الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحافظ ابن حجر: قلت: "إن أرادوا اثنين فقط عن اثنين فقط [إلى أن ينتهي] لا توجد أصلا؛ فيمكن أن يسلم وأما صورة العزيز الذي حررناه فموجودة بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين". ومثاله: ما رواه الشيخان من حديث أنس، والبخاري وحده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده" الحديث قلت: تمامه: "والناس أجمعين" رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ورواه عن قتادة شعبة وسعيد [ورواه عن عبد العزيز] إسماعيل بن علية، وعبد الوارث، ورواه عن كل جماعة انتهى، ونسبوا إلى أبي علي الجبائي المعتزلي القول:"بأن هذا شرط كون الحديث صحيحا".
…
[مسألة الغريب]
(15)
ثالثها يدعونه الغريبا
…
والكل آحاد ترى ضروبا
هذا ثالث أقسام الآحاد - وهو رابع أصل القسمة بالنظر إلى المتواتر - وهذا هو الذي يتفرد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرد في السند - على ما سيقسم إليه الغريب المطلق والغريب النسبي كما يأتي. وقولنا: "والكل آحاد"أي: الأقسام الثلاثة آحاد، وهي: المشهور، والعزيز، والغريب كل واحد منها من أخبار الآحاد. وخبر الواحد في اللغة: ما يرويه
واحد، وفي الاصطلاح ما لم يجمع شروط التواتر، وإن رواه أكثر من واحد وقولنا:"ترى ضروبا" جمع ضرب، وهو: المثل، كما في القاموس ويفسره ما بعده من الأبيات. واعلم: أنه استدل السيد محمد رحمه الله في "مختصره"للعمل بالآحاد بقوله: " والعمل به واجب لإجماع الصحابة المعلوم ولإرساله صلى الله عليه وسلم الآحاد وتقريره صلى الله عليه وسلم المسلمين على قبوله ولحسن العمل بالظن عقلا"انتهى. فهذه أربعة أدلة، فيها رد [على] من زعم، "إنها لا تقبل أخبار الآحاد" والقائل بذلك الإمامية، والبغدادية، والظاهرية والخوارج. فالدليل الأول: إجماع الصحابة على العمل بأخبار الآحاد، وشيوع ذلك بينهم من غير نكير، - والقضايا فيه لا تدخل تحت حصر- ولذا قال:"المعلوم" أي: أنه إجماع معلوم -[لا أنه] مظنون والقول بأن عمر لم يقبل خبر أبي موسى في الاستئذان ولا قبل أبو بكر خبر المغيرة في ميراث الجدة، حتى أتيا معهما بمن يشهد لهما فالجواب أن هذا - بعد الإتيان بمن شهد لهما - لم يخرج عن خبر الآحاد وقد [عمل به عمر في غيره - أي في غير خبر الاستئذان] بأخبار عدة من الآحاد وإنما استثبت في ذلك، فلا يتم فعل عمر دليلا لمن منع قبول الآحاد؛ بل هو دليل لمن قبلها. وكذلك ما روي عن أن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه كان يستخلف الراوي، فإن حلف قبل روايته؛ فإنه مجرد استثبات منه - لا لريبة في روايته - فإنه لا يدفعها يمينه؛ لجواز أنه فاجر فيها. وإنما كان عليه السلام يرى الأخذ بالأقوى من الظن، وقبول الرواية مع اليمين أقوى ظنا من قبولها مع عدمها، ومع ذلك فلم يخرج العمل بها -[بعد] اليمين - عن الآحاد، فهو دليل لنا على قبول الآحاد.
والثاني إرساله صلى الله عليه وآله وسلم للآحاد إلى الملوك وغيرهم يدعونهم إلى الإيمان ويعلمونهم الشرائع، وهذا أيضا معلوم، يعرفه - يقينا - من عرف السنن النبوية والسير المحمدية - وكانت تقوم بذلك الحجة على المرسل إليه، ويقبل صلى الله عليه وسلم خبر الرسل الآحاد بإخبارهم بإسلام من أسلم وامتناع من امتنع، ويرتب [صلى الله عليه وسلم] على ذلك الأحكام الشرعية في الفريقين، ولم يقل أحد ممن أرسل إليه صلى الله عليه وسلم الآحاد هذا خبر واحد لا يجب علي العمل به "، وقد أشرنا إلى هذين الدليلين في بغية الآمل، حيث قلنا:
لبعثة المختار للآحاد
…
وما أتى عن صحبه الأمجاد
وشاع فيهم عملا وذاعا
…
فكان إذ لم ينكروا إجماعا
والمسألة مبسوطة في أصول الفقه. الثالث: قوله: وتقريره صلى الله عليه وسلم المسلمين على قبوله فإنه لا يشك [ناظر] أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم عمل أصحابه بأخبار الآحاد في عدة قضايا - لا تنحصر - ولم ينكر عليهم، بل يقرهم [على ذلك] فهذان دليلان من السنة فعله صلى الله عليه وسلم وتقريره. والرابع: قوله: " ولحسن العمل بالظن عقلا"وهذا دليل عقلي بعد الثلاثة النقلية - وتقريره: أنا نعلم بالضرورة أن من أحضر إليه طعام وأخبره من يظن صدقه أن فيه سما، أو في الطريق - التي يريد سلوكها - سبعا أو لصا، فإن العقل يقضي بحسن ترك ذلك الطعام أو الطريق، وأنه إن أقدم على ذلك لامه العقلاء، وحسن ذمة عندهم. قال السيد محمد: "ولأن راده -[أي]: من رد العمل بالآحاد - تمسك في رده بالظن أي كان دليله على عدم قبوله أدلة ظنية - وإنما فر - أي إنما فر عن العمل بالآحاد - لأنها لا