الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني غفلته عن الإتقان والثالث فسقه بفعل أو قول مما لا يبلغ الكفر وقد فسره قولنا:
(59)
مما به يفسق فادع الكلا
…
بمنكر أوهمه في الإملا
فقولنا مما به يفسق بيان لقوله للفواحش وقد شمل القول إن كان المبين فعل الفواحش لكنه كما يفسق بالفعل يفسق أيضا بالقول فهذه الثلاثة تسمى بالمنكر قال الحافظ والثالث وهو من فحش غلطه المنكر على رأي من لا يشترط في المنكر قيد المخالفة وكذا الرابع يريد من به غفلة والخامس يريد من هو فاسق قال فمن فحش غلطه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه فحديثه منكر انتهى.
…
[مسألة في المعلل:]
وقد أفاده قولنا أو وهمه في الإملا والمراد به الرواية فهذا هو القسم السادس من العشرة والوهم يعرف بما يفيده قولنا:
(60)
والوهم إن يعرف بالقرائن
…
والجمع للطرق مع التباين
(61)
فسمه معللا وإن طعن
…
بأنه خالف موثوقا أمن
قال الحافظ والوهم إن اطلع عليه بالقرائن الدالة على وهم راويه من وصل مرسل أو منقطع أو إدخال حديث في حديث أو نحو ذلك من الأشياء القادحة ويحصل ذلك بكثرة التتبع وجمع الطرق فهذا هو
المعلل وهو من أغمض أنواع الحديث وأدقها ولا يقوم به إلا من رزقه الله فهما ثاقبا وحفظا واسعا ومعرفة تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن أبي شبية وأبي زرعة والدارقطني وقد تقصر عبارة المعلل عن إقامة الحجة على دعواه كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم انتهى فهذا القسم السابع يسمى معللا وفي عبارة البخاري والترمذي والحاكم والدارقطني يسمونه المعلول قال النووي وهو لحن وذلك لأن اسم المفعول من أعل الرباعي لا يأتي على مفعول قال السيوطي والأجود فيه المعل بلام واحدة لأنه مفعول أعل قياسا وأما معلل فمفعول علل وهو لغة بمعنى ألهاه بالشيء وشغله وليس هذا الفعل بمستعمل في كلامهم انتهى قال النووي والعلة عبارة عن سبب غامض خفي قادح مع أن الظاهر السلامة منه تتطرق إلى الإسناد الجامع شروط الصحة وقال السيد محمد أو يرد الحديث لوهمه أي الراوي مع ثقته فإن اطلع عليه بالقرائن وجمع الطرق فالمعل وهو جنس يدخل تحته الشاذ والمنكر والمضطرب ويشبهه ما ترده الحنفية بعدم شهرته مع مسيس الحاجة إليه قلت كما قالوه في حديث نقض الوضوء بمس الذكر فإنهم يعلونه
بعدم اشتهاره قالوا"ولو كان صحيحاً لكان مشهوراً" وقد رد ما قالوه في أصول الفقه ثم قال لكنه صار كالمعلل من غير بحث ووجه المسألة أن ظن صدق الراوي الثقة إن كان أقوى عمل عليه وهو الغالب وإن كان أضعف أعل بفساد رجحان الصحة وهي العلة في الموضعين أي في القبول والترك وهذا نادر لكنه غير مقطوع بامتناعه انتهى كلامه وقوله وهذا أي الطرف الآخر وهو قوله وإن كان أضعف نادر لأن خبر الثقة في الغالب يحصل به الظن القوي لا العكس وقوله لكنه أي هذا النادر غير مقطوع بامتناعه. واعلم أنه قال النووي "وقد تطلق العلة على غير مقتضاها الذي قدمناه ككذب الراوي وغفلته وسوء حفظه ونحوها من أسباب ضعف الحديث وسمى الترمذي النسخ علة"انتهى. قال وتقع العلة في الإسناد وهو الأكثر وقد تقع في المتن وما وقع في الإسناد قد يقدح فيه وفي المتن كالإرسال والوقف وقد يقدح في الإسناد خاصة ويكون المتن معروفاً صحيحا كحديث يعلى بن عبيد أي الطنافسي أحد رجال الصحيح عن سفيان أي الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم "البيعان بالخيار" غلط على سفيان في قوله عمرو بن دينار إنما هو عبدالله بن دينار قال السيوطي رحمه الله هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان كأبي نعيم الفضل بن
دكين ومحمد بن يوسف الفريابي ومخلد بن يزيد وغيرهم قال ومثال العلة في المتن ما انفرد به مسلم في صحيحه من رواية الوليد بن مسلم وساق سنده إلى أنس بن مالك أنه حدثه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا في أول القراءة ولا في آخرها ثم رواه من رواية الوليد عن الأوزاعي أخبرني إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة أنة سمع أنساً يذكر ذلك وروى مالك في الموطأ عن حميد عن أنس قال صليت وراء أبي بكر وعمر وعثمان وكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وزاد فيه الوليد بن مسلم عن مالك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث معلول أعله الحفاظ بوجوه فأما رواية حميد فأعلها الشافعي بمخالفة الحفاظ مالكا فقال في سنن حرملة فيما نقله عنه البيهقي فإن قال قائل قد روى مالك فذكره قيل له خالفه سفيان بن عيينه والفزاري والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية متفقين مخالفين له والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد ثم رجح روايتهم بما رواه عن سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين قال الشافعي يعني يبدؤون بقراءة أم القرآن قبل مايقرأ بعدها ولا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم قال الدارقطني وهذا هو المحفوظ عن قتادة عن أنس قال البيهقي وكذلك رواه عن قتادة أكثر أصحابه كأيوب وشعبة والدستوائي
وشيبان بن عبد الرحمن وسعيد بن أبي عروبة وأبي عوانة وغيرهم قال ابن عبد البر فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة وليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط البسملة وهذا هو اللفظ المتفق عليه في الصحيحين وهو رواية الأكثرين ورواه كذلك أيضاً عن أنس ثابت البناني وإسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة وما أوله به الشافعي مصرح به في رواية الدارقطني بسند صحيح وكانوا يفتتحون بأم القرآن قال ابن عبد البر ويقولون إن أكثر رواية حميد عن أنس إنما سمعها من قتادة وثابت عن أنس ويؤيد ذلك أن ابن عدي صرح بذكر قتادة بينهما في هذا الحديث فتبين انقطاعها ورجوع الطريقين إلى واحدة وأما رواية الأوزاعي فأعلها بعضهم بأن الراوي عنه وهو الوليد يدلس تدليس التسوية وإن كان قد صرح بسماعه من شيخه وإن ثبت أنه لم يسقط بين الأوزاعي وقتادة أحد فقتادة ولد أكمه فلا بد أن يكون أملى عليه من كتب إلى الأوزاعي ولم يسم هذا الكاتب فيحتمل أن يكون مجروحا أوغير ضابط فلا تقوم به الحجة مع ما في أصل الرواية بالكتابة من الخلاف وإن بعضهم يرى انقطاعها وقال ابن عبد البر اختلف في ألفاظ هذا الحديث اختلافاً كثيراً متدافعا مضطرباً منهم من يقول صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ومنهم من يذكر عثمان ومنهم من يقتصر على أبي بكر وعمر ومنهم من يقتصر على أبي بكر وعمر وعثمان ومنهم من قال وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال وكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ومنهم من قال وكانوا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم وهذا اضطراب لا تقدم معه حجة انتهى من شرح التقريب للسيوطي