الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أئمة الأحاديث بالمشهور - أي عند المحدثين - لوضوحه، وقد يطلق المشهور على ما اشتهر على الألسنة فيشمل ماله إسناد واحد فصاعدا. وعلى ما ليس له إسناد أصلا، بل قد يشتهر على الألسنة وهو موضوع، وقد صنف السخاوي في ذلك كتابا جيدا - سماه المقاصد الحسنة - في بيان كثير من الأحاديث الدائرة على الألسنة. وقولنا:"وفي الأعلام من قال"الخ أي [أن] من العلماء - وهم جماعة من الفقهاء - قالوا: إن هذا هو [المستفيض يسمى بذلك لانتشاره - من فاض الماء يفيض فيضا - ومنهم من غاير بين] المستفيض والمشهور، [بأن] الأول: يكون في ابتدائه وانتهائه سواء، والمشهور أعم من ذلك. ومنهم من غاير على كيفية أخرى وهي: أن الأول ما تلقته الأمة بالقبول دون اعتبار عدد، وقال الصيرفي:"إنه هو والمتواتر واحد"انتهى. ولذا قال الحافظ: "إنه على هذه الكيفية ليس من مباحث هذا الفن؛ لأنه صار كالمتواتر [وهو] ليس من مباحثه كما عرفت. وقولنا: "ثانيها له العزيز وسما" أي ثاني الثلاثة الأقسام، من الآحاد، وهو الثالث: بالنظر إلى قسم المتواتر وقد أتى "له" أي لهذا القسم الذي له طرق محصورة بأكثر من اثنين لفظ العزيز وسما أي اسما وعلامة قيل: يسمى بذلك إما لقلة وجوده فإنه يعز أن يستمر لكل راو راويان من أوله إلى آخره وإما لكونه عز - أي: قوي - لمجيئه من طريق أخرى.
(14)
وليس شرطا للصحيح فاعلم
…
وقد رمي من قال بالتوهم
أي: ليس هذا القسم - وهو: العزيز- شرطا لصحيح البخاري، كما قاله القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي في أوائل شرح البخاري فإنه: ادعى أن ذلك شرط البخاري ورد عليه العلماء [ذلك] و [ذكروا] أنه وهم. قال ابن رشد في كتاب "ترجمان التراجم": "ولقد كان يكفي القاضي
في بطلان ما ادعى أنه شرط البخاري أول حديث مذكور فيه أي في صحيح البخاري - يعني فإنه مروي بالآحاد يريد به: حديث "إنما الأعمال بالنيات" فإنه تفرد به محمد بن إبراهيم عن علقمة، ثم تفرد به يحيى بن سعيد عن محمد، وتفرد به أيضا عمر". (قلت): قد تنبه ابن العربي [لهذا] فقال: " فإن قيل حديث الأعمال بالنيات فرد لم يروه عن عمر إلا علقمة قلنا: قد خطب به عمر على المنبر بحضرة الصحابة فلولا أنهم يعرفونه لأنكروه"، كذا قال. وتعقب بأنه لا يلزم من كونهم سكتوا عنه أن يكونوا سمعوه من غيره، وبأن هذا لو سلم في عمر منع في تفرد علقمة، ثم في تفرد محمد بن إبراهيم عن علقمة، ثم [في] تفرد يحيى بن سعيد به عن محمد، وقد أورد عليه أيضا آخر حديث في البخاري وهو حديث:"كلمتان خفيفتان على اللسان" فإنه تفرد به أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم وتفرد به عنه أبو زرعة، وتفرد به عمارة بن القعقاع، وتفرد به عنه محمد بن فضيل، وعنه انتشر فبطل قول ابن العربي، فلذا قلنا:"وقد رمي من قال" أي: بأن العزيز شرط الصحيح بالتوهم، فإنه قول مبني على التوهم [أن ذلك شرطه] لا على التحقيق على أنه حكى الحازمي عن الحاكم، وهو من أجل علماء الحديث أن شرط الشيخين العدد. (قلت): وقد حققنا ذلك في شرح "تنقيح الأنظار" ويأتي الكلام في ذلك. وقد زعم ابن حبان أن رواية اثنين عن اثنين لا توجد أصلا، قال