الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل "الثالث": (ذم التبحر في علم الكلام)
ومن المؤلفات في بعض مسائل الكلام: رسالة إثبات الواجب للدواني، ولها شرح وحاشية على الشرح يشتغل بمدارستها بعض الطلبة مقدار سنة، ومضمونها مسألة واحدة، هي أن للعالم إلها واجب الوجود مع أدلة طويلة واهية، ومجادلات كثير لا ينتج [عن] الاشتغال بها إلا توهين العقيدة وإيراد الوساوس المهلكة، ومن شك في الله سبحانه {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10] فهيهات له اليقين من تلك الرسالة، بل الاشتغال بها يورث شكا لأرباب اليقين ويزيد شكا للشاكين.
واعلم أن الاستثناء من النفي ليس بإثبات عند الخليفة بل نفي الحكم عما عدا المستثنى. والمستثنى في حكم المسكوت عنه، واعترض عليهم بأنه يلزم (ح) أن لا تكون كلمة التوحيد توحيدا تاماً، إذ لا دلالة فيها (ح) على وجود الله تعالى، فأجابوا عنه بأن معظم الكفار أشركوا وفي عقولهم وجود الإله ثابت، فسبقت كلمة التوحيد لنفي الغير، كذا في الأصول، وذلك كما
قال تعالى في وصف مشركي زمان الفترة: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: 61] وقال في الأحياء ما مختصره: من (أدار) نظره في عجائب خلق الله لا يخفي عليه أنه لا يستغن عن صانع يدبره بل تكاد فطرة النفوس تشهد بذلك، ولذلك قال تعالى:{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10] ولذا بعث الأنبياء كلهم لدعوة الخلق إلى التوحيد ليقولوا: لا إله إلا الله. لا ليقولوا لنا إله أو للعالم إله، فإن ذلك كان مجبولا في فطرة عقولهم، انتهى.
أقول: رأيت بحث إثبات الواجب في المواقف مع شرحه في مقدار ورقتين من قطعة مصف الطبقة، وهو أطول كتب الكلام. فالعجب من طلبة الزمان، يشتغلون بدراسة رسالة إثبات الواجب مع الشرح والحاشية، قريبا إلى تمام سنة يخوضون في المجادلات الطويلة إلى حيث لا يدرون في بعض المباحث إلى ما انجر الكلام إلى إثبات الواجب مع الشرح والحاشية، قريبا إلى تمام سنة يخوضون في المجادلات الطويلة إلى حيث لا يدرون في بعض المباحث إلى ما انجر الكلام إلى إثبات الواجب، أو إلى منع ثبوته، وأكثر من يشتغل بها من لا يحسن فهمها. ثم إنهم بكثرة ما يتخيلون رب العزة جل جلاله بعلة العلل وأول سلسة الأسباب يزول من صدورهم تعظيم (رب الأرض ورب السماوات) فيا خسرانهم ويا أسفا عليهم ولم يكن لطلبة