الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل "الثالث": (في ذم المتفلسفين)
وقد عرفت من هم. قال التفتازاني في رسالته المسماة "برد الفصوص": ولا يصدّنك عن آيات الله ودين الإسلام ولا يصرفنك عن اتباع هؤلاء الأنبياء خوض بعض المتفلسفين في زي الفقهاء في هذه الزندقة الهادمة لدين الإسلام وملة الأنبياء، فإنه انسلخ من الدين فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، وصار من أئمة الكفرة في صورة علماء المسلمين، فأضل فئة من الجاهلين وطائفة من طلبة العلم المذبذبين، انتهى.
وقال السبكي في كتابه معيد النعم: ومن الناس طائفة تبعت طريقة أبي نصر الفارابي وأبي علي ابن سينا وغيرهما من الفلاسفة الذين نشأوا في هذه الأمة، واشتغلوا بأباطيلهم وجهالتهم وسموها الحكمة الإسلامية ولقبوا أنفسهم حكماء الإسلام وهم أحق بأن يسموا سفهاء جهلاء من أن يسموا حكماء، إذ هم أعداء أنبياء الله ورسله عليهم السلام والمحرفون لكلمة
الشريعة عن مواضعها، عكفوا على دراسة ترهات هؤلاء الأقوام وسموها الحكمة، واستجهلوا من عري عنها، ولا تكاد تلقي أحداً منهم يحفظ قرآناً ولا حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعمر الله إن هؤلاء أضر على عوام المسلمين من اليهود والنصارى، لأنهم يلبسون لباس المسلمين ويزعمون أنهم من علمائهم، فيقتدي العامي بهم، شعر:
(وما انتسبوا إلى الإسلام إلا
…
لصون دمائهم أن لا تسالا)
(فيأتون المناكر في نشاط
…
ويأتون الصلاة وهم كسالى)
فالحذر الحذر منهم، وقد أفتى جماعة من أئمتنا بتحريم الاشتغال بالفلسفة، انتهى.
قال أبو حفص السهرودي في كتابه المسمى: ب"رشف النصايح الإيمانية وكشف الفضائح اليونانية": الطامة الكبرى والفتنة العظمى قوم أبطنو الكفر واستغشوا بجلابيب الملة، وأظهروا أنهم من الأمة، وامتزجوا بأهل الإسلام ودرسوا علوم الفلاسفة والدهرية، وادعوا الحذق فيها، واستزلوا بواطن بعض طلاب العلم بإدعاء أن ما يشيرون هو باب العلم والحكمة فأفسدوا قلوباً ساكنة مستقرة في دعة الفطرة، أزعجوها عن استقرارها، وأوردوها غمران أوزارها، فهم حبايل الشيطان، وقبيله
المشاركون له في الإغواء والإختفاء كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27] إلى آخر ما قال
…
وقال الشيخ السنوسي في شرح عقيدته: وقل أن يفلح من أولع بصحبة كلام الفلاسفة، أو يكون له نور إيمان في قلبه أو لسانه، وكيف يفلح من والى من حادّ الله ورسوله، ثم قال: ولقد خذل بعض الناس، فتجده يشرف كلام الفلاسفة الملعونين ويشرف الكتب التي تعرضت لنقل كثير من حماقاتهم، لما تمكن في نفسه الأمارة بالسوء من حب الرياسة، إلى آخر ما قال
…
وقال السيوطي في الإتقان: قوم غلب عليهم الجهل وطمعهم وأعماهم حب الرياسة وأصمهم، قد نكبوا عن علوم الشريعة ونسوها.
وأكبوا على علوم الفلاسفة وتدارسوها، يريد الإنسان منهم أن يتقدم، ويأبى الله إلا أن يزيده تأخيراً، ويبغى العز ولا علم عنده، فلا يجد ولياً ولا نصيراً، انتهى.
قوله: نكبوا أي عدلوا.
يقول الفقير: وكأنهم يدخلون في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] الآية.
[فصل] قال في إغاثة اللهفان: لما أقبل بنو إسرائيل على علوم المعطلة أعداء موسى عليه السلام وقدموها على نصوص التوراة، سلط الله
عليهم من أزال ملكهم وشردهم من أوطانهم وسبى ذراريهم، كما هي عادته سبحانه وتعالى وسنته في عباده إذا أعرضوا عن الوحي، وتعوضوا عنه بكلام الملاحدة المعطلة من الفلاسفة وغيرهم، كما سلط على بلاد العرب لما ظهرت فيها الفلسفة والمنطق، واشتغلوا بها فاستولت النصارى على أكثر بلادهم وأصاروهم رعية لهم، وكذلك لما ظهر ذلك في بلاد المشرق سلط الله عليهم عساكر التتار فأبادوا أكثر البلاد الشرقية واستولوا عليها، وكذلك في أواخر المائة الثالثة وأول الرابعة، لما اشتغل أهل العراق بالفلسفة وعلوم أهل الإلحاد، سلط الله عليهم القرامطة الباطنية فكسروا عسكر الخليفة عدة مرات واستولوا على الحجاج واستعرضوهم قتلاً وأسراً واشتدت شوكهم، انتهى.
أقول، أما قوله: بنو إسرائيل هو ما في قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ