الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعور بالألم، وإذا أفاق القلب شعر بجميع ما ينزل بالأعضاء من الآفات.
وفي قوله: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} تقريع لمشركي قريش بأن الذي حملهم على التكذيب هو الاستكبار، والعناد، لا عدم الفهم؛ لأنه نزل بلغتهم، فلا عذر لهم في الإعراض عنه.
196
- {وَإِنَّهُ} ؛ أي: وإن ذكر القرآن لا عينه. والمراد بذكره: الإخبار بأنه ينزل على محمد، وبأنه من عند الله، وأنه صدق وحق، فهذا الإخبار موجود في كتب الأولين. {لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}: واحدها زبور، بمعنى كتاب، مثل رسل ورسول؛ أي: لفي الكتب المتقدمة، يعني أن الله تعالى أخبر في كتبهم عن القرآن وإنزاله على النبي المبعوث في آخر الزمان.
وقيل: إن الضمير في {إنه} هو يعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قاله مقاتل. وقرأ (1) الأعمش: {لَفِي زُبْرِ} بتسكين الباء للتخفيف، والأصل الضم، كما قالوا في {رُسُل} بضمتين {رُسْل} بسكون السين. والمعنى (2): أي: وإن ذكر هذا القرآن، والتنويه بشأنه لفي كتب الأولين المأثورة عن أنبيائهم الذين بشروا به في قديم الدهر وحديثه، وقد أخذ عليهم الميثاق بذلك، وبه بشر عيسى بقوله:{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} .
197
- والهمزة في قوله: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)} ؛ لإنكار (3) النفي، وإنكاره إثبات، فهي للتقرير داخلة على محذوف، والواو عاطفة على ذلك المحذوف، و {لَهُمْ} حال من {آيَةً} ، والضمير راجع إلى مشركي قريش، و {آيَةً} خبر للكون قدم على اسمه الذي هو قوله: {أَنْ يَعْلَمَهُ
…
} إلخ، للاعتناء بالمقدم، والتنويه بالمؤخر، والتقدير: أغفل أهل مكة عن القرآن، ولم يكن لهم آية دالة على أنه تنزيل من رب العالمين، وأنه في زبر الأولين أن يعرفه علماء بني إسرائيل بنعوته المذكورة في كتبهم، ويعرفوا من أنزل عليه؟ أي: قد
(1) البحر المحيط.
(2)
المراغي.
(3)
روح البيان.
كان علمهم بذلك آية على صحة القرآن، وحقية الرسول، وكان علماؤهم خمسة: أسد وأسيد وابن يامين وثعلبة وعبد الله بن سلام، فهؤلاء الخمسة من علماء اليهود، وقد أسلموا وحسن إسلامهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما بعث أهل مكة إلى اليهود بالمدينة، فسألوهم عن محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن هذا لزمانه، وإنا لنجد نعته في التوراة، فكان آية على صدقه صلى الله عليه وسلم.
وقرأ الجمهور: {أَوَلَمْ يَكُنْ} بالياء من تحت، {آيَةً}: بالنصب، وهي قراءة واضحة الإعراب، توسط خبر {يَكُنْ} ، و {أَنْ يَعْلَمَهُ} هو الاسم، كما مر. قال الزجاج: والمعنى عليه: أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل أن محمدًا صلى الله عليه وسلم نبي حق، علامة ودلالة على نبوته؛ لأن العلماء الذين آمنوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجود ذِكره في كتبهم.
وقرأ ابن عامر والجحدري: {تكن} بالتاء من فوق، {آيَةً} - بالرفع - على أنها اسم كان، وخبرها {أَنْ يَعْلَمَهُ} . ويجوز أن تكون تامة. وفي قراءة ابن عامر نظر؛ لأن جعل النكرة اسمًا، والمعرفة خبرًا غير سائغ، وإن ورد شاذًا كقول الشاعر:
فَلَا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْكِ الْوَدَاعَا
وقول الآخر:
وَكَانَ مِزَاجُهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
وأحسن ما يقال في توجيه هذه القراءة: أن يقال: إن {يَكُنْ} تامة. وقرأ ابن عباس: {تكن} بالتاء من فوق، {آيَةً}: بالنصب، كقراءة من قرأ:{ثُمَّ لَمْ تَكُنْ} بتاء التأنيث، {فتنتَهم}: بالنصب {إِلَّا أَنْ قَالُوا} وقرأ الجحدري (1): {أن تعلمه} : بتاء التأنيث، كما قال الشاعر:
قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بِنِيَ أَسَدِ
…
يَا بُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضِرَارًا لأَقْوَامِ
(1) البحر المحيط.