الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأسناها جامعا للصحيح من الأقاويل عاريا عن الشبه والتصحيف والتبديل محلى بالأحاديث النبوية، مطرزا بالأحكام الشرعية موشى بالقصص الغريبة وأخبار الماضين العجيبة مرصعا بأحسن الإشارات مخرجا بأوضح العبارات، مفرغا في قالب الجمال بأفصح مقال، فرحم الله تعالى مصنفه وأجزل ثوابه وجعل الجنة متقلبة ومآبه.
ولما كان هذا الكتاب كما وصفت أحببت أن أنتخب من غرر فوائده ودرر فرائده وزواهر نصوصه وجواهر فصوصه مختصرا جامعا لمعاني التفسير ولباب التأويل والتعبير حاويا لخلاصة منقوله متضمنا لنكته وأصوله مع فوائد نقلتها وفرائد لخصتها من كتب التفاسير المصنفة في سائر علومه المؤلفة، ولم أجعل لنفسي تصرفا سوى النقل والانتخاب، مجتنبا حد التطويل والإسهاب وحذفت منه الإسناد لأنه أقرب إلى تحصيل المراد فما أوردت فيه من الأحاديث النبوية والأخبار المصطفوية على تفسير آية أو بيان حكم، فإن الكتاب يطلب بيانه من السنة، وعليهما مدار الشرع وأحكام الدين عزوته إلى مخرجه، وبينت اسم ناقله، وجعلت عوض كل اسم حرفا يعرف به ليهون على الطالب طلبه فما كان من صحيح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري فعلامته قبل ذكر اسم الصحابي الراوي للحديث (خ) وما كان من صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري فعلامته (م) وما كان مما اتفقا عليه فعلامته (ق) وما كان من كتب السنن أبي داود والترمذي والنسائي فإني أذكر اسمه بغير علامة وما لم أجده في هذه الكتب ووجدت البغوي قد أخرجه بسند له انفرد به قلت روى البغوي بسنده، وما رواه البغوي بإسناد الثعلبي قلت: روى البغوي بإسناد الثعلبي، وما كان فيه من أحاديث زائدة وألفاظ متغيرة فاعتمده فإني اجتهدت في تصحيح ما أخرجته من الكتب المعتبرة عند العلماء كالجمع بين الصحيحين للحميدي وكتاب جامع الأصول لابن الأثير الجزري، ثم إني عوضت عن حذف الإسناد شرح غريب الحديث، وما يتعلق به ليكون أكمل فائدة في هذا الكتاب وأسهل على الطلاب، وسقته بأبلغ ما قدرت عليه من الإيجاز وحسن الترتيب مع التسهيل والتقريب. وينبغي لكل مؤلّف كتابا في فن قد سبق إليه أن لا يخلو كتابه من خمس فوائد استنباط شيء كان معضلا أو جمعه إن كان متفرقا، أو شرحه إن كان غامضا، أو حسن نظم وتأليف أو إسقاط حشو وتطويل وأرجو أن لا يخلو هذا الكتاب عن هذه الخصال التي ذكرت وسميته [لباب التأويل في معاني التنزيل] والله تعالى أسأل التوفيق لإتمام ما قصدت، وإليه أرغب في تيسير ما أردت، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني إنه هو السميع العليم، وهو حسبي ونعم الوكيل، عليه توكلت وإليه أنيب، وقبل أن أشرع في الكلام على التفسير أقدم مقدمة تتضمن ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في فضل القرآن وتلاوته وتعليمه:
(م) عن زيد بن أرقم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: «أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به» فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي زاد في رواية كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل» وفي رواية: كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة، وفي رواية الترمذي عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إني تارك فيكم ما إنّ تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (م) عن عمر بن الخطاب قال أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين» وعن الحارث الأعور قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على عليّ فقلت يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد
خاضوا في الأحاديث قال: أوقد فعلوها قلت نعم قال أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا إنها ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال: كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم والفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به من قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور. أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب وإسناده مجهول وفي الحارث مقال.
(قوله هو الفصل) أي الفاصل بين الحق والباطل ليس بالهزل أي هو جد كله ليس فيه شيء من الهزل، والجبار في صفة الآدمي هو المتسلط العاتي المتكبر على الناس، قصمه الله أي أهلكه.
(قوله وهو حبل الله المتين) الحبل يرد على وجوه منها العهد ومنها الأمان فإذا اعتصم به الإنسان آواه الله تعالى إلى جواره والذكر الشرف والحكيم المحكم العاري من الاختلاف والاضطراب، والصراط المستقيم الطريق الواضح، ومعنى لا تزيغ به الأهواء أي لا يميل عن الحق، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح (خ) عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (ق) عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» .
(قوله الماهر بالقرآن) يعني الحاذق الكامل الحفظ الجيد التلاوة، وقوله: مع السفرة جمع سافر وهو الرسول من الملائكة سمي بذلك لأنه يسفر برسالات الله إلى أنبيائه وقيل السفرة الكتبة من الملائكة والبررة المطيعون لله تعالى فيما يأمر، به ومعنى كونه من الملائكة أن له منازل في الجنة يكون فيها رفيقا لهم. وقوله:
يتعتع أي يتردد في تلاوته لضعف حفظه. له أجران: يعني يحصل له أجر بسبب القراءة وأجر بسبب تعبه فيها والمشقة التي تحصل له فيها وليس معناه أن له أجرا أكثر من الماهر، بل الماهر أفضل منه وأكثر أجرا (ق) عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب، وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب ولا طعم لها، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن، كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها فيه دليل على فضيلة حفاظ القرآن واستحباب ضرب الأمثال لإيضاح المقاصد، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب، وقد رفعه بعضهم عن ابن مسعود، ووقفه بعضهم عليه عن ابن عباس قال: قال رجل يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال «الحالّ المرتحل» . قال: وما الحال المرتحل؟ قال: «الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل» . أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند الله آخر آية تقرؤها» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجيء القرآن يوم القيامة فيقول يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقال اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة» أخرجه الترمذي وقال:
حديث حسن عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه يوم القيامة تاجا ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم فما ظنكم بالذي عمل بهذا» أخرجه أبو