المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بتلك المقالة، ويقول: حرامًا محرمًا عليك أن تغلب عليّ، وتزيل - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌ 44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌سورة الشعراء

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌(6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌ 51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌ 79

- ‌ 80

- ‌ 81

- ‌ 82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌ 109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

- ‌129

- ‌130

- ‌131

- ‌132

- ‌133

- ‌134

- ‌135

- ‌136

- ‌137

- ‌138

- ‌139

- ‌140

- ‌141

- ‌142

- ‌143

- ‌144

- ‌145

- ‌146

- ‌147

- ‌148

- ‌149

- ‌150

- ‌151

- ‌152

- ‌153

- ‌154

- ‌155

- ‌156

- ‌157

- ‌158

- ‌159

- ‌160

- ‌161

- ‌162

- ‌163

- ‌164

- ‌165

- ‌166

- ‌167

- ‌168

- ‌169

- ‌170

- ‌171

- ‌172

- ‌173

- ‌174

- ‌175

- ‌176

- ‌177

- ‌178

- ‌179

- ‌180

- ‌181

- ‌182

- ‌183

- ‌184

- ‌185

- ‌186

- ‌187

- ‌188

- ‌189

- ‌190

- ‌191

- ‌192

- ‌193

- ‌194

- ‌195

- ‌196

- ‌197

- ‌198

- ‌199

- ‌200

- ‌201

- ‌202

- ‌203

- ‌204

- ‌205

- ‌206

- ‌207

- ‌208

- ‌209

- ‌210

- ‌211

- ‌212

- ‌213

- ‌214

- ‌215

- ‌216

- ‌217

- ‌218

- ‌219

- ‌220

- ‌221

- ‌222

- ‌223

- ‌224

- ‌225

- ‌226

- ‌227

- ‌سورة النمل

- ‌1

- ‌(2)

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌(13)

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌(32)

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

الفصل: بتلك المقالة، ويقول: حرامًا محرمًا عليك أن تغلب عليّ، وتزيل

بتلك المقالة، ويقول: حرامًا محرمًا عليك أن تغلب عليّ، وتزيل صفتي وكيفيتي.

واعلم: أن أكثر المفسرين حمل البحرين على بحري فارس والروم، فإنهما يلتقيان في البحر المحيط، وموضع التقائهما هو مجمع البحرين المذكور في الكهف، ولكن يلزم على هذا أن يكون البحر الأول عذبًا، والثاني ملحًا، مع أنهم قالوا: لا وجود للبحر العذب هناك، وذلك لأنهما في الأصل خليجان من المحيط، وهو مرّ، والأوجه أن يمثّل البحران بالنيل المبارك والبحر الأخضر، وهو بحر فارس الذي هو شعبة من البحر الهندي الذي يتصل بالبحر المحيط، وبحر فارس مر، وذلك أن بحر النيل يدخل في البحر الأخضر قبل أن يصل إلى بحيرة الزنج ويختلط به، وهو معنى المرج، ولولا اختلاطه بملوحته .. لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته كما في "إنسان العيون".

والمعنى: أي (1) ومن آثار نعمته على خلقه أن خلى البحرين متجاورين متلاصقين، وجعلهما لا يمتزجان، ومنع الملح من تغيير عذوبة العذب وإفساده إياه، وحجزه عنه بقدرته، فكأن بينهما حاجزًا يمنع أحدهما إفساد الآخر، وكأن بينهما ساترًا يجعله لا يبغي عليه.

والخلاصة (2): أنه تعالى جعل البحرين مختلطين في مرأى العين، منفصلين في التحقيق بقدرته تعالى بحيث لا يختلط الملح بالعذب ولا العذب بالملح، ولا يتغير طعم أحدهما بالآخر ولا يفسده، ونحو الآية قوله تعالى في سورة الرحمن:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)} .

‌54

- وخامس الأدلة: ما ذكره بقوله: {وَهُوَ} سبحانه وتعالى الإله {الَّذِي خَلَقَ} وأوجد {مِنَ الْمَاءِ} ؛ أي (3): من ماء الذكر والأنثى؛ وهو النطفة، أو من الماء الذي خمّر به طينة آدم عليه السلام {بَشَرا}؛ أي: آدميًا، والبشرة ظاهر

(1) المراغي.

(2)

المراغي.

(3)

روح البيان.

ص: 61

الجلد كما أن الأدمة - محركة - باطنه الذي يلي اللحم، وعبر عن الإنسان بالبشر اعتبارًا بظهور جلده من الشعر بخلاف سائر الحيوانات التي عليها الصوف، أو الشعر أو الوبر، كالضأن والمعز والإبل. وخص في القرآن كل موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفط البشر، واستوى فيه الواحد والجمع {فَجَعَلَهُ}؛ أي: البشر أو الماء {نَسَبًا وَصِهْرًا} ؛ أي: قسمه قسمين ذوي نسب، أي: ذكورًا ينسب إليهم، فيقال: فلان ابن فلان، ووفلانة بنت فلان، وذوات صهر؛ أي: إناثًا يصاهر بهن ويخالط. وقيل: النسب ما لا يحل تزويجه من القرابة. والصهر ما يحل التزويج من القرابة وغيرها. وقيل: النسب ما يوجب الحرمة، والصهر ما لا يوجبها. وقيل: النسب من القرابة، والصهر الخلطة التي تشيه القرابة؛ وهو السبب المحرّم للنكاح، وقد حرّم الله بالنسب سبعًا، وبالسبب سبعًا، ويجمعها قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ

} الآية، وقد تقدم تفسير ذلك وبيانه في تفسير سورة النساء.

{وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} ؛ أي: مبالغًا في القدرة حيث قدر أن يخلق من مادة واحدة بشرًا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة عجيبة الصنع، بديع الخلق، كبير العقل، عظيم التفكير، سخر ما علي ظاهر الأرض وباطنها لنفعه وفائدته {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} ، وجعله قسمين متقابلين، وربما يخلق من مادة واحدة توءمين ذكرًا وأنثى.

الإعراب

{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)} .

{وَقَالَ} الواو: استئنافية. {قَالَ الَّذِينَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {لا}: نافية. {يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} : فعل وفاعل ومفعول ومضاف إليه، والجملة الفعلية صلة الموصول. {لَوْلَا}: حرف تحضيض بمعنى هلّا. {أُنْزِلَ} : فعل ماض مغير الصيغة. {عَلَيْنَا} : متعلق به. {الْمَلَائِكَةُ} : نائب فاعل لـ {أُنْزِلَ} ، والجملة التحضيضية مقول {قال}. {أَوْ}: حرف عطف. {نَرَى رَبَّنَا} : فعل

ص: 62

ومفعول به، وفاعل مستتر يعود على المتكلمين، والجملة معطوفة على جملة {أُنْزِلَ} على كونها مقول {قال}. {لَقَدِ}: اللام موطئة للقسم، {قد}: حرف تحقيق: {اسْتَكْبَرُوا} : فعل وفاعل، والجملة جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة مسوقة لدرء شبهاتهم وتعنتاتهم بعد قيام الحجة عليهم. {فِي أَنْفُسِهِمْ}: جار ومجرور متعلق بـ {اسْتَكْبَرُوا} ، بمعنى: أنهم لتكبرهم عدّوا أنفسهم كبيرة الشأن، وأصله من استكبره إذا عدّه كبيرًا، فنزله منزلة اللازم فعدّاه بـ {فِي}. {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}: فعل وفاعل ومفعول مطلق وصفة معطوفة على {اسْتَكْبَرُوا} .

{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} .

{يَوْمَ} : منصوب على الظرفية الزمانية متعلق بمحذوف تقديره: اذكر لهم أهوال يوم يرون الملائكة، أو يمنعون البشرى يوم يرون الملائكة، وليس متعلقًا بالبشرى؛ لأن المصدر لا يعمل فيما قبله. {يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {يَوْمَ}. {لا}: نافية للجنس تعمل عمل إنّ. {بُشْرَى} : في محل النصب اسمها. {يَوْمَئِذٍ} : ظرف ومضاف إليه متعلق بالاستقرار الذي تعلق به خبر {لا} ، أو تأكيد لفظي لـ {يَوْمَ يَرَوْنَ} على التقدير الثاني. {لِلْمُجْرِمِينَ}: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر {لا} ، وجملة {لَا} مقول لقول محذوف وقع حالًا من {الْمَلَائِكَةَ}؛ أي: حالة كون الملائكة قائلين: لا بشرى للمجرمين يومئذ. {وَيَقُولُونَ} : فعل وفاعل معطوف على {يَرَوْنَ} ، فالضمير فيه للكفار. {حِجْرًا}: منصوب على المفعولية المطلقة بفعل محذوف وجوبًا تقديره: حجرنا من شركم أيها الملائكة ومنعنا منه حجرًا. {مَحْجُورًا} : صفة مؤكدة لـ {حِجْرًا} . {وَقَدِمْنَا} : الواو: استئنافية. {قدمنا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {إِلَى مَا}: جار ومجرور متعلق بـ {قدمنا} . {عَمِلُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: عملوه. {مِنْ عَمَلٍ} : جار ومجرور حال من {مَا} الموصولة، أو من العائد المحذوف. {فَجَعَلْنَاهُ}: فعل وفاعل ومفعول

ص: 63

أول. {هَبَاءً} : مفعول ثان. {مَنْثُورًا} : صفة {هَبَاءً} ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {قدمنا} .

{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)} .

{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} : مبتدأ ومضاف إليه {يَوْمَئِذٍ} : ظرف مكان إلى مثله متعلق بـ {خَيْرٌ} . {خَيْرٌ} : خبر المبتدأ. {مُسْتَقَرًّا} : تمييز محول عن المبتدأ منصوب باسم التفضيل والجملة مستأنفة {وَأَحْسَنُ} : معطوف على {خَيْرٌ} . {مَقِيلًا} : تمييز محول عن المبتدأ منصوب بـ {أحسن} . {وَيَوْمَ} : منصوب بفعل محذوف تقديره: اذكر يوم، والجملة المحذوفة مستأنفة. {تَشَقَّقُ السَّمَاءُ}: فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {يَوْمَ}. {بِالْغَمَامِ}: في هذه الباء ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها للسببية؛ أي: بسبب الغمام، يعني: بسبب طلوعه منها، ونحوه قوله تعالى:{السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} ، كأنه الذي تشقق به السماء، فيتعلق الجار والمجرور بـ {تَشَقَّقُ} .

وثانيها: أنها للملابسة، فيكون الجار والمجرور في موضع نصب على الحال.

والثالث: أنها بمعنى عن؛ أي: عن الغمام كقوله: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ} ، فتتعلق بـ {تَشَقَّقُ} أيضًا اهـ "سمين". {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ}: فعل ونائب فاعل معطوف على {تَشَقَّقُ} . {تَنْزِيلًا} : مفعول مطلق منصوب بـ {نُزِّلَ} .

{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)} .

{الْمُلْكُ} : مبتدأ. {يَوْمَئِذٍ} : ظرف مضاف لمثله متعلق بـ {الْمُلْكُ} . {الْحَقُّ} : صفة لـ {الْمُلْكُ} . {لِلرَّحْمَنِ} خبر المبتدأ، والجملة مستأنفة. {وَكَانَ}: الواو: عاطفة. {كان} : فعل ماض ناقص، واسمها ضمير يعود

ص: 64

على اليوم؛ أي: وكان ذلك اليوم. {يَوْمًا} : خبر {كَانَ} . {عَلَى الْكَافِرِينَ} : متعلق بـ {عَسِيرًا} . {عَسِيرًا} : صفة {يَوْمًا} ، وجملة {كان} معطوفة على الجملة التي قبلها عطف فعلية على اسمية؛ لأنها في الأصل جملة اسمية، أو مستأنفة. {وَيَوْمَ} الواو: عاطفة. {يوم} : منصوب باذكر محذوفا، وهو معطوف على قوله:{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ} ، وكذا قوله السابق:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ} . {يَعَضُّ الظَّالِمُ} : فعل وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {يوم}. {عَلَى يَدَيْهِ}: متعلق بـ {يَعَضُّ} . {يَقُولُ} : فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الظَّالِمُ} ، والجملة في محل النصب حال من {الظَّالِمُ}؛ أي: حالة كونه قائلًا، {يَا لَيْتَنِي} إلى قوله:{وَكَانَ الشَّيْطَانُ} مقول محكى، وإن شئت قلت:{يا} حرف نداء، والمنادى محذوف تقديره: يا هؤلاء، أو يا قوم، وجملة المنادى في محل النصب مقول {يَقُولُ} ، أو الياء حرف تنبيه، {ليتني}:{ليت} : حرف تمن ونصب، والنون للوقاية، والياء ضمير المتكلم في محل النصب اسمها. {اتَّخَذْتُ}: فعل وفاعل. {مَعَ الرَّسُولِ} : ظرف ومضاف إليه في محلِ المفعول الثاني لـ {اتَّخَذْتُ} . {سَبِيلًا} : مفعول أول لـ {اتَّخَذْتُ} ، وجملة {اتَّخَذْتُ} في محل الرفع خبر {ليت} ، وجملة {ليت} في محل النصب مقول لـ {يَقُولُ} .

{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} .

{يَا وَيْلَتَى} {يا} : حرف نداء. {ويلتي} : منادى مضاف منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفًا للتخفيف، وياء المتكلم المنقلبة ألفًا للتخفيف في محل الجر مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول القول. {لَيْتَنِي}: ناصب واسمه ونون وقاية. {لَمْ} : حرف نفي وجزم. {أَتَّخِذْ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لَمْ} ، وفاعله ضمير يعود على المتكلم. {فُلَانًا}: مفعول أول. {خَلِيلًا} : مفعول ثان، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {ليت} ، وجملة {ليت} في محل النصب مقول القول على كونها جواب النداء. {لَقَدْ}:{اللام} موطئة للقسم، {قد}: حرف تحقيق. {أَضَلَّنِي} : فعل

ص: 65

ماض ونون وقاية، وفاعل مستتر يعود على {فُلَانًا} ومفعول به. {عَنِ الذِّكْرِ} متعلق به، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم في محل النصب مقول القول على كونها معللة للتمني المذكور. {بَعْدَ إِذْ}: ظرف مضاف لمثله متعلق بـ {أَضَلَّنِي} ، أو حال من {الذِّكْرِ}. {جَاءَنِي}: فعل ماض ونون وقاية، وفاعل مستتر يعود إلى {الذِّكْرِ} ، والجملة الفعلية في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ}. {وَكَانَ الشَّيْطَانُ}: فعل ماض ناقص واسمه. {لِلْإِنْسَانِ} : متعلق بـ {خَذُولًا} . {خَذُولًا} : خبر {كان} ، وجملة {كان} مستأنفة استئنافًا نحويًا؛ لأنه من كلام الرب سبحانه.

{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)} .

{وَقَالَ الرَّسُولُ} : فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة قوله {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا}. {يَا رَبِّ}: منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قال} {إِنَّ قَوْمِي}: ناصب واسمه ومضاف إليه. {اتَّخَذُوا} : فعل وفاعل {هَذَا} : في محل النصب مفعول أول. {الْقُرْآنَ} : بدل من اسم الإشارة {مَهْجُورًا} : مفعول ثان، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر {إنّ} ، وجملة {إنّ} في محل النصب مقول {قال} على كونها جواب النداء. {وَكَذَلِكَ}: الواو: استئنافية. {كذلك} : الكاف اسم بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف، {جَعَلْنَا}: فعل وفاعل. {لِكُلِّ نَبِيٍّ} : جار ومجرور ومضاف إليه في محل المفعول الثاني. {عَدُوًّا} : مفعول أول لـ {جَعَلْنَا} . {مِنَ الْمُجْرِمِينَ} : صفة لـ {عَدُوًّا} ، والتقدير: وجعلنا لكل نبي عدوًا من المجرمين جعلًا مثل ذلك الجعل الذي جعلنا لك، والجملة الفعلية مستأنفة مسوقة لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم. {وَكَفَى} الواو: عاطفة. {كفى} : فعل ماض. {بِرَبِّكَ} : فاعل {كفى} ، والباء زائدة. {هَادِيًا}: حال من {ربك} . {وَنَصِيرًا} : معطوف عليه؛ أي: حالة كونه هاديًا لك للطريق التي ستنتصر بها عليهم كالغزو. اهـ شيخنا، أو تمييز له، والجملة الفعلية معطوفة على جملة {جَعَلْنَا} .

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ

ص: 66

وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)}.

{وَقَالَ الَّذِينَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان شبهة منهم. تتعلق بالقرآن. {كَفَرُوا}: فعل وفاعل صلة الموصول. {لَوْلَا} : تحضيضية بمعنى هلا. {نُزِّلَ عَلَيْهِ} : فعل ماض مغير الصيغة، والجار والمجرور متعلق به. {الْقُرْآنُ}: نائب فاعل. {جُمْلَةً} : حال من القرآن؛ أي: مجتمعًا. {وَاحِدَةً} : صفة {جُمْلَةً} ، والجملة التحضيضية في محل النصب مقول {قال}. {كَذَلِكَ}: صفة لمصدر محذوف، والعالم فيه محذوف تقديره: نزلناه عليك تنزيلًا مثل ذلك التنزيل المرتل، والجملة المحذوفة مستأنفة. {لِنُثَبِّتَ}: اللام: حرف جر وتعليل، {نثبت}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على الله تقديره: نحن. {بِهِ} : متعلق به {فُؤَادَكَ} : مفعول به ومضاف إليه، والجملة الفعلية في تأويل مصدر مجرور باللام، الجار والمجرور متعلق بالفعل المحذوف، والتقدير: نزلناه عليه تنزيلًا مثل ذلك التنزيل لتثبيت فؤادك به. {وَرَتَّلْنَاهُ} : فعل وفاعل ومفعول به. {تَرْتِيلًا} : مفعول مطلق، والجملة معطوفة على الجملة المحذوفة.

{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33)} .

{وَلَا} : الواو: عاطفة. {لا} : نافية. {يَأْتُونَكَ} : فعل وفاعل ومفعول به. {بِمَثَلٍ} : متعلق به، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها. {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ من أعم الأحوال. {جِئْنَاكَ} : فعل وفاعل ومفعول به. {بِالْحَقِّ} : متعلق به، والجملة الفعلية في محل النصب حال من مفعول يأتونك؛ أي: ولا يأتونك بمثل في حال من الأحوال إلا في حال إتياننا إياك بالحق وبما هو أحسن تفسيرًا. {وَأَحْسَنَ} : معطوف على {الحق} ، مجرور بالفتحة؛ لأنه ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل. {تَفْسِيرًا}: تمييز.

{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34)} .

{الَّذِينَ} : مبتدأ أول. {يُحْشَرُونَ} : فعل ونائب فاعل صلة الموصول،

ص: 67

ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: هم الذي يحشرون. {عَلَى وُجُوهِهِمْ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من نائب فاعل {يُحْشَرُونَ} ؛ أي: حالة كونهم مقلوبين على وجوههم. {إِلَى جَهَنَّمَ} : متعلق بـ {يُحْشَرُونَ} . {أُولَئِكَ} : مبتدأ ثان. {شَرٌّ} : خبر له. {مَكَانًا} : منصوب على التمييز .. {وَأَضَلُّ} : معطوف على {شَرٌّ} . {سَبِيلًا} : تمييز، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل الرفع خبر للمبتدأ الأول، وجملة الأول مستأنفة.

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36)} .

{وَلَقَدْ} : الواو: استئنافية، واللام موطئة لقسم محذوف، {قد}: حرف تحقيق. {آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} : فعل وفاعل ومفعولان، والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة. {وَجَعَلْنَا}: فعل وفاعل معطوف على {آتَيْنَا} ، والواو لا تفيد ترتيبًا كما مر في مبحث التفسير. {مَعَهُ}: متعلق بـ {جَعَلْنَا} . {أَخَاهُ} : مفعول أول. {هَارُونَ} : بدل من {أَخَاهُ} : أو عطف بيان له. {وَزِيرًا} : مفعول ثان لـ {جَعَلْنَا} . {فَقُلْنَا} {الفاء} : عاطفة، {قلنا}: فعل وفاعل معطوف على {جَعَلْنَا} . {اذْهَبَا} : فعل وفاعل. {إِلَى الْقَوْمِ} : متعلق به، والجملة في محل النصب مقول {قلنا}. {الَّذِينَ}: صفة لـ {الْقَوْمِ} . {كَذَّبُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول {بِآيَاتِنَا} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {كَذَّبُوا} . {فَدَمَّرْنَاهُمْ} {الفاء} : عاطفة على محذوف، {دمرناهم}: فعل وفاعل ومفعول به. {تَدْمِيرًا} : مفعول مطلق، والجملة معطوفة على جملة محذوفة تقديرها: فذهبا إليهم، فكذبوهما، فدمرناهم تدميرًا.

{وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38)} .

{وَقَوْمَ نُوحٍ} : مفعول لفعل محذوف وجوبًا يفسره ما بعده، فهو من باب الاشتغال تقديره: وأغرقنا قوم نوح، والجملة معطوفة على جملة {آتَيْنَا} ، ولك أن تعطفه على الهاء في {دمرناهم}؛ أي: ودمرنا قوم نوح. {لَمَّا} : حينية في

ص: 68

محل النصب على الظرفية متعلق بـ {أغرقنا} . {كَذَّبُوا الرُّسُلَ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {لَمَّا}. {أَغْرَقْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب. {وَجَعَلْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول أول. {لِلنَّاسِ} : حال من {آيَةً} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها. {آيَةً} : مفعول ثان لـ {جعلنا} ، والجملة معطوفة على جملة {أَغْرَقْنَاهُمْ}. {وَأَعْتَدْنَا}: فعل وفاعل. {لِلظَّالِمِينَ} : متعلق بـ {أعتدنا} . {عَذَابًا} : مفعول به. {أَلِيمًا} : صفة {عَذَابًا} ، والجملة معطوفة على جملة {جعلنا} ، أو معترضة، وهذه الجملة تحتمل التخصيص، فيكون فيها وضع الظاهر موضع المضمر، وتحتمل العموم، فتكون معترضة. {وَعَادًا}: مفعول لفعل محذوف تقديره: وأهلكنا عادًا، أو دمرنا، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ} . {وَثَمُودَ} : معطوف على {عادا} ، يصرف ولا يصرف كما مر. {وَأَصْحَابَ الرَّسِّ}: معطوف عليه أيضًا. {وَقُرُونًا} : معطوف عليه أيضًا. {بَيْنَ ذَلِكَ} : ظرف ومضاف إليه صفة أولى لـ {قرونا} . {كَثِيرًا} : صفة ثانية له.

{وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)} .

{وَكُلًّا} : الواو: عاطفة. {كلا} : منصوب على الاشتغال بفعل محذوف وجوبًا يلاقي {ضَرَبْنَا} في المعنى تقديره: خوفنا كلا، أو أنذرنا كلا، والجملة معطوفة على جملة {وَعَادًا}. {ضَرَبْنَا}: فعل وفاعل. {لَهُ} : متعلق به، {الْأَمْثَالَ}: مفعول به، والجملة مفسرة لا محل لها من الإعراب. {وَكُلًّا}: مفعول مقدم لـ {تَبَّرْنَا} ؛ لأنه فارغ له لم يشتغل بضميره. {تَبَّرْنَا} : فعل وفاعل. {تَتْبِيرًا} : مفعول مطلق، والجملة معطوفة على جملة {دمرنا} .

{وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40)} .

{وَلَقَدْ} : الواو: استئنافية، و {اللام}: موطئة للقسم، {قد}: حرف

ص: 69

تحقيق. {أَتَوْا} : فعل وفاعل. {عَلَى الْقَرْيَةِ} : متعلق به، والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة {الَّتِي}: صفة لـ {الْقَرْيَةِ} {أُمْطِرَتْ} : فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على الموصول، والجملة صلة الموصول. {مَطَرَ السَّوْءِ} مفعول مطلق لـ {أُمْطِرَتْ}: بمعنى: إمطار السوء على حد {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17)} . {أَفَلَمْ} {الهمزة} : للاستفهام التقريري المضمن للإنكار داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك الحذوف، {لم يكونوا}: جازم وفعل ناقص، واسمه مجزوم بحذف النون. {يَرَوْنَهَا}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية في محل النصب خبر {يَكُونُوا} ، وجملة {يَكُونُوا} معطوفة على الجملة المحذوفة، والتقدير: ألم يكونوا ينظرون إليها، فلم يكونوا يرونها، والجملة المحذوفة جملة إنشائية لا محل لها من الإعراب. {بَلْ}: حرف إضراب. {كَانُوا} : فعل ناقص واسمه. {لا} : نافية. {يَرْجُونَ نُشُورًا} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية في محل النصب خبر {كَانَ} وجملة كان جملة إضرابية مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

{وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41)} .

{وَإِذَا} : الواو: استئنافية. {إذا} : ظرف لما يستقبل من الزمان. {رَأَوْكَ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الخفض بإضافة إذا إليها على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب. {إِنْ}: نافية. {يَتَّخِذُونَكَ} : فعل وفاعل ومفعول أو. {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ. {هُزُوًا} : مفعول ثان لـ {يَتَّخِذُونَكَ} ، والجملة جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} مستأنفة.

فائدة: ويرد على هذا الجواب بأنه منفي بإن، والجواب المنفي يجب قرنه بالفاء؟ ويجاب بأن إذا اختصت من بين أدوات الشرط بأن جوابها المنفي لا يقترن بالفاء. اهـ، شيخنا، وفي "السمين": واختصت إذا بأن جوابها إذا كان منفيًا بما، أو إن، أو لا يحتاج إلى الفاء، بخلاف غيرها من أدوات الشرط، اهـ.

ص: 70

{أَهَذَا} : {الهمزة} : للاستفهام الإنكاري المضمن للتعجب. {هذا} : مبتدأ. {الَّذِي} : خبره. {بَعَثَ اللَّهُ} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: بعثه الله. {رَسُولًا} : حال من الضمير المحذوف مؤكدة لعاملها، والجملة الاسمية مقول لقول محذوف وقع حالًا من الواو في {يَتَّخِذُونَكَ} تقديره: إن يتخذونك إلا هزوًا حال كونهم قائلين: أهذا الذي بعثه الله رسولًا.

{إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42)} .

{إِنْ} : مخففة من الثقيلة، اسمها محذوف؛ أي: إنه. {كَادَ} : فعل ماضٍ ناقص من أفعال المقاربة، واسمها ضمير مستتر يعود على {الرسول}. {لَيُضِلُّنَا}:{اللام} : حرف ابتداء، {يضلنا}: فعل ومفعول، وفاعل مستتر يعود على {الرسول}. {عَنْ آلِهَتِنَا}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {يضلنا} ، وجملة {يضلنا} في محل النصب خبر {كَادَ} ، وجملة {كَادَ} في محل الرفع خبر {إِنْ}: المخففة، وجملة {إِنْ}: المخففة في محل النصب ومن تتمة المقول للقول المحذوف. {لَوْلَا} : حرف امتناع لوجود متضمن معنى الشرط. {أَن} : حرف نصب ومصدر. {صَبَرْنَا} : فعل وفاعل في محل النصب بـ {أَن} : المصدرية. {عَلَيْهَا} : متعلق بـ {صَبَرْنَا} ، والجملة الفعلية في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء، والخبر محذوف وجوبًا تقديره: لولا صبرنا عليها موجود. وجواب {لَوْلَا} : محذوف تقديره: لولا صبرنا موجود لصرفنا عنها، وجملة {لَوْلَا} في محل النصب من تتمة المقول للقول المحذوف. {وَسَوْفَ}: الواو: استئنافية. {سوف} : حرف تنفيس واستقبال. {يَعْلَمُونَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة مسوقة للرد عليهم من الله تعالى. {حِينَ}: ظرف زمان متعلق بـ {يَعْلَمُونَ} . {يَرَوْنَ الْعَذَابَ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة في محل الجر مضاف إليه. لـ {حِينَ}. {مَنْ}: اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ. {أَضَلُّ} : خبره. {سَبِيلًا} : تمييز محول عن المبتدأ منصوب باسم التفضيل، والجملة الاسمية في محل النصب سادة مسد مفعولي {يَعْلَمُونَ} التي علقت بالاستفهام عن العمل في لفظه.

ص: 71

{أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)} .

{أَرَأَيْتَ} : {الهمزة} : للاستفهام الاستخباري، {رأيت}: فعل وفاعل بمعنى أخبرني. {مَنِ} : اسم موصول في محل النصب مفعول أول لـ {رأيت} . {اتَّخَذَ} : فعل ماض ناسخ من أخوات ظن وفاعله ضمير يعود على {مَنِ} . {إِلَهَهُ} : مفعول ثان لـ {اتَّخَذَ} : قدم على الأول اهتمامًا به. {هَوَاهُ} : مفعول به أول، وجملة {اتَّخَذَ} صلة {مَنِ} الموصولة. {أَفَأَنْتَ}: الهمزة للاستفهام الإنكاري للتيئيس من إيمانهم، داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، {أنت}: مبتدأ. {تَكُونُ} : فعل مضارع ناقص، واسمها ضمير يعود على محمد. {عَلَيْهِ}: متعلق بـ {وَكِيلًا} . {وَكِيلًا} : خبر {تَكُونُ} ، وجملة تكون في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة المحذوفة تقديره: أأنت تحرص على إيمانه فأنت تكون عليه وكيلًا، والجملة المحذوفة مع ما عطف عليها في محل النصب مفعول ثان لـ {رأيت}. {أَمْ} منقطعة بمعنى بل الإضرابية وهمزة الاستفهام الإنكاري. {تَحْسَبُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على محمد، وجملة {تَحْسَبُ}: مستأنفة. {أَنَّ أَكْثَرَهُمْ} : ناصب واسمه، وجملة {يَسْمَعُونَ}: في محل الرفع خبر {أَن} . {أَوْ يَعْقِلُونَ} : معطوف على {يَسْمَعُونَ} ، وجملة {أَن} في تأويل مصدر ساد مسد مفعولي {تَحْسَبُ}. {إِنْ}: نافية {هُمْ} : مبتدأ. {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ. {كَالْأَنْعَامِ} : جار ومجرور خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة. {بَلْ}: حرف عطف وإضراب وابتداء. {هُمْ أَضَلُّ} : مبتدأ وخبر. {سَبِيلًا} : تمييز محول عن المبتدأ منصوب باسم التفضيل، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45)} .

{أَلَمْ} : {الهمزة} : للاستفهام التقريري، {لم}: حرف نفي وجزم. {تَرَ} : فعل مضارع، وفاعله مستتر مجزوم بـ {لم}. {إِلَى رَبِّكَ}: متعلق به،

ص: 72

ولكنه على حذف مضاف؛ أي: إلى صنع ربك. و {ترى} هنا بصرية. {كَيْفَ} : اسم استفهام في محل النصب على الحال من {الظِّلَّ} . {مَدَّ الظِّلَّ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة الفعلية سادة مسد مفعولي {ترى} ؛ لأنها معلقة عنها باسم الاستفهام؛ أي ألم تر إلى صنع ربك مد الظل في آية حال شاء، وجملة الرؤية مستأنفة مسوقة لبيان أدلة التوحيد {وَلَوْ}: الواو: حالية. {لو} : حرف شرط. {شَاءَ} : فعل ماض وفاعله مستتر، فعل شرط لـ {لو}. {لَجَعَلَهُ}:{اللام} : رابطة الجواب، {جعله}: فعل وفاعل مستتر ومفعول أول. {سَاكِنًا} : مفعول ثان، والجملة جواب {لو} ، وجملة {لو} في محل النصب على الحال من فاعل {مَدَّ الظِّلَّ}. {ثُمَّ}: حرف عطف للتفاضل بين أوقات ظهور الظل، لا للتراخي الزماني؛ لأنه لا يصح هنا. {جَعَلْنَا الشَّمْسَ}: فعل وفاعل ومفعول أول. {عَلَيْهِ} : حال من {دَلِيلًا} . {دَلِيلًا} : مفعول ثان، لـ {جعل} ، والجملة معطوفة على جملة {مَدَّ} .

{ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49)} .

{ثُمَّ} : حرف عطف للتفاضل بين الأمور الثلاثة، وهي: مد الظل وسكونه وقبضه، كأن الثاني أعظم من الأول، والثالث أعظم منهما. {قَبَضْنَاهُ}: فعل وفاعل ومفعول معطوف على {جَعَلْنَا} . {إِلَيْنَا} : متعلق بـ {قَبَضْنَاهُ} . {قَبْضًا} : مفعول مطلق. {يَسِيرًا} : صفة {قَبْضًا} . {وَهُوَ} : الواو: استئنافية. {هو} : مبتدأ. {الَّذِي} : خبره، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان دليل آخر من أدلة التوحيد. {جَعَلَ}: فعل وفاعل مستتر صلة الموصول. {لَكُمُ} : حال من {لِبَاسًا} . {اللَّيْلَ} : مفعول أول. {لِبَاسًا} : مفعول ثان. {وَالنَّوْمَ} : معطوف على {اللَّيْلَ} . {سُبَاتًا} : مفعول ثان لـ {جَعَلَ} . {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} : فعل وفاعل مستتر ومفعولان، معطوف على {جَعَلَ} الأول. {وَهُوَ الَّذِي} مبتدأ وخبر معطوف على

ص: 73

جملة قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ} . {أَرْسَلَ} : فعل ماض، وفاعل مستتر صلة الموصول. {الرِّيَاحَ}: مفعول به. {بُشْرًا} : حال من {الرِّيَاحَ} . {بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} : ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {أَرْسَلَ} . {وَأَنْزَلْنَا} : فعل وفاعل معطوف على {أَرْسَلَ} . {مِنَ السَّمَاءِ} : متعلق بـ {أنزلنا} . {مَاءً} : مفعول به. {طَهُورًا} : صفة {مَاءً} . {لِنُحْيِيَ} : {اللام} : حرف جر وتعليل، {نحيي}: فعل مضارع، وفاعل مستتر منصوب بأن مضمرة بعد لام كي. {بِهِ}: متعلق به. {بَلْدَةً} : مفعول به. {مَيْتًا} : صفة لـ {بَلْدَةً} لأنه بمعنى مكانا، والجملة الفعلية صلة أن المضمرة، أن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور باللام، الجار والمجرور متعلق بـ {أنزلنا}؛ أي: أنزلنا من السماء ماءً طهورًا لإحيائنا به بلدة ميتًا. {وَنُسْقِيَهُ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، معطوف على {نحيي}. {مِمَّا}: جار ومجرور حال من {أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ} . {خَلَقْنَا} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: خلقناه. {أَنْعَامًا} : مفعول ثان لـ {نسقي} . {وَأَنَاسِيَّ} : معطوف عليه. {كَثِيرًا} : صفة لـ {أناسي} ؛ لأنه بمعنى بشرًا كما مر.

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51)} .

{وَلَقَدْ} : {الواو} : استئنافية، واللام موطئة للقسم، {قد}: حرف تحقيق. {صَرَّفْنَاهُ} : فعل وفاعل ومفعول به. {بَيْنَهُمْ} : متعلق بـ {صرفنا} ، والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة. {لِيَذَّكَّرُوا}:{اللام} : حرف جر وتعليل، {يذكروا}: فعل وفاعل منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، والجملة في تأوبل مصدر مجرور باللام؛ أي: لتذكرهم، الجار والمجرور متعلق بـ {صرفنا}. {فَأَبَى}:{الفاء} : عاطفة، {أبى أكثر الناس}: فعل وفاعل معطوف على {صرفنا} . {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ. {كُفُورًا} : مفعول به. {وَلَوْ} : {الواو} : عاطفة. {لو} : حرف شرط. {شِئْنَا} : فعل وفاعل فعل شرط لـ {لو} . {لَبَعَثْنَا} : {اللام} رابطة لجواب {لو} . {بعثنا} : فعل وفاعل جواب {لو} . {فِي كُلِّ قَرْيَةٍ} : جار ومجرور

ص: 74

ومضاف إليه متعلق بـ {بعثنا} . {نَذِيرًا} : مفعول به، وجملة {لو} الشرطية معطوفة على جملة قوله:{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ} .

{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)} .

{فَلَا تُطِعِ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أدلة التوحيد المذكورة، وبلغتها إليهم، فأبوا عليك، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك:{لا تطع} : {لا} : ناهية جازمة، {تُطِعِ الْكَافِرِينَ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به مجزوم بـ {لا} الناهية، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {وَجَاهِدْهُمْ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {تُطِعِ} . {بِهِ} : متعلق بجاهد. {جِهَادًا} : مفعول مطلق. {كَبِيرًا} : صفة لـ {جِهَادًا} . {وَهُوَ الَّذِي} : مبتدأ وخبر، والجملة معطوفة على الجمل السابقة. {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به صلة الموصول. {هَذَا عَذْبٌ} : مبتدأ وخبر. {فُرَاتٌ} : خبر ثان، والجملة في محل النصب مقول لقول محذوف وقع حالًا من {الْبَحْرَيْنِ} ، تقديره: حالة كونهما مقولًا فيهما: هذا عذب فرات. {وَهَذَا مِلْحٌ} : مبتدأ وخبر أول. {أُجَاجٌ} : خبر ثان، والجملة معطوفة على جملة قوله:{هَذَا عَذْبٌ} . {وَجَعَلَ} : فعل ماض، وفاعل مستتر معطوف على {مَرَجَ}. {بَيْنَهُمَا}: ظرف متعلق بـ {جعل} على كونه مفعولًا ثانيًا له. {بَرْزَخًا} : مفعول أول لـ {جَعَلَ} . {وَحِجْرًا} : معطوف على {بَرْزَخًا} . {مَحْجُورًا} : صفة مؤكدة لـ {حِجْرًا} . {وَهُوَ الَّذِي} : مبتدأ وخبر معطوف على الجمل السابقة. {خَلَقَ} : فعل ماض وفاعل مستتر صلة الموصول. {مِنَ الْمَاءِ} : متعلق بـ {خَلَقَ} . {بَشَرًا} : مفعول به. {فَجَعَلَهُ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول أول. {نَسَبًا} : مفعول ثان. {وَصِهْرًا} : معطوف على {نَسَبًا} ، والجملة معطوفة على {خَلَقَ}. {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}: فعل ناقص واسمه وخبره، والجملة مستأنفة.

ص: 75

التصريف ومفردات اللغة

{لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} : أصل الرجاء ظن يقتضي حصول ما فيه مسرة، وملاقاة الله عبارة عن القيامة، وعن المصير إليه تعالى بالبعث؛ أي: الرجوع إلى حيث لا حاكم ولا مالك سواه. وأصل اللقاء: مقابلة الشيء ومصادفته.

{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا} : الاستكبار أن يشبع، فيظهر من نفسه ما ليس له. ذكره في "الروح".

{وَعَتَوْا عُتُوًّا} وأصل العتو الغلو والنبو عن الطاعة. وأصل عتوا عتووا بواوين أولاهما مضمومة، فيقال: تحركت {الواو} وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، فالتقى ساكنان، ثم حذفت الألف لبقاء دالها فصار عتوا، فالمحذوفة واو لام الكلمة، وأصل عتيا عتووًا بوزن فعول بواوين الأولى ساكنة، فكسرت التاء، فيقال: سكنت {الواو} إثر كسرة فقلبت ياء فصار عتيو، ثم يقال: اجتمعت {الواو} والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت {الواو} ياء، وأدغمت الياء في الياء فصارت عتيا. اهـ شيخنا. وأمَّا أصل عتوًا عتووًا فكرهوا توالي المثلين، فأدغمت {الواو} في {الواو} فصار عتوًا. والعتو هنا معناه: تجاوز الحد في الظلم تجاوزًا بلغ أقصى الغاية حيث كذبوا الرسول الذي جاء بالوحي، ولم يكترثوا بالمعجزات التي أتاهم بها.

{حِجْرًا مَحْجُورًا} الحجر: مصدر حجره إذا منعه، والمحجور: الممنوع، وهو صفة {حِجْرًا} إرادة للتأكيد كيوم أيوم، وهي كلمة تقولها العرب عند لقاء عدو، أو هجوم نازلة هائلة يقصدون بها الاستعاذة من وقوع ذلك الخطب الذي يلحقهم، والمكروه الذي يلم بدارهم؛ أي: نسأل الله أن يمنع ذلك منعًا ويحجره حجرًا.

{وَقَدِمْنَا} القدوم: عبارة عن مجيء المسافر بعد مدة كما مر.

{هَبَاءً} والهباء: الغبار الذي يرى في شعاع الشمس، يطلع من الكوة من الهبوة؛ وهو الغبار، قال في "القاموس" و"تاج العروس" الهباء: الغبار ودقائق

ص: 76

التراب ساطعة ومنثورة على وجه الأرض، والقلِيلُو العقول من الناس، وفعله هبا يهبو هبوًا. وقال الزمخشري: والهباء: ما يخرج من الكوة مع ضوء الشمس شبيه الغبار، وفي أمثالهم: أقل من الهباء، قال: ولام الهباء واو بدليل الهبوة. والكوة - بفتح الكاف وضمها - الطاقة في الحائط.

{مَنْثُورًا} : صفته، بمعنى مفرقًا.

{مُسْتَقَرًّا} المستقر: اسم مكان من استقر السداسي، والمستقر: المكان الذي يجلس فيه المرء في أكثر الأوقات للجلوس والمحادثة.

{مَقِيلًا} المقيل: المكان الذي يؤوى إليه للاستمتاع بالأزواج والتمتع بحديثهن، سمي بذلك؛ لأن التمتع به يكون وقت القائلة غالبًا، والمقيل أيضًا: موضع القيلولة، والقيلولة: الاستراحة نصف النهار في الحر، يقال: قلت قيلولة نمت نصف النهار، والمراد هنا المعنى الأول. وفي "السمين":{خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} في أفعل هنا قولان:

أحدهما: أنه على بابه من التفضيل، والمعنى: أن للمؤمنين في الآخرة مستقرًا خيرًا من مستقر الكفار وأحسن مقيلًا من مقيلهم، لو فرض أن يكون لهم ذلك، أو على أنهم خير في الآخرة منهم في الدنيا.

والثاني: أن يكون لمجرد الوصف من غير مفاضلة، اهـ.

{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} أصله: تتشقق بتاءين، أولاهما تاء المضارعة والثانية تاء المطاوعة، فحذفوا إحدى التاءين كما في تلظى. والغمام هو السحاب، سمي به؛ لكونه ساترًا لضوء الشمس، والغم ستر الشي؛ أي: بسبب طلوع الغمام منها؛ وهو الغمام الذي ذكر في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} .

{يَعَضُّ الظَّالِمُ} وفي "المصباح": عضضت اللقمة، وبها، وعليها أمسكتها بالأسنان، وهو من باب تعب في الأكثر، لكن المصدر ساكن، ومن باب نفع لغة قليلة، وفي أفعال ابن القطاع: من باب ردّ، اهـ.

ص: 77

{يَا وَيْلَتَى} ألفه عوض عن ياء المتكلم، أصله: يا ويلتي بكسر التاء وفتح الياء، ثم فتحت التاء فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فهذه الألف اسم لا حرف كما هو معلوم، وبسطت البحث عنها في رسالتي "هدية أولي الإنصاف في إعراب المنادى المضاف" فراجعها إن شئت. وفي "الروح": والويل والويلة: الهلكة، ويا ويلتا: كلمة جزع وتحسّر، وأصله: يا ويلتي بكسر التاء، فأبدلت الكسرة فتحة، وياء المتكلمة ألفًا فرارًا من اجتماع الكسر مع الياء؛ أي: يا هلكتي تعالي واحضري فهذا أوان حضورك. والنداء وإن كان أصله لمن يتأتّى منه الإقبال؛ وهم العقلاء، إلَاّ أن العرب تتجوّز وتنادي ما لا يعقل إظهارًا للتحسّر كما مرّ.

{خَذُولًا} يقال: يخذله بوزن نصره ينصره، وهو في المعنى ضده، والمصدر الخذلان، وهو ترك النصرة بعد الموالاة والمعاونة.

{مَهْجُورًا} ؛ أي: متروكًا؛ أي: تركوه وصدّوا عن الإيمان به. وقيل: هو من هجر إذا هذى؛ أي: جعلوه مهجورًا فيه، فحذف الجار، وهو يحتمل بهذا المعنى وجهين:

أحدهما: أنهم زعموا أنه هذيان وباطل وأساطير الأولين.

وثانيهما: أنهم كانوا إذا سمعوه هجروا فيه، فهو إما من الهجر بالفتح؛ أي: ضد الوصل وإما من الهجر بالضم، وهو الهذيان وفحش القول، ثم المهجور إما اسم مفعول، وإما مصدر بمعنى الهجر، أطلق على القرآن على طريق التسمية بالمصدر كالمجلود والمعقول والميسور والمعسر بمعنى الجلد والعقل واليسر والإعسار.

{جُمْلَةً وَاحِدَةً} ؛ أي: دفعة واحدة. {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} ؛ أي: لنقوّي به قلبك. {وَرَتَّلْنَاهُ} ؛ أي: أتينا ببعضه إثر بعض على تؤدة ومهل لنيسّر حفظه وفهمه، من قولهم: ثغر مرتل؛ أي: متفلج الأسنان.

{بِمَثَلٍ} ؛ أي: بنوع من الكلام، جار مجرى المثل في تنميقه وتحسينه،

ص: 78

ورشاقة لفظه وصدق معناه. {تَفْسِيرًا} ؛ أي: بيانًا وإيضاحًا، والتفسير تفعيل من الفسر، وهو كشق ما غطّي وإظهاره. {وَزِيرًا} وفي "القاموس": الوزر - بالكسر - الثقل والحمل الثقيل، والوزير حبأ الملك الذي يحمل ثقله، ويعينه برأيه، وحاله الوزارة بالكسر ويفتح. والجمع وزراء. والحبأ - محركة - جليس الملك وخاصته. وقال بعضهم: الوزير الذي يرجع إليه، ويتحصن برأيه، من الوزر - بالتحريك - وهو ما يلتجأ إليه ويعتصم به من الجبل، ومنه قوله تعالى:{كَلَّا لَا وَزَرَ (11)} ؛ أي: لا ملجأ يوم القيامة. والوزر - بالكسر - الثقل تشبيهًا بوزر الجبل، ويعبر بذلك عن الإثم، كما يعبر عنه بالثقل لقوله تعالى:{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ} ، وقوله:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} .

{فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} التدمير: إدخال الهلاك على الشيء، والدمار الاستئصال بالهلاك، والدمور الدخول بالمكروه. {أَغْرَقْنَاهُمْ} والإغراق والغرق الرسوب في الماء؛ أي: السفول فيه إلى قعره كما مر. {وَأَعْتَدْنَا} أي: هيأنا، أصله أعددنا، قلبت الدال الأولى تاء.

{وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} الرس: البئر، وكل ركية لم تطو بالحجارة والآجرّ فهو رس، كما قال في "الكشاف": الرس: البئر الغير المطوية؛ أي: المبنية انتهى. وفي "القاموس": "الرس: بئر كانت لبقية من ثمود، كذبوا نبيهم ورسّوه في بئر" انتهى. أي: دسّوه وأخفوه فيها، فنسبوا إلى فعلهم بنبيهم، فالرس مصدر، ونبيهم هو حنظلة بن صفوان، كان قبل موسى على ما ذكره ابن كثير، وحين دسوه فيها غار ماؤها وعطشوا بعد ريهم، ويبست أشجارهم وانقطعت ثمارهم، بعد أن كان ماؤها يرويهم ويكفي أرضهم جميعًا، وتبدلوا بعد الأنس الوحشة، وبعد الاجتماع الفرقة، لأنهم كانوا ممن يعبد الأصنام.

{وَكُلًّا تَبَّرْنَا} ؛ أي: فتّتنا، من التتبير، وهو التفتيت والتكسير والتقطيع. قال الزجاج: كل شيء كسرته وفتتته فقد تبرته، ومنه التبر لفتات الذهب والفضة قبل أن يصاغا، فإذا صيغا فهما ذهب وفضة.

ص: 79

{مَطَرَ السَّوْءِ} مصدر مؤكد بحذف الزوائد كما قيل في: أنبته الله نباتا؛ أي: إمطار السوء. والسوء - بفتح السين وضمها - كل ما يسوء الإنسان ويغمّه من البلاء والآفة. وفي "القاموس": "وساء سوءًا - بالفتح -: فعل به ما يكره، والسوء - بالضم - اسم منه" اهـ.

{بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} ؛ أي: لا يتوقعون بعثًا للحساب والجزاء. وحقيقة الرجاء انتظار الخير، وظن حصول ما فيه مسرة، وليس النشور - أي: إحياء الميت - خيرًا مؤديًا إلى المسرة في حق الكافر، فهو مجاز عن التوقع، والتوقع يستعمل في الخير والشر، فأمكن أن يتصور النسبة بين الكافر وتوقع النشور.

{أَلَمْ تَرَ} ؛ أي: لم تنظر {إِلَى رَبِّكَ} ؛ أي: إلى صنعه {كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} ؛ أي: بسطه، أصل المد الجزء من المدة للوقت الممتد، والظل ما يحدث من مقابلة جسم كثيف كجبل، أو بناء، أو شجر للشمس من حين ابتداء طلوعها حتى غروبها. {سَاكِنًا}؛ أي: ثابتًا على حاله في الطول والامتداد بحيث لا يزول ولا تذهبه الشمس. {دَلِيلًا} ؛ أي: علامة. {قَبَضْنَاهُ} ؛ أي: محوناه. {يَسِيرًا} ؛ أي: على مهل قليلًا قليلًا بحسب سير الشمس في فلكها. {لِبَاسًا} وأصل اللبس ستر الشيء؛ أي: ساترًا لكم بظلامه.

{وَالنَّوْمَ} النوم استرخاء أعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد كما مر بسطه. {سُبَاتًا} والسبات: الموت لما في النوم من زوال الإحساس، وفي "المصباح": والسبات - وزان غراب -: النوم الثقيل، وأصله الراحة، يقال منه: سبت يسبت من باب قتل، اهـ. وفي "القاموس": أنه من بابي قتل وضرب، ثم قال: والسبات النوم، أو خفيفه، أو ابتداؤه في الرأس حتى يبلغ القلب، اهـ. وسبت الرأس إذا حلقه، والسبت مصدر ويوم من أيام الأسبوع بين الجمعة والأحد، وجمعه أسبت وسبوت، والسبت أيضًا النوّام، والفرس الجواد، والرجل الداهية.

{نُشُورًا} ؛ أي: ذا نشور؛ أي: انتشار، ينتشر الناس فيه للمعاش، اهـ

ص: 80

"بيضاوي" والنشور: مصدر من باب قعد كما في "المصباح" و"المختار".

{أَرْسَلَ الرِّيَاحَ} ؛ أي: المبشرات؛ وهي الصبا والجنوب والشمال، بخلاف الدبور؛ فإنها ريح العذاب التي أهلكت بها عاد، اهـ شيخنا. يقال: أرسلت الطائر، وأرسلت الكلب المعلّم. وفي "المفردات": قد يكون الإرسال للتسخير كإرسال الريح، والريح معروفة، وهي فيما قيل الهواء المتحرك. وفي "المصباح": والريح أربع:

الأولى: الشمال وتأتي من ناحية الشام.

والثانية: الجنوب تقابلها وهي الريح اليمانية.

والثالثة: الصبا وتأتي من مطلع الشمس، وهي القبول أيضًا.

والرابعة: الدبور وتأتي من ناحية المغرب. والريح مؤنثة على الأكثر، فيقال: هي الريح، وقد تذكر على معنى الهواء، فيقال: هو الريح وهب الريح، نقله أبو زيد. وقال ابن الأنباري: "الريح مؤنثة لا علامة فيها، وكذلك سائر أسمائها إلَّا الإعصار فإنه مذكر.

{طَهُورًا} الطهور له استعمالان في العربية: صفة واسم غير صفة، فالصفة قولك: ماء طهور كقولك: طاهر. والاسم قولك لما يتطهر به: طهور كالوضوء لما يتوضأ به، والوقود لما توقد به النار، كقولك: وضوءًا حسنًا؛ ذكره سيبويه.

{وَنُسْقِيَهُ} وسقى وأسقى لغتان بمعنى. قال الإِمام الراغب: السقي والسقيا أن تعطيه ماء ليشربه، والإسقاء أن تعجل له ذلك حتى يتناوله كيف يشاء، والإسقاء أبلغ من السقي؛ لأن الإسقاء هو أن تجعل له ماء يستقي منه ويشرب، كقوله: أسقيته نهرًا. فالمعنى: مكناهم من أن يشربوه ويسقوا منه أنعامهم.

{أَنْعَامًا} جمع نعم، وهي الإبل والبقر والغنم، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل. وقال في "المغرب": الأنعام: الأزواج الثمانية في قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا

ص: 81

اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)}

{وَأَنَاسِيَّ} : جمع إنسان عند سيبويه على أن أصله: أناسين، أبدلت النون ياءً وأدغمت فيها الياء التي قبلها. وقال الفرّاء والمبرد والزجاج: إنَّه جمع إنسي. وفيه نظر؛ لأن فعاليّ إنما يكون جمعًا لما فيه ياء مشددة لا تدل على نسب نحو كراسيّ في جمع كرسي، فلو أريد بكرسي النسب لم يجز جمعه على كراسي، ويبعد أن يقال: إن الياء في إنسي ليست للنسب، وكان حقه أن يجمع على أناسية نحو مهالية في جمع المهلي، كذا في "حواشي ابن الشيخ". وقال الراغب: الإنسي منسوب إلى الأنس، يقال ذلك لمن كثر أنسه، ولكل ما يؤنس به، وجمع الإنسي أناسي. وقال في الكرسي:"إنه في الأصل منسوب إلى الكرسي؛ أي: التلبد، ومنه الكراسة للمتلبد من الأوراق"، انتهى.

قوله: {كَثِيرًا} : صفة {أناسي} ؛ لأنه بمعنى بشر كما سبق. {لِيَذَّكَّرُوا} أصله: ليتذكّروا، والتذكّر التفكر. {فَأَبَى} الإباء: شدة الامتناع، ورجل أبيّ ممتنع من تحمل الضيم. {إِلَّا كُفُورًا} والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالًا، والكفر في الدين أكثر، والكفور فيهما جميعًا كما في "المفردات"، والمعنى؛ أي: إلّا كفرنًا للنعمة، وإنكارًا لها. {لَبَعَثْنَا} قال الراغب: البعث: إثارة الشيء وتوجيهه.

{فِي كُلِّ قَرْيَةٍ} القرية: اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس. {نَذِيرًا} ؛ أي: منذرًا، والإنذار: إخبار فيه تخويف. {وَجَاهِدْهُمْ} والجهاد والمجاهدة: استفراغ الوسع في مدافعة العدو. {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} من مرج الدابة خلاها وأرسلها ترعى، ومرج أمرهم اختلط. والبحر: الماء الكثير الذي لا قعر له، عذبًا كان أو ملحًا عند الأكثر. وأصله: المكان الواسع الجامع للماء الكثير كما في "المفردات". وفي "المصباح": المرج: أرض ذات نبات ومرعى، والجمع

ص: 82

مروج، مثل فلس وفلوس، ومرجت الدابة مرجًا - من باب قتل - رعت في المرج، ومرّجتها مرجًا أرسلتها ترعى في المرج.

{عَذْبٌ فُرَاتٌ} عذب؛ أي: طيب حلو من عذب الماء - من باب ظرف - إذا حلا، ولم يكن ذا ملوحة. فرات؛ أي: شديد العذوبة حتى يضرب إلى الحلاوة. والتاء فيه أصلية لام الكلمة، ووزنه فعال كغراب، وبعض العرب يقف عليها هاء، ويقال: سمي الماء العذب فراتًا؛ لأنه يفرت العطش؛ أي: يشقه ويقطعه. وفي "المصباح": الفرات: الماء العذب، يقال: فرت الماء فروته - وزان سهل سهولة - إذا عذب ولا يجمع إلّا نادرًا على فرتان كغربان. والفرات أيضًا: نهر عظيم بالكوفة، عذب طيب، مخرجه من أرمينية. وفي "الملكوت": أصله في قرية من جابلقا ينحدر إلى الكوفة، وآخر مصبّه بعضًا في دجلة، وبعضًا في بحر فارس، اهـ من "الروح".

{مِلْحٌ} قال الراغب: الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد، ويقال: ملح إذا تغير طعمه وإن لم يتجمد، فيقال: ماء ملح، وقلما تقول العرب: ماء مالح.

{أُجَاجٌ} : بليغ الملوحة، صفة الملح. وقيل: البالغ في الحرارة. وقيل: البالغ في المرارة. وفي الأساس: وماء أجاج يحرق بملوحته. وفي "القاموس": أجّ الماء يؤجّ صار أجاجًا؛ أي: ملحًا مرّا.

قالوا: إن الله تعالى خلق ماء البحر مرّا زعاقا؛ أي: مرّا غليظا بحيث لا يطاق شربه، وأنزل من السماء ماء عذبًا، فكل ماء عذب من بئر أو نهر أو عين فمن ذلك المنزل من السماء، وإذا اقتربت الساعة بعث الله ملكًا معه طست لا يعلم عظمه إلّا الله تعالى، جمع تلك المياه، فردها إلى الجنة.

واختلفوا في سبب ملوحة ماء البحر: فزعم قوم أنه لما طال مكثه وأحرقته الشمس صار مرًا ملحًا، واجتذب الهواء ما لطف من أجزائه فهو بقية صفته الأرض من الرطوبة، فغلظ لذلك. وزعم آخرون أن في البحر عروقًا تغير ماء

ص: 83

البحر، ولذلك صار مرًا زعاقًا، اهـ من "روح البيان".

{بَرْزَخًا} ؛ أي: حاجزًا خلفيًا لا يحس، بل بمحض قدرة الله تعالى يمنع من اختلاط أحدهما بالآخر. {وَحِجْرًا مَحْجُورًا}: تقدم تفسيرهما.

{نَسَبًا} قال الإِمام الراغب: النسب اشتراك من جهة الأبوين، وذلك ضربان: نسب بالطول كالاشتراك بين الآباء والأبناء. ونسب بالعرض كالنسبة بين الإخوة وبني العم. وقيل: فلان نسيب فلان؛ أي: قريبه، انتهى.

{وَصِهْرًا} الصِهر - بالكسر - القرابة كما في "القاموس" والختن. وجمعه: أصهار. وفي "المصباح": الصهر جمعه أصهار. قال الخليلى: الصهر أهل بيت المرأة. وقال: ومن العرب من يجعل الأحماء والأختان جميعًا أصهارًا. وقال الأزهري: الصهر يشتمل على قرابات النساء ذوي المحارم وذوات المحارم، كالأبوين والإخوة وأولادهم والأعمام والأخوال والخالات، فهؤلاء أصهار زوج المرأة، ومن كان من قبل الزوج من ذوي قرابته المحارم فهم أصهار المرأة أيضًا. وقال ابن السكيت: كل من كان من قبل الزوج من أبيه أو أخيه أو عمه فهم الأحماء، ومن كان من قبل المرأة فهم الأختان، ويجمع الصنفين الأصهار. وصاهرت إليهم، ولهم، وفيم إذا تزوجت منهم.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التحضيض في قوله: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} ؛ أي: هلّا أنزل علينا.

ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَعَتَوْا عُتُوًّا} ؛ وقوله: {حِجْرًا مَحْجُورًا} .

ومنها: المبالغة بنفي الجنس في قوله: {لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ} ومعناه: لا يبشر يومئذ المجرمون، وإنما عدل عنه للمبالغة.

ص: 84

ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {لِلْمُجْرِمِينَ} ؛ لأن مقتضى السياق أن يقال لهم تسجيلًا عليهم بالإجرام مع ما هم عليه من الكفر.

ومنها: تكرير {يَوْمَئِذٍ} ؛ لتأكيد {يَوْمَ يَرَوْنَ} .

ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {لِلْمُجْرِمِينَ} ؛ لأن الإجرام في الأصل قطع الثمرة من الشجرة، ثم استعير لاكتساب كل مكروه.

ومنها: التأكيد في قوله: {حِجْرًا مَحْجُورًا} ؛ لأنه وصف الحجر بالمحجور؛ لقصد التأكيد كيوم أيوم.

ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} مثل سبحانه وتعالى حالهم وحال أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا من صلة رحم، وإغاثة ملهوف مثلًا بحال قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه، فقصد إلى ما تحت أيديهم من الدور والعقار ونحوهما، فمزّقها وأبطلها - اهـ "روح" بالكلية، ولم يبق لها أثرًا.

ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} ؛ أي: كالغبار المنثور في الجو، شبّه أعمالهم المحبطة بالغبار في الحقارة وعدم الجدوى، ثم بالمنثور منه في الانتشار بحيث لا يمكن نظمه، فحذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه، فصار بليغًا.

ومنها: الكناية في قوله: {خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} كنى بالمستقر عن أحاديث العشايا والبكر التي يتبادلونها، وهي أحاديث كانت في الدنيا تدور بين المترفين وأصحاب النعيم واليسار، وكنى بالمقيل وهو وقت استراحة نصف النهار عن قضائهم وقت الاستجمام، والاستراحة مع أزواجهم.

ومنها: الكناية اللطيفة في قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} فإنه كناية عن الندم والحسرة، كما أن لفظة فلان كناية عن الخليل الذي أضله.

ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} .

ص: 85

ومنها: تقديم المعمول على عامله في قوله: {عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} لرعاية الفاصلة.

ومنها: تنزيل غير العاقل منزلة العاقل وندائه إظهارًا للتحسر والندامة.

ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} .

ومنها: الإسناد المجازي في قوله: {شَرٌّ مَكَانًا} ؛ لأنَّ الضلال لا ينسب إلى المكان، ولكن إلى أهله.

ومنها: قوة اللفظ لقوة المعنى في قوله: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} ؛ لأن: لفظة رتّل على وزن فعل الدال على التكثير نظير قتل، ومع هذا ليست دالة على كثرة القراءة، وإنما المراد بها أن تكون القراءة على هيئة التأني والتدبر، وسبب ذلك أن هذه اللفظة لا ثلاثي لها حتى تنقل عنه إلى رباعي، وإنما هي رباعية موضوعة لهذه الهيئة الحسنة المخصوصة من القراءة، كذا في إعراب القرآن.

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} شبه السؤال بالمثل بجامع البطلان في كل؛ لأن أكثر الأمثال أمور متخيلة.

ومنها: المجاز بالحذف في قوله: {فَقُلْنَا اذْهَبَا} إلى قوله: {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} ؛ لأن تقدير الكلام: فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا، فذهبا إليهم فكذبوهما، فدمرناهم تدميرًا، وفيه أيضًا جناس الاشتقاق أعني في قوله:{فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} .

ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ} . للتسجيل بظلمهم، والإيذان بتجاوزهم الحد في الكفر والتكذيب.

ومنها: التجوز بالرجاء عن التوقع في قوله: {لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} ؛ لأن حقيقة الرجاء انتظار الخير وما فيه سرور، والكفار ليس لهم خير في نشورهم فينتظرونه.

ومنها: الاستفهام للتهكم والاستهزاء والاستحقار، في قوله: {أَهَذَا الَّذِي

ص: 86

بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا}.

ومنها: الاستفهام التعجيزي في قوله: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} ؛ وفيه أيضًا تقديم المفعول الثاني على الأول اعتناءً بالأمر المتعجب منه، والأصل: اتخذ هواه إلهًا له.

ومنها: التمثيل في قوله: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} وهو أن يذكر الشيء ليكون مثالًا للمعنى المراد وإن كان معناه ولفظه غير المعنى المراد ولفظه، كأنهم لثبوتهم على الضلالة بمنزلة الأنعام والبهائم، بل أضل سبيلًا؛ لأن البهائم تنقاد لمن يتعهدها، وتميز من يحسن إليها ممن يسيء إليها، أما هؤلاء فقد أسفوا إلى أبعد من هذا الدرك.

ومنها: التشبيه البليغ في قوله: {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي: كاللباس الذي يغطي البدن ويستره، حذف منه الأداة ووجه الشبه، فأصبح بليغًا.

ومنها: المقابلة اللطيفة بين الليل والنهار، والنوم والانتشار، في قوله:{جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} .

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} استعار اليدين لما يكون أمام الشيء وقدامه، كما تقول: بين يدي الموضوع أو السورة.

ومنها: الالتفات من الغيبة إلى التكلم للتعظيم في قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ} بعد قوله: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ} .

ومنها: المقابلة اللطيفة في قوله: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} ؛ أي: نهاية في الحلاوة، ونهاية في الملوحة.

ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {ثُمَّ جَعَلْنَا} ؛ وقوله: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ} أستعير فيها لفظة المشبه به، وهو البعد والتراخي للمشبه، وهو تفاضل الأمور.

ص: 87

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} فقد شبه بهما الماءين الكثيرين الواسعين.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 88

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)} .

المناسبة

قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بسط (1) أدلة التوحيد،

(1) المراغي.

ص: 89

وأرشد إلى ما في الكون من باهر الآيات وعظيم المشاهدات التي تدل على بديع قدرته وجليل حكمته .. أعاد الكرّة مرة أخرى، وبيّن شناعة أقوالهم وقبيح أفعالهم؛ إذ هم مع كل ما يشاهدون لا يرعوون عن غيهم، بل هم عن ذكر ربهم معرضون، فلا يعظمون إلا الأحجار والأوثان، وما لا نفع فيه إن عبد، وما لا ضر فيه إن ترك، إلى أنهم يظاهرون أولياء الشيطان، ويناوئون أولياء الرحمن، وإن تعجب لشيء فاعجب لأمرهم، فقد بلغ من جهلهم أنهم يضارّون من جاء لنفعهم؛ وهو الرسول الذي يبشرهم بالخير العميم إذا هم أطاعوا ربهم، وينذرهم بالويل والثبور إذا هم عصوه، ثم هو على ذلك لا يبتغي أجرًا، ثم أمر رسوله بأن لا يرهب وعيدهم، ولا يخشى بأسهم، بل يتوكل على ربه ويسبح بحمده، ويسبحه عما لا يليق به من صفات النقص كالشريك والولد، وهو الخبير بأفعال عباده، فيجازيهم بما يستحقون.

قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (1) وصف الكافرين بالإعراض عن عبادته، والنفور من طاعته، والسجود له سبحانه .. ذكر هنا أوصاف خلّص عباده المؤمنين، وبيّن ما لهم من فاضل الصفات وكامل الأخلاق التي لأجلها استحقوا جزيل الثواب من ربهم، وأكرم لأجلها مثواهم، وقد عدّ من ذلك تسع صفات مما تشرئبّ إليها أعناق العاملين، وتتطلع إليها نفوس الصالحين الذين يبتغون المثوبة، ونيل النعيم كفاء ما اتصفوا من كريم الخلال، وأتوا به من جليل الأعمال.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ

} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه الشيخان عن ابن مسعود قال (2): سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ قال: "أن

(1) المراغي.

(2)

لباب النقول.

ص: 90