الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأطول من هذا وفيه زيادة قوله اليريسيين وفي رواية الأريسيين والأريس الأكار وهو الزراع والفلاح وقيل: هم أتباع عبد الله بن أريس رجل كان في الزمن الأول بعثه الله فخالفه قومه وقيل هم الأروسيون وهم نصارى أتباع عبد الله بن أروس وهم
الأروسة. وقيل: هم الأريسون بضم الهمزة وهم الملوك الذين يخالفون أنبياءهم وقيل:
هم المتبخترون وقيل: هم اليهود والنصارى الذين صددتهم عن الإسلام واتبعوك على كفرك. قوله عز وجل:
[سورة آل عمران (3): الآيات 65 الى 66]
يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَاّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66)
يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ قال ابن عباس: اجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم نصارى نجران وأحبار اليهود فتنازعوا عنده فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلّا يهوديا. وقالت النصارى ما كان إبراهيم إلّا نصرانيا فأنزل الله فيهم يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم؟ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ ومعنى الآية اليهود والنصارى لما اختصموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن إبراهيم عليه السلام وادّعت كل طائفة أنه كان منهم وعلى دينهم فبرأ الله عز وجل إبراهيم مما ادعوا فيه وأخبر أن اليهودية والنصرانية إنما حدثا بعد نزول التوراة والإنجيل وإنما نزلا بعد إبراهيم بزمان طويل فكان بين إبراهيم وبين موسى ونزول التوراة عليه خمسمائة سنة وخمسة وسبعون سنة وبين موسى وعيسى ألف وستمائة واثنتان وثلاثون سنة. وقال ابن إسحاق: كان بين إبراهيم وموسى خمسمائة سنة وخمس وستون سنة وبين موسى وعيسى ألف سنة وتسعمائة وعشرون سنة وأورد على هذا التأويل أن الإسلام أيضا إنما حدث بعد إبراهيم وموسى وعيسى بزمان طويل، وكذلك إنزال القرآن إنما نزل بعد التوراة والإنجيل فكيف يصح ما ادعيتم في إبراهيم أنه كان حنيفا مسلما وأجيب عنه بأن الله عز وجل أخبر في القرآن بأن إبراهيم كان حنيفا مسلما وليس في التوراة والإنجيل أن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا فصح وثبت ما ادعاه المسلمون وبطل ما ادعاه اليهود والنصارى. وهو قوله تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ يعني بطلان قولكم يا معشر اليهود والنصارى حتى لا تجادلوا مثل هذا الجدال المحال ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ ها للتنبيه وهو موضع النداء يعني يا هؤلاء والمراد بهم أهل الكتابين يعني يا معشر اليهود والنصارى حاجَجْتُمْ أي جادلتم وخاصمتم فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ يعني فيما وجدتم في كتبكم وأنزل عليكم بيانه في أمر موسى وعيسى، وادعيتم أنكم على دينهما وقد أنزلت التوراة والإنجيل عليكم فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ يعني أنه ليس في كتابكم أن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا وَاللَّهُ يَعْلَمُ يعني ما كان إبراهيم عليه من الدين وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ يعني ذلك والمعنى وأنتم جاهلون بما تقولون في إبراهيم ثم برأه الله عز وجل عما قالوا فيه وأعلمهم أن إبراهيم بريء من دينهم. فقال تعالى:
[سورة آل عمران (3): الآيات 67 الى 68]
ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)
ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا يعني لم يكن كما ادعوه فيه، ثم وصفه بما كان عليه من الدين فقال تعالى: وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً يعني مائلا عن الأديان إلى الدين المستقيم وهو الإسلام وقيل: الحنيف الذي يوجد ويختتن ويضحي ويستقبل الكعبة في صلاته وهو أحسن الأديان وأسهلها وأحبها إلى الله عز وجل وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يعني الذين يعبدون الأصنام وقيل: فيه تعريض بكون النصارى مشركين لقولهم بإلهية المسيح وعبادتهم له. قوله عز وجل: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ يعني أخصهم به وأقربهم منه لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ يعني الذين كانوا في زمانه وآمنوا به واتبعوا شريعته وَهذَا النَّبِيُّ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم وَالَّذِينَ آمَنُوا يعني هذه الأمة
الإسلامية وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ يعني بالنصر والمعونة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي ولاة من النبيين وإن وليي أبي وخليل ربي إبراهيم ثم قرأ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين أخرجه الترمذي وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ورواه محمد بن إسحاق عن ابن شهاب بإسناده حديث هجرة الحبشة قال: لما هاجر جعفر بن أبي طالب وأناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة واستقرت بهم الدار وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكان من أمر بدر وما كان اجتمعت قريش في دار الندوة وقالوا: إن لنا في الذين عند النجاشي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثأرا ممن قتل منكم ببدر فاجمعوا مالا وأهدوه إلى النجاشي لعله يدفع إليكم من عنده من قومكم ولينتدب لذلك رجلان من ذوي رأيكم فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط معهما الهدايا الأدم وغيره فركبا البحر حتى أتيا الحبشة فلما دخلا على النجاشي سجدا له وسلما عليه وقالا له إن قومنا لك ناصحون شاكرون ولأصحابك محبون، وإنهم بعثونا إليك لنحذرك هؤلاء الذين قدموا عليك لأنهم قوم رجل كذاب خرج يزعم أنه رسول الله ولم يتابعه أحد منا إلّا السفهاء وإنا كنا قد ضيقنا عليهم الأمر وألجأناهم إلى شعب بأرضنا لا يدخل عليهم أحد ولا يخرج منهم أحد فقتلهم الجوع والعطش، فلما اشتد عليه الأمر بعث إليك ابن عمه ليفسد عليك دينك وملكك ورعيتك فاحذرهم وادفعهم إلينا لنكفيكم. قال: وآية ذلك أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك ولا يحيونك بالتحية التي يحييك بها الناس رغبة عن دينك وسنتك قال: فدعاهم النجاشي فلما حضروا صاح جعفر بالباب يستأذن عليك حزب الله تعالى فقال النجاشي: مروا هذا الصائح فليعد كلامه ففعل جعفر فقال النجاشي: نعم فليدخلوا بأمان الله وذمته فنظر عمرو إلى صاحبه فقال: ألا تسمع كيف يرطنون بحزب الله وما أجابهم به الملك فساءهما ذلك ثم دخلوا عليه فلم يسجدوا له فقال عمرو بن العاص: ألا ترى أنهم يستكبرون أن يسجدوا لك فقال لهما النجاشي: ما منعكم أن تسجدوا لي وتحيوني بالتحية التي يحييني بها من أتاني من الآفاق نسجد لله الذي خلقك وملكك إنما كانت تلك التحية لنا ونحن نعبد الأوثان فبعث الله فينا نبيا صادقا فأمرنا بالتحية التي رضيها الله وهي السلام تحية أهل الجنة، فعرف النجاشي أن ذلك حق وأنه في التوراة والإنجيل. قال: أيكم الهاتف يستأذن عليك حزب الله؟ قال جعفر أنا قال فتكلم قال: إنك ملك من ملوك الأرض من أهل الكتاب ولا يصلح عندك كثرة الكلام ولا الظلم وإنما أحب أن أجيب عن أصحابي فمر هذين الرجلين فليتكلم أحدهما ولينصت الآخر فتسمع محاورتنا فقال عمرو لجعفر تكلم فقال جعفر للنجاشي: سل هذين الرجلين أعبيد نحن أم أحرار؟ فإن كنا عبيدا قد أبقنا من أربابنا فردنا عليهم فقال النجاشي أعبيد هم أم أحرار؟ فقال بل أحرار كرام فقال النجاشي: نجوا من العبودية فقال جعفر:
سلهما هل أرقنا دما بغير حق فيقتص منا فقال عمرو: لا ولا قطرة قال جعفر: سلهما هل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاؤها قال النجاشي: إن كان قنطارا فعلي قضاؤه فقال عمرو: لا ولا قيراط فقال النجاشي: فما تطلبون منهم قال كنا وإياهم على دين واحد وأمر واحد على دين آبائنا فتركوا ذلك وابتعوا غيره فبعثنا قومنا لتدفعهم إلينا فقال النجاشي: وما هذا الدين الذي كنتم عليه والدين الذي اتبعوه فقال جعفر: أما الدين الذي كنا عليه فهو دين الشيطان كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة، وأما الذي تحولنا إليه فهو دين الله الإسلام جاءنا به من عند الله رسول، وكتاب مثل كتاب ابن مريم موافقا له فقال النجاشي: يا جعفر تكلمت بأمر عظيم فعلى رسلك ثم أمر النجاشي بضرب الناقوس فضرب فاجتمع إليه كل قسيس وراهب، فلما اجتمعوا عنده قال النجاشي: أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى هل تجدون بين عيسى وبين يوم القيامة نبيا مرسلا قالوا: اللهم نعم قد بشرنا به عيسى فقال: من آمن به فقد آمن بي ومن كفر به فقد كفر بي. فقال النجاشي لجعفر: ماذا يقول لكم هذا الرجل وما يأمركم به وما ينهاكم عنه؟ فقال: يقرأ علينا كتاب الله ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الرحم وبر اليتيم، ويأمرنا أن نعبد الله وحده لا شريك له فقال له: اقرأ علي مما يقرأ عليكم فقرأ