الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبرغم ما اشتملت عليه القصيدة من عثرات لغوية وتعبيرية1؛ قد جاءت من أنجح المحاولات للقصيدة القصصية، التي لا تخرج بالقصيدة عن طبيعتها الغنائية الأصلية، ولكنها ترفدها بعنصر قصصي يمنحها موضوعية توسع مجالها، ويهبها وحدة تربط بناءها: هذا إلى ما يشيع فيها من حركة وحيوية، واتساع وعمق.
هذا وقد جاء عرض هذا اللون من الشعر المتصل بالموضوعية هنا، برغم ما يبدو من أن مكانه الطبيعي هو مكان الحديث عن المسرحية والقصة؛ لأن الناجح من هذه المحاولات في الفترة التي يساق عنها الحديث -وهو محاولة الهمشري- أقرب إلى الشعر الغنائي منه إلى الشعر الموضوعي، فلو أخذناه بمقياس القصة الفنية والمسرحية الحقيقية، لظلمناه: حيث يسقط برغم وصوله إلى مستوى رفيع من الناحية الغنائية، الآخذة بشيء من موضوعية القصة و"درامية" المسرحية.
ثانيا: النثر
مدخل
…
ثانيًا: النثر:
كان من أوضح الظواهر الأدبية في تلك الفترة أن النثر قد ازدهر، حتى سبق الشعر، وتصدر ميدان الأدب، بعد أن كان في الفترات السابقة يأتي خلف الشعر، وقد كان طبيعيًا أن يزدهر النثر بعد ما كان من تقدم ثقافي ونضج فكري2، فالتقدم الثقافي والنضج الفكري يستتبعان دائمًا ازدهار النثر، لاحتياجه أبدًا إلى الثقافة، وقيامه أساسًا على الفكرة، بخلاف الشعر الذي قد تكفيه الفطرة الملهمة، وقد يقنع بالعاطفة الساذجة.
كذلك كان طبيعيًا أن يتصدر النثر في تلك الفترة بعد ما كان من
1 مثل قوله: "قم أيا عارف المنون وغني"، وقوله:"ليت شعري فأين أثوي وأينت"، انظر: جماعة أبولو ص579.
2 اقرأ المقال رقم 3 من هذا الباب بعنوان: "نمو الحياة الثقافية".