الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمومًا في تلك السنين، على اختلاف الميادين التي فيها يكتبون؛ فقد كانوا يسيرون في تلك الاتجاهات الثلاثة، ولكن مع غلبة الاتجاه المحافظ البياني، أو سيطرة الأسلوب المرسل الجانح إلى جمال العبارة وجودة الصياغة، حتى فيما سوى المقالة من فنون النثر الفني، ولذا يمكن أن يقال: إن تلك الفترة قد شهدت -بظهور أول طريقة فنية للمقالة- ظهور أول طريقة فنية للنثر الحديث، وهي طريقة المنفلوطي.
2-
الخطابة ونشاطها:
في السنوات العشر الأولى للاحتلال. خفت صوت الخطابة، الذي كان قد بدأ يعلو منتعشًا في الفترة السابقة، وخاصة مع الثورة العرابية1، وحين بدأت الحركة الوطنية تعود إلى اليقظة، وتتخذ سبيل النضال كانت الخطابة من أهم أسلحتها في هذه السبيل، وقد تعددت المجالات وتنوعت الميادين التي منحت الخطابة الانتعاش ثم النشاط؛ حتى شهدت تلك الفترة طائفة كانوا من أعظم من عرف تاريخ الأدب الحديث من خطباء، كما حظي التراث الأدبي بجمهرة من أروع ما ضم هذا التراث من خطب2.
وكان من أهم مجالات الخطابة المجال السياسي، والمجال الاجتماعي، والمجال الفضائي، أما المجال السياسي، فكان له ميدانان: ميدان رسمي يتمثل في الجمعية العمومية، ومجلس شورى القوانين ثم في الجمعية التشريعية بعد ذلك، وميدان غير رسمي يتمثل في الأحزاب، والهيئات السياسية التي كانت تناضل لتحقيق ما ترى أنه الخير للبلاد، وقد كان أهم هذه الهيئات السياسية غير الرسمية الحزب الوطني، وحزب الأمة.
1 اقرأ ما كتب عن ذلك في مبحث النثر في الفصل السابق، مقال 4 -الخطابة وانتعاشها.
2 اقرأ في تفصيل ذلك: الخطابة السياسية، لعبد الصبور مرزوق "رسالة ماجستير".
وعلى الرغم من أن المؤسسات الرسمية السالفة الذكر قد أقامها الاحتلال أول الأمر للتمويه بأن الأمة تشارك في حكم نفسها؛ قد استطاع المخلصون من الوطنيين أن يتخذوا منها منبرًا لنقد الحكومة، وفضح ألاعيب الاحتلال، كما استطاعوا أن يكونوا معارضة قوية تقف في وجه كل ما يرونه ضارًّا بمصلحة البلاد من مشروعات، فقد تصدوا لمشروع مد امتياز شركة قناة السويس، وهاجموا قانون المطبوعات، الذي كان الهدف منه كبت الحريات، وحملوا الحكومة على إعادة اللغة العربية لغة للتعليم في المدارس، إلى غير ذلك من الوقفات الجريئة التي كانت الخطابة لسانها الناطق، وسلاحها الباتر1.
وطبيعي أن أعضاء تلك المؤسسات السياسية رسمية، لم يكونوا جميعًا من المعارضين بل كان فيهم -بحكم التنظيم الديمقراطي في ذلك الحين- ممثلون للحكومة يدافعون عن مشروعاتها أمام المعارضين، ومن هنا ظهر من الطرفين خطباء مفوهون، وكان من ألمع الخطباء الحكوميين سعد زغلول، وفتحي زغلول2.
هذا في المجال الرسمي، أما في المجال الشعبي، فقد كان الميدان أرحب؛ إذا رأينا زعماء الحزبين الكبيرين يخوضون معركة النضال أكثر جرأة، وأعظم انطلاقًا؛ لأنهم لم يكونوا مقيدين برسوم ومواضعات، ولوائح تحد من نشاطهم، وتلجم بعض الشيء ألسنتهم، فهم لا يتحرجون تحرج الخطباء الرسميين من التنديد بالاحتلال والهجوم على المحتلين، وإنما يوجهون جل نشاطهم إلى هذا الميدان من ميادين النضال، وليس من شك في أن زعماء الحزب الوطني قد كانوا في تلك الفترة أكثر جنود هذا اللون ممن ألوان النضال حماسة، وأقواهم شكيمة، ويأتي في مقدمة هؤلاء جميعًا
1 المصدر السابق ص292، وما بعدها "النسخة المكتوبة على الآلة الكاتبة".
2 المصدر السابق.
مصطفى كامل1، الذي يعد علمًا من أعلام الخطابة السياسية في التاريخ الأدبي. فقد كان ذا موهبة خطابية مبكرة، من أهم مظاهرها: التحمس الشديد، والتدفق المنساب، والقدرة البالغة على تحريك مشاعر الجماهير، وإلهاب عواطف المستعمين، ثم المهارة في تفنيد حجج الخصوم، وتدعيم الرأي الذي يدعو إليه، بمزيج من الحجج العقلية، والمؤثرات العاطفية.
وقد كان مصطفى كامل لا يدع فرصة إلا انتهزها، للتشهير بالاحتلال وجرائمه، ثم للمطالبة الحارة بالجلاء والدستور، وتحقيق آمال البلاد2.
وقد كانت الخطابة من أهم عوامل نجاح مصطفى كامل، بل أصبحت تشكل جزءًا من شخصيته كزعيم، ومن يومها ارتبط النجاح السياسي بالنجاح في الخطابة والقدرة عليها، وأصبحنا نرى جل الزعماء الكبار يهتمون بالخطابة ويتخذون منها وسيلة فعالة من وسائل النجاح.
هذا في المجال السياسي، أما المجال الاجتماعي؛ فقد كان نشاط الخطابة فيه لا يقل عن نشاطها في المجال السياسي، لما عرفنا من أن السياسيين كانوا أيضًا أصحاب دعوات إصلاحية اجتماعية، بل كثيرًا ما كان الخطيب السياسي الناجح هو نفسه الخطيب، والمصلح الاجتماعي الناجح؛ لأن هذا الجيل كان يخوض معركة نضال في عدد من الميادين، وإن كان أهمها الميدان السياسي بطبيعة الحال، ومن هنا جال الخطباء في ميادين الدعوة
1 ولد بمصر سنة 1874، وتعلم في المدارس المدنية، ثم درس الحقوق، وأكمل دراسته في فرنسا، وقاد حركة الجهاد الوطني ضد الإنجليز، وكان رئيسًا للحزب الوطني، ونتيجة لكفاحه المتواصل خطيبًا، وكاتبًا في مصر وخارج مصر؛ توفي وهو في عمر الورد سنة 1908.
اقرأ عنه: مشاهير الشرق لجورجي زيدان جـ1 ص110، وفي: مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي، وفي: مصطفى كامل في 34 ربيعًا لعلي فهمي، وفي: مصطفى كامل لفتحي رضوان، وفي الجزء الخامس من أدب المقالة الصحفية للدكتور عبد اللطيف حمزة، وفي: تراجم مصرية وغربية للدكتور محمد حسين هيكل.
2 انظر: مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي ص424، والخطابة السياسية لعبد الصبور مرزوق ص218 وما بعدها "الرسالة المكتوبة على الآلة الكاتبة".
إلى نشر التعليم، وتحرير الفرد، وإصلاح الفكر، وإنهاض الاقتصاد، ومحاربة التخلف، وما إلى ذلك؛ في الوقت الذي غالبًا فيه في ميادين الدعوة إلى الاستقلال وإجلاء الإنجليز، وإصلاح أداة الحكم، وغير هذا من ميادين النضال السياسي.
بقي مجال ثالث قد نشطت فيه الخطابة أيضًا في تلك الفترة، وهو المجال القضائي، وقد أدى إلى نشاط الخطابة في هذا المجال، ما كان من إنشاء المحاكم الأهلية في تلك الفترة1، بعد أن أنشئت المحاكم المختلفة في الفترة السابقة، وبعد أن بدأت مدرسة الحقوق تؤتي ثمارها، وتقدم للأمة رجالًا يعتبر اللسن من أدوات صناعتهم في تلك الأحايين، وهكذا ظهر جيل من الخطاء القضائيين الرائدين، الذين درسوا القانون، واحترفوا العمل القضائي الذي كانت الخطابة من أهم وسائله، حيث عمل البعض مدعين عموميين، وعمل آخرون محامين، وهؤلاء وأولئك كانوا يعتمدون على المقدرة في الخطابة القضائية، وكانت مقوماتها تزيد على مقومات الخطابة الأخرى: المقدرة على تفسير القانون، وفهم نصوصه لصالح من يمثله الخطيب، ثم القدرة على الجدل، وإبطال أدلة الخصم، وتدعيم موقف الطرف الذي يقابله، فهي تجمع إلى مقومات الخطابة كثيرًا من مقومات المناظرة، وتضم إلى ثقافة الخطيب العامة وقدراته الخاصة، ثقافات وقدرات منطقية.
وقد كان من عوامل نشاط هذا اللون من الخطابة، أن كثيرين من رجالها كانوا في الوقت نفسه خطباء سياسيين، وربما خطباء اجتماعيين أيضًا؛ من أمثال سعد زغلول وغيره من رجال هذا الجيل، الذي عمل في المجال القضائي والميدان السياسي، والإصلاح الاجتماعي في كثير من الأحايين.
وهكذا نشطت الخطابة في تلك الفترة، وإن خمدت في السنوات الأولى منها. وقد تعددت مع هذا النشاط ميادينها، وكثر النابعون فيها.
1 انظر: تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ4 ص282. وتاريخ مصر لعمر الإسكندري، وسليم حسن ص311.
ولم تكن المسألة متعلقة بالكم فحسب، بل قد شملت الكيف أيضًا، حيث لم تعد الخطابة في هذه الفترة في نفس المستوى الفني الذي كانت عليه في الفترة السابقة، والذي يتمثل في خطب رجل كعبد الله النديم، لقد عرفت الخطابة في هذه الفترة -زيادة على ما عرفته في الفترة السابقة- ثقافة أعمق وفكرًا أنضج، واتصالًا بالمعارف السياسية والمباحث الاجتماعية، والمواد الدستورية والقانونية. وقد أمدها كل ذلك بحيوية أكثر وفاعلية أقوى، ومنحها قيمة فنية أعلى. وبالإضافة إلى ذلك كله، قد زاد بعد الخطابة عن المحسنات والزخرف، وقوى اتصالها بالأصالة والإبداع والموضوعية، ومن هنا يعتبر كثير من خطب تلك الفترة، التي خلفها مصطفى كامل، وسعد زغلول وغيرهما نماذج أدبية ممتازة للخطابة.
وغني عن الإيضاح أن نقول: إن الخطابة قد اختلفت أساليبها -بعد ذلك- باختلاف ميادينها أولًا، ثم باختلاف الخطباء وطبيعتهم وثقافتهم ثانيًا. فعلى حين كان رجل مصطفى كامل يميل في خطبه إلى العاطفية والمصارحة والعنف. كان أخر كسعد زغلول يميل إلى الذكاء والمراوغة واللباقة، هذا في الوقت الذي يجنح ثالث كلطفي السيد إلى الموضوعية، والمنطقية والعمق. على أن التعرف الكامل على خصائص كل يحتاج إلى دراسة مستقلة1، وحسبنا هنا معرفة الخصائص المشتركة التي تمس الخطابة بوجه عام، والتي سبق إيضاحها بما سمح به المقام في هذه السطور، ويمكن أن يقرب خصائص الخطابة السياسية هذا النموذج من خطب مصطفى كامل.
قال في حفل وطني بالإسكندرية سنة 1900:
"سادتي وأبناء وطني الأعزاء، كلما جئت إلى الإسكندرية، ورأيت هذه الحياة الحقيقية التي جعلت لكم مقامًا محمودًا بين بني مصر، أعود
1 اقرأ الدراسة التي كتبها عبد الصبور مرزوق بعنوان "الخطابة السياسية في مصر من الاحتلال البريطاني إلى إعلان الحماية""رسالة ماجستير مكتوبة على الآلة الكاتبة".
شاعرًا بان في هذه المدينة الزاهرة أساتذة في الوطنية، عنهم تؤخذ دروس محبة الأوطان، ومنهم تعرف الأمة حقوقها وواجباتها، وهذا ما أخرني في السنين الأخيرة عن الوقوف أمامكم هذا الموقف، ومناجاتكم في شئون الوطن العزيز. ولكني أشعر بأن تبادل الميول، وانتقال العواطف الطاهرة من فؤاد إلى فؤاد، واجتماع القلوب في وقت واحد حول آمال واحدة، وسريان روح مشتركة في المجموع العظيم، مما يزيدنا اعتقادًا على اعتقاد، وحبًّا للديار على حب، ويخفف حب، ويخفف عن الوطن المقدس آلام مصائبه العظام.
".. إني أشد الناس أملا في مستقبل أمتي وبلادي، وأرى الشعب الذي أنا منه جديرًا بالرفعة والسمو، حقيقا بالمجد والحرية والاستقلال.
ولولا هذا الأمل وهذا الاعتقاد، لكنت فارقت الحياة، وتركت الدنيا غير آسف على أحد، وكيف لا أكون ذا أمل، وهذه أمتي أجد فيها روحًا جديدة، وحياة صادقة، ووطنية ناشئة قوية؟ ومن منكم لا يرى ما أرى؟ هل ينكر أحد شعور الأمة بحالها وانتباهها من رقدتها، وقيامها من وهدتها وعملها لخيرها، وسعادتها؟!
"
…
قد يظن بعض الناس أن الدين ينافي الوطنية، أو أن الدعوة إلى الدين ليست من الوطنية في شيء؟ ولكني أرى أن الدين والوطنية توأمان متلازمان، وأن الرجل الذي يتمكن الدين من فؤاده، يحب وطنه حبًّا صادقًا، ويفديه بروحه وما تملك يداه، وليست فيما أقول معتمدًا على أقوال السالفين، الذين ربما اتهمهم أبناء العصر الحديث بالتعصب والجهالة، ولكني أستشهد على صحة هذا المبدأ بكلمة "بسمارك" أكبر ساسة هذا العصر، وهو خير رجل خدم بلاده ورفع شأنها، فقد قال هذا الرجل العظيم بأعلى صوته: "لو نزعتم العقيدة من فؤادي لنزعتم محبة الوطن معها1
…
".
ولعل مما يزيد الأمر إيضاحًا هذين النموذجين الآخرين للخطابة القضائية في تلك الفترة، وأولهما جزء من مرافعة ثروت حين كان ممثلًا للنيابة في قضية
1 انظر: مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي ص146-147.
اغتيال بطرس غالي، وفيه يقول عن الورداني المتهم:
".. إن الوطنية التي يدعي الدفاع عنها بهذا السلاح المسموم لبراء من هذا المنكر، إن الوطنية الصحيحة لا تحل في قلب ملأته مبادئ تستحل اغتيال النفس. إن مثل هذه المبادئ مقوضة لكل اجتماع".
"وماذا يكون حال أمة إذا كان حياة أولي الأمر فيها رهينة حكم متهوس، يبيت ليلة فيضطرب نومه وتكثر هواجسه، فيصبح صباحه ويحمل سلاحه، يغشاهم في دار أعمالهم، فيسقيهم كأس المنون؟ ثم إذا سئل في ذلك تبجح وقال: إنما أخدم وطني! لأن أعتقد أن مثلهم خائنون للبلاد ضارون بها".
"تبًّا لتلك المبادئ وسحقًا لها، كيف تقوم لنظام قائمة مع تلك المبادئ الفاسدة؟ إن مبادئ كل اجتماع، ألا ينال إنسان جزاء على عمل مهما كان هذا الجزاء صغيرًا، إلا على يد قضاة اشترطت فيهم ضمانات قوية، وبعد أن يتمكن من الدفاع عن نفسه، حتى ينتج الجزاء النتيجة الصالحة التي وضع لها من حماية الاجتماع، فإذا كان هذا هو الشأن في أقل جزاء يلحق بالنفس أو بالمال، فما بالك بجزاء هو إزهاق الروح والحرمان من الحياة؟
"تلك مبادئ لا وجود المجتمع إلا بها، ولا سعادة له بدونها؛ فالطمأنينة على المال والنفس هي أساس العمران، ومن الدعائم التي بني عليها في كل زمان ومكان، ولكن الورداني له مذهب آخر في الاجتماع، فهو يضع نفسه موضع الحكم على أعمال الرجال، فما ارتضاه فيها كان هو النافع، وما لم يرتضه كان هو الضار، ويريد أيضًا أن يكون القاضي الذي يقدر الجزاء، ثم يقضي به عن غير معقب ولا راد.
"
…
إن مثل هذا الحق لا يمكن أن يكون إلا الله سبحانه وتعالى، المطلع على السرائر، العليم بالنيات، ومع ذلك فإنه جل شأنه شرع الحساب قبل العقاب، ثم إن هذا الحق لم يتطلع إليه أحد من العالمين
حتى الأنبياء أنفسهم؛ وقد أجمعت الشرائع على عصمتهم من الزلل والخطأ. ولكن الورداني يريد أن يضع نفسه فوق كل الدرجات المتصورة، فحاكم وحكم، وقتل:
"إني لترتعد فرائصي إذا تصورت منظر البلاد، وقد فشا فيها البلاء الأكبر بفشو تلك المبادئ القاضية1".
والنموذج الثاني جزء من مرافعة أحمد لطفي حين كان مدافعًا في القضية نفسها، وفيه يقول مخاطبًا الورداني
…
" "
…
أما أنت أيها المتهم، فقد همت بحب بلادك حتى أنساك هذا الهيام كل شيء حولك؛ أنساك واجبًا مقدسًا هو الرأفة بأختك الصغيرة، وأمك الحزينة، فتركتها تبكيان هذا الشباب الغض، تركتهما تتقلبان على جمر الغضا، تركتهما تقلبان الطرف حولهما، فلا تجدان غير منزل مقفر غاب عنه عائله، تركتهما على ألا تعود إليهما، وأنت تعلم أنهما لا تطيقان صبرًا على فراقك لحظة واحدة؛ فأنت أملهما ورجاؤهما.
"دفعك حب بلادك إلى نسيان هذا الواجب، وحجب عنك كل شيء غير وطنك، فلم تعد تفكر في تلك الوالدة البائسة، وهذه الزهرة اليانعة، ولا فيما ينزل بهما من الحزن والشقاء بسبب ما أقدمت عليه، ونسيت كل أملك في هذه الحياة، وقلت: إن السعادة في حب الوطن وخدمة البلاد، واعتقدت أن الوسيلة الوحيدة للقيام بهذه الخدمة هي تضحية حياتك، أي أعز شيء لديك ولدي أختك ووالدتك؛ فأقدمت على ما أقدمت راضيًا بالموت لا مكرهًا، ولا حبًّا في الظهور، أقدمت وأنت تعلم أن أقل ما يصيبك هو فقدان حريتك، ففي سبيل أمتك بعت حريتك بثمن غال.
"فاعلم أيها الشاب أنه إذا اشتد معك قضاتك -ولا إخالهم إلا
1 هذه المرافعة في: الكتاب الذهبي للمحاكم الأهلية "عن الخطابة للدكتور أحمد الحوفي ص97-98".