الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل "التاسع عشر": (في المحرم من العلوم)
وهو علم الحرام الذي لا يقع في حال أحد فلا يخاف وقوع أكثر الناس فيه وهو تعلم السحر والفلسفة في قطر لم يفشيا فيه، ولا يخاف على أكثر الناس وقوعهم فيها. منه الاستقصاء في أدلة علم الكلام. ومنه مجادلة الفرق الضالة الإسلامية والفلاسفة في قطر لم تفتش عقائدهم فيه. ومنه الاشتغال بعلم أحكام النجوم، وهو على ما في بعض الرسائل علم يعرف به الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية.
قال في الكتاب المسمى "بالنوازل": الاستدلال بسير النجوم وحركات الأفلاك على الحوادث بقضاء الله وقدره جائز، كاستدلال الطبيب بالنبض على الصحة والمرض، ولو لم يعتقد بقضاء الله أو ادعى علم الغيب بنفسه يكفر، انتهى.
يعني يكفر إذا اعتقد تأثير النجوم بالذات لا [بواسطة] ما جرى عادته تعالى على خلق الأثر عند سيرها، وكذا يكفر إذا ادعى أنه يعلم الغيب من عنده لا بالعلامة.
ومنه علم الموسيقى، وعلم الشعبذة، وعلم الحرف كما ذكره ابن نجيم في الأشباه والنظائر.
أما الموسيقى: فهو علم يبحث فيه عن النغمات وقد وضعته الفلاسفة.
وأنا الشعبذة: فهي اراءة الشيء في رأي العين بغير ما عليه حقيقته بسبب خفة يد المباشر لذلك الشيء كما في القاموس، فيحرم علمه لأنه لعب، [ويرادفه الشعوذة- بالواو بدل الباء].
وأما علم الحرف فهو علم الجفر، وهو علم يعرف به رقم حروف الهجاء على كيفية ذكرت في كتاب الجفر، وغايته الإطلاع على المغيبات الآتية وتسخير الناس وقهرهم. وقال ابن العربي: واضع هذا العلم على رضي الله عنه، وموضوعه: حروف الهجاء، وجعفر الصادق هو الذي غاص في
أعماق هذا العلم وصنف فيه الخافية، وهذا العلم لا يطلع عليه إلا صاحب كشف عظيم وذوق سليم، انتهى.
أقول: فظهر أن الاشتغال به يجوز لصاحب الكشف العظيم والذوق السليم وقليل ما هم، ويحرم لغيره لأنه يتخبط ويكذب بسببه.
وقال في "الإحياء": ويذم علم السحر والطلسمات يعني يحرمان.
وقال الطيبي في "شرح الكشاف": وتتفاوت درجات تحريم العلوم المحرمة. أقول والظاهر من كلمات العلماء أن أشدها تحريما الفلسفة الطبيعية