المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القسم الأول من الحيل] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصَلِّ الشَّرْطُ الْعُرْفِيُّ كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً]

- ‌[تَرْكُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَة فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْعُذْرِ]

- ‌[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْوِتْرِ بِخَمْسٍ مُتَّصِلَةٍ وَسَبْعٍ مُتَّصِلَةٍ]

- ‌[تَغْيِيرِ الْفَتْوَى وَاخْتِلَافِهَا]

- ‌[الشَّرِيعَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ]

- ‌[إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَشُرُوطُهُ]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعِ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ]

- ‌[فَصْلٌ سُقُوطُ الْحَدِّ عَامَ الْمَجَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَا تَتَعَيَّنُ فِي أَنْوَاعٍ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ بَدَلَ الْمُصَرَّاةِ]

- ‌[فَصْلٌ طَوَافُ الْحَائِضِ بِالْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبَاتُ الْأَيْمَانِ وَالْإِقْرَارِ وَالنُّذُورِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الطَّلَاقُ حَالَ الْغَضَبِ]

- ‌[فَصْلٌ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌[حُكْمِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ وَالْأَلْفَاظِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِشَرْطٍ مُضْمَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَبِالْحَرَامِ لَهُ صِيغَتَانِ]

- ‌[مَنْشَأُ أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَلِفُ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْجِيلِ بَعْضِ الْمَهْرِ وَحُكْمُ الْمُؤَجَّلِ]

- ‌[مَهْرُ السِّرِّ وَمَهْرُ الْعَلَنِ]

- ‌[الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَمْ يَقْصِدْ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا مَعَانِيَهَا]

- ‌[شُرُوطُ الْوَاقِفِينَ]

- ‌[أَنْوَاعُ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ وَحُكْمُهَا]

- ‌[فَصْلٌ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ قَصْدُ الْمُكَلَّفِ دُونَ الصُّورَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَحْكَامَ تَجْرِي عَلَى الظَّوَاهِرِ]

- ‌[الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ الْمُكَلَّفَ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْأَلْفَاظُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَقَاصِدِ الْمُتَكَلِّمِينَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[تَحْرِيمِ الْحِيَلِ]

- ‌[فَصْلٌ صِيَغُ الْعُقُودِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَلَامُ عَلَى الْمُكْرَهِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ الْهَازِلِ وَحُكْمُ عُقُودِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ هُوَ أَكْمَلُ مَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الدُّنْيَا تَجْرِي عَلَى الْأَسْبَابِ]

- ‌[مَتَى يُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّرْطُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْمُقَارِنُ فِي الْعُقُودِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَدِلَّةُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ تَجْوِيزُ الْحِيَلِ يُنَاقِضُ سَدَّ الذَّرِيعَةِ]

- ‌[دَلِيلُ تَحْرِيمِ الْحِيَلِ وَأَنْوَاعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَكْثَرُ الْحِيَلِ يُنَاقِضُ أُصُولَ الْأَئِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُجَجُ الَّذِينَ جَوَّزُوا الْحِيَلَ]

- ‌[جَوَابُ الَّذِينَ أَبْطَلُوا الْحِيَلَ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَوَابُ عَلَى شُبَهِ الَّذِينَ جَوَّزُوا الْحِيَلَ]

- ‌[فَصْلٌ اشْتِقَاقُ الْحِيلَةِ وَبَيَانُ مَعْنَاهَا]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الْحِيلَة إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَأَمْثِلَتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيَلُ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الْكَبَائِرِ]

- ‌[إبْطَالُ الْحِيلَةُ عَلَى إسْقَاطِ حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ الْغَاصِب]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِخْرَاجِ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمِيرَاثِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ كَفَّارَةِ الْمُجَامِعُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ وُجُوبِ قَضَاءِ الْحَجِّ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ أُخْرَى لِإِبْطَالِ الزَّكَاةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْطَالِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِضَمَانِ الْبَسَاتِينِ]

- ‌[الْحِيلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا]

- ‌[فَصْلٌ بُطْلَانُ الْحِيلَةِ بِالْخُلْعِ لِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُتَأَخِّرُونَ هُمْ الَّذِينَ أَحْدَثُوا الْحِيَلَ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَصْحِيحِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَأْجِيرِ الْوَقْفِ مُدَّةً طَوِيلَةً]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَفْعَلَ مَا لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْحَضَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِجَعْلِ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ نَافِذَةً]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحَيُّلُ عَلَى إبْطَالِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحَيُّلُ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُزَارَعَةِ لِمَنْ يَعْتَقِدُ فَسَادَهَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْأَبِ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ أَرْشِ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيَلٍ لِإِسْقَاطِ حَدِّ السَّرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَدِّ الزِّنَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّحْمَ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ الطَّوْلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِيمَا إذَا عَلَّى كَافِرٌ بِنَاءَهُ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْلٌ إسْقَاطُ حِيلَةٍ لِإِبْرَاءِ الْغَاصِبِ مِنْ الضَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيَلٍ فِي الْأَيْمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيَلٍ فِي الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِحُسْبَانِ الدَّيْنِ مِنْ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ شَيْءٍ حَلَفَ أَلَّا يَبِيعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حيلة فِي الْإِيمَان]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِتَجْوِيزِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ رَجْعَةِ الْبَائِنِ بِغَيْرِ عِلْمِهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيلَةُ عَلَى وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ حِيلَةِ الْعَقَارِبِ وَإِبْطَالِهَا]

- ‌[فَصْلٌ التَّحَيُّلُ عَلَى جَوَازِ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ الْحِيَلِ الْمُحْرِمَة إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَقْسَامِ الْحِيَلِ وَمَرَاتِبِهَا]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْحِيَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْحِيَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِيَلِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْأَوَّلُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ دَارًا مُدَّةَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَخَافَ أَنْ يَغْدِرَ بِهِ الْمُكْرِي فِي آخِرِ الْمُدَّةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي خَوْفُ رَبِّ الدَّارِ غَيْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْتَاجُ إلَى دَارِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَذِنَ رَبُّ الدَّارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَخَافَ أَنْ لَا يُحْتَسَبَ مِنْ الْأُجْرَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ خَوْفُ رَبِّ الدَّارِ مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ تَسْلِيمَهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ اسْتِئْجَارُ الشَّمْعِ لِيُشْعِلَهُ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ اشْتِرَاطُ الزَّوْجَةِ دَارَهَا أَوْ بَلَدَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ تَزَوُّجُ الْمَرْأَةِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ إجَارَةُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ اسْتِئْجَار الْأَرْض بِخَرَاجِهَا مَعَ الْأُجْرَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْعَاشِرُ اسْتِئْجَارُ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ الْإِجَارَةُ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ الْمُدَّة]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي عَشَرَ شِرَاء الْوَكِيل مَا وُكِّلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ الْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْإِحْرَامُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ]

- ‌[الْمِثَال السَّادِسَ عَشْر الْحِيلَة لِلْبِرِّ فِي يَمِينٍ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعَ عَشَر ادِّعَاءُ الْمَرْأَةِ نَفَقَةً مَاضِيَةً]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنَ عَشَرَ شِرَاءُ مَعِيبٍ ثُمَّ تَعَيُّبُهُ عِنْد الْمُشْتَرِي]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعَ عَشَرَ إبراء الغريم فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ لِنَفَاذِ عِتْقِ عَبْدِهِ مَعَ خَوْفِهِ جَحْدَ الْوَرَثَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ دَيْنٌ عَلَى الْمَوْرُوثِ وَأَحَبَّ أَنْ يُوفِيَهُ إيَّاهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ ابْنَتِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ إذَا كَانَ مُوَلِّيهِ سَفِيهًا إنْ زَوَّجَهُ طَلَّقَ وَإِنْ سَرَّاهُ أَعْتَقَ وَإِنْ أَهْمَلَهُ فَسَقَ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ تَزْوِيجُ عَبْدِهِ جَارِيَةً بَعْدَ أَنْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُهُ إيَّاهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ الشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ وَالْفُلُوسِ هَلْ تَصِحّ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ بِبَعْضِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَالْحِيلَةُ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْل الْحِيلَةُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْحَالِ بِبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ اخْتِلَاف الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ فِي ثَمَنِ مَا وَكَّلَهُ فِي شِرَائِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُودِعِ]

- ‌[الْمِثَال التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ فِي تَضْمِينِ الرَّاهِنِ تَلَفَ الْمَرْهُونِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ وَالْعَارِيَّةِ إذَا أَجَّلَهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ الْمُخَلِّصَةُ مِنْ لَدْغِ الْمُخَادِعِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَاءِ]

- ‌[الْمِثَال التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ تَسْوِيغِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي إلَّا لِمَنْ بَاعَهُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي تَجْوِيزِ شَهَادَةِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي تَجْوِيزِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ حِنْثِ الْحَالِفِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَمَّنْ قَتَلَ زَوْجَتَهُ الَّتِي لَاعَنَهَا أَوْ قَتَلَ وَلَدَهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالْإِبْرَاءِ ثُمَّ عَادَ فَادَّعَاهُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي تَجْوِيزِ نَظَرِ الْوَاقِفِ عَلَى وَقْفِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ لِتَجْوِيزِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ الشَّيْءِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَتِهِ مُدَّةً]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الشِّرَاءِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[المثال الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ إسْلَامُ ذِمِّيٍّ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيَلُ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي إبْطَالِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْحِنْثِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي بِرِّ زَوْجٍ وَزَوْجَتِهِ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ أَخَوَانِ زُفَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا زَوْجَةُ الْآخَرِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي تَخَلُّصِ الْمَرْأَة مِنْ الزَّوْجِ الَّذِي لَا تَرْضَى بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ السِّتُّونَ ضَمَانُ مَا لَا يَجِبُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِمَّا سَبَقَ بِهِ اللِّسَانُ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوب]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ نَفَقَةُ الْمَبْتُوتَةِ وَسُكْنَاهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالسِّتُّونَ الضَّمَانُ وَأَثَرُهُ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالسِّتُّونَ هَلْ يَجُوزُ إبْهَامُ الْإِجَارَةِ]

الفصل: ‌[القسم الأول من الحيل]

تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إلَى فَسَادِهَا وَتَحْرِيمِهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ، وَلَوْ تَتَبَّعْنَاهَا حِيلَةً حِيلَةً لَطَالَ الْكِتَابُ، وَلَكِنْ هَذِهِ أَمْثِلَةٌ يُحْتَذَى عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ

[أَقْسَامِ الْحِيَلِ وَمَرَاتِبِهَا]

[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْحِيَلِ]

فَصْلٌ قَالَ أَرْبَابُ الْحِيَلِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] وَالْحِيَلُ مَخَارِجٌ مِنْ الْمَضَائِقِ.

وَالْجَوَابُ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِذِكْرِ قَاعِدَةٍ فِي أَقْسَامِ الْحِيَلِ وَمَرَاتِبِهَا، فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ هِيَ أَقْسَامٌ.

[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْحِيَلِ طُرُقٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَا هُوَ حَرَامٌ]

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الطُّرُقُ الْخَفِيَّةُ الَّتِي يُتَوَصَّل بِهَا إلَى مَا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي نَفْسِهِ، بِحَيْثُ لَا يَحِلُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ السَّبَبِ بِحَالٍ، فَمَتَى كَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا مُحَرَّمٌ فِي نَفْسِهِ فَهِيَ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ كَالْحِيَلِ عَلَى أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَظُلْمِهِمْ فِي نُفُوسِهِمْ وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ وَإِبْطَالِ حُقُوقِهِمْ وَإِفْسَادِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ، وَهِيَ مِنْ جِنْسِ حِيَلِ الشَّيَاطِينِ عَلَى إغْوَاءِ بَنِي آدَمَ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَهُمْ يَتَحَيَّلُونَ عَلَيْهِمْ لِيُوقِعُوهُمْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ سِتَّةٍ وَلَا بُدَّ؛ فَيَتَحَيَّلُونَ عَلَيْهِمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ أَنْ يُوقِعُوهُمْ فِي الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، فَإِذَا عَمِلَتْ حِيَلُهُمْ فِي ذَلِكَ قَرَّتْ عُيُونُهُمْ، فَإِنْ عَجَزَتْ حِيَلُهُمْ عَنْ مَنْ صَحَّتْ فِطْرَتُهُ وَتَلَاهَا شَاهِدُ الْإِيمَانِ مِنْ رَبِّهِ بِالْوَحْيِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ أَعْمَلُوا الْحِيلَةَ فِي إلْقَائِهِ فِي الْبِدْعَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَقَبُولِ الْقَلْبِ لَهَا وَتَهْيِئَتِهِ وَاسْتِعْدَادِهِ.

فَإِنْ تَمَّتْ حِيَلُهُمْ كَانَ ذَلِكَ أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنْ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، ثُمَّ يَنْظُرُونَ فِي حَالِ مَنْ اسْتَجَابَ لَهُمْ إلَى الْبِدْعَةِ؛ فَإِنْ كَانَ مُطَاعًا مَتْبُوعًا فِي النَّاسِ أَمَرُوهُ بِالزُّهْدِ وَالتَّعَبُّدِ وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَالشِّيَمِ، ثُمَّ أَطَارُوا لَهُ الثَّنَاءَ بَيْنَ النَّاسِ لِيَصْطَادُوا عَلَيْهِ الْجُهَّالَ وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِالسُّنَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ جَعَلُوا بِدْعَتَهُ عَوْنًا لَهُ عَلَى ظُلْمِهِ أَهْلَ السُّنَّةِ وَأَذَاهُمْ وَالنِّيلِ مِنْهُمْ، وَزَيَّنُوا لَهُ أَنَّ هَذَا انْتِصَارٌ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ، فَإِنْ أَعْجَزَتْهُمْ هَذِهِ الْحِيلَةُ وَمَنَّ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِتَحْكِيمِ السُّنَّةِ وَمَعْرِفَتِهَا وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبِدْعَةِ أَلْقَوْهُ فِي الْكَبَائِرِ، وَزَيَّنُوا لَهُ فِعْلَهَا بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ عَلَى السُّنَّةِ، وَفُسَّاقُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، وَعُبَّادُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ أَعْدَاءُ اللَّهِ، وَقُبُورُ فُسَّاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَقُبُورُ عُبَّادِ أَهْلِ الْبِدَعِ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ، وَالتَّمَسُّكُ بِالسُّنَّةِ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ، كَمَا أَنَّ مُخَالَفَةَ السُّنَّةِ تُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ إنْ قَعَدَتْ بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ قَامَتْ بِهِمْ عَقَائِدُهُمْ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ إذَا قَامَتْ بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ قَعَدَتْ بِهِمْ عَقَائِدُهُمْ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ هُمْ الَّذِينَ أَحْسَنُوا

ص: 255

الظَّنَّ بِرَبِّهِمْ إذْ وَصَفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ وَوَصَفُوهُ بِكُلِّ كَمَالٍ وَجَلَالٍ وَنَزَّهُوهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ، وَأَهْلُ الْبِدَعِ هُمْ الَّذِينَ يَظُنُّونَ بِرَبِّهِمْ ظَنَّ السُّوءِ؛ إذْ يُعَطِّلُونَهُ عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَيُنَزِّهُونَهُ عَنْهَا، وَإِذَا عَطَّلُوهُ عَنْهَا لَزِمَ اتِّصَافُهُ بِأَضْدَادِهَا ضَرُورَةً؛ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّ مَنْ أَنْكَرَ صِفَةً وَاحِدَةً مِنْ صِفَاتِهِ وَهِيَ صِفَةُ الْعِلْمِ بِبَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ:{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23] وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ الظَّانِّينَ بِاَللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ أَنَّ عَلَيْهِمْ دَائِرَةَ السَّوْءِ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَلَعَنَهُمْ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّم وَسَاءَتْ مَصِيرًا، فَلَمْ يَتَوَعَّدْ بِالْعِقَابِ أَحَدًا أَعْظَمَ مِمَّنْ ظَنَّ بِهِ ظَنَّ السُّوءَ، وَأَنْتَ لَا تَظُنُّ بِهِ ظَنَّ السُّوءِ، فَمَا لَك وَلِلْعِقَابِ؟ وَأَمْثَالُ هَذَا مِنْ الْحَقِّ الَّذِي يَجْعَلُونَهُ وَصْلَةً لَهُمْ، وَحِيلَةً إلَى الِاسْتِهَانَةِ بِالْكَبَائِرِ، وَأَخْذِهِ الْأَمْنَ لِنَفْسِهِ.

وَهَذِهِ حِيلَةٌ لَا يَنْجُو مِنْهَا إلَّا الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ، الْعَارِفُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا كَانَ بِاَللَّهِ أَعْرَفَ كَانَ لَهُ أَشَدَّ خَشْيَةً، وَكُلَّمَا كَانَ بِهِ أَجْهَلَ كَانَ أَشَدَّ غُرُورًا بِهِ وَأَقَلَّ خَشْيَةً.

فَإِنْ أَعْجَزَتْهُمْ هَذِهِ الْحِيلَةُ وَعَظُمَ وَقَارُ اللَّهِ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ هَوَّنُوا عَلَيْهِ الصَّغَائِرَ، وَقَالُوا لَهُ: إنَّهَا تَقَعُ مُكَفِّرَةً بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ حَتَّى كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَرُبَّمَا مَنَّوْهُ أَنَّهُ إذَا تَابَ مِنْهَا - كَبَائِرَ كَانَتْ أَوْ صَغَائِرَ - كُتِبَ لَهُ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةٌ، فَيَقُولُونَ لَهُ: كَثِّرْ مِنْهَا مَا اسْتَطَعْت، ثُمَّ ارْبَحْ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً بِالتَّوْبَةِ، وَلَوْ قَبْلَ الْمَوْتِ بِسَاعَةٍ؛ فَإِنْ أَعْجَزَتْهُمْ هَذِهِ الْحِيلَةُ وَخَلَّصَ اللَّهُ عَبْدَهُ مِنْهَا نَقَلُوهُ إلَى الْفُضُولِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحَاتِ وَالتَّوَسُّعِ فِيهَا، وَقَالُوا لَهُ: قَدْ كَانَ لِدَاوُدَ مِائَةُ امْرَأَةٍ إلَّا وَاحِدَةً ثُمَّ أَرَادَ تَكْمِيلَهَا بِالْمِائَةِ، وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ ابْنِهِ مِائَةُ امْرَأَةٍ، وَكَانَ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنْ الْأَمْوَالِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ، وَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ الدُّنْيَا وَسَعَةِ الْمَالِ مَا لَا يُجْهَلُ، وَيُنْسُوهُ مَا كَانَ لِهَؤُلَاءِ مِنْ الْفَضْلِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْقَطِعُوا عَنْ اللَّهِ بِدُنْيَاهُمْ، بَلْ سَارُوا بِهَا إلَيْهِ، فَكَانَتْ طَرِيقًا لَهُمْ إلَى اللَّهِ.

فَإِنْ أَعْجَزَتْهُمْ هَذِهِ الْحِيلَةُ - بِأَنْ تَفْتَحَ بَصِيرَةَ قَلْبِ الْعَبْدِ حَتَّى كَأَنَّهُ يُشَاهِدُ بِهَا الْآخِرَةَ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا لِأَهْلِ طَاعَتِهِ وَأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ، فَأَخَذَ حَذَرَهُ، وَتَأَهَّبَ لِلِّقَاءِ رَبِّهِ، وَاسْتَقْصَرَ مُدَّةَ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي جَنْبِ الْحَيَاةَ الْبَاقِيَةَ الدَّائِمَةَ - نَقَلُوهُ إلَى الطَّاعَاتِ الْمَفْضُولَةِ الصَّغِيرَةِ الثَّوَابِ لِيَشْغَلُوهُ بِهَا عَنْ الطَّاعَاتِ الْفَاضِلَةِ الْكَثِيرَةِ الثَّوَابِ، فَيُعْمِلُ حِيلَتَهُ فِي تَرْكِهِ كُلَّ طَاعَةٍ كَبِيرَةٍ إلَى مَا هُوَ دُونَهَا، فَيُعْمِلُ حِيلَتَهُ فِي تَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ عَلَيْهِ؛ فَإِنْ أَعْجَزَتْهُمْ هَذِهِ الْحِيلَةُ - وَهَيْهَاتَ - لَمْ يَبْقَ لَهُمْ إلَّا حِيلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ تَسْلِيطُ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَالْبِدَعِ وَالظَّلَمَةِ عَلَيْهِ يُؤْذُونَهُ، وَيُنَفِّرُونَ النَّاسَ عَنْهُ، وَيَمْنَعُونَهُمْ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ؛ لِيُفَوِّتُوا عَلَيْهِ مَصْلَحَةَ الدَّعْوَةِ إلَى اللَّهِ وَعَلَيْهِمْ مَصْلَحَةَ الْإِجَابَةِ.

ص: 256

فَهَذِهِ مَجَامِعُ أَنْوَاعِ حِيَلِ الشَّيْطَانِ، وَلَا يُحْصِي أَفْرَادَهَا إلَّا اللَّهُ، وَمَنْ لَهُ مُسْكَةٌ مِنْ الْعَقْلِ يَعْرِفُ الْحِيلَةَ الَّتِي تَمَّتْ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْحِيَلِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ هِمَّةٌ إلَى التَّخَلُّصِ مِنْهَا، وَإِلَّا فَيَسْأَلُ مَنْ تَمَّتْ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[مِنْ حِيَلِ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ]

وَهَذِهِ الْحِيَلُ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ نَظِيرُ حِيَلِ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ الْمُجَادِلِينَ بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَيَتَوَصَّلُوا بِهِ إلَى أَغْرَاضِهِمْ الْفَاسِدَةِ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَذَلِكَ كَحِيَلِ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ عَلَى إفْسَادِ الشَّرَائِعِ، وَحِيَلِ الرُّهْبَانِ عَلَى أَشْبَاهِ الْحَمِيرِ مِنْ عَابِدِ الصَّلِيبِ بِمَا يُمَوِّهُونَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَخَارِيقِ وَالْحِيَلِ كَالنُّورِ الْمَصْنُوعِ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَكَحِيَلِ أَرْبَابِ الْإِشَارَاتِ مِنْ الْإِذْنَ وَالتَّسْيِيرِ وَالتَّغْيِيرِ وَإِمْسَاكِ الْحَيَّاتِ وَدُخُولِ النَّارِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ حِيَلِ أَشْبَاهِ النَّصَارَى الَّتِي تَرُوجُ عَلَى أَشْبَاهِ الْأَنْعَامِ، وَكَحِيَلِ أَرْبَابِ الدَّكِّ وَخِفَّةِ الْيَدِ الَّتِي تَخْفَى عَلَى النَّاظِرِينَ أَسْبَابُهَا وَلَا يَتَفَطَّنُونَ لَهَا، وَكَحِيَلِ السَّحَرَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِ السِّحْرِ؛ فَإِنَّ سِحْرَ الْبَيَانِ هُوَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّحَيُّلِ: إمَّا لِكَوْنِهِ بَلَغَ مِنْ اللُّطْفِ وَالْحُسْنِ إلَى حَدِّ اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ فَأَشْبَهَ السِّحْرَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِمَّا لِكَوْنِ الْقَادِرِ عَلَى الْبَيَانِ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى تَحْسِينِ الْقَبِيحِ وَتَقْبِيحِ الْحَسَنِ فَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ السِّحْرَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.

وَكَذَلِكَ سِحْرُ الْوَهْمِ أَيْضًا هُوَ حِيلَةٌ وَهْمِيَّةٌ، وَالْوَاقِعُ شَاهِدٌ بِتَأْثِيرِ الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَشَبَةَ الَّتِي يَتَمَكَّنُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْمَشْيِ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْأَرْضِ لَا يُمْكِنُ الْمَشْيُ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ عَلَى مَهْوَاةٍ بَعِيدَةِ الْقَعْرِ؟ وَالْأَطِبَّاءُ تَنْهَى صَاحِبَ الرُّعَافِ عَنْ النَّظَرِ إلَى الشَّيْءِ الْأَحْمَرِ، وَتَنْهَى الْمَصْرُوعَ عَنْ النَّظَرِ إلَى الْأَشْيَاءِ الْقَوِيَّةِ اللَّمَعَانِ أَوْ الدَّوْرَانِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ خُلِقَتْ مَطِيَّةَ الْأَوْهَامِ، وَالطَّبِيعَةُ فَعَّالَةٌ، وَالْأَحْوَالُ الْجُسْمَانِيَّةُ تَابِعَةٌ لِلْأَحْوَالِ النَّفْسَانِيَّةِ.

وَكَذَلِكَ السِّحْرُ بِالِاسْتِعَانَةِ بِالْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ إنَّمَا هُوَ بِالتَّحَيُّلِ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا بِالْإِشْرَاكِ بِهَا وَالِاتِّصَافِ بِهَيْئَاتِهَا الْخَبِيثَةِ؛ وَلِهَذَا لَا يَعْمَلُ السِّحْرُ إلَّا مَعَ الْأَنْفُسِ الْخَبِيثَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِتِلْكَ الْأَرْوَاحِ، وَكُلَّمَا كَانَتْ النَّفْسُ أَخْبَثَ كَانَ سِحْرُهَا أَقْوَى، وَكَذَلِكَ سِحْرُ التَّمْزِيجَاتِ - وَهُوَ أَقْوَى مَا يَكُونُ مِنْ السِّحْرِ - أَنْ يُمْزَجَ بَيْنَ الْقُوَى النَّفْسَانِيَّةِ الْخَبِيثَةِ الْفَعَّالَةِ وَالْقُوَى الطَّبِيعِيَّةِ الْمُنْفَعِلَةِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ السِّحْرَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْحِيَلِ الَّتِي

ص: 257

يَنَالُ بِهَا السَّاحِرُ غَرَضَهُ، وَحِيَلُ السَّاحِرِ مِنْ أَضْعَفِ الْحِيَلِ وَأَقْوَاهَا، وَلَكِنْ لَا تُؤَثِّرُ تَأْثِيرًا مُسْتَقِرًّا إلَّا فِي الْأَنْفُسِ الْبَاطِلَةِ الْمُنْفَعِلَةِ لِلشَّهَوَاتِ الضَّعِيفَةِ تَعَلُّقِهَا بِفَاطِرِ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْ التَّوَجُّهِ إلَيْهِ وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ؛ فَهَذِهِ النُّفُوسُ مَحَلُّ تَأْثِيرِ السِّحْرِ، وَكَحِيَلِ أَرْبَابِ الْمَلَاهِي وَالطَّرِبِ عَلَى اسْتِمَالَةِ النُّفُوسِ إلَى مَحَبَّةِ الصُّوَرِ وَالْوُصُولِ إلَى الِالْتِذَاذِ بِهَا؛ فَحِيلَةُ السَّمَاعِ الشَّيْطَانِيِّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَدْنَى الْحِيَلِ عَلَيْهِ، حَتَّى قِيلَ: أَوَّلُ مَا وَقَعَ الزِّنَا فِي الْعَالَمِ فَإِنَّمَا كَانَ بِحِيلَةِ الْيَرَاعِ وَالْغِنَاءِ، لَمَّا أَرَادَ الشَّيْطَانُ ذَلِكَ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِ حِيلَةً أَدْنَى مِنْ الْمَلَاهِي.

وَكَحِيَلِ اللُّصُوصِ وَالسُّرَّاقِ عَلَى أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَهُمْ أَنْوَاعٌ لَا تُحْصَى؛ فَمِنْهُمْ السُّرَّاقُ بِأَيْدِيهِمْ، وَمِنْهُمْ السُّرَّاقُ بِأَقْلَامِهِمْ، وَمِنْهُمْ السُّرَّاقُ بِأَمَانَتِهِمْ، وَمِنْهُمْ السُّرَّاقُ بِمَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ الدِّينِ وَالْفَقْرِ وَالصَّلَاحِ وَالزُّهْدِ وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهِ، وَمِنْهُمْ السُّرَّاقُ بِمَكْرِهِمْ وَخِدَاعِهِمْ وَغِشِّهِمْ، وَبِالْجُمْلَةِ فَحِيَلُ هَذَا الضَّرْبِ مِنْ النَّاسِ مِنْ أَكْثَرِ الْحِيَلِ، وَتَلِيهَا حِيَلُ عُشَّاقِ الصُّوَرِ عَلَى الْوُصُولِ إلَى أَغْرَاضِهِمْ فَإِنَّهَا تَقَعُ فِي الْغَالِبِ خَفِيَّةً، وَإِنَّمَا تَتِمُّ غَالِبًا عَلَى النُّفُوسِ الْقَابِلَةِ الْمُنْفَعِلَةِ الشَّهْوَانِيَّةِ، وَكَحِيَلِ التَّتَارِ الَّتِي مَلَكُوا بِهَا الْبِلَادَ وَقَهَرُوا بِهَا الْعِبَادَ وَسَفَكُوا بِهَا الدِّمَاءَ وَاسْتَبَاحُوا بِهَا الْأَمْوَالَ، وَكَحِيَلِ الْيَهُودِ وَإِخْوَانِهِمْ مِنْ الرَّافِضَةِ فَإِنَّهُمْ بَيْتُ الْمَكْرِ وَالِاحْتِيَالِ، وَلِهَذَا ضُرِبَتْ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ الذِّلَّةُ، وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي كُلِّ مُخَادِعٍ مُحْتَالٍ بِالْبَاطِلِ.

[أَرْبَابُ الْحِيَلِ نَوْعَانِ]

ثُمَّ أَرْبَابُ هَذِهِ الْحِيَلِ نَوْعَانِ: نَوْعُ يُقْصَدُ بِهِ حُصُولُ مَقْصُودِهِ، وَلَا يَظْهَرُ أَنَّهُ حَلَالٌ، كَحِيَلِ اللُّصُوصِ وَعُشَّاقِ الصُّوَرِ الْمُحَرَّمَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَنَوْعٌ يُظْهِرُ صَاحِبُهُ أَنَّ مَقْصُودَهُ خَيْرٌ وَصَلَاحٌ وَيُبْطِنُ خِلَافَهُ.

وَأَرْبَابُ النَّوْعِ الْأَوَّلِ أَسْلَمُ عَاقِبَةً مِنْ هَؤُلَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ أَتَوْا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَالْأَمْرَ مِنْ طَرِيقِهِ وَوَجْهِهِ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَلَبُوا مَوْضُوعَ الشَّرْعِ وَالدِّينِ، وَلَمَّا كَانَ أَرْبَابُ هَذَا النَّوْعِ إنَّمَا يُبَاشِرُونَ الْأَسْبَابَ الْجَائِزَةَ وَلَا يُظْهِرُونَ مَقَاصِدَهُمْ أَعْضَلَ أَمْرُهُمْ، وَعَظُمَ الْخَطْبُ بِهِمْ، وَصَعُبَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُمْ، وَعَزَّ عَلَى الْعَالَمِ اسْتِنْقَاذُ قَتْلَاهُمْ، فَاسْتُبِيحَتْ بِحِيَلِهِمْ الْفُرُوجُ، وَأُخِذَتْ بِهَا الْأَمْوَالُ مِنْ أَرْبَابِهَا فَأُعْطِيَتْ لِغَيْرِ أَهْلِهَا، وَعُطِّلَتْ بِهَا الْوَاجِبَاتُ، وَضُيِّعَتْ بِهَا الْحُقُوقُ، وَعَجَّتْ الْفُرُوجُ وَالْأَمْوَالُ وَالْحُقُوقُ إلَى رَبِّهَا عَجِيجًا، وَضَجَّتْ مِمَّا حَلَّ بِهَا إلَيْهِ ضَجِيجًا، وَلَا يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ تَعْلِيمَ هَذِهِ الْحِيَلِ حَرَامٌ، وَالْإِفْتَاءُ بِهَا حَرَامٌ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى مَضْمُونِهَا حَرَامٌ، وَالْحُكْمُ بِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهَا حَرَامٌ، وَاَلَّذِي جَوَّزُوا مِنْهَا مَا جَوَّزُوا مِنْ

ص: 258

الْأَئِمَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ أَنَّهُمْ جَوَّزُوهُ عَلَى وَجْهِ الْحِيلَةِ إلَى الْمُحَرَّمِ، وَإِنَّمَا جَوَّزُوا صُورَةَ ذَلِكَ الْفِعْلِ.

ثُمَّ إنَّ الْمُتَحَيِّلَ الْمُخَادِعَ الْمَكَّارَ أَخَذَ صُورَةَ مَا أَفْتَوْا بِهِ فَتَوَسَّلَ بِهِ إلَى مَا مَنَعُوا مِنْهُ، وَرَكَّبَ ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالِهِمْ وَفَتَاوَاهُمْ، وَهَذَا فِيهِ الْكَذِبُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الشَّارِعِ، مِثَالُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجَوِّزُ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ؛ فَيَتَّخِذُهُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ لِوَارِثِهِ وَسِيلَةً إلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ بِصُورَةِ الْإِقْرَارِ.

وَيَقُولُ: هَذَا جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا كَذِبٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّهُ لَا يُجَوِّزُ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ بِالتَّحَيُّلِ عَلَيْهَا بِالْإِقْرَارِ؛ فَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ يُجَوِّزُ لِلرَّجُلِ إذَا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ سِلْعَةً بِثَمَنٍ أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهَا بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ. وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى بَيْعِ مِائَةٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إلَى سَنَةٍ؛ فَاَلَّذِي يَسُدُّ الذَّرَائِعَ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: هُوَ يُتَّخَذُ حِيلَةً إلَى مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَلَا يَقْبَلُ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعَ. وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّ إقْرَارَ الْمَرْءِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا التُّهْمَةُ بَطَلَتْ كَالشَّهَادَةِ عَلَى غَيْرِهِ. وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أَقْبَلُ إقْرَارَهُ إحْسَانًا لِلظَّنِّ بِالْمُقِرِّ، وَحَمْلًا لِإِقْرَارِهِ عَلَى السَّلَامَةِ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْخَاتِمَةِ.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ احْتِيَالُ الْمَرْأَةِ عَلَى فَسْخِ نِكَاحِ الزَّوْجِ بِمَا يُعْلِمُهُ إيَّاهَا أَرْبَابُ الْمَكْرِ وَالِاحْتِيَالِ، بِأَنْ تُنْكِرَ أَنْ تَكُونَ أَذِنَتْ لِلْوَلِيِّ، أَوْ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ أَوْ الشُّهُودَ جَلَسُوا وَقْتُ الْعَقْدِ عَلَى فِرَاشِ حَرِيرٍ، أَوْ اسْتَنَدُوا إلَى وِسَادَةِ حَرِيرٍ.

وَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْحِيلَةَ إذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَأَرَادَ تَخْلِيصَهُ مِنْ عَارِ التَّحْلِيلِ وَشَنَارِهِ أَرْشَدَهُ إلَى الْقَدْحِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ بِفِسْقِ الْوَلِيِّ أَوْ الشُّهُودِ، فَلَا يَصِحُّ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَقَدْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا لَمَّا كَانَ مُقِيمًا مَعَهَا عِدَّةَ سِنِينَ، فَلَمَّا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ فَسَدَ النِّكَاحُ.

وَمِنْ هَذَا احْتِيَالُ الْبَائِعِ عَلَى فَسْخِ الْبَيْعِ بِدَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا وَقْتَ الْعَقْدِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ رَشِيدًا، أَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ مِلْكًا لَهُ وَلَا مَأْذُونًا لَهُ فِي بَيْعِهِ

فَهَذِهِ الْحِيَلُ وَأَمْثَالُهَا لَا يَسْتَرِيبُ مُسْلِمٌ فِي أَنَّهَا مِنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَأَقْبَحِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهِيَ مِنْ التَّلَاعُبِ بِدِينِ اللَّهِ، وَاِتِّخَاذِ آيَاتِهِ هُزُوًا، وَهِيَ حَرَامٌ مِنْ جِهَتِهَا فِي نَفْسِهَا لِكَوْنِهَا كَذِبًا وَزُورًا، وَحَرَامٌ مِنْ جِهَةِ الْمَقْصُودِ بِهَا، وَهُوَ إبْطَالُ حَقٍّ وَإِثْبَاتُ بَاطِلٍ؛ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

[الْحِيَلُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ]

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الْحِيلَةُ مُحَرَّمَةً وَيُقْصَدُ بِهَا الْمُحَرَّمُ.

الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً فِي نَفْسِهَا وَيُقْصَدُ بِهَا الْمُحَرَّمُ؛ فَيَصِيرُ حَرَامًا تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ كَالسَّفَرِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ النَّفْسِ الْمَعْصُومَةِ.

ص: 259