الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونقل صاحب (الإقناع) أن البسملة ثابتة (لبراءة) في مصحف ابن مسعود، قال: ولا يؤخذ بهذا.
وعن مالك: أن أولها لما سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها. كذا في (الإتقان) .
ثم اعلم أن القراء أجمعوا على ترك قراءة البسملة في أول هذه السورة اتباعا لسقوطها في الرسم من مصحف الإمام، إلا ابن مناذر، فإنه يسمي في أولها، كما في مصحف ابن مسعود.
وقال السخاوي في (جمال القراء) : إنه اشتهر تركها في أول براءة.
وروي عن عاصم التسمية في أولها، وهو القياس. لأن إسقاطها، إما لأنها نزلت بالسيف أو لأنهم لم يقطعوا بأنها سورة مستقلة، بل من الأنفال. ولا يتم الأول، لأنه مخصوص بمن نزلت فيه، ونحن إنما نسمي للتبرك. وأما الابتداء بما بعد أول براءة، فلا نصّ للمتقدمين من أئمة القراء فيه، وظاهر إطلاق كثير التخيير فيها، واختار السخاوي الجواز، وقال: ألا ترى أنه يجوز بغير خلاف أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ [التوبة: 36] . وإلى منعها ذهب الجعبري، وتعقبه السخاويّ فقال: إن كان نقلا فمسلّم، وإلا فردّ عليه، لأنه تفريع على غير أصل.
وقال ابن الجزري في (النشر) : من اعتبر بقاء أثر العلة التي من أجلها حذفت البسملة أولها، وهي نزولها بالسيف، لم يبسمل. ومن لم يعتبر ذلك، أو لم يرها، بسمل بلا نظر. والله أعلم.
وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (9) : آية 1]
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ خبر لمحذوف، وتنوينه للتفخيم. أي هذه براءة. أو مبتدأ مخصص بصفة، وخبره إِلَى الَّذِينَ.
و (البراءة) في اللغة انقطاع العصمة، يقال: برئت من فلان براءة، أي انقطعت بيننا العصمة، ولم يبق بيننا علقة.
فإن قيل: حق البراءة أن تنسب إلى المعاهد، فلم لم تنسب إليهم، ونسبت إلى الله ورسوله؟
أجيب: أن عاهَدْتُمْ إخبار عن سابق صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم والجماعة، فنسب إلى الكل، كما هو الواقع، وإن كان بإذن الله أيضا.
وأما البراءة فهي إخبار عن متجدّد، فكيف ينسب إليهم، وهم لم يحدثوه بعد، وإنما يسند إلى من أحدثه؟ وقال الناصر: إن سر ذلك أن نسبة العهد إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في مقام نسب فيه النبذ إلى المشركين، لا يحسن أدبا. ألا ترى إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمراء السرايا حيث
فانظر إلى أمره صلى الله عليه وسلم بتوقير ذمة الله، مخافة أن تخفر، وإن كان لم يحصل بعد ذلك الأمر المتوقع، فتوقير عهد الله، وقد تحقق من المشركين النكث، وقد تبرأ منه الله ورسوله بألا ينسب العهد المنبوذ إلى الله- أحرى وأجدر. فلذلك نسب العهد إلى المسلمين دون البراءة منه.
وقال الشهاب: ولك أن تقول: إنما أضاف العهد إلى المسلمين، لأن الله علم أن لا عهد لهم، فلذا لم يضف العهد إليه، لبراءته منهم، ومن عهدهم في الأزل.
وهذا نكتة الإتيان بالجملة اسمية خبرية. وإن قيل: إنها إنشائية للبراءة منهم، ولذا دلت على التجدد. انتهى.
قال ابن إسحاق. نزلت براءة في نقض ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من العقد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم، ألا يصدّ عن البيت أحد جاءه، ولا يخاف أحد في الشهر الحرام. وكان ذلك عهدا عامّا بينه وبين الناس من أهل الشرك.
وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قبائل من العرب خصائص إلى آجال مسماة، فنزلت فيه وفيمن تخلف من المنافقين عنه في (تبوك) ، وفي قول من قال منهم، فكشف الله سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون.
(1) أخرجه مسلم في: الجهاد، حديث رقم 3.
وأخرجه أبو داود في: الجهاد، 82- باب في دعاء المشركين، حديث رقم 2612.
وأخرجه الترمذي في: السير، 47- باب ما جاء في وصية النبيّ صلى الله عليه وسلم في القتال.
وأخرجه ابن ماجة في: الجهاد، 38- باب وصية الإمام، حديث رقم 2858.