الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إيماء إلى أن ذلك التكذيب صار متمكنًا في قلوبهم أشد التمكن، وصار كالشيء الجبلي لا يمكن تغييره.
وقيل المعنى: {كَذَلِكَ} ؛ أي: مثل ذلك السلك البديع {سَلَكْنَاهُ} ؛ أي: أدخلنا القرآن {فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} ؛ أي: في قلوب مشركي مكة فعرفوا معانيه وإعجازه.
وعبارة "الجمل" هنا قوله: {كَذَلِكَ} معمول لـ {سَلَكْنَاهُ} . والضمير في {سَلَكْنَاهُ} للقرآن، ولكنه على حذف مضاف؛ أي: سلكنا تكذيبه؛ أي: التكذيب به بقراءة النبي مثل إدخالنا التكذيب به في قلوبهم بقراءة الأعجمي. وفي أن الأعجمي لم يقرأه ولم ينزل عليه. قلنا: إن الجملة الشرطية؛ وهي قوله: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ ..} إلخ لا تستلزم الوقوع، اهـ شيخنا.
201
- فقوله: {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ} استئناف مسوق لبيان عنادهم؛ أي: فهم مع ذلك السلك المذكور لا يؤمنون بهذا القرآن. {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} الملجيء إلى الإيمان به حين لا ينفعهم الإيمان؛ أي: إنهم لا يتأثرون بالأمور الداعية إلى الإيمان، بل يستمرون على ما هم عليه حتى يعاينوا العذاب حين لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة، ولهم سوء الدار؛ أي: لا يؤمنون إلى هذه الغاية، وهي مشاهدتهم العذاب الأليم.
202
- {فَيَأْتِيَهُمْ} ؛ أي: فيأتي هؤلاء المكذبين بهذا القرآن العذاب الأليم {بَغْتَةً} ؛ أي: فجأة في الدنيا والآخرة، فهو معطوف على {يَرَوُا} {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}؛ أي: والحال أنهم لا يعلمون قبل بمجيئه حتى يفجأهم.
وقرأ الحسن (1): {فتأتيهم} : بالتاء الفوقية؛ أي: الساعة. وقرأ {بغتة} بفتح الغين. وعبارة "الجمل" هنا قوله: {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} مقدم من تأخير. وأصل الكلام: حتى يأتيهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون، فيرونه فيقولون هل نحن منظرون؛ أي: مؤخرون عن الإهلاك، ولو طرفة عين لنؤمن، فيقال لهم:
(1) البحر المحيط.