الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الدعاة واحتجا بعبدالحميد بن عبدالرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء وأجاب بأن أبا داود قال ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج قال ولم يحتج مسلم بعبدالحميد بل أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين انتهى قلت إذا قد قيل بأصحية حديث عمران بن حطان الخارجي الداعية المادح لقاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لأجل أنه صادق في حديثه فليقبل كل مبتدع صدوق ويجعل الصدق هو المعيار في قبول الرواية ويطرح رسم العدالة وغيره وقد أودعنا ثمرات النظر أبحاثا نفيسة تعلق بهذا وهذا كله يقوي القول بقبول المبتدع مطلقا إذا كان صدوقا وقد نصرناه في شرح التنقيح وغيره.
[مسألة الشاذ والمختلط:]
وهو السبب العاشر من أسباب الطعن في الرواة وهو آخر المطاعن وقد أشرنا إليه بقولنا ثم خذ من نبائي فإنه يتعلق به قولنا:
(87)
بأن سوء الحفظ في الرواة
…
قسمان في مقالة الأثبات
(88)
فلازم فالشاذ ما يرويه
…
في رأي بعض والذي يليه
(89)
طار وذا مختلط وفاقا
…
وكلما نظمي له قد ساقا
المراد بسيئ الحفظ من لم يرجح جانب إصابته على جانب خطئه وهو
على قسمين الأول إن كان لازما للراوي في جميع حالاته فهو الشاذ على رأي بعض أهل الحديث الثاني أن يكون سوء الحفظ طارئا على الراوي إما لكبره أو لذهاب بصره أو لاحتراق كتبه أو عدمها بأن كان يعتمدها فرجع إلى حفظه فساء حفظه فهذا يقال له المختلط وقد ألمت الأبيات بذلك والحكم في الثاني إنما حدث به قبل الاختلاط إذا تميز قبل وإذا لم يتميز توقف فيه وكذا من اشتبه الآمر فيه وإنما يعرف ذلك باعتبار الآخذين عنه واعلم أنه قد تقدم أن الشاذ مقابل المحفوظ وهو ما رواه المقبول مخالفا لما هو أولى منه قال الحافظ وهذا هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح وهنا جعل الشاذ رواية من كان سوء الحفظ ملازما له في جميع حالاته وهو غير ما تقدم فلذا قيل هنا على رأي ولأئمة الحديث في الشاذ كلام كثير قد أودعناه شرح التنقيح وننقل هنا عبارة النووي في التقريب ففيها تقريب قال النوع الثالث عشر الشاذ وهو عند الشافعي وجماعة من علماء الحجاز ما روى الثقة مخالفا لرواية الناس لا أن يروي ما لا يروي غيره وقال الخليلي والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان عن غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به
وقال الحاكم هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل متابع وما ذكراه مشكل بإفراد العدل الضابط كحديث إنما الأعمال بالنيات والنهي عن بيع الولاء وغير ذلك مما في كتابي الصحيح فالصحيح التفصيل فإن كان الثقة بتفرده مخالفا من هو أحفظ منه وأضبط كان شاذا مردوداً وإن لم يخالف فإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بضبطه كان تفرده صحيحا وإن لم يوثق بحفظه ولم يبعد عن درجة الحافظ كان حسنا وإن بعد كان شاذا منكرا مردودا والحاصل أن الشاذ المردود هو الفرد المخالف والفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يجبر تفرده انتهى كلامه فجعل في الشاذ صحيحا وحسنا ومردودا وأما هذا القسم وهو ما رواه من كان سوء الحفظ ملازما له فما عده منه وقال السيد محمد وقد يرد لسوء الحفظ فإن كان ملازما فالضعيف واشترط الأصوليون أن يكون خطأه أكثر من صوابه أو مساويا للقطع بتجويز الخطأ على الثقات وتعيين العمل بالراجح وقال المحدثون متى كثر خطأه لا يحتج به وإن كان صوابه أكثر إما لعدم حصول الظن المطلق وهذا أقوى أو لأنهم لا يتمسكون من الظنون إلا بما ثبت عندهم من الإجماع عليه ويلزم من لم يتمسك بالعقل وإما لعدم حصول الظن الأقوى وفيه نظر كما تقدم في المرسل ومنهم من يعرف حديث الضعيف بالشاذ فإن كان سوء الحفظ طارئا
فالمختلط انتهى وفيه ما تراه من زيادة التفصيل واعلم أنه قد يحسن بعض ما ذكر مما وجد فيه مطعن ما تضمنه قولنا:
....................................
…
وكلما نظمي له قد ساقا
(90)
من سيء الحفظ ومن مستور
…
ومرسل مدلس مذكور
(91)
إن توبعت بمن يرى معتبرا
…
حسن مجموع الذي قد ذكرا
قولنا حسن أي ما ذكر من المعتبر ما ذكر من الأحاديث المطعون فيها يعني عن زيادة لا لذاته قال الحافظ ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله أي في الدرجة لا في الصفة لا دونه وكذا أي توبع المختلط الذي لم يتميز وكذا أي إذا توبع المستور والإسناد المرسل وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم لا لذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع لأن كل واحد منهما في احتمال كون روايته صواب أو غير صواب على حد سواء فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول والله سبحانه أعلم ومع ارتقائه إلى درجة القبول فهو منحط عن رتبة الحسن لذاته وإنما توقف بعضهم عن إطلاق اسم الحسن عليه انتهى وعبارة السيد محمد ومتى توبع سيئ الحفظ والمستور والمرسل والمدلس بمعتبر صار حديثهم حسنا بالمجموع انتهى فعرفت أن هؤلاء الأربعة إن توبعوا برواية معتبرة صار ما رووه حسنا لغيره فقوله مدلس