الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهذه الثلاث لا تحصل لهم البضاعة من هذا الفن، لاضطراب سوق المتن والشرح، وقد أصلحهما ابن الكمال، لكن لا يؤول إصلاحه إلى منافع كثيرة، وما رأينا في هذا الفن متنا أحسن وأجمع من الوجيز ليوسف الكرماستي لكن لم تر له شرحاً.
وأما
علم الفقه:
فهو العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، فلا يسمى في الاصطلاح علم نفس الأحكام، لا عن أدلتها فقها. والدليل التفصيلي للحكم هو الدليل الخاص به كقوله تعالى:{أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} فإنه دليل خاص بوجوب الصلاة، والعملية يراد بها عمل الجوارح، فهي احتراز عن
الاعتقادية والأخلاقية، ويسمى هذا الفن "الفقه المصطلح" لأن الفقه في اللغة مطلق الفهم، كما في قوله تعالى:{قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 98] ثم خص بعلم الشرائع مطلقا، عمليا أو اعتقاديًا أو أخلاقيًا، وبهذا المعنى قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: الفقه معرفة النفس ما لها وما عليها. وبهذا المعنى سمي أبو حنيفة رحمه الله تعالى ما صنفه في العقائد بالفقه الأكبر، ثم اصطلح المتأخرون على تخصيص الفقه بمعرفة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، فسمي هذا بالفقه المصطلح احترازا من الفقه بالمعنى الأعم.
ويسمى معرفة الأحكام الشرعية العملية بدون الأدلة، علم الأحكام كما يفهم من كلام التفتازاني في شرح العقائد، فلا يسمى تلك المعرفة فقها إلا مجازا، تأمل.
ومن المؤلفات في علم الأحكام مختصر القدوري مناسب لطبايع المبتدئين، معروف باليمن والبركة، لكن يستخفه بعض من تزيا بزي الطلبة وغلبت عليه الشقوة
ومن المؤلفات في الفقه "الهداية" ونعمت هي ذات عبارات منورة، فخر لمذهب أبي حنيفة. ولا ينبغي للطلبة أن يستغنوا عنها بغيرها. ورحم الله تعالى بع السلاطين، بنى مدرسة وشرطها لمن يدرس فيها الهداية مع
شرحها الأكملي، لكن لا يستأهل للإطلاع عليها إلا من برع في أصول الفقه. وفن الفقه أصعب الفنون وأطولها. وهو علم الأئمة المجتهدين وأغلب ما يحتاج إليه العاملون، بحر لجي، لا يغوص فيه إلا ذكر أوحدي ماهر في أصوله، ولا تحصل البضاعة فيه إلا بسعي بليغ في مدة مديدة بهمة عالية، بدراسة مثل كتاب الهداية مع شرحها الأكملي. وأما التبحر فيه، فهو يكاد أن يستغرق العمر، وكاشف المشكلات فيه، فهو أعز من الكبريت الأحمر.
ولا تحصى مسائله التي تحير فيها العلماء. نقل أن مالكا رحمه الله تعالى، سئل عن أربعين مسألة في الفقه، فقال في ست وثلاثين لا أدري.
والعجب من بعض الطلبة أنه يهمل الاشتغال به زعما منه أنه هيم يتحصل بأدنى سعي، فإن كان زعمه هذا حين لم يطلع عليه أصلا فاعذروه، وإن بعد اطلاع ما فاعلموا أن العلوم كلها هين على أمثاله. ثم إن ما تضمنه مثل الهداية، فهو المسائل المعروفة التي يغلب وقوعها.