الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد [وآله][الطاهرين].
وبعد:
فهذا شرح على منظومتنا "قصب السكر" نظم " نخبة الفكر " حل مبانيها وأبان معانيها مع اختصار واعتصار ووفاء ببيان القواعد (والمختار).
[المقدمة:]
(1)
حمدا لمن يسند كل حمد
…
إليه مرفوعا بغير عد
نصب على المصدرية بفعل واجب حذفه، لما تقرر من أن كل مصدر بين فاعله بالإضافة نحو: كتاب الله (و) صبغة الله، أو بين مفعول بها نحو: ضرب الرقاب، وسبحان الله، ومعاذ الله، أو بين فاعله بحرف الجر نحو (سحقا له أي: شدة) أو بين مفعوله بحرف الجر نحو شكرا لك
وحمدا لك فإنه يحذف ناصبه قياسا كما قاله الفاضل الرضي (من) أن الضابط هاهنا، ما ذكرنا من ذكر الفاعل أو المفعول بعد المصدر، مضافا إليه، أو بحرف الجر (لا) لبيان النوع إلى آخر (ما ذكره). وهنا قد بين مفعول الحمد بالأم أي: حمدا مني. وقوله: "يسند" في القاموس: سند إليه سنودا، وساند: استند وفي الجبل صعد، كأسند وأسندته (انتهى). فالمراد: يصعد كل حمد إليه تعالى، من قوله (تعالى):(إليه يصعد الكلم الطيب) ولما كان الحمد له أفراد لا تنحصر باعتبار لفظه ومعناه وقائليه أتى بكلمة "كل " المفيدة للشمول، أما لفظه فالعبارات عنه واسعة جدا، بالجمل الاسمية: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، وهي في أوائل خمس سور من القرآن بها، والفعلية: حمدت الله ونحمده وغير ذلك. وأما معناه: فإنه تابع لاختلاف ألفاظه. وأما القائلون: فرب العالمين يحمد نفسه: "أنت كما أثنيت على نفسك". وملائكته: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك).
(وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم) وأنبياءه: قال لنوح: (فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين)، وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم (قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى) الآية، ومعلوم أن أنبياءه يقولون ما أمروا به. [وقال الخليل:(الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق) وسكان جنانه فيها: (وقالوا)] (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء) أي: أرض الجنة. وإذا عرفت ذلك فكل حمد من أي قائل وبأي عبارة وفي أي مقام وفي أي دار دار الدنيا ودار الآخرة يسند إليه (تعالى)، لأنه الذي أمر به والذي علم عباده وهداهم و (لذا) قال الصحابي في حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم:
والله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
وقلت من أبيات:
لك الحمد إذا علمتني الحمد والثناء
…
ولولاك لم أعرفه لفظا ولا معنى
ولي أبيات إلاهية:
فالكل يعجز عن ثنا ما ناله
…
بل شكرهم فيه لك النعماء
يثنى بجارحة وأنت وهبتها
…
وعبارة هي من يديك عطاء
لولاك ما نطق اللسان بلفظة
…
ولكان أفصحنا هم البكماء
ولنا من أبيات إلالهية:
فلله كل الحمد في كل حالة
…
ومن فضله إجراؤه الحمد في فينا
وقوله: "مرفوعا" في القاموس: رفعه كمنعه، ضد وضعه، فقوله: مرفوعا من قوله تعالى: (والعمل الصالح يرفعه)، فهو يصعد إليه تعالى. ومرفوعا منصوب على الحالية من فاعل يسند أي: يصعد إليه كل حمد حال كونه مرفوعا (و) قوله: ": بغير عد" متعلق به حال أيضا عنه أي: كل حمد يرفع حال كونه بغير عد يحصره، إذ لا يعلم عدة الحمد وعدة الحامدين إلا رب العالمين.
ويحتمل تعلقه بقوله: "حمدا" أي: أحمده حمدا بغير عد، (وهو أقرب ويحتمل التنازع فيه بينهما لقوله متصل كما يأتي) هذا والمسند من الحديث: ما أسند إلى قائله كما في القاموس، وفي تعريفات الشريف: المسند: خلاف المرسل وهو الذي اتصل إسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.