الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي هذا الفن مؤلفات مشهورة منها الشافية. والعقد الثالث من عنقود الزواهر، وهو أنفع ما رأينا من المؤلفات فيه.
وأما
علم الاشتقاق:
فهو علم يبحث فيه عن كيفية أخذ الألفاظ المتناسبة تركيبا ومعنى بعضها عن بعض ورد بعضها إلى بعض، كذا في عنقود الزواهر.
قوله: (ورد) عطف على (أخذ). وهذا التعريف للاشتقاق الذي هو اسم الفن. وقد يطلق الاشتقاق على معنيين اصطلاحيين غير الفن، وهما ما ذكر في "التلويح": أن الاشتقاق يفسر تارة باعتبار العلم، فيقال: هو أن تجد بين اللفظين تناسباً في أصل المعنى والتركيب، فترد أحدهما إلى الآخر، فالمردود مشتق والمردود إليه مشتق منه، وتارة باعتبار العمل فيقال: هو أن تأخذ من اللفظ ما يناسب في حروفه الأصل وترتيبها فتجعله دالا على معنى يناسب معناه. فالمأخوذ مشتق، والمأخوذ منه مشتق منه، انتهى.
قوله: باعتبار العم، معناه أن من وجد بين اللفظين التناسب المذكور، يعلم أن أحدهما مشتق من الآخر، أعني يعلم أن الواضع، وضع أحدهما أولا ثم أخذ منه الآخر، ووضعه لمعنى آخر يناسب معنى اللفظ الأول ويعايره بوجه ما. واللفظ الأول في الأغلب المصدر، وقد يكون اسم عين كالمسيح وعيسى، اسمي ابن مريم، فإن الأول مشتق من المسح، سمي به لأنه مسح الأرض بالمشي ولم يقم في موضع، أو مسحه جبرائيل. والقاني: من العيس، وهو بياض تعلوه حمرة، سمي به لأنه لونه كذلك. وهذان المعنيان للاشتقاق أشير إليهما في تعريف الاشتقاق الذي هو: اسم الفن، فالأخذ إشارة إلى المعنى الثاني، والرد إلى المعنى الأول، والمراد من البحث في تعريف هذا الفن هو البحث على الوجه الكلي، ولذا قال في بعض الرسائل: الاشتقاق علم يبحث فيه عن المفردات على الوجه الكلي من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصالة والفرعية، انتهى.
أقول: فلا يذكر في علم الاشتقاق، [اشتقاق] لفظ بعينه إلا على طريق المثال، قال في عنقود الزواهر: أورد الأوائل كل واحد من علمي الاشتقاق والصرف بالتدوين لاختلاف مباحثهما وميزوهما في التعريف، والمتأخرون لما رأوا شدة الارتباط بين مسائلهما- لأن كلا منهما يبحث عن الكلمة، وإن اختلفت جهة البحث في كل منهما- خلطوهما في التدوين وأدرجوهما في تعريف واحد كما فعله ابن الحاجب في أول "الشافية" حيث قال: التصريف علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست
بإعراب. أقول: فدخل فيه الاشتقاق، انتهى. ولم أر مفرداً بالتدوين في الاشتقاق سوى العقد الثاني من عنقود الزواهر، ونعم المؤلف ذلك، والسيد الشريف [قسم علم العربية وبني تقسيمه على تمييز الاشتقاق عن الصرف حيث قال] في شرح المفتاح: اعلم ان علم العربية المسمى بعلم الأدب علم يحترز به عن الخلل في كلام العرب لفظا أو كتابة. ويقسم على ما صرحوا به إلى إثنى عشر قسما
…
إلى آخر ما قال، فعد اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والمعاني والعروض والقافية والخط وقرض الشعر وإنشاء النثر والمحاضرات، وقال: ومن المحاضرات التواريخ. قال: وأما البديع فقد جعلوه ذيلاً لعلم المعاني لا قسما برأسه، انتهى.
وقال في الصحاح: قرضت الشعر إذا قلته. قال بعض الفضلاء: بعض هذه [الفنون] الأدبية لا يستمد منه التفسير، وهو العروض والقافية وقرض الشعر والخط والإنشاء، انتهى.
أقول: ولعل المحاضرات لا يستمد التفسير منها أيضا إلا باعتبار اشتمالها على التواريخ.
واعلم أن الأدب في اللغة ما حسن تناوله كما في القاموس. وأما علم الخط العربي: فهو علم يبحث فيه عن كيفية كتابة اللفظ العربي وهو أحد العلوم العربية، وتشتد إليه الحاجة، إذ من جهله يخطيء في كتابة اللفظ العربي وقراءته، إذ في الخط العربي زيادة على اللفظ ونقصان عنه، وإبدال [ملفوظ] بما ليس بملفوظ خصوصا بالهمزات، ومن المؤلفات فيه: آخر الشافية. وهذا الفن غير خط المصاحف وسيأتي ذلك. وأما علم النحو: ويسمى علم الإعراب أيضا فهو علم يبحث فيه عن أحوال الكلم إعرابا وبناء، كذا في التلويح، وهذا تعريف [باعتبار] موضوعه، وقد يعرف بأنه قوانين يعصم مراعاتها اللسان عن الخطأ في التكلم، وهذا التعريف باعتبار الغاية، وشامل لفن التصريف. فللنحو معنيان: أخص وأعم.
قال الزمخشري في الكشاف: ولا يضبط هذا الفن إلا أهل النحو.
وقال عصام الدين، أراد بالنحو ما يشمل الصرف، أقول: لكن علم الأعراب لا يرادف إلا المعنى الأخص.
وبالجملة إن النحو والتصريف يتحدان في الموضوع، وهو اللفظ المفرد، ويختلفان في محمولات المسائل. ومن المؤلفات في النحو "الكافية" وقد فاتها نصف النحو، والنصف الآخر اشتمل عليه "مغني اللبيب"، من فاته فقد فاته نصف النحو. وسمعنا أنه داخل في سلك المذاكرة في مصر المحروسة. قال السيد الشريف في شرح المفتاح: إن تمام علم النحو بعلم المعاني والبيان، لأنهما يجريان منه مجرى اللب من القشر، انتهى.
واعلم أن شرح الجامي للكافية لا يقدر على تعلمها إلا أذكياء الطلبة بعد تحصيلهم بضاعة من الميزان والمناظرة. وكثير ممن لا يقدر على فهمه يشتغل بدرسه سنتين أو أكثر لتضييع أوقاته وتسمين بلادته. والشرح المسمى