الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد خاب، وخسر وقوله وإذا شيك هذا فعل ما لم يسم فاعله، تقول شاكته الشوكة إذا دخلت في جسمه والانتقاش إخراج الشوكة من الجسم وإنما كان سؤال المشركين للدينار ولم يطلبوا التوبة والمغفرة ونعيم الآخرة لأنهم كانوا ينكرون البعث وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ أي وما له في الآخرة من حظ ولا نصيب.
[سورة البقرة (2): آية 201]
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (201)
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ يعني المؤمنين. واعلم أن الله تعالى قسم الداعين فريقين البعث: فريق اقتصروا في الدعاء على طلب الدنيا وهم الكفار لأنهم كانوا لا يعتقدون البعث والآخرة، والفريق الثاني: هم المؤمنون الذين جمعوا في الدعاء بين طلب الدنيا والآخرة وذلك لأن الإنسان خلق ضعيفا محتاجا لا طاقة له بآلام الدنيا ومتاعبها فالأولى له أن يستعيذ بالله من شرها وآلامها لأنه لو اضطرب على الإنسان عرق من عروقه، لشوش عليه حياته في الدنيا، وتعطل عن الاشتغال بطاعة الله تعالى فثبت بذلك أن طلب الدنيا في الدعاء من أمر الدين، فلذلك قال الله تعالى: إخبارا عن المؤمنين: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً قيل: إن الحسنة في الدنيا عبارة عن الصحة والأمن والكفاية والتوفيق إلى الخير والنصر على الأعداء والولد الصالح والزوجة الصالحة (م) عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة» وقيل: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة وفي الآخرة الجنة وقيل: الحنسة في الدنيا الرزق الحلال والعمل الصالح وفي الآخرة المغفرة والثواب. وقيل: من آتاه الله الإسلام والقرآن وأهلا ومالا فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة يعني في الدنيا عافية وفي الآخرة عافية.
(م) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خف فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبني به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله لا تطيقه ولا تستطيعه أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» قال: فدعا الله به فشفاه (ق) عن أنس بن مالك. قال كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عن عبد الله بن السائب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين الركنين: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» أخرجه أبو داود.
[سورة البقرة (2): الآيات 202 الى 203]
أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (202) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)
أُولئِكَ إشارة إلى المؤمنين الداعين بالحسنتين ووجه هذا القول أن الله ذكر حكم الفريق بكماله. فقال:
وما له في الآخرة من خلاق وقيل: يرجع إلى الفريقين لَهُمْ جميعا أي لكل فريق من هؤلاء نَصِيبٌ أي حظ مِمَّا كَسَبُوا يعني من الخير والدعاء بالثواب والجزاء على الدعاء بالدنيا من جنس ما كسب ودعا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ذكروا في معنى الحساب أن الله تعالى يعلم العباد بما لهم وعليهم بمعنى أن الله تعالى يخلق العلوم الضرورية في قلوبهم بمقادير أعمالهم وكمياتها وكيفياتها وبمقادير ما لهم من الثواب وعليهم من العقاب. وقيل:
إن المحاسبة عبارة عن المجازاة ويدل عليه قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وقيل: إن الله تعالى يكلم عباده يوم القيامة ويعرفهم أحوال أعمالهم وما لهم من الثواب والعقاب. وقيل: إنه تعالى إذا حاسب عباده فحسابه سريع لأنه تعالى لا يحتاج إلى عقد يد وروية فكر وصف الله نفسه تعالى بسرعة الحساب مع كثرة الخلائق وكثرة أعمالهم ليدل بذلك على كمال قدرته لأنه تعالى لا يشغله
شأن عن شأن ولا يحتاج إلى آلة ولا مادة ولا مساعد، فلا جرم كان قادرا على أن يحاسب جميع الخلائق في أقل من لمح البصر، وروي أنه تعالى يحاسب الخلائق في قدر حلب شاة أو ناقة، وقيل: في معنى كونه تعالى سريع الحساب أي سريع القبول لدعاء عباده والإجابة لهم، وذلك أنه تعالى يسأله السائلون في الوقت الواحد كل واحد منهم أشياء مختلفة من أمور الدنيا والآخرة فيعطي كل واحد من غير أن يشتبه عليه شيء من ذلك، لأنه تعالى عالم بجميع أحوال عباده وأعمالهم وقيل في معنى الآية إن إتيان القيامة قريب لأن كل ما هو كائن وآت قريب لا محالة، وفيه إشارة إلى المبادرة بالدعاء والذكر وسائر الطاعات وطلب الآخرة.
قوله عز وجل: وَاذْكُرُوا اللَّهَ يعني بالتوحيد والتعظيم والتكبير في أدبار الصلوات وعند رمي الجمرات، وذلك أنه يكبر مع كل حصاة من حصى الجمار فقد ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر مع كل حصاة فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ يعني أيام التشريق وهي أيام منى ورمي الجمار سميت معدودات لقلتهن وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، أولها اليوم الحادي عشر من ذي الحجة وهو قول ابن عمر وابن العباس والحسن وعطاء ومجاهد وقتادة وهو مذهب الشافعي. وقيل: إن الأيام المعدودات يوم النحر ويومان بعده. وهو قول علي بن أبي طالب ويروى عن ابن عمر أيضا وهو مذهب أبي حنيفة (م) عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله» ومن الذكر في هذه الأيام التكبير (خ) عن ابن عمر أنه كان يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات، وعلى فراشه وفي فسطاطه وفي مجلسه وفي ممشاه في تلك الأيام جميعا وفي رواية أنه كان يكبر في قبته فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى أخرجه البخاري بغير إسناد وأجمع العلماء على أن المراد بهذا هو التكبير عند رمي الجمار، وهو أن يكبر مع كل حصاة يرمي بها في جميع أيام التشريق، وأجمعوا أيضا على أن التكبير في عيد الأضحى وفي هذه الأيام في إدبار الصلوات سنة واختلفوا في وقت التكبير فقيل يبتدئ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق فيكون التكبير على هذا القول في خمسة عشر صلاة، وهو قول ابن عباس وابن عمر، وبه قال الشافعي: في أصح أقواله قال الشافعي: لأن الناس فيه تبع للحاج وذكر الحاج قيل: هذا الوقت هو التلبية ويأخذون في التكبير يوم النحر من صلاة الظهر. وقيل: إنه يبتدئ به من صلاة المغرب ليلة النحر ويختم بصلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وهو القول الثاني الشافعي فيكون التكبير على هذا القول: في ثمانية عشر صلاة والقول الثالث للشافعي إنه يبتدئ بالتكبير من صلاة الصبح يوم عرفة، ويختم به بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق، فيكون التكبير على هذا القول في ثلاث وعشرين صلاة وهو قول علي بن أبي طالب، ومكحول وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال ابن مسعود يبتدأ به من صبح يوم عرفة ويختم بصلاة العصر من يوم النحر، فعلى هذا القول يكون التكبير في ثمان صلوات، وبه قال أبو حنيفة وقال أحمد بن حنبل: إذا كان حلالا كبر عقيب ثلاث وعشرين صلاة أولها الصبح من يوم عرفة وآخرها صلاة العصر من آخر أيام التشريق وإن كان محرما كبر عقيب سبعة عشر صلاة أولها الظهر من يوم النحر وآخرها عصر آخر أيام التشريق. ولفظ التكبير عند الشافعي ثلاثا نسقا الله أكبر الله أكبر الله أكبر وهو قول سعيد بن جبير والحسن، وهو قول أهل المدينة، قال الشافعي: وما زاد من ذكر الله فحسن ويروى عن ابن مسعود أنه يكبر مرتين فيقول الله أكبر الله أكبر وهو قول أهل العراق.
وقوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أي فمن تعجل النفر الأول وهو في الثاني من أيام التشريق فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ أي فلا حرج عليه وذلك أنه يجب على الحاج المبيت بمنى الليلة الأولى والثانية من ليالي أيام التشريق، ليرمي كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة يرمي عند كل جمرة سبع حصيات ثم من رمى في اليوم الثاني وأراد أن ينفر ويدع البيتوتة الليلة الثالثة ورمى يومها فذلك واسع له لقوله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ يعني فلا إثم على من تعجل فنفر في اليوم الثاني في تعجيله وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ يعني ومن تأخر إلى