقس على هذه الثلاثة ما عداها.
فتعين أن فرض الكفاية مرتبة الاقتصاد بالدال.
الفص "الخامس عشر"
(كيفية تحصيل مرتبة الاقتصاد)
إن قلت ما كيفية تحصيل مرتبة الاقتصاد- بالدال- بحيث يتم بها فرض الكفاية؟ قلت: قال الغزالي في الإحياء: وأما الحديث بتصحيح نسخته على رجل خبير يعلم متن الحديث، بحيث يقدر على طلب ما يحتاج إليه وقت الحاجة، ولا يلزم حفظ متون الحديث، كما لا يلزم حفظ أسامي الرجال.
وأما الاقتصاد فيه كأن تضيف إلى الصحيحين الأحاديث المذكورة في المسندات الصحيحة، انتهى.
فلم يشترط في مرتبة الاقتصاد- بالدال- الحفظ/، كما [لم] يشترط "هـ" في مرحلة الاقتصار، وإنما شرط أمرين:
-