الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤمنون.
175
- {وَإِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {لَهُوَ الْعَزِيزُ} بقهر الأعداء {الرَّحِيمُ} بنصرة الأولياء، أو (1) لا يعذب قبل التنبيه والإرشاد. وتعذيبه أهل العذاب من كمال رحمته على أهل الثواب. ألا ترى أن قطع اليد المتآكلة سبب لسلامة البدن كله. فالعالَم بمنزلة الجسد، وأهل الفساد بمنزلة اليد المتآكلة، وراحة أهل الصلاح في إزالة أهل الفساد. ولو لم يكن في العزة والقهر فائدة .. لما وضعت الحدود. وقد قيل: إقامة الحدود خير من خصب الزمان.
قال إدريس عليه السلام: من سكن موضعًا ليس فيه سلطان قاهر، وقاض عادل، وطبيب عالم، وسوق قائمة، ونهر جار .. فقد ضيع نفسه وأهله وماله وولده، فعلى العاقل أن يحترز عن الشهوات، ويهاجر عن العادات، ويجاهد نفسه من طريق اللطف والقهر في جميع الحالات.
إيضاح لهذه القصة بما كتبه الباحثون (2)
كتبت مجلة السياسة الأسبوعية فصلًا قالت فيه: روت الكتب المنزلة أن الله سبحانه أهلك مدينتي سدوم وعمورة، وثلاث مدن أخرى بجوارهما بأن أمطر عليهم نارًا وكبريتًا من السماء، فلم ينج من سكانها سوى إبراهيم الخليل وأهل بيته، ولوط وابنتيه، ولم يكن إبراهيم من أهل تلك المدن، بل نزح إليها من الشمال طلبًا للكلأ والمرعى بحسب عادة القبائل الرحل في ذلك الزمن.
وكان كثير من المؤرخين يرى أن هذه القصة خرافية، وبعضهم يقول: إنها قصة واقعية، كما تشهد بذلك آثار البلاد المجاورة للبحر الميت (بحيرة لوط).
وقد قام الدكتور أولبرابط بمباحث واسعة في وادي نهر الأردن، وعلى سواحل البحر الميت، حيث يظن أن سذوم وعمورة والثلاثة المدن الأخرى كانت فيها، فاستبان له أن هذه القصة حقيقية بجميع تفاصيلها، وعلم أن إبراهيم عليه السلام انحدر حوالي القرن التاسع عشر قبل الميلاد من بلاد ما بين النهرين إلى
(1) روح البيان.
(2)
المراغي.
فلسطين، ومعه أهل بيته، وابن أخيه لوط وأهله، ومعهما أنعام كثيرة، فحدث نزاع وشجار بين الرعاة، فرأى لوط حفظًا للسلام أن يفترق عن إبراهيم، واختار منطقة وادي الأردن التي كانت فيها سذوم وعمورة، وأقام بسذوم، واختار إبراهيم المرتفعات التي في الشمال، وضرب خيامه هنالك.
وكشف الدكتور آثارًا تدل على صدق هذه القصة؛ إذ وجد هناك آثار حصن قديم يعلو سطح البحر بنحو خمس مئة قدم، وبجواره المذبح هو حجارة منصوبة على شكل أعمدة، يرجح أن الوثنيين في ذلك الزمن كانوا يقدمون عليها قرابينهم، ويرجح أن البحر الميت طغى على الخمس التي كانت في منطقة الأردن. اهـ.
وبعض علماء الجيولوجيا - طبقات الأرض - يؤكدون أن هذا البحر يغمر اليوم بلادًا كانت آهلة بالسكان. وفي التوراة: إن إبراهيم كان ذات يوم جالسًا بباب خيمته في حر النهار إذ أقبل إليه ثلاثة من الملائكة فاستقبلهم بترحاب عظيم وصنع لهم وليمة، واحتفى بهم، وفي أثناء الطعام علم أنهم ذاهبون إلى سذوم، وكان أهل هذه المدينة مشهورين بشرورهم، وانغماسهم في شهواتهم البهيمية، ولا سيما المحرمة منها، فلما وصلوا إلى سذوم ساروا توًا إلى منزل لوط ابن أخي إبراهيم ليبيتوا عنده، وعلم أهل سذوم بقدومهم، فأرادوا أن يرتكبوا بهم موبقًا، ولكن لوطًا دافع عنهم، وعرض أن يزوجهم - من بنات قومه - لينقذهم، فأبى أهل سذوم إلا أن يرتكبوا بهم الفحشاء، وقد تمكن الضيوف من الفرار، وأقنعوا لوطًا وأهل بيته بالفرار، وحين أشرقت الشمس على الأرض دخل لوط - صوعر - فأمطر الرب على سذوم وعمورة كبريتًا ونارًا من السماء، وقلب تلك المدن، وجميع سكانها، ونظرت امرأة لوط إلى الوراء، فصارت عمود ملح. (اختنقت بالغازات الكثيرة التي التهبت؛ إما بحدوث زلزلة، أو بسقوط صاعقة من الجو).
وفي التاريخ ما يدل على حدوث انقلابات جيولوجية شبيهة بحادثة سذوم وعمورة، فقد يثور بركان، ويتدفق حممه على البلاد المجاورة، فيغمرها ويهلك