الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: وفائدته، أي فائدة الوقوف المذكور. وقال فيه: ومن كتب التواريخ تاريخ الطبري وتاريخ ابن خلكان وتاريخ جلال الدين الأسيوطي.
وأما
علم الفراسة:
فهو على ما في كتاب الإرشاد ومفتاح السعادة:
علم يتعرف منه الأخلاق الإنسانية بسبب الاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن -الخلق الأول بفتح الخاء الثاني بضمها- قال الرازي في التفسير الكبير (بدله): هي الاستدلال بالأشكال الظاهرة على الأخلاق الباطنة. أقول: وذلك كأن يستدل بسعة الصدر على سعة الخلق، وبضيقه على ضيقه، وبخمود نور العيني -بالخاء المعجمة- على بلادة صاحبها، وببرق نورهما على كياسته. قال في الإرشاد: وكتاب الإمام
فخر الدين الرازي في هذا الفن خلاصة كتاب أرستطاليس مع زيادات مهمة، وفائدة معرفة هذا الفن تقديم الاطلاع على أخلاق من يضطر الإنسان إلي مخالطته من صديق أو زوج أو مملوك وهذا علم يعتبر في الشرع، قال تعالى: } تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ {[البقرة: 273] وقال عليه السلام: «اتقوا فراسة المؤمن ينظر بنور الله» ، انتهى. قال على القاري في شرح الفقه الأكبر: الفراسة ثلاثة أنواع:
- إيمانية: وهي نور يقذفه الله في قلب عبده، وحقيقتها: خاطر يهجم على القلب. وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان، فمن كان أقوى إيماناً فهو أحد فراسة.
- قال أبو سليمان الداراني: الفراسة مكاشفة النفس ومعاينة الغيب، وهي من مقامات الإيمان.
- وفراسة رياضية: وهي التي تحصل بالجوع والسهر والتخلي، وهي مشتركة بين المؤمن والكافر.
- وفراسة خلقية -بفتح الخاء المعجمة-: وهي الاستدلال بالخلق
الظاهر على الخلق الباطن لما بينهما من الارتباط الذي اقتضته حكمة الله تعالى، انتهي.
أقول: علم الفراسة اسم للنوع الأخير لأنه هو المدون المكتوب، ومدار هذا النوع التجربة، كما صرح به في مفتاح السعادة. أقول: المراد من التجربة هنا الاستقرار الناقص فلا يفيد إلا الظن، والنوعان الأولان غير مدونين لأنهما لا يدخلان تحت ضابطه، وإنما مدارهما المكائفة، ولا يختصان بالاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن كما يعلم من النظر في باب الفراسة من رسالة القشيري. وبالجملة أن معرفة الشيء بالفراسة قسمان:
- أحدهما بالمكاشفة- والآخر بالاجتهاد، وكلا القسمين انتقال من المحسوس إلي غير المحسوس. وأما ما ألقاه الله تعالى في قلب العبد من المعرفة بدون واسطة حس شيء، فليس من قبيل الفراسة.
وبالجملة، الفراسة: اسم لانتقال الذهن من محسوس إلي غير محسوس.
[29 ب] قال البيضاوي في قوله تعالي: } إِنَّ فِي ذَلِكَ لَايَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ {[الحجر: 75] المتفكرين المتفرسين. وقال القشيري في تفسير هذه الآية: أي العارفين بالعلامات التي يبديها على الفريقين من أولوياته وأعدائه.
فتعريف أبي سليمان الداراني، تعريف بالأعم. فتأمل قول علي القاري: خاطر يهجم على القلب. قال الرازي في التفسير الكبير: وهذا لا
يعرف له سبب، وهو ضرب من الإلهام. قوله: لا يعرف له سبب، يعني لا يعرف للانتقال من المحسوس إلي غير المحسوس مناسبة بينهما.
وأما علم التعبير الرؤيا:
-أي علم تفسيرها وبيان مدلولها- فقد يكون بالمكاشفة وقد يكون بالاجتهاد، ودلالتها عقلية، والدال إما نفس المرئي أو لفظة بمناسبة بين أحدهما وبين المعبر به.
والأول كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلت مهيعة، فتأولتها أن وباء المدينة نقل إلي مهيعة، وهي الجحفة» .
والثاني كقوله عليه السلام: «رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا في دار عقبة بن رافع، فأوتينا برطب من رطب ابن طاب، فأولت أن الرفعة لنا في الدنيا والعاقبة في الآخرة وأن ديننا قد طاب» . ثم إن معرفة مدلولها إما بالوحي وهو ليس إلا للنبي وهو يفيد اليقين البتة، أو بالإلهام أو بالاجتهاد، وهما يكونان للنبي وغيره، والأخير هو المدون، ولا يفيد إلا الظن. قال في
المدارك عند قوله تعالى: } وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا {[يوسف: 42] الظان يوسف عليه السلام، إن كان تأويله بطريق الاجتهاد، وإن كان بطريق الوحي فالظان هو الشرابي، أو يكون الظن بمعنى اليقين، انتهي.
من المؤلفات في هذا الفن: كتاب التعبير لابن سيرين رحمة الله عليه، ينبغي للعالم أن يستصحبه. وتعبي الرؤيا سنة. ثم أن التعبير بالاجتهاد يحتاج إلي حدس كامل وذوق سليم، وقد يخطئ الرؤيا إلي التعبير، بأن يكون المرئي عين الواقع لا دليله، كقوله عليه السلام:«رأيت في المنام أن أهاجر من مكة إلي أرض بها نخل، فذهب وهلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب» .
قال التوربشتي: الوهل -بتكسين الهاء- الوهم. وقد لا تصلح الرؤاي للتعبير بأن تكون أضغاث أحلام، وهذا ليس محل التفصيل.