الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَجَدَ امْرَأَتَهُ بَرْصَاءَ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ مَجْنُونَةً فَدَخَلَ بِهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ.
وَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ وَالْمِيزَانِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمَّا لَمْ يُعْلِمْهُ وَأَتْلَفَ عَلَيْهِ الْمَهْرَ لَزِمَهُ غُرْمُهُ.
فَإِنْ قِيلَ: هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالدُّخُولِ.
قِيلَ: لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا كَذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنَّمَا دَخَلَ بِهَا بِنَاءً عَلَى السَّلَامَةِ الَّتِي غَرَّهُ بِهَا الْوَلِيُّ، وَلِهَذَا لَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ وَرَضِيَ بِهِ وَدَخَلَ بِهَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فَسْخٌ وَلَا رُجُوعٌ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي غَرَّتْهُ سَقَطَ مَهْرُهَا.
وَنُكْتَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَغْرُورَ إمَّا مُحْسِنٌ، وَإِمَّا مَعْذُورٌ، وَكِلَاهُمَا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ مَا يَلْزَمُ الْمَغْرُورَ بِاسْتِلْزَامِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ وَالْأُجْرَةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْمَهْرُ قَدْ الْتَزَمَهُ، فَكَيْفَ يَرْجِعُ بِهِ؟ قِيلَ: إنَّمَا الْتَزَمَهُ فِي مَحَلٍّ سَلِيمٍ، وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ فِي مَعِيبَةٍ وَلَا أَمَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يُنْتَقَضُ عَلَيْكُمْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَلْزَمَهُ فِيهِ بِالصَّدَاقِ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَهُوَ لَمْ يَلْتَزِمْهُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ.
قِيلَ: لَمَا أَقْدَمَ عَلَى الْبَاطِلِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ غَرَّهُ، بَلْ كَانَ هُوَ الْغَارُّ لِنَفْسِهِ، فَلَا يَذْهَبُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ مَجَّانًا، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ فَسَدَ النِّكَاحُ بِغُرُورِ الْمَرْأَةِ سَقَطَ مَهْرُهَا، أَوْ بِغُرُورِ الْوَلِيِّ رَجَعَ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ التَّحَيُّلُ عَلَى جَوَازِ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيَلٍ لِتَجْوِيزِ الْعِينَةِ] : وَمِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ الْبَاطِلَةِ التَّحَيُّلُ عَلَى جَوَازِ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ، مَعَ أَنَّهَا حِيلَةٌ فِي نَفْسِهَا عَلَى الرِّبَا، وَجُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ عَلَى تَحْرِيمِهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ أَرْبَابُ الْحِيَلِ لِاسْتِبَاحَتِهَا عِدَّةَ حِيَلٍ، مِنْهَا: أَنْ يُحْدِثَ الْمُشْتَرِي فِي السِّلْعَةِ حَدَثًا مَا تَنْقُصُ بِهِ أَوْ تَتَعَيَّبُ؛ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِبَائِعِهَا أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا، وَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ قَابِلَةً لِلتَّجَزُّؤِ فَيَمْسِكُ مِنْهَا جُزْءًا مَا وَيَبِيعُهُ بَقِيَّتَهَا، وَمِنْهَا: أَنْ يَضُمَّ الْبَائِعُ إلَى السِّلْعَةِ سِكِّينًا أَوْ مِنْدِيلًا أَوْ حَلْقَةً حَدِيدًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَيَبِيعُهُ السِّلْعَةَ بِمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَهَبَهَا الْمُشْتَرِي لِوَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ مَنْ يَثِقُ بِهِ، فَيَبِيعُهَا