المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الأحكام تجري على الظواهر] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصَلِّ الشَّرْطُ الْعُرْفِيُّ كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْعُذْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْوِتْرِ بِخَمْسٍ مُتَّصِلَةٍ وَسَبْعٍ مُتَّصِلَةٍ]

- ‌[تَغْيِيرِ الْفَتْوَى وَاخْتِلَافِهَا]

- ‌[الشَّرِيعَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ]

- ‌[إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعِ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ]

- ‌[فَصْلٌ سُقُوطُ الْحَدِّ عَامَ الْمَجَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَتَعَيَّنُ فِي أَنْوَاعٍ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ بَدَلَ الْمُصَرَّاةِ]

- ‌[فَصْلٌ طَوَافُ الْحَائِضِ بِالْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتُ الْأَيْمَانِ وَالْإِقْرَارِ وَالنُّذُورِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الطَّلَاقُ حَالَ الْغَضَبِ]

- ‌[فَصْلٌ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌[حُكْمِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ مُضْمَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَبِالْحَرَامِ لَهُ صِيغَتَانِ]

- ‌[مَنْشَأُ أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَلِفُ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْجِيلِ بَعْضِ الْمَهْرِ وَحُكْمُ الْمُؤَجَّلِ]

- ‌[مَهْرُ السِّرِّ وَمَهْرُ الْعَلَنِ]

- ‌[الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَمْ يَقْصِدْ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا مَعَانِيَهَا]

- ‌[شُرُوطُ الْوَاقِفِينَ]

- ‌[أَنْوَاعُ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ وَحُكْمُهَا]

- ‌[فَصْلٌ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ قَصْدُ الْمُكَلَّفِ دُونَ الصُّورَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحْكَامَ تَجْرِي عَلَى الظَّوَاهِرِ]

- ‌[الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ الْمُكَلَّفَ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْأَلْفَاظُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَقَاصِدِ الْمُتَكَلِّمِينَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[تَحْرِيمِ الْحِيَلِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَغُ الْعُقُودِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَلَامُ عَلَى الْمُكْرَهِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ الْهَازِلِ وَحُكْمُ عُقُودِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ هُوَ أَكْمَلُ مَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الدُّنْيَا تَجْرِي عَلَى الْأَسْبَابِ]

- ‌[مَتَى يُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُقَارِنُ فِي الْعُقُودِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَدِلَّةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ تَجْوِيزُ الْحِيَلِ يُنَاقِضُ سَدَّ الذَّرِيعَةِ]

- ‌[دَلِيلُ تَحْرِيمِ الْحِيَلِ وَأَنْوَاعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَكْثَرُ الْحِيَلِ يُنَاقِضُ أُصُولَ الْأَئِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُجَجُ الَّذِينَ جَوَّزُوا الْحِيَلَ]

- ‌[جَوَابُ الَّذِينَ أَبْطَلُوا الْحِيَلَ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَوَابُ عَلَى شُبَهِ الَّذِينَ جَوَّزُوا الْحِيَلَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِقَاقُ الْحِيلَةِ وَبَيَانُ مَعْنَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الْحِيلَة إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَأَمْثِلَتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيَلُ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الْكَبَائِرِ]

- ‌[إبْطَالُ الْحِيلَةُ عَلَى إسْقَاطِ حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ الْغَاصِب]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِخْرَاجِ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمِيرَاثِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ كَفَّارَةِ الْمُجَامِعُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ وُجُوبِ قَضَاءِ الْحَجِّ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ أُخْرَى لِإِبْطَالِ الزَّكَاةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْطَالِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِضَمَانِ الْبَسَاتِينِ]

- ‌[الْحِيلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا]

- ‌[فَصْلٌ بُطْلَانُ الْحِيلَةِ بِالْخُلْعِ لِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُتَأَخِّرُونَ هُمْ الَّذِينَ أَحْدَثُوا الْحِيَلَ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَصْحِيحِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَأْجِيرِ الْوَقْفِ مُدَّةً طَوِيلَةً]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَفْعَلَ مَا لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْحَضَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِجَعْلِ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ نَافِذَةً]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحَيُّلُ عَلَى إبْطَالِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحَيُّلُ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُزَارَعَةِ لِمَنْ يَعْتَقِدُ فَسَادَهَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْأَبِ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ أَرْشِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيَلٍ لِإِسْقَاطِ حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَدِّ الزِّنَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّحْمَ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ الطَّوْلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِيمَا إذَا عَلَّى كَافِرٌ بِنَاءَهُ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْلٌ إسْقَاطُ حِيلَةٍ لِإِبْرَاءِ الْغَاصِبِ مِنْ الضَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيَلٍ فِي الْأَيْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيَلٍ فِي الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِحُسْبَانِ الدَّيْنِ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ شَيْءٍ حَلَفَ أَلَّا يَبِيعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حيلة فِي الْإِيمَان]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ رَجْعَةِ الْبَائِنِ بِغَيْرِ عِلْمِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيلَةُ عَلَى وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حِيلَةِ الْعَقَارِبِ وَإِبْطَالِهَا]

- ‌[فَصْلٌ التَّحَيُّلُ عَلَى جَوَازِ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ الْحِيَلِ الْمُحْرِمَة إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَقْسَامِ الْحِيَلِ وَمَرَاتِبِهَا]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْحِيَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْحِيَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِيَلِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْأَوَّلُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ دَارًا مُدَّةَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَخَافَ أَنْ يَغْدِرَ بِهِ الْمُكْرِي فِي آخِرِ الْمُدَّةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي خَوْفُ رَبِّ الدَّارِ غَيْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْتَاجُ إلَى دَارِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَذِنَ رَبُّ الدَّارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَخَافَ أَنْ لَا يُحْتَسَبَ مِنْ الْأُجْرَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ خَوْفُ رَبِّ الدَّارِ مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ تَسْلِيمَهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ اسْتِئْجَارُ الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ اشْتِرَاطُ الزَّوْجَةِ دَارَهَا أَوْ بَلَدَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ تَزَوُّجُ الْمَرْأَةِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ إجَارَةُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ اسْتِئْجَار الْأَرْض بِخَرَاجِهَا مَعَ الْأُجْرَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْعَاشِرُ اسْتِئْجَارُ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ الْإِجَارَةُ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ الْمُدَّة]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي عَشَرَ شِرَاء الْوَكِيل مَا وُكِّلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ الْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْإِحْرَامُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ]

- ‌[الْمِثَال السَّادِسَ عَشْر الْحِيلَة لِلْبِرِّ فِي يَمِينٍ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعَ عَشَر ادِّعَاءُ الْمَرْأَةِ نَفَقَةً مَاضِيَةً]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنَ عَشَرَ شِرَاءُ مَعِيبٍ ثُمَّ تَعَيُّبُهُ عِنْد الْمُشْتَرِي]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعَ عَشَرَ إبراء الغريم فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ لِنَفَاذِ عِتْقِ عَبْدِهِ مَعَ خَوْفِهِ جَحْدَ الْوَرَثَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ دَيْنٌ عَلَى الْمَوْرُوثِ وَأَحَبَّ أَنْ يُوفِيَهُ إيَّاهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ ابْنَتِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ إذَا كَانَ مُوَلِّيهِ سَفِيهًا إنْ زَوَّجَهُ طَلَّقَ وَإِنْ سَرَّاهُ أَعْتَقَ وَإِنْ أَهْمَلَهُ فَسَقَ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ تَزْوِيجُ عَبْدِهِ جَارِيَةً بَعْدَ أَنْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُهُ إيَّاهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ وَالْفُلُوسِ هَلْ تَصِحّ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ بِبَعْضِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَالْحِيلَةُ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْل الْحِيلَةُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْحَالِ بِبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ اخْتِلَاف الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ فِي ثَمَنِ مَا وَكَّلَهُ فِي شِرَائِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُودِعِ]

- ‌[الْمِثَال التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ فِي تَضْمِينِ الرَّاهِنِ تَلَفَ الْمَرْهُونِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ وَالْعَارِيَّةِ إذَا أَجَّلَهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ الْمُخَلِّصَةُ مِنْ لَدْغِ الْمُخَادِعِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَاءِ]

- ‌[الْمِثَال التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ تَسْوِيغِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي إلَّا لِمَنْ بَاعَهُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي تَجْوِيزِ شَهَادَةِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي تَجْوِيزِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ حِنْثِ الْحَالِفِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَمَّنْ قَتَلَ زَوْجَتَهُ الَّتِي لَاعَنَهَا أَوْ قَتَلَ وَلَدَهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالْإِبْرَاءِ ثُمَّ عَادَ فَادَّعَاهُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي تَجْوِيزِ نَظَرِ الْوَاقِفِ عَلَى وَقْفِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ لِتَجْوِيزِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ الشَّيْءِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَتِهِ مُدَّةً]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الشِّرَاءِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[المثال الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ إسْلَامُ ذِمِّيٍّ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيَلُ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي إبْطَالِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْحِنْثِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي بِرِّ زَوْجٍ وَزَوْجَتِهِ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ أَخَوَانِ زُفَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا زَوْجَةُ الْآخَرِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي تَخَلُّصِ الْمَرْأَة مِنْ الزَّوْجِ الَّذِي لَا تَرْضَى بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ السِّتُّونَ ضَمَانُ مَا لَا يَجِبُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِمَّا سَبَقَ بِهِ اللِّسَانُ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوب]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ نَفَقَةُ الْمَبْتُوتَةِ وَسُكْنَاهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ الضَّمَانُ وَأَثَرُهُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ هَلْ يَجُوزُ إبْهَامُ الْإِجَارَةِ]

الفصل: ‌[فصل الأحكام تجري على الظواهر]

يَتَقَابَضَا، وَجَوَّزَ دَفْعَهُ بِمِثْلِهِ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ، وَقَدْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدْفَعُ رِبَوِيًّا وَيَأْخُذُ نَظِيرَهُ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْقَصْدُ؛ فَإِنَّ مَقْصُودَ الْمُقْرِضِ إرْفَاقُ الْمُقْتَرِضِ وَنَفْعُهُ، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ الْمُعَاوَضَةَ وَالرِّبْحَ، وَلِهَذَا كَانَ الْقَرْضُ شَقِيقَ الْعَارِيَّةِ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " مَنِيحَةَ الْوَرِقِ " فَكَأَنَّهُ أَعَارَهُ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ اسْتَرْجَعَهَا مِنْهُ، لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ اسْتِرْجَاعُ الْعَيْنِ فَاسْتَرْجَعَ الْمِثْلَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ كَانَ رِبًا صَرِيحًا، وَلَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ وَهَبَهُ دِرْهَمًا آخَرَ جَازَ، وَالصُّورَةُ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْقَصْدُ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يُلْغِيَ الْقُصُودَ فِي الْعُقُودِ وَلَا يَجْعَلُ لَهَا اعْتِبَارًا؟ .

[فَصْلٌ الْأَحْكَامَ تَجْرِي عَلَى الظَّوَاهِرِ]

فَصْلٌ

[اعْتِرَاضٌ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَجْرِي عَلَى الظَّوَاهِرِ]

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ أَطَلْتُمْ الْكَلَامَ فِي مَسْأَلَةِ الْقُصُودِ فِي الْعُقُودِ، وَنَحْنُ نُحَاكِمُكُمْ إلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّهِ نُوحٍ:{وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [هود: 31] فَرَتَّبَ الْحَكِيمُ عَلَى ظَاهِرِ إيمَانِهِمْ، وَرَدَّ عِلْمَ مَا فِي أَنْفُسِهِمْ إلَى الْعَالِمِ بِالسَّرَائِرِ تَعَالَى الْمُنْفَرِدِ بِعِلْمِ ذَاتِ الصُّدُورِ وَعِلْمِ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لِرَسُولِهِ:{وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [هود: 31] وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» وَقَدْ قَالَ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» فَاكْتَفَى مِنْهُمْ بِالظَّاهِرِ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلَى اللَّهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِاَلَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَاعْتَذَرُوا إلَيْهِ، قَبِلَ مِنْهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلَى اللَّهِ عز وجل، وَكَذَلِكَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي الْمُنَافِقِينَ: قَبُولُ ظَاهِرِ إسْلَامِهِمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إلَى اللَّهِ عز وجل، وَقَالَ تَعَالَى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَلَمْ يَجْعَلْ لَنَا عِلْمًا بِالنِّيَّاتِ وَالْمَقَاصِدِ تَتَعَلَّقُ الْأَحْكَامُ الدُّنْيَوِيَّةُ بِهَا، فَقَوْلُنَا لَا عِلْمَ لَنَا بِهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ طَاعَةَ نَبِيِّهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ الْأَمْرِ شَيْئًا، فَأَوْلَى أَلَّا يَتَعَاطَوْا حُكْمًا عَلَى غَيْبِ أَحَدٍ بِدَلَالَةٍ وَلَا ظَنٍّ؛ لِقُصُورِ عِلْمِهِمْ مِنْ عُلُومِ أَنْبِيَائِهِ الَّذِينَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ الْوُقُوفَ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُهُ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى ظَاهَرَ عَلَيْهِمْ الْحُجَجَ، فَمَا جَعَلَ إلَيْهِمْ الْحُكْمَ فِي الدُّنْيَا إلَّا بِمَا ظَهَرَ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، فَفَرَضَ عَلَى نَبِيِّهِ أَنْ يُقَاتِلَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ حَتَّى يُسْلِمُوا فَتُحْقَنَ دِمَاؤُهُمْ إذَا أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ، وَأُعْلِمَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِدْقَهُمْ بِالْإِسْلَامِ إلَّا اللَّهُ؛ ثُمَّ أَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى قَوْمٍ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُسِرُّونَ

ص: 82

غَيْرَهُ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا بِخِلَافِ مَا أَظْهَرُوا؛ فَقَالَ لِنَبِيِّهِ:{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] يَعْنِي أَسْلَمْنَا بِالْقَوْلِ مَخَافَةَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ إنْ أَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَعْنِي إنْ أَحْدَثُوا طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ صِنْفٌ ثَانٍ:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون: 1] إلَى قَوْلِهِ: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: 2] يَعْنِي جُنَّةً مِنْ الْقَتْلِ، وَقَالَ:{سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} [التوبة: 95] فَأَمَرَ بِقَبُولِ مَا أَظْهَرُوا، وَلَمْ يَجْعَلْ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ حُكْمِ الْإِيمَانِ، وَقَدْ أَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ؛ فَجَعَلَ حُكْمَهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ عَلَى سَرَائِرِهِمْ، وَحُكْمَ نَبِيِّهِ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى عَلَانِيَتِهِمْ بِإِظْهَارِ التَّوْبَةِ وَمَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَبِمَا أَقَرُّوا بِقَوْلِهِ وَمَا جَحَدُوا مِنْ قَوْلِ الْكُفْرِ مَا لَمْ يُقِرُّوا بِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ كَذَّبَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ: أَنَّ «رَجُلًا سَارَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَدْرِ مَا سَارَّهُ حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا هُوَ يُشَاوِرُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ قَالَ: بَلَى، وَلَا صَلَاةَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِمْ» ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» ثُمَّ قَالَ: فَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ بِصِدْقِهِمْ وَكَذِبِهِمْ، وَسَرَائِرُهُمْ إلَى اللَّهِ الْعَالِمِ بِسَرَائِرِهِمْ الْمُتَوَلِّي الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ دُونَ أَنْبِيَائِهِ وَحُكَّامِ خَلْقِهِ.

وَبِذَلِكَ مَضَتْ أَحْكَامُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ مِنْ الْحُدُودِ وَجَمِيعِ الْحُقُوقِ، أَعْلَمَهُمْ أَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ عَلَى مَا يُظْهِرُونَ، وَاَللَّهُ يُدِينُ بِالسَّرَائِرِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ «عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيُّ فِي لِعَانِهِ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا: لَوْلَا مَا قَضَى اللَّهُ لَكَانَ لِي فِيهَا قَضَاءٌ غَيْرُهُ» يَعْنِي لَوْلَا مَا قَضَى اللَّهُ مِنْ أَلَّا يَحْكُمَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِاعْتِرَافٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَلَمْ يَعْرِضْ لِشَرِيكٍ وَلَا لِلْمَرْأَةِ، وَأَنْفَذَ الْحُكْمَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدُ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الصَّادِقُ.

ثُمَّ ذَكَرَ «حَدِيثَ رُكَانَةَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَحْلَفَهُ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً، فَحَلَفَ لَهُ فَرَدَّهَا إلَيْهِ» ، قَالَ: وَفِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَرَامًا عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَقْضِيَ أَبَدًا عَلَى أَحَدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ إلَّا بِأَحْسَنِ مَا يُظْهِرُ، وَإِنْ احْتَمَلَ مَا يُظْهِرُ غَيْرَ أَحْسَنِهِ وَكَانَتْ عَلَيْهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا يُخَالِفُ أَحْسَنَهُ. وَمِنْ قَوْلِهِ: بَلَى لَمَّا حَكَمَ اللَّهُ فِي الْأَعْرَابِ الَّذِينَ

ص: 83

قَالُوا آمَنَّا وَعَلِمَ اللَّهُ أَنَّ الْإِيمَانَ لَمْ يَدْخُلْ فِي قُلُوبِهِمْ لِمَا أَظْهَرُوا مِنْ الْإِسْلَامِ وَلَمَّا حَكَمَ فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ عَلِمَ أَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا وَأَنَّهُمْ كَاذِبُونَ بِمَا أَظْهَرُوا مِنْ الْإِيمَانِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، «وَقَالَ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ: أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَلَا أُرَاهُ إلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلًا؛ إذْ لَمْ تُقِرَّ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ» . وَأَبْطَلَ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا عَنْهُمَا اسْتِعْمَالَ الدَّلَالَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي الدُّنْيَا دَلَالَةٌ بَعْدَ دَلَالَةِ اللَّهِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالْأَعْرَابِ أَقْوَى مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ فِي امْرَأَةِ الْعَجْلَانِيُّ عَلَى أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ كَانَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَالْأَغْلَبُ عَلَى مَنْ «سَمِعَ الْفَزَارِيَّ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ وَعَرَّضَ بِالْقَذْفِ أَنَّهُ يُرِيدُ الْقَذْفَ ثُمَّ لَمْ يَحُدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» إذْ لَمْ يَكُنْ التَّعْرِيضُ ظَاهِرَ قَذْفٍ، فَلَمْ يَحْكُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحُكْمِ الْقَذْفِ، وَالْأَغْلَبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ قَوْلَ رُكَانَةَ لِامْرَأَتِهِ:" أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ " أَنَّهُ قَدْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنَّ أَلْبَتَّةَ إرَادَةُ شَيْءٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَرَادَ الْإِبْتَاتَ بِثَلَاثٍ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ ظَاهِرًا فِي قَوْلِهِ وَاحْتَمَلَ غَيْرَهُ لَمْ يَحْكُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَّا بِظَاهِرِ الطَّلَاقِ وَاحِدَةً.

فَمَنْ حَكَمَ عَلَى النَّاسِ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ اسْتِدْلَالًا عَلَى أَنَّ مَا أَظْهَرُوا خِلَافُ مَا أَبْطَنُوا بِدَلَالَةٍ مِنْهُمْ أَوْ غَيْرِ دَلَالَةٍ لَمْ يَسْلَمْ عِنْدِي مِنْ خِلَافِ التَّنْزِيلِ وَالسُّنَّةِ، وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَنْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ مِمَّنْ وَلَدَ عَلَيْهِ قَتَلْته وَلَمْ أَسْتَتِبْهُ، وَمَنْ رَجَعَ عَنْهُ مِمَّنْ لَمْ يُولَدْ عَلَيْهِ أَسْتَتِبْهُ، وَلَمْ يَحْكُمْ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ إلَّا حُكْمًا وَاحِدًا، وَمِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ مِمَّنْ أَظْهَرَ نَصْرَانِيَّةً أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ دِينًا يُظْهِرُهُ كَالْمَجُوسِيَّةِ أَسْتَتِبْهُ فَإِنْ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ، وَمَنْ رَجَعَ إلَى دِينٍ خُفْيَةً لَمْ أَسْتَتِبْهُ، وَكُلٌّ قَدْ بَدَّلَ دِينَ الْحَقِّ وَرَجَعَ إلَى الْكُفْرِ، فَكَيْفَ يُسْتَتَابُ بَعْضُهُمْ وَلَا يُسْتَتَابُ بَعْضٌ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ تَوْبَةَ الَّذِي يُسِرُّ دِينَهُ؟ قِيلَ: وَلَا يَعْرِفُهَا إلَّا اللَّهُ، وَهَذَا - مَعَ خِلَافِهِ حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ رَسُولِهِ - كَلَامٌ مُحَالٌ، يُسْأَلُ مَنْ قَالَ هَذَا: هَلْ تَدْرِي لَعَلَّ الَّذِي كَانَ أَخْفَى الشِّرْكَ يُصَدَّقُ بِالتَّوْبَةِ وَاَلَّذِي كَانَ أَظْهَرَ الشِّرْكَ يُكَذَّبُ بِالتَّوْبَةِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: فَتَدْرِي لَعَلَّك قَتَلْت الْمُؤْمِنَ الصَّادِقَ الْإِيمَانَ وَاسْتَحْيَيْت الْكَاذِبَ بِإِظْهَارِ الْإِيمَانِ؟ فَإِنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ إلَّا الظَّاهِرُ، قِيلَ: فَالظَّاهِرُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَقَدْ جَعَلْته اثْنَيْنِ بَعْلَةٍ مُحَالَةٍ، وَالْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُظْهِرُوا يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً وَلَا مَجُوسِيَّةً بَلْ كَانُوا يَسْتَسِرُّونَ بِدِينِهِمْ فَيُقْبَلُ مِنْهُمْ مَا يُظْهِرُونَ مِنْ الْإِيمَانِ، فَلَوْ كَانَ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ حِينَ خَالَفَ السُّنَّةَ أَحْسَنَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا لَهُ وَجْهٌ، وَلَكِنَّهُ يُخَالِفُهَا وَيَعْتَلُّ بِمَا لَا وَجْهَ لَهُ، كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّة لَا تَكُونُ إلَّا بِإِتْيَانِ الْكَنَائِسِ، أَرَأَيْت إنْ كَانُوا بِبِلَادٍ لَا كَنَائِسَ فِيهَا إمَّا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ فَتَخْفَى صَلَاتُهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ؟ قَالَ: وَمَا وَصَفْت مِنْ حُكْمِ اللَّهِ ثُمَّ حُكْمِ

ص: 84

رَسُولِهِ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ يُبْطِلُ حُكْمَ الدَّلَالَةِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنْ الذَّرَائِعِ، فَإِذَا بَطَلَ الْأَقْوَى مِنْ الدَّلَائِلِ بَطَلَ الْأَضْعَفُ مِنْ الذَّرَائِعِ كُلِّهَا، وَبَطَلَ الْحَدُّ فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ.

فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إذَا تَشَاتَمَ الرَّجُلَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: " مَا أَنَا بِزَانٍ وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ " حُدَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَهُ عَلَى الْمُشَاتَمَةِ فَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ بِهِ قَذْفَ الَّذِي يُشَاتِمُ وَأُمَّهُ، وَإِنْ قَالَهُ عَلَى غَيْرِ الْمُشَاتَمَةِ لَمْ أَحُدَّهُ إذَا قَالَ:" لَمْ أُرِدْ الْقَذْفَ " مَعَ إبْطَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُكْمَ التَّعْرِيضِ فِي حَدِيثِ الْفَزَارِيِّ الَّذِي وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامًا أَسْوَدَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ عُمَرَ حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ فِي مِثْلِ هَذَا، قِيلَ: اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَخَالَفَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَعَ مَنْ خَالَفَهُ مَا وَصَفْنَا مِنْ الدَّلَالَةِ.

وَيُبْطِلُ مِثْلَهُ قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ: " أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ " لِأَنَّ الطَّلَاقَ إيقَاعُ طَلَاقٍ ظَاهِرٍ، وَأَلْبَتَّةَ تَحْتَمِلُ زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ وَغَيْرَ زِيَادَةٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الَّذِي يَحْتَمِلُ غَيْرَ الظَّاهِرِ، حَتَّى لَا يَحْكُمَ عَلَيْهِ أَبَدًا إلَّا بِظَاهِرٍ، وَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الَّذِي يَحْتَمِلُ غَيْرَ الظَّاهِرِ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ عَقْدٌ إلَّا بِالْعَقْدِ نَفْسِهِ، وَلَا يَفْسُدُ بِشَيْءٍ تَقَدَّمَهُ وَلَا تَأَخَّرَهُ، وَلَا بِتَوَهُّمٍ، وَلَا بِالْأَغْلَبِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ لَا يَفْسُدُ إلَّا بِعَقْدِهِ. وَلَا يُفْسِدُ الْبُيُوعَ بِأَنْ يَقُولَ: هَذِهِ ذَرِيعَةٌ، وَهَذِهِ نِيَّةُ سُوءٍ، وَلَوْ كَانَ أَنْ يُبْطِلَ الْبُيُوعَ بِأَنْ تَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى الرِّبَا كَانَ الْيَقِينُ فِي الْبُيُوعِ بِعَقْدِ مَا لَا يَحِلُّ أَوْلَى أَنْ يُرِيدَ بِهِ مِنْ الظَّنِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ اشْتَرَى سَيْفًا وَنَوَى بِشِرَائِهِ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ مُسْلِمًا كَانَ الشِّرَاءُ حَلَالًا، وَكَانَتْ النِّيَّةُ بِالْقَتْلِ غَيْرَ جَائِزَةٍ، وَلَمْ يَبْطُلْ بِهَا الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ سَيْفًا مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ رَجُلًا كَانَ هَذَا هَكَذَا.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا شَرِيفًا نَكَحَ دَنِيَّةً أَعْجَمِيَّةً أَوْ شَرِيفَةً نَكَحَتْ دَنِيًّا أَعْجَمِيًّا فَتَصَادَقَا فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى إنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنْ يَثْبُتَ عَلَى النِّكَاحِ أَكْثَرَ مِنْ لَيْلَةٍ لَمْ يُحَرَّمْ النِّكَاحُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ عَقْدِهِ كَانَ صَحِيحًا إنْ شَاءَ الزَّوْجُ حَبَسَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا.

فَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ ثُمَّ السُّنَّةُ ثُمَّ عَامَّةُ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الْعُقُودَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِظَاهِرِ عَقْدِهَا لَا تُفْسِدُهَا نِيَّةُ الْعَاقِدِينَ كَانَتْ الْعُقُودُ إذَا عُقِدَتْ فِي الظَّاهِرِ صَحِيحَةً، وَلَا تَفْسُدُ بِتَوَهُّمِ غَيْرِ عَاقِدِهَا عَلَى عَاقِدِهَا، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ تَوَهُّمًا ضَعِيفًا، انْتَهَى كَلَامُ الشَّافِعِيِّ.

وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْهَازِلَ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ كَالْجَادِّ بِهَا، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ حَقَائِقَ هَذِهِ الْعُقُودِ، وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«إنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْت لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلَا يَأْخُذُهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يَحِلُّ لِلْمَحْكُومِ لَهُ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ، وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلَالَةٌ عَلَى إلْغَاءِ الْمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ فِي الْعُقُودِ، وَإِبْطَالُ سَدِّ الذَّرَائِعِ، وَاتِّبَاعُ ظَوَاهِرِ عُقُودِ النَّاسِ وَأَلْفَاظِهِمْ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ص: 85

[الْقَوْلُ الْفَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ]

فَانْظُرْ مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ، وَمُعْتَرَكَ الْفَرِيقَيْنِ، فَقَدْ أَبْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّتَهُ، وَخَاضَ بَحْرَ الْعِلْمِ فَبَلَغَ مِنْهُ لُجَّتَهُ، وَأَدْلَى مِنْ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ بِمَا لَا يُدْفَعُ، وَقَالَ مَا هُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ قُلْ يُسْمَعْ، وَحُجَجُ اللَّهِ لَا تَتَعَارَضُ، وَأَدِلَّةُ الشَّرْعِ لَا تَتَنَاقَضُ، وَالْحَقُّ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَلَا يَقْبَلُ مُعَارَضَةً وَلَا نَقْصًا، وَحَرَامٌ عَلَى الْمُقَلِّدِ الْمُتَعَصِّبِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الطِّرَازِ الْأَوَّلِ، أَوْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِهِ وَبَحْثِهِ إذَا حَقَّتْ الْحَقَائِقُ الْمُعَوَّلُ، فَلْيُجَرِّبْ الْمُدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ وَالْمُدَّعِي فِي قَوْمٍ لَيْسَ مِنْهُمْ نَفْسُهُ وَعِلْمُهُ وَمَا حَصَّلَهُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَالْقَضَاءُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمُتَغَالِبَيْنِ، وَلْيُبْطِلْ الْحُجَجَ وَالْأَدِلَّةَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، لِيَسْلَمَ لَهُ قَوْلُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ حَدَّهُ، وَلَا يَتَعَدَّى طَوْرَهُ، وَلَا يَمُدُّ إلَى الْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَاعًا يَقْصُرُ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ، وَلَا يَتَّجِرُ بِنَقْدٍ زَائِفٍ لَا يُرَوِّجُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَقَالَيْنِ إلَّا مَنْ تَجَرَّدَ لِلَّهِ مُسَافِرًا بِعَزْمِهِ وَهِمَّتِهِ إلَى مَطْلَعِ الْوَحْيِ، مُنَزِّلًا نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ مَنْ يَتَلَقَّاهُ غَضًّا طَرِيًّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ عَلَيْهِ آرَاءَ الرِّجَالِ وَلَا يَعْرِضُهُ عَلَيْهَا، وَيُحَاكِمُهَا إلَيْهِ وَلَا يُحَاكِمُهُ إلَيْهَا، فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ:

[وُضِعَتْ الْأَلْفَاظُ لِتَعْرِيفِ مَا فِي النَّفْسِ]

إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ الْأَلْفَاظَ بَيْنَ عِبَادِهِ تَعْرِيفًا وَدَلَالَةً عَلَى مَا فِي نُفُوسِهِمْ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ شَيْئًا عَرَّفَهُ بِمُرَادِهِ وَمَا فِي نَفْسِهِ بِلَفْظِهِ، وَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الْإِرَادَاتِ وَالْمَقَاصِدِ أَحْكَامَهَا بِوَاسِطَةِ الْأَلْفَاظِ، وَلَمْ يُرَتِّبْ تِلْكَ الْأَحْكَامَ عَلَى مُجَرَّدِ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةِ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ، وَلَا عَلَى مُجَرَّدِ أَلْفَاظٍ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَا لَمْ يُرِدْ مَعَانِيَهَا وَلَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا، بَلْ تَجَاوَزَ لِلْأُمَّةِ عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تُكَلِّمْ بِهِ، وَتَجَاوَزَ لَهَا عَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهِ مُخْطِئَةً أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُرِيدَةً لِمَعْنَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ أَوْ قَاصِدَةً إلَيْهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الْقَصْدُ وَالدَّلَالَةُ الْقَوْلِيَّةُ أَوْ الْفِعْلِيَّةُ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ. هَذِهِ قَاعِدَةُ الشَّرِيعَةِ، وَهِيَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَدْلِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَإِنَّ خَوَاطِرَ الْقُلُوبِ وَإِرَادَةَ النُّفُوسِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ، فَلَوْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ لَكَانَ فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ عَلَى الْأُمَّةِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَحِكْمَتُهُ تَأْبَى ذَلِكَ، وَالْغَلَطُ وَالنِّسْيَانُ وَالسَّهْوُ وَسَبْقُ اللِّسَانِ بِمَا لَا يُرِيدُهُ الْعَبْدُ بَلْ يُرِيدُ خِلَافَهُ وَالتَّكَلُّمُ بِهِ مُكْرَهًا وَغَيْرَ عَارِفٍ لِمُقْتَضَاهُ مِنْ لَوَازِمِ الْبَشَرِيَّةِ لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ الْإِنْسَانُ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ؛ فَلَوْ رَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ لَحَرَجَتْ الْأُمَّةُ وَأَصَابَهَا غَايَةُ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ؛ فَرَفَعَ عَنْهَا الْمُؤَاخَذَةَ بِذَلِكَ كُلِّهِ حَتَّى الْخَطَأِ فِي اللَّفْظِ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ وَالْغَضَبِ وَالسُّكْرِ كَمَا تَقَدَّمَتْ شَوَاهِدُهُ

ص: 86