الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسألة القسم الثاني الحسن:]
أشار إليه قولنا:
(27)
وبعد ذا شرطهما وإن من
…
يخف ضبطا فالذي يروي الحسن
(28)
لذاته وقد يصح إن أتت
…
طرق له بكثرة تعددت
قد عرفت معنى قوله وبعد ذا شرطهما وهو شامل لثلاثة أقسام من الصحيح وإن لم يفصله النظم فالسياق قد أفهم المراد قال الحافظ خف ضبطه أي قل يقال خف القوم خفوفا قلوا والمراد مع بقية الشروط المتقدمة في حد الصحيح يريد من اتصال السند والعدالة وعدم الشذوذ والعلة فهذا هو الحسن لذاته لا لشيء خارج وهو الذي يكون حسنه بحسب الاعتضاد نحو حديث المستور إذا تعددت يريد الراوي الذي لم تحقق عدالته ولا جرحه قال السخاوي المستور من لم ينقل فيه جرح ولا تعديل وكذا إذا نقلا ولم يترجح أحدهما قال ويخرج باشتراط باقي الأوصاف الضعيف وهذا القسم من الحسن مشارك للصحيح في الاحتجاج به ومشابه له في انقسامه إلى مراتب بعضها فوق بعض انتهى كلام الحافظ وأقول اعلم أن أقوال الأئمة قد اختلفت في الحديث الحسن فقال الخطابي هو ما عرف مخرجه واشتهر رجاله وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء قال الترمذي ما ذكرنا في هذا الكتاب يعني كتاب السنن حديثا حسنا فإنما أردنا حسن إسناده وهو كل حديث يروى ولا يكون في
إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن انتهى وقد اعترض القولان وأوضحنا في شرح التنقيح ما قيل في ذلك وما رد به عليه قال ابن الصلاح وقد أمنعت النظر في ذلك جامعا بين أطراف كلامهم فاتضح لي أن الحسن قسمان أحدهما لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته على أنه ليس مغفلا كثير الخطأ ولا متهما بالكذب في الحديث ولا بفسق ويكون متن الحديث قد عرف بمتابع أو شاهد فيخرج عن كونه شاذا أو منكرا وكلام الترمذي على هذا يتنزل الثاني أن يكون رواته من المشهورين بالصدق والأمانة لكن لا يبلغ درجة الصحيح لكونهم أنقص منهم في الحفظ والإتقان مع سلامة الحديث وهو مع ذلك يرتفع عمن يعد ما ينفرد به منكرا ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من الشذوذ والنكارة سلامته من أن يكون معللا وعلى هذا يتنزل كلام الخطابي انتهى قلت والسيد محمد جمع تعريف الحافظ مع زيادة بعض قيود ابن الصلاح فقال في مختصره فإن خف الضبط وكان من جنسه تابع أو شاهد فالحسن انتهى ولم يقل لذاته هذا ولا يخفى أن خفة الضبط أمر فيه جهالة فهو رسم لمجهول ثم قال السيد وأدلة قبول الآحاد تشمله وإن انفرد أي خفيف الضبط عند الأصوليين خلافا للبخاري وإن توبع قوله تشمله أي لكونه مظنون العدالة مظنون الصدق
وقوله وإن انفرد أي فإنه يعمل به عند أهل الأصول لكونه خبرا آحاديا قد قام الدليل على قبوله وخالف البخاري فقال لا يعمل به في التحليل والتحريم وإن وجد له متابع والحاصل أن كلام العلماء مضطرب في رسم الحسن ولا سلم رسم من الاعتراض حتى قيل لا يطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان تحتها فإنا على إياس من ذلك قاله الذهبي نقله عنه ابن ناصر الدين ثم قال وما أحسن ما قال شيخنا شيخ الإسلام البلقيني نوع الحسن لما توسط بين الصحيح والضعيف عند الناظر كان شيئا ينقدح في نفس الحافظ قد تقصر عبارته عنه كما قيل في الاستحسان فلذلك صعب تعريفه وقوله وقد يصح إلى آخره قال الحافظ وإنما يحكم له بالصحة عند تعدد الطرق لأن للصورة المجموعة قوة تجبر القدر الذي يضر به ضبط راوي الحسن عن راوي الصحيح وقال السيد محمد وبكثرة طرقه يصح اجتهادا وإنما قيده بالاجتهاد لأن المجتهد هو الذي يتمكن من معرفة الطرق ويرتقي عنده إلى رتبة الصحيح والحسن كما قال ابن ناصر الدين نوع متجاذب بين الصحة والضعف قال وقد أدرجه جماعة في قسم الصحيح لأنه إن قوي ارتفع إلى الصحة كسماك عن عكرمة عن ابن عباس وهو أدنى مراتب الصحيح وإن لم يقو ينحط عن مرتبة الصحيح ويرتفع عن الضعف كبهز عن أبيه عن جده وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومحمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة ومحمد بن إسحاق عن جده إبراهيم التيمي عن أشياخه ونحو ذلك ودونه في المرتبة أحاديث الحارث الأعور وعاصم بن ضمرة وحجاج بن أرطاة وحصيف وأمثالهم فبعضهم يحسنها وآخرون يضعفونها انتهى