الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإيمان بالله. ثم قال: هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا الخمس من المغنم» ،
الحديث- فجعل أداء الخمس من جملة الإيمان، وقد بوّب البخاري على ذلك في باب الإيمان من صحيحه، فقال:(باب أداء الخمس من الإيمان) وساق الحديث المذكور.
وقوله تعالى: وَما أَنْزَلْنا معطوف على بِاللَّهِ أي إن كنتم آمنتم بالله وبالمنزل عَلى عَبْدِنا أي محمد عليه الصلاة والسلام، أي من الآيات والملائكة والنصر يَوْمَ الْفُرْقانِ أي يوم بدر، فإنه فرق فيه بين الحق والباطل. و (الفرقان) بمعناه اللغوي، والإضافة فيه للعهد يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ يعني جمع المؤمنين وجمع الكافرين. فالتعريف للعهد. وكان التقاؤهما يوم الجمعة. لسبع عشرة مضت من رمضان والمؤمنون يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، والمشركون ما بين الألف والتسعمائة، فهزم الله المشركين، وقتل منهم زيادة على سبعين، وأسر منهم مثل ذلك وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على نصر القليل على الكثير، كما فعل بكم يوم بدر.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (8) : آية 42]
إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)
إِذْ أَنْتُمْ بدل من (يوم الفرقان) ، أو ظرف لمحذوف، أي: اذكروا إذ أنتم يا معشر المؤمنين بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا يعني بشفير الوادي الأدنى من المدينة وَهُمْ يعني المشركين أبا جهل وأصحابه بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى أي البعدى عن المدينة، مما يلي مكة وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ أي العير التي فيها أبو سفيان، بما معه من التجارة التي كان الخروج لأجلها، أسفل من موضع المؤمنين إلى ساحل البحر على ثلاثة أميال من (بدر) .
لطيفة:
قال الزمخشري: فإن قلت: ما فائدة هذا التوقيت، وذكر مراكز الفريقين، وأن
العير كانت أسفل منهم؟ قلت: الفائدة فيه الإخبار عن الحال الدالة على قوة شأن العدوّ وشوكته وتكامل عدته، وتمهّد أسباب الغلبة له، وضعف شأن المسلمين، والتياث أمرهم، وأن غلبتهم في مثل هذه الحال، ليست إلا صنعا من الله سبحانه، ودليلا على أن ذلك أمر لم يتيسر إلا بحوله وقوته، وباهر قدرته، وذلك أن العدوة القصوى الّتي أناخ بها المشركون، كان فيها الماء، وكانت أرضا لا بأس بها. ولا ماء بالعدوة الدنيا، وهي خبار (ما لان من الأرض واسترخى) تسوخ فيه الأرجل، ولا يمشي فيها إلا بتعب ومشقة، وكانت العير وراء ظهور العدوّ، مع كثرة عددهم، فكانت الحماية دونها تضاعف حميّتهم، وتشحذ في المقاتلة عنها نياتهم، ولهذا كانت العرب تخرج إلى الحرب بظعنهم وأموالهم، ليبعثهم الذبّ عن الحريم، والغيرة على الحرب، على بذل جهيداهم في القتال، وألا يتركوا وراءهم ما يحدّثون أنفسهم بالانحياز إليه، فيجمع ذلك قلوبهم، ويضبط همومهم، ويوطن نفوسهم، على ألا يبرحوا موطنهم، ولا يخلوا مراكزهم، ويبذلوا منتهى نجدتهم، وقصارى شدتهم، وفيه تصوير ما دبّر سبحانه من أمر وقعة بدر، ليقضي أمرا كان مفعولا، من إعزاز دينه، وإعلاء كلمته، حين وعد المسلمين إحدى الطائفتين، مبهمة غير مبيّنة، حتى خرجوا ليأخذوا العير، راغبين في الخروج، وشخص بقريش مرعوبين مما بلغهم من تعرّض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأموالهم، حتى نفروا ليمنعوا غيرهم، وسبب الأسباب حتى أناخ هؤلاء بالعدوة الدنيا، وهؤلاء بالعدوة القصوى، ووراءهم العير يحامون عليها، حتى قامت الحرب على ساق، وكان ما كان، انتهى.
قال الناصر في (الانتصاف) : وهذا الفصل من خواص حسنات الزمخشري، وتنقيبه عن أسرار الكتاب العزيز.
وقوله تعالى: وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ أي ولو تواعدتم أنتم وأهل مكة على موعد تلتقون فيه للقتال، لخالف بعضكم بعضا، فثبطكم قلتكم وكثرتهم، على الوفاء بالموعد، وثبطهم ما في قلوبهم من تهيّب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فلم يتفق لكم من التلاقي ما وفقه الله وسبب له. قاله الزمخشري.
وفي حديث كعب بن مالك قال: إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عبر قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوّهم على غير ميعاد.
وروى ابن جرير عن عمير بن إسحاق قال: أقبل أبو سفيان في الركب من الشام، وخرج أبو جهل ليمنعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالتقوا ببدر، ولا يشعر