الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدثه الناس اليوم، ظنا منه أن خط المصحف القديم غلط/، وبعضهم يقرأ {أُولَاتُ الْأَحْمَال} [الطلاق: 4]- بالواو- وما قرئ في الأعراف بواو واحدة، إلى غير ذلك من الأغلاط.
وأما
علم القراءات:
فهو علم مذاهب الأئمة في قراءات نظم القرآن، والقراءات أبعاض القرآن، لكن تنقسم إلى مشهورة وشاذة، والمشهورة: هي الصحيحة المعتبرة. والشاذة: هي الضعيفة. والمراد من المشهورة هي المتواتر نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن الجزري في النشر: كل قراءة وافقت العربية [وأحد] المصاحف العثمانية وصح نقلها عن النبي عليه السلام فهي صحيحة لا يحل ردها، ويجب على الناس قبولها، سواء كانت من قراءات الأئمة السبعة أو من قراءات غيرهم، ومتى اختل أحد هذه الأركان فهي ضعيفة شاذة وإن كانت من قراءات الأئمة السبعة، انتهى. قوله، صح نقلها: لعل معناه تواتر نقلها فالتي ثبتت بخبر الآحاد شاذة. قال أبو شامة: أكثر العلماء اقتصروا في تصانيفهم على ذكر قراءات الأئمة السبعة لكثرة [الصحيح] المجمع عليه في قراءاتهم، وبعض ما نسب [إليهم] غير مجمع عليه، انتهى.
أقول والمجمع عليه هي المشهورة وغير شاذة، وفي الإجماع هنا إشكال، لأن الظاهر أن معناه ما أجمع عليه أئمة القراءات، وقراءة بعضهم تخالف قراءة البعض الآخر منهم، فليزم أن لا تكون مجمعا عليها، كقراءة "ملك" قرأ بعضهم بالألف وبعضهم بلا ألف، مع أن كلتا القراءتين مجمع عليها. والجواب أن اختلاف أئمة القراءات ليس في الصحة والثبوت بل في الترجيح، فكل من الأئمة يسلم ثبوت قراءة الآخرين، وهذا بخلاف اختلاف المجتهدين، فإن اختلافهم على طريق التدافع والرد، قال الجعبري/ إن الخلاف في وجوه القراءات ليس كالخلاف في الأحكام، لأن كلا من وجوه القراءات الصحيحة حق في نفس الأمر، وأما كل من وجوه الحكم المختلف فيه: فهو حق اعتبار الاجتهاد والحق في نفس الأمر واحد منها، انتهى.
والمراد من الأئمة السبعة: نافع المدني، وابن كثير المكي، وأبو عمرو البصري، وابن عامر الشامي، وعاصم وحمزة والكسائي
الثلاثة كوفيون، وأغلب قراءات (هؤلاء) الأئمة مشهورة صحيحة مجمع عليها.
واقتصر الشاطبي على ذكر قراءاتهم- وزاد بعض المصنفين قراءة يعقوب البصري- وأبي جعفر المدني، وخلف لكون أغلب قراءاتهم مشهورة صحيحة أيضا.
إن قلت خلف راوي حمزة، فما معنى زيادة قراءته؟ قلت له قراءتان: أحدهما رواية عن حمزة والأخرى ما رجحها بنفسه، وصار بما رجحه بنفسه شيخاً وله باعتباره [رواية] كسائر الأئمة.
اعلم أن رد شيء من القراءات المتواترة كفر، بخلاف غير المتواترة، فمن لم يعلم القراءات المتواترة، قد يرد ما لم يسمعه منها. قال السيوطي أوعى ما صنف في القراءات المشهورة، النشر في القراءات العشر وتقريب النشر، كلاهما لابن الجزري، انتهى.
ثم اعلم أن علم القراءات يخالف علم التجويد، لأن المقصود من الأول، معرفة اختلاف الأئمة في نفس الحروف أو في صفاتها. [المقصود]
من الثاني معرفة حقائق صفات الحروف مع قطع النظر عن الخلاف فيها، مثلا يعرف في التجويد أن حقيقة التفخيم كذا، وحقيقة الترقيق كذا، ويعرف في القراءات أن هذه الحروف فخمها فلان ورققها فلان. بهذا يندفع ما عسى يقال: علم القراءات يتضمن مباحث صفات الحروف كالإدغام والإظهار والمد والقصر والتفخيم والترقيق هي من مباحث علم التجويد، قال جعبري نقل القراءات السبع فرض كفاية لأنها أبعاض القرآن، انتهى.
أقول لا تنحصر القراءات الصحيحة في السبع كما عرفت، فالظاهر أن يقال نقل جميع القراءات الصحيحة فرض كفاية. ومن العجب أن العلوم المتعلقة بنظم القرآن المجيد من القراءات والتجويد، قد وجدناها مهجورة في أمثال ديارنا، تجد أكثر من يحمل فوق رأسه العمامة الكبرى لا يدرون أشهر مسائل القراءات والأداء، ويقرؤون [القرآن] كالنساء وأهل القرى، غفلوا عنها وأن تحصيلهم، ثم منعتهم رياستهم وهيئاتهم عن تعلم علومه والجلوس بين أيدي شيوخه لتصحيح حروفه، ومعرفة وجوه قراءته، ثم يفتخر بعض أولئك بما يتفوه به من اصطلاحات الفلاسفة، ولعل تلك العادة وثبت إلينا من بلاد الشيعة إخوان الفلاسفة المعرضين عن طريق أهل السنة.